جارة طيِّبَة طابَ ذِكْرُها

تاريخ النشر: 06/10/13 | 2:09

مَرَّ زمَنٌ ، لكِنْ لَمْ يُنْسِني جارَتي الطَّيِّبة

كانَ اسْمُها فاطمة وكانت سَمْراءَ البشَرَةِ ،

كانَ شَعْرُها أشْيَبَ ،

سَوْداء العَيْنَيْن كانَتْ ودائِمَةَ الإبْتِسام .

حَدّثَتْني ذاتَ يَوْمٍ رَحَلَ مِنْ زَمَنٍ ، قالَتْ :

يَوْمَها ذَهَبَ أبُ صغاري وَشَريكُ دربي في غفوة أبدية

كُنْتُ آخرَ مَنْ رأى وسحرتْني عَيْناهُ

خِلْتُهُما تَتَوَهَّجانِ وَمْضَ نُجومٍ لا يراه أحدٌ غيري

فانحَنيْتُ قليلا وتشَمَّمْتُ عَبَقَ شَعْرِهِ

قَبَّلْتُ يَدَيْهِ بحُزْنٍ صامِتٍ ،

فَمالَ رأسُهُ قليلا ،

كَبا وتلاشى وَمْضُ عيْنيهِ وَسادَ صمت ،

فَتَذكَّرْتُ ساعتها ما كانَ قبلَ أكثر من نِصْفِ قرن

يَوْمَها حَضَرَ خِلْسَةً إلى حاكورة أهلي رَبيعِيَّةِ الألوان

كُنْتُ جالِسَةً في كرسِيِّ أمّي أحْلًمُ بِقِطارِ حَياةٍ

افتَرَشَ الترابَ أمامي وقالَ ما حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ

جئْتُ أشارِكُكِ حُلْمَكِ ،

لِنُحَلِّقَ مَعًا كالطُّيورِ الحالمة العاشقة ،

التزَمْتُ الصَّمْتَ ، فنهض على قدميه

قّبَّلَ رأسي وذَهَبَ لِيَعود ، عَلَّنا نَسْتَقِلُّ قطار الحياة

وها أنا أراه يتْرُكُ قّطارَ رحلتنا

على أمَلِ أن نلتقي في حاكورة أخرى

نَرْقُبُ أحْفادَنا وقد راحوا يحلُمون بالقِطار الآخر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة