سمفونيّة من المعلّقات السَّبع
يوسف جمّال - عرعرة
تاريخ النشر: 05/07/23 | 6:13 في كلِّ يوم
يدخل من نافذتي
غناء النورس
الآتي من بحر الظلمات
يتقن العزف على
أوتار النايات
عتيق مثل عتقي
غريب مثل غربتي
عائد مثل عودتي
من صدى روحي القديم
جاء من موانئ
بعيدة الشطآن
سحيقة القيعان
************
لم يكن لي بدايات
ولا أسير نحو نهايات
ولا أبعاد أو جهات
أخطو على رمال الشاطئ
لا أترك أثراً لخطايّ
أصرخ على مدى الفضا
ولا أسمع صدى لصدايّ
يضربني موج البحر
فلا يترك روحاً هنا عدايّ
ولا حياة سوى سواي
**********
قيامتي مكتوبة على أوراق توتة
من صيدا
نعفتها رياح الخريف
في مهبِّ الريح
تحوّلت من شرنقة
الى خيمة من حرير
أيتها الغربة :
لماذا ترقصين على نغمات ناياتي
لماذا تغنّين على تراتيل آياتي
لماذا تُنبتيِن زنبقة على ترباتي
************
مشيتُ في فجّاج الصعاليك
فقشعتني زرقاء اليمامة
فرجعتُ ..
وهِمتُ في مجاهل الزمن الحافي
عارياً في أعماق الفلاة
صعلوكاً في تيه الفيافي
سرقتُ عنزةً من الرعاة
ووزعتها على المشردين
والمشرَّدات
وبتُّ على الطوّى عاصبُ البطن
اطلب الممات
وعندما استيقظت
وجدت نفسي أعزف
على أوتار ناياتي
وأنشد غربة أغنياتي
*****
وضعوني على خازوق
في ساحة الصِّديق
وضربوني بالمنجنيق
فصاحت أسماء :
أما آن لهذا الفارس أن يترَجَّل
أما آن له القيام
ليطير مع أسراب الحمام
أما له من إمام
يسمع منه كلام
أليس له من مقام
يصلّي به للسلام
فسكتوا لحظة ..
شربوا الخمرة ثمَّ هتفوا :
لينتظر ..
الى أن يظهر الإمام
الى أن يظهر الإمام
**********
جدتي لاجئة قدسيَّة تتجوّل في
شعاب مكة
تشرب من ميّة زمزم
تطوف في عزِّ محرَّم
مرّ بها أبو سفيان
فاستلَّ سيفه وصاح :
من بلغ به الكفر
وشرب من حِمايَّ
وأكل مما ملكت يدايّ
من علّق روحه على جريد نخلتي
من أخفى أثر خفيّ ناقتي
فقسم الريح بسيفه
وأعطى نصفاً لفقراء مكة
والنصف الثاني لجدَّتي
**********
نمتُ مع عمر تحت النخل
نام بعد ان أنصف وعدل
مرت بنا قوافل من خراسان
فصاح حاديها وهو يدُّق الطبل
ألا تخافون من عودة أبي جهل
فردَّت جدَّتي القدسية
قد يموت الموت غريباً
تحت الشجر
وقد يموت لحن نايٍّ
بعد أن قُطع الوتر
وقد يموت المغترب
وليس في كنانته
جواز سفر
يموت لا ظلاً فوق رأسه
يحميه
ولا خيمة تأويه
ولكن روحه ستبقى راضية
*********
وتحكي جدتي القدسيَّة
أموت في كلِّ يوم مرتان
مرة عندما تهبُ سوافٍ من عُمان
وتملأ عيناي بالتراب
وتتحوّل دنيايَّ الى سراب
ومرة عندما تلبس واشنطن الحجاب
وتصلّي مع هُبل في المحراب
وترقص في نجران
على مواويل الرّاب في رغدان
والفالس في عجمان
ويتحوّل دولارها الى زنى
ومواخيرها الى مرتعاً للراقصين
مع القيان
وناطحات سحابها
معبداً لزبانية النار
المشتعلة تحت قدور الشيطان
*********
مرت هند من هناك
وصلت الى أُحد
رأتهم يشوون لحم قيامتي
على النار
فصاحت :
من سيربط لي قيده
ويطعمني من كبده
فتنادوا ..
فأكلتْ من لحمي
وتوضأتْ بدمي
وصلّتْ وطافت
حول الجبل
وكتبت سمفونية موتي وعلَّقتها
مع أخواتها المعَّلقات
****************
موتي ..
تحوَّل الى سمفونية
كتبها موتسرت على
نار أبي لهب
وامرأته تعزف الجاز
على الحطب
وصاحوا بيَّ :
خذ نايك واعزف
فقلت : لست بقارئ
ولا أجيد العزف على أوتار موتي
ولا أتقن الرقص على هدم بيتي
و لا يُخنق صوتي
بحبال آهاتي
*****************
أنا هنا في بلاد القفقاز
أبحث عن فتافيت لقيامتي
وكأس من زيت الحجاز
لأنير ظلمات عتماتي
وأبحث عن تمراتي
في حفلات الجاز
هارباً من قنابل الغاز
وأشرب لهاث آهاتي
***********
أنا نائم في رحم أمي
أنتظر الميعاد
لأنبعث مع نفير
صعيد عرفة
كنت أصلّي في منى
فمرّ بيَّ أبو جهل
فصاح من هذا !؟
قيل رجل من أهل الرباط
فصرخ بهم :
إئتوني به
فربطني بالرباط
وبعدها صاح :
إئتوني بالسيّاط
فرماني على البلاط
وكلَّما تقطَّع واحد منها
صاح مقهقهاً :
أهلاً بكم يا أهل الرباط ! .. أهلاً بكم يا
أهل الرباط ! .
***************