آلاء النجار: مرثية الطبيبة التي اغتالوا عائلتها
بقلم: رانية مرجية
تاريخ النشر: 05/06/25 | 14:57
“أين أبنائي؟ أين محمود؟ أين سامر؟”
لم يكن سؤالًا من أمٍّ من غزة، بل كانت قنبلةً مؤجَّلة خرجت من فمها لا من الطائرات.
آلاء النجار، الطبيبة التي داوت أطفال الحيّ بيديها،
وجدت نفسها فجأةً على سرير المأساة،
تمشي على ركام بيتها… وتعدّ الشهداء.
ما الذي يمكن أن تفعله أمٌّ من غزة،
حين يتحوّل بيتها إلى مقبرة جماعية؟
مَن يُعزّي الطبيبة التي حفظت أسماء أدوية الأطفال
ونست أسماء نعوشهم؟
من يُضمّد جرحًا بحجم فُقدان الزوج،
ثم طفل،
ثم طفلين،
ثم أربعة… دفعةً واحدة؟
يا آلاء،
ما أقسى أن يُناديكِ الإسعاف لا لتُنقذي،
بل لتتعرفي على أشلاءٍ كانت أبناءك.
لم يبقَ من محمود سوى دفتره المدرسي،
ولا من سامر سوى فردة حذاء.
حتى رضيعكِ، ذاك الذي لم يكمل عامه الأول،
وجدوه ممددًا بين ألعابٍ مهشّمة…
كأنّه كان ينتظر أن تعودي لترضعيه،
لكن الحليب جفّ، والصرخة انكسرت.
لم تودّعيهم.
غادروا كأنهم ذاهبون إلى المدرسة،
لكن الصفّ كان من نار،
والمعلّمة كانت طائرة حربية،
تسأل عن أسمائهم… ثم تمحوهم.
كنتِ تقرئين في قرآنكِ،
أن الله يُبتلي من يحبّ،
لكنّ البلاء هذه المرة كان مجزرة.
أيوب على الأقل بقي له شيء،
أما أنتِ، فقد بقي لكِ سؤال:
“كيف يعيش المرء بعد أن يُقتل مرتين؟”
يا آلاء،
حين مشيتِ بين الركام بالحجاب الأبيض،
شعرنا أن مريم العذراء تمشي في غزة،
وأن سكينة بنت الحسين تبكي في بيت حانون،
وأن الأرض لم تعد مدينة،
بل أمًّا من غزة فقدت كلّ أبنائها
وبقيت شاهدةً على جريمة لم يهتزّ لها ضمير.
سلامٌ عليكِ،
يا من ضمّدتِ آلاف الأجساد،
وعجزتِ عن لملمة جرحكِ الواحد.
سلامٌ عليكِ،
يا من وقفتِ بثوبك الأبيض المدمّى،
تسألين السماء:
“هل من بقية حياة بعد هذه الإبادة؟”
نمّي يا آلاء،
نمّي فينا، وفي صلاة العشاء، وفي رائحة الخبز،
كوني نشيدًا لا يُنسى،
فأنتِ لم تكوني أمًّا فقط،
كنتِ وطنًا كاملاً،
ووطنكِ… قُصف