تحليل لمقطوعة "سأبحث لي عن عينين نضاحتين بالهوى" لرواء بستاني

تاريخ النشر: 01/08/12 | 16:31

القصيدة هي:  ” سأبحث لي عن عينين نضاحتين بالهوى وأسرق برقيهما من غيث صنديد الجوى  واتينك اياها هدية من عاشقة اصيبت بالعمى …. احبك ” رواء بستاني

إنك في هذه المقطوعة مغرمةٌ بالتناص القرآني بالآية الكريمة من سورة الرحمن: فيهما عينانِ نضّاحتان” صدق الله العظيم. ولماذا عينان وليس عيناً واحدة.. قال المفسرون ليتنقل المؤمن إذا ملّ من العين الأولى الى العين الثانية وفي الأصل هما جنتان.. ولكن الشاعرة تستفيد من هذا التناص فتجعلهما عينين نضاحتين بالهوى أي تفوران بالهوى، فيطلع منهما الهوى فوّاراً عذباً زلالاً لذةً للشاربين. ثم تأتـي الشاعرة بشيءٍ فوق التفسير حيث تسرق برقي هاتين العينين. والبرق هو نورهما وأجمل ما فيهما. وأنا أميل الى تفسير العينين ليس عيني ماء كما في الآية وإنما عينان بشريتان التي ننظر بهما .. تسرق الشاعرة نور هاتين العينين من غيث صنديد الجوى الذي يكتب الفراق والمعاناة في الحب والجوى شدة العشق وما يورثه من ألم.

إن النور الكامن في البرق يلتقي مع قولها :” عاشقة أصيبت بالعمى ” في تضادٍ عذب، مما يؤكد أن الشاعرة أرادت العينين البشريتين اللتان تنضحان بالهوى، ويقولون الإناء ينضح بما فيه- والهوى والحب والجوى هي أهم عناصر هذه المقطوعة..

أنها لما أصيبت بالعمى ، تعنى عمى الحب ، أخذت تبحث عن عينين نضاحتين بالهوى والآن فه

ي تقدمها اليه .. الى معشوقها وحبيب عينيها.. بعد أن كابدت عناء الرحلة وسرقتهما من صنديد الجوى الأمر الذي يبدو صعباً للغاية ..

تطلق في النهاية صرخة مدويةً في الفضاء.. أحبكَ أحبكَ أحبكَ

إن الشاعرة تسير في رحلة بحثها عن العينين النضّاحتين والتقائها ومعاناتها مع صنديد الجوى وسرقتها للنور الكامن في هاتين العينين لتصب كل هذه الأقانيم في بحر الحب مطلقة صرختها العذبة مدويةً في فضاء الكلمات : أحبك.

أقول بكل صدق . إنها شاعرة مجيدة تتلاعب بالكلمات والاستعارات والصور الجديدة بمهارة بارعة. فهنيئاً لمنتدى جبران بها وللقراء أجمعين.

‫2 تعليقات

  1. أولاً: أشكر الدكتور كاسترو – جت الذي عرّفنا بهذه الشاعرة ال”المعتّقَة” (من الأصالة والدرر النادرة) وأرشدنا إليها،
    وثانيا:ً أشكر الدكتور والكاتب والناقد سامي ادريس الذي لمّع لنا هذه الماسة لنفهم قمة هذا الشعر، فلولا النقاد أمثال الدكتور سامي ادريس لما فهمنا جمال اللغة وعذوبة الشعر، وهناك حالات يبدع فيها الناقد في النقد، أكثر من الشاعر أو الكاتب نفسه، ولربما أنه لم يقصد ذلك الشرح ولكنه جميل جداً، فالشكر كل الشكر له.
    وثالثاً: الشاعرة المبدعة والتي تمتلك قدرة بارعة في انتقاء الكلمات “ولو أن معظمها غير مفهومة – على الأقل للعامة كما قال الدكتور سامي ادريس – ولكنه بالتأكيد درر ثمينة وسينكسف مع الأيام وتلميع النقادز كان بودي أن أتعرف على الشاعرة الرائعة من أي ن هي، ولكني لم أتمكن، فتحية لها أين ما كانت ومن أين ما كانت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة