كفى هرطقة القضية ليست مذهبية القضية وجودية!
فخري هواش
تاريخ النشر: 21/06/25 | 21:02
• نحن من أهل السنّة، لا نزكّي أنفسنا، ولا ندّعي الطهارة المطلقة، ولكننا نتألم حين نرى من يتحدّث باسم السنّة، يخون مبادئها بأفعاله، ويجعل من المذهب العظيم ستارًا لخيبات السياسة أو نفاق المنابر.
• في واقعنا المعاصر، يخرج علينا بعض المشايخ على الشاشات بعبارات رنّانة، عن وحدة الأمة، وعن مقاومة الظلم، وعن الولاء لثوابت الدين… ثم لا نلبث أن نراهم يُباركون حاكمًا ظالمًا، أو يصمتون على مذابح، أو يحرّمون على الناس ما يُحلّونه للسلطان. ألسنتهم تنطق بالغيرة على الأمة، ولكن أفعالهم تخذلها عند أول اختبار.
• والأدهى من ذلك، أن كثيرًا من الحكّام في دول ذات أغلبية سنيّة يرفعون راية “خدمة الإسلام”، بينما يغلقون أبوابهم في وجه قضايا الأمّة، ويطبعون مع أعدائها، بل ويسجنون الأحرار الذين نطقوا بما يُفترض أن يكون من واجبهم.
• وهنا، لا بد أن نقولها بصوت عالٍ: كفى مهرطقةً ومزايدةً!
فالقضية لم تكن يومًا صراع مذاهب، ولا نزاع عمائم، بل قضية أمة على شفير الفناء.
إنها معركة وعي، لا خلاف فقه. صراع وجود، لا اختلاف على الفروع.
فتوقفوا عن تحويل المذاهب إلى خنادق، والمساجد إلى ميادين فرقة.
• الخلل ليس في “السنّة” كمذهب، ولا في “الشيعة” كمذهب، بل فيمن اتخذ المذهب سلّمًا للسلطة، أو خندقًا للتكفير، أو مظلّةً للصمت عن الطغيان.
السنّة ليست مجرّد فتاوى، ولا طقوس، ولا مؤتمرات “وحدة إسلامية” زائفة.
السنّة منهج صدق، وعدل، وشجاعة في قول الحق.
• فمن يدّعي الانتساب إليها، عليه أن يُثبت صدقه لا بكثرة الخطب، بل بالمواقف، حين يُذبح المظلوم، ويُهان الحق، ويُباع فلسطين، وتُغتال الكلمة.
• لقد آن الأوان أن نفرّق بين من “ينتمي” للسنّة، ومن “ينتسب” لها على الورق فقط.
فالانتماء الصادق لا يُقاس بالتعصب والتكفير ، بل بالغيرة على قضايا الأمة، وبالموقف الشريف حين تشتد المحنة.
• فإن كنّا نحن من يصوغ الطغاة،
ويفرش لهم الطرقات صمتًا، وانقسامًا، وركوعًا،
فلينظر كلٌّ منّا في المرآة،
وليصفع خدّه، ويتفل في وجهه.
• الخاتمة: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
• كفانا انحناءً أمام الطغيان، وكفانا تديُّنًا مشوَّهًا يُشرعن السكوت على الظلم، ويُلبس الجبنَ لبوسَ الحكمة.
• لسنا عبيدًا للحاكم، ولا أسرى للمشيخة، ولا وقودًا لحروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
الدين الحقّ لا يركع للسلطان، ولا يُبايع الفساد على المنابر.
فـ “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.”
• هذه ليست مجرّد مقولة، بل حدٌّ فاصل بين العبودية لله، والتبعية العمياء للعباد.
فمتى عصى الحاكمُ ربَّه، سقطت بيعته، وسقط عنّا وزر طاعته.
• طاعة أولي الأمر لا تعني تسليم العقول، ولا إغلاق الأفواه، ولا التصفيق لكل خيانةٍ تُرتكب باسم الدين والوطن.
• من باع صوته سُجّل في قائمة العبيد،
ومن باع صمته نجا،
فالساكت عن الحقّ شيطانٌ أخرس،
ولا يُصلح حالَ الأمة إلا من تمرّد على الخوف،
وقالها بملء الفم: “كفى للفرقه كفى للخنوع”
• قضيتنا وجودية ليست مذهبية!!