قصائد عبريــة للشاعرة دالية رابيكوفتش

تاريخ النشر: 17/07/14 | 8:37

أم تتمشى
تتمشى أمّ مع طفل ميت في البطن
هذا الطفل لَمّا يولد.
في أوانه سيولد الطفل الميت
الرأس أولا، ثم الظهر والعجز
وبيديه لن يلوّح
وهو لن يصرخ صرخة أولى
ولن يربتوا له على قفاه
ولن يقطروا قطرات في عينيه
ولن يقمطوه
بعد استحمامه
هو لن يكون كالطفل الحي.
وأمه لن تكون هادئة وفخورة بعد الولادة
ولن تكون قلقة أيضًا على مستقبله،
ولن تسأل نفسها كيف ستعيله
وهل لديها حليب كاف
وهل لديها ثياب كافية
وهل في الغرفة متسع لمهدٍ آخر
هذا الطفل صِدّيق جدًا،
لم يُخلق من قبل أن يُخلق.
وسيكون له قبر صغير في طرف المقبرة
ويوم ذكرى صغير
وتذكار ليس كبيرًا.
هذه هي سيرة حياة الطفل
الذي قتلوه في بطن أمه
في شهر كانون الثاني 1988
في ظروف ســياســـية أمـنية.

* * * * *
تهليـــلــة
تغني الأم والجدة الناصعتان
طرف منديل الأم
يكاد يمس الغطاء.
تغني الأم والجدة
لحنًا قديمًا ومتوهجًا
في التخوم المظلمة في جباليا
جلس هذا يمسك بذا
الأب مكسور ويبصق دم رئته
وابنه ابن الخامسة عشرة.
يلـف جسده طوفًا من حول
الجسم الممعوك – بقايا أبيه.
عاشقان
زوج حمام
سخر منهما آسروهما
**
الأم والجدة تغنيان لك أغنية
حتى تنام بلا أذى أيها الطفل اللطيف
راحيل تبكي [ابنيها] بصوت
نحيب مرير. صوت كآبة
وأنت تكبر وتصبح رجلاً
وأسى جباليا لن يُنسى
وفقر الشاطئ لن يُنسى
وقرية بيتيا وقرية حواره
وبلاطة والجلزون
لأن استغاثتهم دوّت ليالي كثيرة

* * * * *

الحكاية عن العربي الذي مات حرقًا
إذ شبّت النار في جسده، لم يحدث هذا تدريجيًا
لم يكن سابقًا تيار حراره
أو سيل جارف من دخان خانق
وإحساس في غرفة أخرى يُرغب أن يُهرب إليها
شبت النار فيه حالاً
ليس لهذا تشبيه،
قشرت ملابسه،
شبت في لحمــه
أعصاب الجلد أول ما أصيبت
الشَّعر كان طُعـــمة النيران.
صاح: يا الله! يحرقون
وهذا كل ما قدر للدفاع عن نفسه.
اللحم كان قد التهب بين أخشاب الكوخ
التي أسست اللهيب في المرحلة الأولى.
ولم تعد فيه درايــــه.
طُعمة النيـــران في اللحم
شلت الإحساس بالمستقبل
وذكريات عائلته.
ولم يعد له ارتباط بطفولته
ولم يطلب الانتقام، الفرج، أن يرى فجر اليوم القادم.
أراد فقط أن يتوقف احتراقـــــه
لكن جسمه – هو – أقات اللهيـــــب
، وكان هو مثل الموثَّـق والمربوط
وفي ذلك أيضًا ما فكّـــر
وظل يشتعل في قوة الجســــد
المصنوع من لحم ودهن وعروق
واشتعل برهــــه
وانطلقت من حلقه أصوات غير بشريـــه
لأن وظائف إنسانيـــة توقفت لديه،
باستثنـــاء الألـــم الذي تسري به الأعصاب
في تيارات كهربائيــــة إلى مركز الألم والدمـــاغ.
وهذا لم يستمر أكثر من يوم واحـــد.
وحسنًا لأن روحه فاضــت في هذا اليوم
لأنه آن له أن يستريح.
…………………………..
دالية رابيكوفتش- (1936- 2005) شاعرة عبرية عملت في سلك التعليم. لها عدد من المجموعات الشعرية.
من كتابي “مدارات” אדוות. ת”א: ספרא- 2005 עמ~ 21-25.

دالية رابيكوفتش

ترجمها: ب. فاروق مواسي

2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة