أخشى عليها

تاريخ النشر: 26/12/14 | 14:45

أنَا كُلَّمَا مَسَحَ الصَّبَاحُ جَبِينَهَا الفِضِّيَّ أخشَى أن يُضَايِقَهَا الصَّبَاح

وَيُبَعثِرَ الحُلمَ المُوَرَّدَ بَينَ جَفنَيهَا تَسَلَّلَ فِي هُدُوءٍ واستَرَاح

زَرَعَ البَرَاءَةَ زَنبَقَاتٍ فَوقَ مَبسَمِهَا وَدَثَّرَهَا أزَاهيرَ الأقَاح

فاستَسلَمَت لِظِلَالِ لَيلٍ ضَمَّ فِي أسرَارِهِ أعطَافَهَا تَحتَ الجَّنَاح

أنَا كُلَّمَا طَلَعَت عَلَيهَا الشَّمسُ أخشَى أن تُنَاوِشَهَا الأشِعَّةُ كالرِّمَاح

وَيُحَرِّقَ الوَهَجُ المُعَربِدُ سُمرَةً شَرقِيَّةً مَا فَوقَ خَدَّيهَا المِلَاح

عَشِقَت زُنُودُ رِجَالِهَا ألوانَ سُمرَتِهَا فَصَارَت تَشتَهِي مُرَّ الكِفَاح

وَتَهَافَتَت فَتَيَاتُهَا يَملأنَ مِن عَرَقِ الجِبَاهِ الكَادِحَاتِ كُؤُوسَ رَاح

أنَا كُلَّمَا هَبَّت عَلَيهَا نَسمَةٌ أخشَى عَلَيهَا دائِمًا بَوحَ الرِّيَاح

مِن أن تُعَانِدَ فَرعَهَا المَيَّاسَ يَشمَخُ فَاتِحًا وَجهَ السَّمَاءِ بِلَا سِلَاح

غَذَّى تُرَابُ المَجدِ مَنبَتَهُ إبَاءً وارتَوَى مِن نَبعِهِ مَاءً قَرَاح

فَتَنَاثرَت مِن حَولِهِ الأزهَارُ تَروِي مَجدَهَا مَا بَينَ زَهوٍ وانشِرَاح

أنَا كُلَّمَا ذَرَفِت عَلَيهَا غَيمَةٌ أخشَى عَلَيهَا مِن دُمُوعٍ أو نُوَاح

وأخَافُ يَسرِقُ حُزنُهَا المَعهُودُ رَفَّ فَراشِهَا أو يَحتَوِي حُلوَ الصُّدَاح

أو يُتلِفُ الدَّمعُ المُكَابِرُ لَوحَةً خُطَّت بلَونِ عِيُونِهَا فَوقَ البِطَاح

فَتَظَلُّ عارِيَةً فَلَا ثَوبٌ يُغَطَّي جِسمَهَا العَارِي وَلا حَتّى وِشَاح

أنَا كُلَّمَا صَاحَت دُيُوكُ الفَجرِ فَوقَ سُطُوحِهَا أصحُو على ذَاكَ الصِّيَاح

أوَ كُلَّمَا نَبَحَت كِلَابُ الحَيِّ فِي أنحائِهَا يَحلُو لَنَا صَوتُ النُّبَاح

وَنَظَلُّ نَعشَقُ أرضَهَا وَسَمَاءَهَا وَصَبَاحَهَا وَمَسَاءَهَا والفَجرَ لَاح

والشَيخَ حِينَ عَلَى مَآذِنِهَا يُنَادِي فِي رَخِيمِ الصَّوتِ حَيَّ عَلى الفَلَاح

عبد الحي اغباريه

01

‫2 تعليقات

  1. كلمات راقيه واسلوب شعري رائع أنت مدرسة قي الشعر أدام الله قلمك السيال كي تتحفنا دائما بقصائدك الجمبلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة