اللّجون تنتظركم ..

يوسف جمّال – عرعرة

تاريخ النشر: 26/04/23 | 13:36

سيرّوا إليها يا ولدي ..
اللجون جريحة
رابضة على جراحها
تنزف دمها الأحمر
لتروي ترابها الأسمر
وتنتظركم لينبت زرعها
وتعود الى تاريخها الأخضر
***********
سيرّوا إليها ..
اللّجون عروس ..
حنّاها ما زال على يديها
وطرحتها تظلِّل القهر
في عينيها
حبيبها قادم إليّها
راكباً ظهور القدر
يحمل في يد باقة زهر
وفي الأخرى حجر
**********
سيرّوا إليها ..
وأصغِّوا الى صوتها يصرخ ..
هنا كانوا
هنا عاشوا
هنا زرعوا الشجر وقطفوا الُثمر
هنا فرشوا الحُصُر
وهنا غنّوا الموال والشِّعر
*************
سيرّوا إليها ..
وانصتوا الى قبورها تصرخ ..
من هنا أُقتِلعوا
من هنا طُردوا
من هنا شُرّدوا
ومن هنا أقتيدوا الى ما وراء النهر
تحت الشمس في عزّ الظهر
************
سيروا إليها ..
تنتظركم
هناك ..
آثار حجارة بيوتها
حكاية شواهد قبورها
وإطلال أزمان عزِّتها
وأصداء أغاني زفَّتها
************
سيروا الى إليها ..
تنفسّوا عبق دلال زهرتها
صلِّوا تحت ظلّالِ شجرتها
إشربوا من زلال نبعتها
وتوحَّدوا مع جلال هيبتها
*************
سيروا إليها ..
وجدّدوا وميض ذاكرة لمعاتها
فهي تتشظّى مع مرور سنواتها
انفخوا من أنفاسكم في جمراتها
فشهيقكم يحيّي لمعان ناراتها
ويوصل حبل حياتكم بحياتها
***********
سيروا إليها .
فما زالت ..
تحتضن ظلام شمستها
وتحصّي أيام غربتها
تبكي على نكبة نكبتها
وتنتظر عودة عودتها
********
سيروا إليها ..
صافحوا أرضها بأقدامكم
لامسوا حجارها براحاتكم
اغترفوا روحها بأعينكم
تنفسوها ..
بشبق شهقاتكم
وبحرارة زفراتكم
لا تتركوها يا ولدي
أوراق خريف
تتطاير من نزيف الى نزيف
************
سيرّوا اليها ..
وأحفروا عن جذورها
المتجذِّرة في أعماق الزمان
وعرّضوها للشمس
لتحيا ويزهر فيها زهر الرمان
ويتجدّد فيها خضرة الأقحوان
*******
سيروا إليها ..
خذوها إليكم ووحِّدوا روحها
مع أرواحكم
و خفقات دقات قلبها
مع دقات قلوبكم
و أحلام رجوعها
مع صدى أحلامكم
****************
سيروا اليها ..
واحملوها على أكتافكم
لتأكل من صليب ظهوركم
خذوها معكم إليها ومعها إليكم
دعوها تذوب مع لمع فكركم
وتسمو مع رؤيا حلمكم
*************
سيرّوا إليها ..
ولا تحوّلوها الى ذكرى
فالذكرى يا ولدي
تتآكل مع نهشات الأيام
وتذوب مع سيلان الغمام
وتنام في مهاجع الأحلام
وتتوه بين أنقاض الركام
**********
سيروا إليها ..
إننا هنا قاعدون ..
ننتظركم
بعد أن عبرنا ..
معابر الصبر ومعاناة القهر
نرتاح تحت ظلال الشجر
إنها استراحة المقاتل
بعد أن تعرَّض دمنا للهدر
وأجبرونا على الموت أو الهجر
تعالوا واكملوا من بعدنا الرواية
وابنوا أمجادها
حجر .. حجر
وسطّروا تاريخها :
على ألواح الدَّهر
سطر .. سطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة