لا هُويّة لدموعِ الأطفال!!

تاريخ النشر: 21/09/12 | 1:34

يومَ أمس كان يومًا مميّزًا لا يُنسى!

لم أربح فيه مبلغًا طائلا من المال، ولم أبشّر بمنصب مرموق، ولم أكتشف معلومات جديدة كنتُ أجهلها!

ما حصلتُ عليه أمس كان أعظم بكثير!

في صباح ذلك اليوم، ومع بزوغ شمس أيلول، توجّهتُ مع زوجتي الفاضلة وابني البارّ عمر إلى شاطئ البحر في قيساريا.

في طريقنا إلى البحر، وعلى جانبَي الشارع، تمتّعنا بمناظر البساتين والكروم التي تنوّعت خيراتها: من رمّان وتفّاح وخوخ وعنب وغيرها من فواكه الوطن!

وصلنا شاطئ البحر، ترجّلنا من السيّارة، خلعنا الأحذية، اعتمرنا القبّعات، وبدأنا مشوار المشي والركض الخفيف بمحاذاة مياه البحر، ونسمات لطيفة تهبّ فتنعش النفوس، وحبيبات الرمل الناعمة تداعب أصابع القدمين، وصوت الأمواج الخفيف يشحننا بالحيويّة والطاقة!

كان الشاطئ يعجّ بالمستجمّين والسابحين والمتسفّعين وهواة الرياضة على أنواعها!

وفجأة، وفي أثناء مشوارنا مررنا بطفلة صغيرة بريئة قد انكبّت على وجهها وهي تجهش بالبكاء وتنشِج وتذرف دموعًا غزيرة، فهزّني هذا المنظر، فتوقفتُ عن السير، وتقدّمتُ نحوها محاولا تهدئتها وانتشالها من بكائها ودموعها!

وبعد عدّة محاولات، تكللت مساعيَّ بالنجاح، فتوقفت الطفلة عن البكاء والنشيج، ونهضت تمسح بيديها الصغيرتين دموعها، وأخذت تبتسم لي بوجه طفوليّ ملائكيّ يعبّر عن الرضا والاطمئنان!

عندها، حمدتُ اللهَ على ما حبانا به من نِعَم، وعلى ما وهبنا من ضمائر حيّة!

وهل هناك أجمل وأروع من طفل يبتسم ويضحك؟!

عدنا إلى بيتنا الدافئ في بلدتنا الحبيبة تغمرنا السعادة، ولسان حالنا يردّد هذه العبارة:

حقًّا، إنّ دموع الأطفال الأبرياء بلا هويّة!!

‫14 تعليقات

  1. الله عليك يا د. محمود ابو فنه انت كنز اللغة العربية يا لك من مبدع وقدير احب واعشق كلماتك المليئة في المعاني الرقيقة والجذابة!…☺

  2. – الحق بحسن المعاملة الحسنة:

    إذ يؤكد الدين الإسلامي وعبر توجيهات عديدة على هذه الحقوق ويعتبرها من واجبات الأب نحو الابن. فقد جاء في الحديث الشريف (أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها فله أجران).. (ليس منا من لم يرحم صغيرنا)، (اكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم)

    من هذا المنطلق النبيل احييك استاذي على الالفه واعادة البسمه لتلك الطفله البريئه اتمنى بأنها رجعت الى اهلها وعادت بسمتها !!

    تحياتي

  3. بارك الله فيك ان بسمة طفلة تعطيك الف ثواب نيالك على نجاحك بابسامها….

  4. لك كل الاحترام والتقدير مني لكتاباتك الجميلة والمعبرة جميل جدا بانك جعلت الطفلة الباكية تضحك بغض النظر عن هويتها ، اعطي نصف عمري لمن يجعل طفلا باكيا يضحك 

  5. لماذا نحن العرب دائما ننظر للقشور ولا نتمعن الجوهر؟ لماذا لا نعيش في هذا المضمون الجميل المتميز بلغته واسلوبه؟ المعلقين رقم 3 ورقم 4 هل المهم من هي الطفلة؟
    ماهذه السطحية والاستهتار في ما جاء بالنص؟
    انا معلمة لغة عربية لو اعطيت الفرصة لكتبت بحثا كاملا عن المضمون والشكل والاسلوب واللغة….سلمت يداك يا معلمي الاول والقدير.

  6. تحية عطرة للاستاذ الكريم د. محمود ابو فنة .. كم نحن بحاجة لمثل هذه النصوص الأدبية خاصة في وقتنا العصيب الذي نعيشه بعنفه الشديد .. حبذا لو الجميع يتصرف ويقتدي بفعلك لكنا بأل ألف خير .. أرجو أن لا تبخل علينا وأن لا تتأخر بطلتك الادبية الرائعة مع تمنياتي لك بطول العمر .

  7. للأحبّة جميع المعقّبين – كم أنا سعيد بردودكم الجميلة الداعمة،
    لكم جزيل شكري وتقديري، ومنكم أستمدّ العزيمة
    والحافز على مواصلة الكتابة!
    مودّتي وتقديري
    د. محمود أبو فنه

  8. عزيزي أبا سامي : ليس الجمال بمئزر فاعلم وان رديت بردا
    أن الجمال معادن ومناقب أورثن مجدا
    انها الأخلاق الفاضلة التي تتمتع بها أيها العزيز ، لتكن كما عهدناك قدوة في كرم الأخلاق . مع تحياتي .

  9. جدي الغالي لاتعرف كم أنا متشوقه لسماع
    كتاباتك بصراحه كلما
    سمعت طفلاً يبكي وبعد محاوله أضحكته اشعر
    انني أعدت الى العالم آماله فطفل الصغير كل القلب الكبير

  10. عزيزي الأستاذ خيري عثامنة
    بوركتَ على هذا التعقيب الراقي الحكيم.
    كلّي أمل أن نظلّ عند حسن ظنّك، وأن نسهم
    في ترسيخ القيم النبيلة التي غرستم في نفوسنا.
    مودّتي وتقديري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة