"عُمرة هاجر" من مكة المكرمة

تاريخ النشر: 09/05/11 | 0:54

القيت هذه القصيدة بصوت الكاتب فؤاد كبها وهي من نبع قلمه بعد وداع المسجد الحرام والكعبة المُشرفة وبعد أداء العمرة في مكة المكرمة، وكانت الحافلة قد انطلقت من مكة الى المدينة المنورة، وقد وقف في مقدمة حافلة المعتمرين، واثنى عليهم دون استثناء، ورأى في وجوههم السعادة بالرغم من العناء، فاختار عنواناً لها :      عُمرة هاجر

نحنُ أبناءُ إسماعيلَ وهاجرُ أمُنّا             بوادي مكة تُركت سَعَت وَهروَلَتْ

وحيدةٌ هيَ ووليدُها في حُضنِها             جاءَ بِهما ابراهيمُ الخليل وأدمعَتْ

ظمأت بهذا الوادي هي وطِفلُها           وحرُ الارضِ بِسوادِها القاحلُ لفحَتْ

وشمسُ الصحراءِ مدت أشعتَهَا          هذه الخيوطُ الذهبية الحارقة ولِجَتْ

تركتْ طِفلَها من حِجرها وحيداً            أسرعتْ بينَ الصفا والمروةِ حَفرَتْ

أنامِلُها الطاهرةُ القَمحيةُ لونُها            وَوَجهُها المُنيرُ للعُربِ سَطَّرَتْ

نظرَت ورائَها ترتعشُ وَجلاً                  الماءُ للحياةِ والبقاءِ طَلَبَتْ

وبعدَ كَدٍ وتعبٍ بينَ الجَبليْنِ              اغرورقَتْ عَيناها وعلى الالهِ توَكلَّتْ

عادَتْ الى صَغيرها وَشاهدَتْ               تَدفق الماءِ عند رِجلهِ التي تَحَرَكَتْ

رَكعَتْ سَجدَتْ وَرَبُها شَكرَتْ                 زالَ هَمُهَا والماءُ بِكَفَيْها زَمَّتْ

فماءُ زمزمِ الطهورِ طيبٌ شُربُهُ               شربَ اسماعيلُ طِفلُها  ثم ارتوَتْ

 

فرِحَت نصرةٌ وهاجرُ في حِجرِها              جاءت هي ووحيدتُها واعتمرَتْ

أعودُ لهاجرِ الطفلةِ التي تُرافِقُنا            يا ابنةُ الاختِ دنياكِ قد ابتسمَتْ

عودي الى بيتكِ وانظري قُدُماً                 خالُكِ الفُؤادُ وهاجرُ قد سَعِدَتْ

نِعمَةٌ من الله وحنانٌ مُتّفَجِرٌ             نهرٌ فلا تحسبينَ أن مِياهُهُ قد جَفَّتْ

رأيتُ وجوهُ المُعتمرينَ  قد انفرجَتْ          بُعَيْدَ صلاةِ الصُبحِ الحافلةُ انطلقَتْ

رجالٌ وأطفالٌ فَضلٌ من اللهِ الكريمِ             آنساتٌ وسيداتٌ للمقامِ توَجهَتْ

ورجالُ الرَكْبِ بعدَ هُنيهَةِ صَمْتٍ              هبوا جميعا من غفلةِ وداعٍ اهتزَتْ

الله اكبرُ ما هذهِ الالوانِ بأطيافِهِا             جَمَعَتْ العقولَ النيرةَ  وتفكرَتْ

ثقتي كبيرة بالقافِلَةِ وأميرُها                 عبد الاله وقرنَتِه التي ساندَتْ

تَمَيزَ هذا الجَمعُ بِلَمعانِهِ وَشُعْلَتِهِ    تكافلٌ اجتماعيٌ والإخوّة التي انبثقتْ

هذا ابو محمود كبيرنُا وشُعلَتنا       احترامُ الكبيرِ أقلامُ الأدباءِ سَطرَّتْ

وابو نزار السميحُ وَسماحَتِهِ       نَفحاتُ الايمانِ في قلبِهِ عَشعْشَتْ

نحنُ الفؤادانِ اقتربْنَا لأفئدتكُم        في هذه الايامِ الايمانية التي مُيزّتْ

قد تُترَكُ ذكرياتٌ ناصعةٌ معاً                   وزكريا الأبيُّ والدائرة قد اكتملَتْ

ايها المعتمرين نحنُ سُعداءٌ بَينكُم          أرى الأسعدَينِ وام اكرمٍ حضرَتْ

اسعدُ العزب استاذٌ عِصاميٌ هو          سلامي لأبي أكرمٍ والدُنيا قد ابتسَمَتْ

وأما أسعدُ صَيدا وعائِلَتِهِ                  رِفاقٌ في الدّربِ الصَعبةِ التي تلبَدَتْ

وموهبة الصغارِ نرعاها معاً معاً          اذا جد جديدٌ ترى القلوبَ قد رقصَتْ

دعائنا في ساعاتِ الفجرِ مَسموعٌ هو           مُصطفى اليانعُ مخاوِفَهُ تبددت

فاضَ لِساني بذكرِ المصطفى الأحمدُ    في كلِ صلاةٍ قُرب المقامِ قد شَكَرْتْ

اسمٌ جَميلٌ كُلِ لسانٍ يُردِدُهُ               أتذكرُ ولدي الحبيبِ وقامتي انتصبَتْ

دعوتُ لَكُم ولأهلي جميعاً                 عمرٌ مديدٌ لكُم وَعُمرةٌ  قُبلَتْ

وداعاً ام القُرى مَسقطُ رأسُ نَبينا   عند المسجدِ الحرامِ والعَبراتِ قد انهمرَتْ

مهلاً أخي كُن فعالاً ثابتُ الخُطى         سليماً كُنتَ أو مُعتلاً  ومهما صَعُبَتْ

لا تحزن ولا تغضب من أمرٍ مُقدرٍ         الحقُ حقٌ والسطورُ على اللوحِ كُتبَتْ

وهذا مُحمد ابراهيم الذي فاجأنا         عاد وتبع هذا الرَكبِ وعزيمَتُه صمدَتْ

فِعلُ فارسٍ يُسارِعُ مُبارِزُ الزمنِ بذِهنِهِ       سُويعاتٌ قليلةٌ والصدورُ قد أثلجَتْ

رأيناه وقرينَتُهُ بينَ ظَهرانينا          بعدَ غيابٍ مجهولٍ وعيناهُ قد أدمعَتْ

أصابَ الهدفَ في الزمنِ الضائعِ            وعادَ مرفوعُ الرأسِ وهاماتُنا ارتفعَتْ

محلاتُ الناطور عبدُ القادر ساحِرُها        وفي أمعدةِ الجمعِ حَطَّتْ وسكنَتْ

وما يضرُ صاحِبُ السُكري حينها          تشكيلاتُها على مدارِ الساعةِ التُهِمَتْ

تذكر أخي هاشم رسولنَا الهاشِمي         رأيتُه كالشجرةِ التي نَضَجَتْ

اطفالُ فؤادُ الناطورِ وجوهُهُم باسِمَةٌ        شمسِ العروبةِ من عيونِهِم لمعَتْ

أتدرونَ أن احمد النصراوي يُرافقُنا   عائلةٌ هادئةٌ في المقاعدِ الخلفيةِ ابتسمَتْ

عاصِمة الجليلِ أطلتْ غرباً بِرَأسِهَا         عانقت الخطافَ منذُ سنواتٍ مضَتْ

الرحمةُ على أرواحِ موتانا جميعاً             أعزاءٌ علينا وجوارِحُنا قد كُسِرَتْ

عادت هذه القلوب لتنبضُ ثانيةً           الأفئدةُ المكسورةُ الجناحِ نمت ونبضَتْ

الاسعدانِ والفؤادانِ والمحمدانِ           سُليمان السعيد والقروضْ قد ارتفعَتْ

سلامٌ سليمٌ سُليمانِ السعيدُ معنا        افلاس البنوك التي انقرَضَتْ وأقرّضَتْ

ان الحياة عطاءٌ وبذل يا صاحبي           الابتسامة في وجه أخيكَ أسعدت

قرعاويٌ شابٌ يافعٌ رَخيمٌ صوتُه           ودعاء السفر والتلبية قد رُدِدّت

عودوا الى الماضي العريق وسرُهُ        شهامةٌ ومروءةٌ بالعيونِ تَكحلت

الى المدينة المنورة هِجرتُنا غدا          الى رُفاةِ الرسولِ الكريمِ التي سُجيت

خَليفتَيهِ ابو بكرٍ وعُمرٍ جيرانِه            في المسجدِ القديم رُفاتهما ووريت

نُسلمُ عليه عن قُربٍ برفقٍ وأدبٍ        أماناتٌٌ حملناها وأكتافُنا قد أثقلت

بنى الرسول دولته وحاضرتُه         يثرب المدينة سُرعانَ نمت وترعرعت

لهفي على ولدي ونبينا المصطفى      ومن منا لا يشتاقُ وعيناهُ قد أدمعت

عُذراً اذا نَسيتُ ذكرِ أحد الرجالاتِ         حُصة الاسدِ له في القصيدة التي بدأت

اهدي كلامي لام مجدي قرينتي         يا ام اكرم عمتي امكِ التي قَضَتْ

هذا هوَ الانسانُ يُولَد وينمو مع عَملِهِ     والحَسناتُ والسيئاتُ قد حُسِبَتْ

‫8 تعليقات

  1. هنيئاً لك ،دائما متميز ومبدع باقلامك النيره التي تبعث السرور والبهجه الى قلوبنا دمت لنا سندا وعونا. كلمات جميله وشعر متقن وهادف والى الاما م مع مزيد من التقدم والنجاح ، ونتمنى لك دوام الصحه والعافيه .

  2. لا بد وانهم استمتعوا كثيرا لمرافقتك معهم في تلك الرحلة ولا بد انهم يتمنون لو انهم يكونون كل رحلة برفقتك.. صدقا هنيئا لك فتميزك ليس له حدود اعتدنا على ابداعاتك واحببناها من الفؤاد.. يا استاذ فؤاد..
    مبارك للمعتمرين والف الف تحيه للطفلة المعتمرة هاجر فقد علمت انها كانت تبعث جوا من الفرح والضحكات احبها كل من كان موجود في الحافلة.. ابارك لها عمرتها وادامها الله لوالدتها..
    حمداالله على سلامتكم..

  3. كالعاده ابداع بلا حدود ..كلمات تبهر العيون.. وتخفق لجمالها القلوب ..اهنئك استاذي على ما قدمت وتقدم وستقدم لنا من بحرك العميق بسحر الكلمات ..وتقبل الله منك ومن جميع المسلمين طاعتهم ..وننتظر المزيد

  4. صراحة قصيدة جميلة وأكثر من رائعة . كيف لا وهي خرجت من مكة متجهة إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ! كيف لا وهي خرجت من القلب إلى القلوب ؟! وأجمل من القصيدة هي رفقتك يا أستاذ ورفقة كل من سافر معنا , أنت في الفؤاد يا أستاذ فؤاد وكل من عرفتهم خلال هذه الرحلة التي تستحق كتابة رواية لجمالها وعظيم تأثيرها في نفسي ! نسأل الله أن لا تنسونا والى لقاء قريب …

  5. يا لك من استاذ مبدع ورائع بكل معنى الكلمة .. حقا كلمات لا مثيل لها.. عند قرائتها نشعر وكأننا كنا معك في هذه الرحلة المميزة الى بلاد الله .. دمت ذخرا لمجتمعك ولابنائك يا استاذ فؤاد .. نسأل الله ان يعطينا العمرة والحج ان شاء الله.. سلمت يداك على هذه القصيدة المميزة.. ننتظر المزيد

  6. في البدايه اشكرك يا اروع استاذ في الكون ابداع وفن واتقان واجمل من اجمل فنان ولك بصمه في كل مكان وتعرف بالحب والاخلاص والاحسان ,احاطتني تعابيرك بالامان فلك مني اجمل باقات الورود بكل الالوان ترافقها نغمات واجمل الالحان . اسال الله ان يديمك القدوه الصالحه للامه الاسلاميه . ولا انسى ان ابارك لخالتي نصره واجمل هاجر بالعمره وادعوا الله ان يحيطكم جميعا بالطاعه والرحمه والمغفره

  7. بوركت يا عمي ابو مجدي وبوركت اناملك التي خطت هذه الكلمات الرائعه التي اخذتنا الى كل لحظه في العمره الف تحيه لك ولزوجتك الرائعه ولابنه اختك ام هاجر التي اشتقت اليها كثيرا والف الف تحيه لكل المعتمرين الذين شاركونا رحلتنا الايمانيه الى بيت الله الحرام

  8. حياك الله يا شاعرنا الكريم وجمل ايامك بالسعادة والعطاء.

    قصيدة هادفة..متميزة ورائعة…

    اتمنى لك يا صديقي دوام الصحة والعافية…الحمد لله على سلامتك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة