“أمريكا ومطاياها” أمريكا ليس قدراً إلٰهيّا “ما بني على باطل فهو باطل”
بقلم: فخري هوّاش
تاريخ النشر: 22/06/25 | 17:50
في زمن تتعرّى فيه الأقنعة وتتساقط فيه الشعارات الرنانة، تتجلى حقيقة “أمريكا” – القوة التي ادّعت طويلاً أنها حاملة مشعل الحرية – كإمبراطورية تقتات من الخراب المُصدَّر، وتبني مجدها على أنقاض الأمم الأخرى. أدواتها كثيرة، ومطاياها أكثر، لكن اللعبة لم تعد تُدار بخفاء، فقد انكشفت الخيوط وتعرّى المسرح.
أدوات الهيمنة: من الدولار إلى “الذئاب المحلية”
تُسيطر أمريكا على مفاصل القرار العالمي من خلال أدوات ظاهريًا إنسانية، لكنها فعليًا أدوات نهب ناعم: صندوق النقد، البنك الدولي، عولمة الإعلام، شركات التكنولوجيا منظمات المساعدات والعدالة الاجتماعية و. . . غير أن أفتك سلاح لها يتمثل في النُّخب والابواق التابعة، التي تنفذ مخططاتها تحت شعارات “الإصلاح” و”الانفتاح” و”لأمن الأمان العالمي”.
في العالم العربي، تحوّلت بعض الأنظمة إلى وكلاء مصالح، تدور في فلك البيت الأبيض، وتراهن على حماية مؤقتة تنتهي بانتهاء أدوارها. إنهم “الثيران السوداء والحمراء و. . . ” التي صفّقت يوم أُكِل الثور الأبيض، معتقدة أنها في مأمن.
الصين وأمريكا: الحرب الناعمة تحت الجلد
وسط هذا المشهد، تبرز الحرب الناعمة بين الصين وأمريكا كعنوان جديد لصراع القرن. بكين لا تغزو بالدبابات، بل بالموانئ والديون والمصانع والرقائق الإلكترونية الذكية. وأمريكا، التي اعتادت اللعب بمفاتيح الاقتصاد العالمي، وجدت نفسها أمام خصم لا يُشبه أعداء الأمس: خصم صبور، منظّم، ولا ينزف إعلاميًا.
تتبادل القوتان الضربات عبر التصدير، وشبكات الجيل الخامس، والتحالفات الخفية، لكن النتيجة واضحة: أمريكا تُستنزف، والصين تتقدم بهدوءٍ لا يُطمئن واشنطن.
المطيات مطبات : إسرائيل، دول الخليج، وأوروبا العجوز
بينما تحاول أمريكا الحفاظ على قبضتها، تُواجه مطبات خطرة داخل مطياتها “الحليفة”:
إسرائيل أصبحت عبئًا إقتصاديا وسياسيا لا مكسب فيه بأعقاب تطلعاتها السياسية التلمودية لشرق أوسط جديد من النيل إلى ما بعد البحر. بالرغم من التطبيع والترقيع لا سلام يتحقق، لا صورة أخلاقية تبقى، فيما عدّاد مشاهد الجوع والتقتيل وهدم الحياة في غزة تستنزف ما تبقى من “الضمير الغربي”.
دول الخليج إذا لم تعيد تموضعها بذكاء، تتقارب مع الصين وروسيا، أو تُعلن حيادها الاستراتيجي أو الرجوع إلى الوحدة العربية ككيان سياسي اقتصادي إقليمي وأنها لم تعد ذيلًا دائمًا لواشنطن سوف تنقرض .
أما أوروبا العجوز، فهي لم تعد تملك سوى بيانات قلق، وسط عجز اقتصادي وتبعية أمنية، وصراع داخلي بين الفاشية الصاعدة والديمقراطية المتصدعة.
ختامًا: عندما يُؤكل الجميع
لقد أُكِل الثور الأبيض، ثم الأسود، ثم الرمادي… والقطيع لا يزال ينتظر مصيره، مفرقًا مشتتًا، باحثًا عن اتفاقيات فردية مع الجزار نفسه.
لكن التاريخ لا يرحم الغافلين. أمريكا ليست قدَرًا إلهيًا، بل إمبراطورية بشرية، وما بُني على الخداع سيسقط بالتعرية. والمطايا، مهما طال زمن ركضها، لا تملك أن ترسم طريقها بنفسها، إلا إذا نفضت لجامها.