"عن شجرة في القرية المهجرة"

تاريخ النشر: 27/05/12 | 22:38

“عن شجرة في القرية المهجرة”

(كلمات الى شجرات البلوط المعمرات الباسقات في جبال الروحة في قرية البطيمات المهجرة)

على قمم الروحاء..

وقد مستها قداسة آدم وحواء..

ورسل وأنبياء عظماء..

ومستها قداسة الثائرين والشهداء..

تقفين كانك قلب الأرض..

لا تلعنين قدرا..

تتمايلين بين شوق وحنين

تبكين بحزن وانين…

لا تضعين الأثرا..

تكتسين السندس..باسقة…

غضة الأفنان..شاهقة

تارة حزينة..وفرحه تاره..كانك عاشقة..

تبدلين المزاج والالون..

تلفك لوعه خانقة..

في أفيائك تنام الحكايات..

عن الصبر والصمت والموت..

عن الترحال..

والشهادة والقتال..

****

مثل تجاعيد وجه جدي..

تخطو تجاعيد جذعك الى السماء

في ثناياها المتعبة..غصة وبكاء

حفر عليه الزمن رقمه الأخير..

لحظة الأحتضار..

في منتصف أيار..

وسقط التحرير

وغطى كفن النكبة…

الأرض والقبر الكبير..

لما فلسطين إكتست..

بوشاح دمها الغزير..

****

في التفافات خيوط جذورك..

خبأ الزمن الجريح أسرار المقاتلين..

وانين الهاربين من الموت

وأحلام النازحين..

***

في دائرة ظلك..

تخبئين ذخائر التاريخ..

وحقائب حب لم ينتهي..

وحقائب حرب لن تنتهي

على الظلام والظلم والظالمين

****

تجمعين في جوف رحمك

بقايا دخان وبارود..

وشظايا قنابل تفجرت كالرعود

بين أغصانك تئن

آهات الوداع..

وأنين وجع على الحدود..

حينا سرق الوطن وضاع..

****

وفي قلب جذعك..

يعلو صدى

أبجديه عبرية مهشمة مشرذمة..

مكسرة مبعثرة

بلهجة “أوغوبية”.

وتمتمات ضابط أنكليزي..

بارد الأعصاب..

لا يسمع كانه بلا آذان…

غليظ القلب ووسخ اللسان..

فمه مليء بتشاقيع لغة الأشكناز والإسفاراد..

****

بين اوراقك الحزينة..

يتلاطم صخب مدافع الموتور…

وفرقعات تتراقص على ايقاعات وعد بلفلور..

في ظلك الرطب المدمع الحزين..

وبين ريش تناثر من وسادة

أجمع حبّات قمح الحمام…

نثرتها جدتي..قبل أن تنام

وأجمع حبات مسبحة وقلاده

بعثرتها قنبلة..

من يدي جدي لحظه العبادة

اغصانك كعريش تعيش

في ظلاله..

عصافير تداعب الحبوب والريش

صار للطيور محراب..

لما السلام بعد الخراب راح وغاب..

اوراقك الخريفية تسقط الروديدا…

فترسم شكلا للوطن…

تخبيء تحتها زغرودة ينبوع

في تدفق مائه

يعيش الحب والخشوع

يتذكر كفوف الثائرين..

يخبيء صور وجوههم ..

واسرار الحب في عيونهم …

حين عادوا من المعارك عطاش صابرين..

***

هنا..

هنا في ظلك..

اجدادي ولدوا وتوالدوا وتجددوا وجدوا ووجدوا..وجادوا..وجددوا العهود..

هنا اهلي..في افيائك..

إجتمعوا وتجمعوا وتجامعوا وتزاوجوا وتوجعوا وصلو الجمعات جماعات جماعات..

هنا جمعوا البنادق

وجهزوا البارود..

من هنا كرو وفرو..

ثم كروا ..وعادوا

وما فروا

ثم كروا..وما عادوا..

وانت..تنظرين وتنتظرين..

ايتها الشجرة الباسقة الشاهقة العاشقة,,,

انت مثلي تعلمين..

انهم عائدون ليكروا..

ولانهم كروا وما فروا..

يصير الإحتضار إنبعاث..

وإعصار وإنتصار..

ولن تذكرين بعد مثلي…

النكبة .. الكارثة ..الأحتضار..

وكل ما كان في منتصف أيار…

وستطلع شمس حرينا..

وسيطلع النهار..

سيطلع النهار..

شعر:د.زياد محاميد

اقرأ أيضا:

النكبة….“لا نسيان ولا غفران”..

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة