الرّائيّة في مدح سيِّد البشريّة محمّد بن عبدالله (صلّى الله عليه وسلّم )

تاريخ النشر: 25/07/13 | 2:40

نفَحَ الرُّبى أرضَ الحجازِ عبيرًا…….وبدا لنا وجهُ الصّباحِ منيرًا

ورياحُ يثربَ هيَّجَتْ في خاطري….في الرّوحِ شوْقًا جارفًا وكبيرًا

فأطَعْتُ قلبي حيثُ قمْتُ موجِّهًا ..عَنْسي إلى قبرِ الرّسولِ مَسيرًا

فسَرَيْتُ أجتازُ الفيافيَ في الدّجى..وبلوتُ نفسي في النّهارِ عُبورًا

ولقيتُ في دربي صنوفَ مشقّةٍ…فالظّلُّ في الصحراءِ كان حَرورًا

ما حدَّ كلُّ صعابِها من شوكتي…فالشّوقُ يسري في الدّماءِ نميرًا

ما أنْ رأيتُ من البعيدِ شوامخًا ….. حتّى تناثرتِ الدّموعُ سُرورًا

وهرعْتُ أخطو في اتّجاهِكَ سيِّدي…ورميتُ روحي في هواكَ أسيرًا

لا تسألوا ماذا شعرتُ أحبّتي …..فالدّمعُ سالَ على الخدودِ غزيرًا

كلُّ الزّمانِ قد اختزلتُ وجودَهُ…..في ظلّ من عاش الحياةَ شَكورًا

صلّى عليكَ اللهُ يا علمَ الهدى ….يا منْ لقيْتَ مِنَ الحوادثِ جُورا

قد كنْتَ في رَحْمِ الأمومةِ عندما……رحَلَ الأبُ الحاني ونامَ قريرًا

يا بنتَ وهبٍ قد رعَيْتِ حبيبَنا…… ستًّا بقَيْتِ من السّنين سميرًا

قد فاض حضنُك في محبّةِ سيّدي….. ونشرتِ نورًا ساطِعًا وأثيرًا

وجزاكِ يا نَبْعَ الحنانِ إلهُنا ……..واختارَ صدرَكِ مسكنًا وسريرًا

لم تيأسي رغمَ الزّمانِ وغدرِه…وصمدْتِ في وجهِ الصّعاب شُهورًا

أهديتِ أهلَ الأرضِ خيرَ مبشّرٍ..وسناهُ فاضَ على النّفوس عبيرًا

ربّيْتِ خيرَ الخَلْق سيّدةَ التُّقى ……عَذُبَ الزّمانُ وكانَ قبلُ مريرًا

فَقَدَ الحبيبُ بموتِكُم وَهَجَ السّنا……يا خيْرَ أمٍّ حيث كنتِ ظهيرًا

يا سَيِّدي ما كنْتَ يومًا مُهْمَلًا …..من أهلِ بيتِكَ أو ظهرْتَ كَسيرًا

فكُفِلْتَ من خيرِ الجُدودِ لحِقْبَةٍ ….. ورعاكَ في جَفْنِ العيونِ أميرًا

مِنْ بعدِهِ كانتْ كفالةُ عمِّكُم ……….ووجدْتَ قلْبًا نابضًا ومُجيرًا

رافَقْتَهُ للشّام في عهدِ الصِّبا …….شَهِدَ الجميعُ بما أشارَ بَحِيرَى

قد قال إنّكَ سوف تُبْعَثُ رَحْمةً ……. للعالمينَ أتى الكتابُ مُشيرًا

وترعرع الهادي البشيرُ تُحيطُه …….عَيْنُ الإلهِ رعايةً ونصيرًا

وأتاك جبريلُ الملاكُ مبشِّرًا …….. يا خيرَ مَنْ عرَفَ الأنامُ نذيرًا

يا سيِّدي ما ضاقَ صدرُك مرّةً ……كنْتَ الدّوامَ بما حَمَلْتَ جديرًا

رغمَ الظّروفِ بقيتَ خيرَ مكافحٍ……تسعى لرزقِك مُذْ وعيْتَ أجيرًا

آثَرْتَ في جَنْيٍ لرزقِك خيرَها ………..تبغى الحلالَ وتأنفَنّ حقيرًا

ورسولُنا ملأ الحياةَ محاسِنًا………وأزال من حسَدِ العيونِ شُرورًا

ومَعَ الظّروفِ القاهراتِ رأيتُه…………يتلقّفُ الأمرَ العسيرَ يسيرًا

ما خابَ يوْمًا ظنُّه في أهْلِه ……..ولقد بَدا في الحادثاتِ صبورًا

ماذا نقولُ لفارسٍ كشفَ الغَطا……..عن شرِّ أحقادٍ وكان جَسُورًا

ما هاب يومًا من ملاقاة العِدا…..أو ما انثنى هربًا وصالَ حسيرًا

يا متعةً للرّوح أنتَ نبيُّنا ……….منكم تضيءُ لنا الكواكبُ نورًا

أخرجْتَ قومَك من ظلامٍ دامسٍ…..ونشرْتَ ما أوْحى الإلهُ سُطورًا

فازْدانَ مِنْكَ الكونُ يا ألقَ الضُّحى…وسعيْتَ تَنْسُجُ للصّلاحِ حريرًا

وأزلْتَ مِنْ عينِ الأنامِ غِشاوةً…….وتحوَّلَ الأَعمى الحقودُ بصيرًا

يا سيِّدي أذْكَيْتَ كلَّ مَروءَةٍ ………..وعلَوْتَ تنثرُ للأنامِ بذورًا

وتفتَّحَتْ هذي البذورُ محبّةً …….وسَعَتْ تُشيدُ مسالِكًا وجُسورًا

أنتَ الأمينُ وصُنْتَ خيرَ رسالةٍ……..وحباكَ ربُّ العالمينَ بشيرًا

تُهْدي الأنامَ إلى قويم مسالكٍ ………وتنيرُ عالمَنا هَنا وسرورًا

ولقد جمعتَ العُرْبَ بعد تفرّقٍ …..وتحوّل الرَّخَمُ الضِّعافُ نُسورًا

وتبدّلَتْ هذي النّفوسُ وَزانَها …….. عِزٌّ من الإيمانِ باتَ وفيرًا

وجَمَعْتَ أغلى من يعزُّ نزالُهم ……ونَشَرْتَ دينَ الحقِّ كنْتَ نذيرًا

علَّمْتَ أقوامَ الورى خُلُقَ التُّقى……….وتعلَّمَتْ منكَ الأنامُ أمورًا

وجمعْتَ مِنْ كلِّ الفضائلِ خيرَها …… لمْ يخْلُقَنْ ربُّ الأنامِ نظيرًا

يا سيِّدي منكَ السّماحةُ أينعَتْ….واستَنْبَتَ المعروفُ منكَ جُذورًا

أنصفتَ كلَّ الخَلقِ كَوْنكَ عادلًا ….. وعفوْتَ مَنْ أنذرتَ زادَ نُفورًا

واسْطَعْتَ في خيرِ الكلامِ وحُسْنِه…تغييرَ مَنْ عادى وصارَ نصيرًا

ونزعْتَ من قلْبِ العدوِّ وصَدْرِه ……غِلًّا تأصَّلَ في النُّفوسِ كبيرًا

يا خيرَ مَنْ نشرَ الرّسالةَ للورى ……..جازاكَ ربُّ العالمينَ كثيرًا

فلقد أنَرْتَ لنا السّبيلَ بسُنَّةٍ…………تعني الفضيلةَ أوّلًا وأخيرًا

وبنعمةِ التّنزيل دامَ هناؤُنا ………ما تعتري نَفْسَ التّقيِّ نقيرًا

بلَّغْتَ قولًا واضحًا في خُطْبةٍ …. أيقظْتَ فينا في الوداعِ ضميرًا

لم يَبْقَ لُبْسٌ أوغموضٌ بعدما ……….أتْمَمْتَ دينًا قيّمًا ومُنيرًا

حذّرتنا ألّا نعودَ لِكُفْرِنا ……. وأردْتَ أنْ تبقى الصّفوفُ سُطُورًا

هابَتْ جموعُ الخَلقِ جيشَ محمّدٍ…وتواصل الفتحُ المبينُ عصورًا

لكنّنا حِدْنا سبيلَكَ سيِّدي ………تمَّ الضّياعُ سرى الهوانُ خَطيرًا

حالَتْ بنا الأحوالُ حيثُ أصابَنا….وَهْنٌ فأحدثَ في النّفوسِ فُتورًا

وتقسّم الوطنُ الكبيرُ ممالكًا ……..صار التآلفُ للنّفوسِ نُفورًا

وتنافسَ الحكّامُ فيما بينَهُم ……….فالكلُّ يبغي سلطةً وقُصورًا

صالُوا وجالُوا في البلادِ كما ارتأَوْا …ملأُوا البلادَ ملاهِيًا وخُمورًا

وتآزروا في غَيِّهم وضلالِهم….. بالغربِ مَنْ جاءوا سَمَا وبُحورًا

أممُ الضّلالةِ أنشَبَتْ أظفارَها ……. والشّعبُ أصبحَ عائلًا وفقيرًا

وتكالبَ الأشرارُ شرَّ تكالُبٍ …..والغربُ صبَّ على البلادِ شرورًا

وَغَدا يسيلُ لعابُهُم مِنْ نِفْطِنا ……واستنزفوا رزقَ العبادِ دُهورًا

ما عاد في زمني صلاحُ خليفةٍ ……بل سادَ جاهلُنا وزادَ فُجورًا

فَقَدَ الشّبابُ نصيبَهُم من إرضهم..واستوطن الأغراب ساءَ مصيرًا

لا , لنْ يكونَ لنا مسالكُ نهضةٍ…..ما دام سادَتُنا دُمًى وقُشورًا

بالعلمِ والإيمانِ يرقَى شعبُنا ………..ويعيدُ مجدًا ماضيًا ومنيرًا

لا , لن نعود غدًا لسابقِ عهدِنا……. ما لمْ نتبّرْ ما علَوْا تَتْبيرًا

ونعدُّ جيشًا من شبابِ بلادِنا ……….تسقي مماتًا للعدا وثُبورًا

وتدور أرْماحُ الرّجالِ على العِدا ….تشفي الغليلَ وتَبْعَثَنَّ سُرورًا

‫2 تعليقات

  1. ما شاء الله على هذه القصيدة الرائعة , إنها من أجمل قصائد المدح , وهي سيرة عطرة لرسولنا الكريم..شكرا لك أستاذي الشاعر على هذا النفس الشعري الهائل.

  2. لا فضّ فوك على هذه الرّئعة التي تسبي القلوب وتثير المشاعر …شكرا لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة