وردة الصبار
بقلم: فخري هوّاش
تاريخ النشر: 05/07/25 | 7:20
عناد الزهر في أرض الخراب
في أرضٍ لا ظلّ فيها سوى للرصاص،
ولا ظلّ للغيم إلا حين يبكي،
وقفتُ على رماد الوقت
أفتّش عن نبضٍ
لم يقتله الخبر العاجل.
كانت الريح تثرثر بلغةٍ لا أفهمها،
والصمت يلوّح لي
من بين شقوق الجدران.
هناك،
رأيتُها…
وردةً من صبّار،
تنبُتُ في عزِّ الجفاف،
وتحرسُ المكان بعينيها الخضراوين
من عبثِ النسيان.
لم تسألني من أنا،
بل سألتني عن الحرب،
عن الدم،
عن معنى أن تُزهر
في وطنٍ لا يحبّ الزهر.
سألتني وردةُ الصبّار،
التي شهدتْ، في عمرها القصير،
سبعةً وسبعين حرباً
ولا سلاماً واحداً.
كانت تنبتُ، كل مرة،
في صدعِ جدارٍ مهدّم،
تبتسمُ رغم الدخان،
كأنها لا تعرف
أن الرصاص لا يُثمر،
وأن التراب المُدمّى
لا يصلحُ لغير القبور.
قالت لي،
ببراءةٍ تجرّها من بين الركام:
هل أصبحت الحروبُ حتميّة؟
هل صار الدمُ
هو اللغة الوحيدة
التي يفهمها التاريخ؟
أجبتها،
وصوتي مثقلٌ بالخسارات:
لا يا صغيرتي،
الحرب ليست قدراً،
لكنها أسهلُ
من مواجهة الحقيقة.
الحربُ تُشعلها كلماتٌ كاذبة،
يصفق لها الواقفون على الحياد،
ويوقّعها الطغاة على مائدةٍ بلا ضمير.
أما السلام،
فهو وعدٌ هشّ،
يُكتب بالحبر اليتيم،
ويُكسر حين يُصبح العدلُ
بيتَ عنكبوت،
والحياة أقلّ من ثمنِ رصاصة.
صمتتْ لحظة،
ثم مالت برأسها الصغير،
وقالت:
إذن، لماذا أعيش؟
لماذا أزهرُ كل مرةٍ
في أرضٍ لا تحبّ الزهر؟
قلتُ لها،
وكأنّي أكلّم قلبي:
لأن الحياة، يا حبيبتي،
عنادُ الضعفاء،
ورجاءُ الذين لم يفقدوا
إيمانهم بالضوء.