أوراق اليانصيب قشطت الجيوب

تاريخ النشر: 31/07/16 | 0:09

يجري في البرلمان الاسرائيلي في الأيام الأخيرة نقاش حادّ وجدل عنيف حول ” مِفعال هبايس” – مشروع المراهنات والتكهّنات في اسرائيل، هذا المشروع الذي تَرى يافطاته والتي تدلّ على دعمه في الكثير من المدارس والنوادي والمؤسسات الاجتماعيّة والتربويّة، فهو يدعم بملايين الشواقل، ويخفّف الوطء عن الحكومة.
دعم جميل ومبارك ؛ هكذا على الأقلّ يظهر للوهلة الأولى، ولكنّ الذي يغوص بعيدًا الى العمق، يستنتج انّ هذه الأموال جاءت من جيوب الفقراء والمعوزين، اولئك الذين يمنّون النفس بالربح السريع والرفاهية، وهم في سوادهم الأعظم عمّال بسطاء لا يتعدّى راتبهم الشهريّ خمسة آلاف من الشواقل، فيروحون والأمل الزائف يدفعهم ؛ يروحون يحرمون أطفالهم وبيوتهم من المصروفات اليوميّة الضروريّة ويُبذّرونها في المقامرات والتكهنات “والقحط “، وما أدراك ما “القحط ” فهو الكلمة العاميّة عندنا للقشط ؛ قشط وُريقات صغيرة بمبالغ طائلة لعلّها تحمل في احشائها شيئًا وكثيرًا بل دائمًا ما تكون عاقرًا ..نعم قشط وقحط،” فيقحطون” حياتهم ورواتبهم وطعام أطفالهم، فالغنيّ المتخم من الغنى لا يميل الى المراهنات والتكهنات والقشط والسّراب والأوهام وإنما يفعلها المسكين الفقير المعدم، الذي يُمنّي النفس بربح سريع ينشله من فقره وبؤسه، فيروح يُبذّر ويقامر حتى القرش الأخير ويتمنّى خيرًا !!!

ومن أين يأتي الخير والملايين – ملايين شواقل المراهنين – كلّها تصبّ في جيوب ” مفعال هبايس” فيدفع قسمًا منها رواتب كبيرة لموظفيه الكبار والصغار، ويتبرّع بالقسم الآخر للمؤسسات، هذه المؤسسات التي كانت من المفروض ان تُبنى وتتطوّر من ميزانيّة الدولة.

خدمات مفعال هبايس مشكورة وخيّرة لولا أنها تأتي من جيوب وخبز الفقراء، فقد أضحى الأمر ادمانًا، فهناك فعلًا من يقامر بخبز أطفاله وثمن كتبهم ودوائهم في سبيل اشباع هذه الغريزة البهيميّة – عذرًا -، وهناك الكثير من الأسَر التي تفككت، وكيف لا تتفكك والرجل لا يعود الى البيت براتبه الشهريّ بل يذهب به ” دُغري” الى كشك الحظوظ فيقشط راتبه بساعة او بضع ساعة من الزمن ويعود الى البيت خاوي الوفاض، وخاوي الجيب الى حيث النزاعات والخلافات على مرأى ومسمع من الأطفال الجياع… والامر لا يجري ويسري فقط على الرجال فهناك من النساء من فاقت الرجال ادمانًا وقشطًا.
حان الوقت ان نقول كفى!

حان الوقت أن نُقصّر خُطى هذا المشروع الجهنميّ والذي يظهر للناس انه للخير ولكنه في الواقع يهدم ويدكّ معاقل البيوت واساساتها، ويزرع بدل الأمل القنوط في النفوس.
حان الوقت ان نقول : ان التكهّنات والقشط والمراهنات هي قمار وأكثر، ينهى عنه الضمير ويمقته الله.
حان الوقت ان نبتعد عن هذه ” الدكاكين” المزروعة في كلّ زاوية في بلادنا والمدعومة بالقانون وهي في الحقيقة خارجة عن المنطق والحقّ والعدل والقانون.
فالحظّ الجميل هو بالعمل الجادّ والاجتهاد والمثابرة والربح الحلال المشوب بالعرق المُتصبّب من الجبين.

زهير دعيم

zoherbukja

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة