مساجد في آسيا تحف معمارية عصرية
تاريخ النشر: 12/09/16 | 0:06في بروناي، وقدح في ماليزيا وإسلام أباد، وسنغافورة وأدرنة في تركيا، مساجد تعتبر تحف المعمار الإسلامي في آسيا، يؤمها المؤمنون حيث يلبون نداء المآذن ويتضرعون تحت قبابها ويصلّون جماعة ويبتغون طاعة الله ويعملون بوصية رسول الإسلام وأحاديثه الشريفة عن الصلاة في المسجد.
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) قال: « من صلّى في مسجد جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب الله له بها عتقًا من النار ».
مسجد ظاهر في ولاية قدح، ماليزيا
في قلب مدينة ألورستار عاصمة ولاية قدح الماليزية، يقع مسجد ظاهر، وهو واحد من أعظم المساجد في ماليزيا وأقدمها. شُيّد عام 1912، بتمويل من تونكو محمود، ابن السلطان تاج الدين مكرم شاه. استوحيت هندسته المعمارية من المسجد العزيزي في مدينة لانجات في شمال سومطرة، اندونيسيا. يضم المسجد خمس قباب كبيرة ترمز إلى أركان الإسلام الخمسة.
تبلغ مساحة الأرض التي تحضنه 124 ألف متر مربع، فيبدو بقبابه الخضراء وجدرانه البيضاء مستريحًا على بحر من الأخضر اللامتناهي. تنظم فيه سنويًا مسابقة قراءة القرآن.
مسجد السلطان عمر علي سيف الدين في مملكة بروناي
يعتبر مسجد السلطان عمر علي سيف الدين واحدًا من أجمل المساجد في آسيا والمحيط الهادئ. انتهى بناؤه عام 1958 ليشكّل نموذجًا للهندسة المعمارية الإسلامية المعاصرة.
بني المسجد عند بحيرة اصطناعية على ضفاف نهر بروناي في كامبونج آير، «القرية في الماء». جاءت قبته الرئيسة من الذهب الخالص، فيما شيّدت المآذن من الرخام. أما فناؤه الخارجي فتتوسطه النوافير وتحيطه الأشجار المورفة والنبات.
يصل المسجد بالبحيرة جسر من الرخام إلى «كامبونج آير» في وسط النهر. كما يوجد جسر آخر من الرخام يؤدي إلى هيكل في البحيرة، وهو نسخة طبق الأصل عن بارجة السلطان بلقية سادس سلاطين بروناي والذي حكم بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر. تم الانتهاء من بناء هذه البارجة عام 1967 للاحتفال بالذكرى الألف و400 عام على نزول القرآن، وكانت تنظم فيها مسابقات قراءة القرآن.
أما باحة المسجد الداخلية فتتميز بالأعمدة الرخامية المقوسة والنوافذ الزجاجية الملوّنة، فيما صنعت الثريات في انكلترا، ونقل السجاد الفاخر من المملكة العربية السعودية. وتغلف القبة الرئيسة 3.5 مليون قطعة فسيفساء متشابكة مع أوراق الذهب الحقيقي.
مسجد فيصل في إسلام أباد في باكستان
أكبر مسجد في جنوب شرقي آسيا وجنوبها، ورابع أكبر مسجد في العالم. تعود فكرة انشائه إلى الملك السعودي الراحل فيصل بن عبدالعزيز أثناء زيارته إلى باكستان عام 1966. وعام 1969 تم اجراء مسابقة دولية شارك فيها مهندسون من 17 دولة وقدّموا 43 نموذجًا مختلفًا لبناء المسجد.
وبعد أربعة أيام من المشاورات والمداولات، تم اختيار الرسم التصميمي للمهندس التركي ودعت دالوكاي.
يتميّز هذا المسجد بتصميمه الفريد من نوعه، فهندسته المعمارية انطلقت من فن العمارة الإسلامية في جنوب آسيا، فدمجت بخطوط الهندسة المعاصرة وخلافًا لتصميم المسجد التقليدي، فإن لا قبة لهذا المسجد وإنما سقف اتخذ شكل الخيمة البدوية العربية التقليدية، تحضن قاعة صلاة مثلثة الأضلاع. فيما استوحيت مآذنه الأربع من الهندسة المعمارية التركية فجاءت رقيقة تشبه من بعيد قلم الرصاص المروّس، لتزنر هيكلاً مثمّن الأضلاع، وقد استوحى المهندس توزيعها من تصميم الكعبة المشرّفة.
يضم المسجد مكتبة وقاعة محاضرات ومتحفًا ومقهى. زينت القاعة الداخلية بالرخام الأبيض وبالفسيفساء والخط العربي للفنان الباكستاني الشهير صادق، تتوسط الصالة الكبرى ثريا على النمط التركي.
مسجد تاج – بوبال في الهند
مسجد تاج يعني حرفيًا «ولي المساجد» ويقع في بوبال، الهند. بدأ بناء هذا المسجد في عهد الامبراطور المغولي بهادور شاه ظفر من قبل زوجة باقي محمد خان نواب شاه جاهان بيغوم بين فترتين مختلفتين الأولى 1844-1860 والثانية 1868-1901 من بوبال، وواصلت ابنتها السلطانة جهان بيغوم، بناءه طيلة حياتها. وتوقفت أعمال البناء بسبب نقص الأموال، ثم استؤنف بناؤه عام 1971 بجهود العلاّمة محمد عمران خان الندوي الأزهري، وسيد حشمت علي سحّاب من بوبال. تم الانتهاء من البناء بحلول عام 1985، وبمساهمة من أمير دولة الكويت عن روح زوجته، وقد تمّ تجديد مدخل البوابة الشرقية بشكل رائع، باستخدام الزخارف القديمة.
يتميز المسجد بواجهته الوردية ومآذنه المثمّنة الأضلاع ويبلغ ارتفاعها حوالى 18 طبقة، وقبابه من الرخام. ويضم المسجد أيضاً ثلاث قباب ضخمة. المدخل الرئيسي مثير للإعجاب بأعمدة جذابة وأرضيات من الرخام.
مسجد سلطان في سنغافورة
مسجد سلطان، واحد من المباني الدينية الأكثر إثارة للإعجاب في البلاد. بناه السلطان حسين شاه عام 1824، أول سلطان في سنغافورة.
وفي التاريخ، أن السلطان حسين عندما أتى إلى الجزيرة بنى قصرًا تسكن فيه عائلته وقد رافقه الأتباع من جزر رياو وملقا وسومطرة. ثم قرر حسين بناء مسجد يليق بمكانته. ويقال انه بنى مسجدًا بجوار قصره بين عامي 1824-1826، كان سقفه هرميًا ثنائيًا.
رأس إدارة المسجد علاء الدين شاه، حفيد السلطان، حتى عام 1879. مع بزوغ عام 1900 أصبحت سنغافورة مركزًا للتجارة والثقافة والفن الإسلامي. وأصبح مسجد السلطان صغيرًا جدًا على هذا المجتمع المزدهر. وعام 1924، وهو العام الذي صادف مئوية المسجد، وافق الأمناء على خطة لإقامة مسجد جديد.
فتولى تصميمه المهندس دينيس سانتري من «سوان وماكلارين»، أقدم شركة معمارية في سنغافورة، وانتهى البناء عام 1928. يقع المسجد في شارع مسقط وشمال جسر الطريق في كامبونج جلام منطقة روشور Rochor .لا يزال يعتبر واحدًا من أهم المساجد في سنغافورة. ينفرد المسجد بقبابه الذهبية الضخمة التي تحضن قاعة الصلاة الواسعة. استوحي تصميمه من الفن العربي الإسلامي، والكلاسيكي الفارسي، والمغاربي والتركي، مما جعله تحفة معمارية تقف بفخر في منطقة روشور.
تم تزيين كل قاعدة قبة بزخرفات زجاجية، تبرع بها فقراء المسلمين أثناء بنائه حتى يتسنى لجميع المسلمين دخوله، وليس الأغنياء فقط.
يشكل المسجد نقطة محورية للمجتمع المسلم في سنغافورة. وخلال شهر رمضان، تنظم فيه ولائم الإفطار على مدار الشهر فيما يشهد السوق المحيط به خلال الأمسيات الرمضانية على العديد من الاحتفالات الرمضانية، وتفتح أكشاك الطعام حتى السحور.
مسجد السليمية التركي في أدرنة
هو من روائع العمارة الإسلامية لمهندس المعمار التركي سنان، وقد شيُد بناءً على تكليف السلطان سليم بين عامي 1568 و1574. والمسجد دخل لائحة مواقع التراث العالمي كموقع ثقافي منذ عام 2011.
أظهرَ المهندس سنان عبقرية فريدةً في إقامة القُبَّة، وذلك ببنائها فوق قاعدة دائرية محمولة على شكل مُثَمَّن، يرتفعُ على ثماني قناطر، معقودة فوق ثماني «بوائك: ركائز» عرض كل قنطرة منها ستة أمتار، وهذه القناطر وفَّرَت الكثير من منسوب ثقل البُنيان فيما لو أقيم على جدران، وتم تخفيف ثقل البناء أيضًا بالإكثار من النوافذ والكُوّات، مما خفّف من ضغط البناء الذي بلغت مساحته 2475 مترًا مربعًا، وأتاح فرصة التوسُّعِ بمحيط دائرةِ القبة التي بلغ قطرُها 31 مترًا و30 سنتيمترًا، ورفع سقفها مسافة بلغت 43 مترًا و28 سنتيمترًا، وأحاط القبّةَ بأربع مآذن، يبلغ ارتفاع كلٍّ منها 70 مترًا و89 سنتيمترًا.
فبينما المساجد التقليدية يتم تجزيء هندستها الداخلية، أراد سنان توحيد المساحة الداخلية فصمم بنية تسمح برؤية المحراب من أي نقطة داخل المسجد. يقع المحراب تحت القبة مع عمق كاف يسمح بأن يكون مضاءً من ثلاث جهات، بسبب النوافذ وهذا له تأثير في تألق الفسيفساء في أدنى الجدار بسبب الضوء الطبيعي.
تحيط بالمسجد مبان عدة تابعة له: مستشفى المدرسة تعليم الدين الإسلامي، ودار الحديث (مدرسة الحديث)، ومتاجر تفتح على مدار الساعة. كما يضم كلية بايزيد الثاني التي تحوّلت متحف تاريخ الطب. يمتد أمام المسجد فناء مستطيل الشكل مساحته مساوية لتلك التي في المسجد.
وأثناء حصار البلغار عام 1913 أدرنة، أصيبت قبة المسجد من قبل المدفعية. وبفضل البناء القوي للغاية، نجا المسجد من هذه الاعتداءات مع أضرار طفيفة. وبناء على أوامر أتاتورك، بقيت القبة على حالها، كمثال للأجيال القادمة.