أقدم المساجد… الحرام والنبوي والأقصى
تاريخ النشر: 14/09/16 | 0:00تستقبل البلاد الإسلاميّة والعربيّة شهر رمضان بسعادة عارمة، وتبدأ التحضيرات له بدءًا من منتصف شهر شعبان، فترصّع المساجد والشوارع والحارات بالزينة، وتنتشر الفوانيس في هذا الشهر، وكأنّما كل أشهر السنة ليست إلاّ محطة انتظار زمنية يتوق من يجلس فيها لقدوم رمضان. وخلال هذا الشهر تكتظ المساجد بالمؤمنين، ولا سيّما لأداء صلاة العشاء والتراويح.
قال النبي محمد ( صلّى الله عليه وسلّم ): « لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا ( المسجد النبوي )، والمسجد الأقصى ».
المسجد الحرام في مكّة المكرّمة أقدم مسجد في التاريخ
المسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تُشدّ إليها الرحال. يعود بناؤه إلى تاريخ بناء الكعبة المشرّفة التي بنتها الملائكة في المرّة الأولى، ويُعتقد أن آدم عليه السلام أول من صلّى فيه. وكانت الكعبة المشرّفة ياقوتة حمراء، رُفعت إلى السماء أيام الطوفان، وبعد الطوفان أعاد النبي إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام، بناء الكعبة، بعدما أوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام بمكان البيت، كما تذكر (الآية 26) من سورة «الحج».
والمسجد الحرام هو أقدس الأماكن على الأرض. وقد نوّه القرآن الكريم بذلك في سورة «البقرة» (الآية 127). تتوسطه الكعبة المشرّفة ويقع في مدينة مكة المكرمة، في المملكة العربية السعودية. وهو أكبر مسجد في العالم. يغطي الهيكل الحالي مساحة 400800 متر مربع، ويمكن أن يستوعب ما يصل إلى 4 ملايين شخص خلال فترة الحج.
والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، وإليه يحجّون. سُمّي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه منذ دخول النبي المصطفى إلى مكة المكرمة منتصرًا. ويؤمن المسلمون بأن الصلاة فيه تعادل مئة ألف صلاة.
معلومة:
يحتوي المسجد الحرام على:
● الكعبة المشرّفة
● حجر إسماعيل
● بئر زمزم
● مقام إبراهيم
● الصفا والمروة
● المطاف والمسعى
كان أول باب للمسجد الحرام هو باب بني شيبة، وهو منسوب إلى شيبة بن عثمان الحجبي سادن الكعبة المشرفة، لأنه كان بجوار بيته ويقال لهذا الباب: باب السلام. وقد كان النبي محمد يدخل من هذا الباب لأنه مواجه للكعبة أمام مقام إبراهيم.
بوّابو البيت الحرام
البوابون جمع (بوّاب) وهو من يجلس عند باب المسجد الحرام لحراسته من كل مكروه ومد يد العون لمن يحتاج ذلك. وعادة ما يكون البوابون من عامة الناس، إلا أنه في سنة 1426 صدر مرسوم بفتح أبواب المسجد الحرام وعزل البوابين الذين كانوا من القضاة والفقهاء، وأن يوضع مكانهم الفقراء والمساكين الذين لا حرفة لهم.
المسجد النبوي
المسجد النبوي، أو مسجد النبي، أو الحرم النبوي، أحد أكبر المساجد في العالم، وثاني أقدس موقع في العالم الإسلامي، بعد المسجد الحرام في مكة المكرّمة، وهو المسجد الذي بناه النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم) في المدينة المنورة بعد هجرته سنة 1 هـ بجانب بيته بعد بنائه مسجد قباء.
شهد المسجد توسعات عدّة عبر التاريخ، مرورًا بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيرًا في عهد الدولة السعودية حيث تمت أكبر توسعة له عام 1994.
ويعتبر المسجد النبوي أول مكان في الجزيرة العربية يتم فيه، بعد التوسعة التي قام بها عمر بن عبدالعزيز عام 91 هـ، إدخال حجرة عائشة والمعروفة حاليًا بـ «الحجرة النبوية الشريفة»، والتي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد، والمدفون فيها النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم)، وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وبُنيت عليها القبة الخضراء التي تُعد من أبرز معالم المسجد النبوي.
لعب المسجد دورًا كبيرًا في الحياة السياسية والاجتماعية، فكان بمثابة مركز اجتماعي، ومحكمة، ومدرسة دينية. ويقع في وسط المدينة المنورة، ويحيط به العديد من الفنادق والأسواق القديمة القريبة. وكثير من الناس الذين يؤدون فريضة الحج أو العمرة يقومون بزيارته، وزيارة قبر النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم).
مَسْجدُ قُبَاءٍ
مسجد قباء أول مسجد بناه المسلمون وأول مسجد بني في المدينة، ومن حيث التراتبية، فإن المسجد الحرام أول بيت وضع للناس. يقع المسجد إلى الجنوب من المدينة المنورة، وقد بناه النبي محمد، وذلك حينما هاجر من مكة متوجهًا إلى المدينة، وقد اهتم المسلمون من بعده بعمارة المسجد خلال العصور، فجدّده عثمان بن عفان، ثم عمر بن عبدالعزيز في عهد الوليد بن عبد الملك، وتعاقب الخلفاء من بعدهم على توسيعه وتجديد بنائه، وقام السلطان قايتباي بتوسعته، ثم تبعه السلطان العثماني محمود الثاني وابنه السلطان عبدالمجيد الأول، حتى كانت التوسعة الأخيرة في عهد الدولة السعودية.
بعض المرافق التي يضمها المسجد النبوي
متحف نوادر الحجرة الشريفة: كان السّلاطين والأمراء يهدون الحجرة النبوية نوادرَ ثمينةً تُوضع داخلَها. وفي عام 1981 تم حفظها في الغرفة التي بُنيَت خصيصًا فوق مكتبة المسجد النبوي، ولها مدخل تحت المئذنة السعودية القديمة على يمين الداخل من باب عمر.
مصلّى النساء: تم تخصيص أماكن للنساء في الجهتين الشرقية الشمالية والغربية الشمالية.
أبواب المسجد: كان للمسجد قبل هذه التوسعة 11 بابًا، أصبح 5 منها داخل مبنى التوسعة الجديدة، وهي باب الملك سعود وباب عمر وباب عثمان وباب عبدالمجيد وباب الملك عبدالعزيز. وصار عدد المداخل الإجمالي 41 مدخلاً، بعضها يتكون من باب واحد، وبعضها من بابين ملتصقين و3 أبواب و5 أبواب متلاصقة، فيصير العدد الإجمالي 85 بابًا.
القِباب المتحركة: تمّ تأمين أفنية عدة مكشوفة للمسجد بهدف التهوئة والإنارة الطبيعية، وعددها 27 فناءً وغُطيت بقباب متحركة يتم التحكم فيها بواسطة جهاز كمبيوتر مركزي يعمل بالطاقة الكهربائية، ويستغرق فتح القبة أو إغلاقها حوالى دقيقة واحدة.
المآذن: شيّدت 6 مآذن، 4 منها موجودة في الأركان الأربعة للتوسعة، ومئذنتان في منتصف الجانب الشمالي. وتتكون كل مئذنة من 5 أجزاء. ساحات المسجد: تستوعب هذه الساحات حوالى 430 ألف مصلٍّ. وتضم مداخل لدورات المياه، والمواضئ، وأماكن الاستراحة للزوّار، وتتصل بمواقف السيارات التي تشغل طابقين تحت الأرض.
المظلات في صحن المسجد: في المسجد صحن مستطيل الشكل شمالي البناء المجيدي، وقد نصب 12 مظلة لتقي الناس حرارة الشمس وشدّة البرد والمطر. وهذه المظلات عبارة عن شمسيات من القماش الأبيض السميك، تحملها أعمدة حديدية مكسوة بالرخام الأبيض، قابلة للفتح والإغلاق بشكل آلي، وتُظهِر بحال فتحها شكل النوافير المائية، وفي حال إغلاقها تظهر وكأنها منارات صغيرة ذات رؤوس مخروطية.
المسجد الأقصى … من صخرته القبة عرّج النبي إلى السماء
المسجد الأقصى أحد أكبر مساجد العالم، ومن أكثرها قدسيةً عند المسلمين، وهو أولَى القبلتين في الإسلام. يقع داخل البلدة القديمة في القدس في فلسطين المحتلة. يقف المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى «هضبة موريا»، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه. تبلغ مساحته قرابة 144 دونمًا، ويشمل قبة الصخرة، والمسجد القِبْلي والمصلّى المرواني ومعالم عدة أخرى يصل عددها إلى 200 معلم. ذُكر المسجد الأقصى في القرآن، سورة «الإسراء» (الآية 1). وهو أحد المساجد الثلاثة التي تُشد الرحال إليها، كما قال رسول الإسلام محمد (صلّى الله عليه وسلّم).
للمسجد الأقصى أسماء عدة، منها: المسجد الأقصى: سُمِّيَ الأقصَى لبعده عن المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظَّم بالزيارة. والذي سمّاه بهذا الاسم وفقًا للعقيدة الإسلامية الله في القرآن، وذلك في الآية الرقم 1 من سورة «الإسراء». والبيت المُقَدَّس وهو الاسم الذي كان متعارفًا عليه قبل أن يُطلق عليه اسم «المسجد الأقصى» في القرآن الكريم، وهذا الاسم هو المستَخدَم في معظم أحاديث النبي محمد، مثلما قال يوم الإسراء والمعراج: «ثم دخلت أنا وجبريل عليه السلام بيت المقدس فصلّى كل واحد منا ركعتين».
وللمسجد الأقصى أربعة مآذن، هي مئذنة باب المغاربة الواقعة في الجنوب الغربي، مئذنة باب السلسلة الواقعة في الجهة الغربية قرب باب السلسلة، مئذنة باب الغوانمة الواقعة في الشمال الغربي، ومئذنة باب الأسباط الواقعة في الجهة الشمالية.
من المساجد السبعة التي يضمها المسجد:
الجامع القِبلي بناه عمر بن الخطاب عند الفتح الإسلامي عام 15 هـ، وذلك بعدما استشار كعب الأحبار في مكان بناء المسجد، فأشار عليه في مكان الصخرة، فرفض ذلك عمر وقال: «بل نجعل قبلته صدره كما جعل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبلة مساجدنا صدورنا».
مسجد قبة الصخرة
وتعتبر قبّته أحد أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامية، وأقدم بناء إسلامي بقي محافطًا على شكله وزخرفته في الأغلب. بنى هذه القبّة الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث بدأ في بنائها عام 66 هـ الموافق 685، وانتهى منها عام 72 هـ الموافق 691، وأشرف على بنائها المهندسان رجاء بن حيوة الكندي، وهو من التابعين المعروفين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان.
مسجد البراق
ويقع في الناحية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى، وسُمّي بذلك نسبةً إلى المكان الذي ربط فيه النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم دابته البراق في رحلة الإسراء والمعراج.
وجامع النساء عبارة عن بناء كبير واسع مرتفع عن مستوى الجامع القبلي. ويرى باحثون أن بناءه يعود إلى العهد الصليبي، حيث بُني ككنيسة، ليعيده صلاح الدين الأيوبي مُصلّى خُصّص للنساء.
القباب
المعلوم أن المسجد الأقصى يحتوي على خمس عشرة قبة من بينها:
قبة الصخرة الثلاثية الأبعاد
هي من أقدم المعالم الإسلامية وأعظمها. ويعود تاريخ تشييدها إلى العهد الأموي عام 72هـ (692م)، وسمّيت بهذا الاسم نسبة إلى الصخرة التي تقع داخل المبنى، والتي عرج منها النبي محمد إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج، على أرجح الأقوال، لأن الصخرة هي أعلى بقعة في المسجد الأقصى.
قبة السلسلة
تعود تسميتها إلى سلسلة كانت موجودة فيها ويمسّها المتقاضون، وهذه السلسلة كانت حليف كل صادق في القول، وتبتعد عن كل كاذب. وتربط هذه الروايات بين هذه السلسلة، وتلك التي كان يتخذها النبي داود لحسم النزاع بين الخصوم في مجلس القضاء.
قبّة محراب النبي عليه الصلاة والسلام
تقع قبّة النبي داخل المسجد الأقصى المبارك غرب قبّة الصخرة، بجوار قبة المعراج. ويعود تاريخ تشييدها إلى عام 1538 بأمر من محمد بك والي غزة والقدس الشريف ثم أعاد تشييدها السلطان العثماني عبدالمجيد الأول عام 1845.
أما عن سبب تسميتها فيعتقد بعض المؤرخين أنها بنيت في المكان الذي صلّى فيه النبي محمد إمامًا بالأنبياء والملائكة في ليلة الإسراء، حيث تشير بعض النصوص إلى أنّ المعراج كان على يمين الصخرة، ويقول الباحثون إن هذا سبب تعدّد القباب على يمين قبّة الصخرة.
قبّة النبي عيسى / مهد النبي عيسى
تقع قبة النبي عيسى والمسماة أيضًا مهد النبي عيسى عند الزاوية الجنوبية الشرقية لسور القدس وسور المسجد الأقصى، وتم تشييدها لتخليد ذكرى النبي عيسى. ورغم التجديدات التي لحقت بها على مر العصور فهي تحتفظ بطابعها الأصلي والأساسي والذي ورد في أوصاف المؤرخين والرحالة الذين عاينوا هذا المكان المعروف باسم مهد النبي عيسى ومسجده.
وجُددت القبة في العهد العثماني مُبقية على طرازها القديم نفسه، وهي محمولة على أربعة عقود مدبّبة تستند بدورها إلى أربعة أعمدة رخامية رشيقة، وتحت هذه القبّة يمتد حوض حجري يسمى مهد النبي عيسى، وأمام هذا الحوض يوجد محراب حجري مجوّف.
قبة يوسف بن أيوب المعروف بصلاح الدين الأيوبي
تقع قبة يوسف داخل المسجد الأقصى المبارك جنوب قبة الصخرة، ويعود تشييدها إلى العهد العثماني عام 1681 م، وسمّيت القبة بقبة يوسف تيمنًا بيوسف بن أيوب المعروف بالناصر صلاح الدين الأيوبي.