زلزال تركيا والشام

شعر: محمود مرعي

تاريخ النشر: 12/02/23 | 19:21

“زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزالَها ”

بَياتًا أَتى الأَمْرُ، أَوْحى لَها.. فَـ “زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزالَها”

كَأَنَّ القِيامَةَ قامَتْ هُنا.. “وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقالَها”

فَكُلُّ الشَّواهِدِ ناطِقَةُ.. فَالَارْضُ تَحَدِّثُ ما نالَها

وَخَرَّتْ سُقوفٌ وَأَبْنِيَةٌ.. وَضَجَّ سُؤالُ الوَرى ما لها؟

وَصُبْحٌ تَنَفَّسَ عَنْ مَنْظَرٍ.. فَريدٍ بِذي الأَرْضِ قَدْ غالَها

تَرى الرُّعْبَ مُقْتَحِمًا غاشِمًا.. كَمُقْتَصِّ، مِنْها، دَمٍ وا لَها

تَعَرْبَشَ كَالطَّرْفِ فَوْقَ الوُجوهِ .. فَتَعْقِلُ مِنْ طَرْفِهِ حالَها

وَأَقْصى عَنِ الأَرْضِ الَامْنَ فَلا.. تَرى الأَمْنَ يَأْمَنُ أَهْوالَها

رُكامٌ وَأَنْقاضُ مِنْ تَحْتِها.. أُلوفٌ غَدا الـمَوْتُ أَرْجى لَها

وَأُوصِدَ بابٌ لِـمَنْجاتِها.. وَبابُ الـمَنِيَّةِ أَدْنى لَها

وَصَوْتٌ يُجَلْجِلُ ثَمَّ: أَغيثوا..يَرُدُّ صَداهُ: وَأَنَّى لَها؟

وَكَهْلٌ يُسائِلُ عَنْ أَهْلِهِ.. وَأُمٌّ جَنى الـمَوْتِ قَدْ هالَها

لِهَوْلِ الـمَناظِرِ قَدْ ذَهِلَتْ.. عَنِ الرَّدْمِ أَلْحَدَ أَطْفالَها

أُلوفُ العَوائِلِ في الشُّهداءِ.. أُلوفٌ بَكى القَطْعُ أَوْصالَها

مَلايينُ أَضْحَتْ بِغَيْرِ بُيوتٍ.. بِغَيْرِ غِطاءٍ، وَمَنْ عالَها

تَهيمُ عَلى الوَجْهِ في حَسْرَةٍ.. وَتَحْتَ الرُّكامِ لَها ما لَها

وَلِلْبَرْدِ أَنْيابُ تَنْهَشُ مَنْ.. نَبا الـمَوْتُ عَنْها وَأَقْصى لَها

وَالَارْضُ فِراشٌ لِأَفْواجِها.. تَغَطَّتْ سَماها وَأَسْمالَها

وَسيما الرَّدى في مَلامِحِها.. تَقولُ السَّما اليَوْمَ أَسْمى لَها

وَطاشَتْ عُقولٌ وَعَزَّ نَصيرٌ.. وَرَبُّكَ قَدَّرَ ما شا لَها

وَناجِيَةٍ فَقَدَتْ شالَها.. تَصيحُ وَتَسْأَلُهُمْ شالَها

يُزيحونَ رَدْمًا بِأَظْفارِهِمْ.. وَيَطْوي التَّراكُمُ آجالَها

وَأَنْقاضُ تَكْشِفُ ضَعْفَ الوَرى.. وَتُخْزي عَلى الشَّامِ قَتَّالَها

قَضى تَحْتَها صابِرًا مَنْ قَضى.. وَمَنْ عاشَ سُرْبِلَ سِرْبالَها

أَطَلَّ صَباحٌ بِأَهْوالِهِ.. وَرَدَّدَتِ الأَرْضُ أَقْوالَها

وَصُمَّتْ عَنِ السَّمْعِ حُكَّامُنا.. وَلَوْ سَمِعَتْ كانَ أَقْوى لَها

تَناسوا الشَّآمَ وَكَمْ أَسْلَفَتْ.. تَناسوا الشَّآمَ وَأَفْعالَها

أَعانَتْ كَلامًا وَفِعْلَا وَهُمْ.. مَشَوْا في الـمُلِمَّاتِ أَفْعى لَها

وَكانَتْ لَهُمْ في الهَوانِ يَدًا.. وَعادوا عَلَيْها يَدًا لا لَها

أَعانوا عَلَيْها طُغاةً بِها.. وَزادوا بُكاها وَإِعْلالَها

فَسارَتْ لِحَتْفٍ إِلى جَنَّةٍ.. وَجَنَّةُ رَبِّكَ أَعْلى لَها

وَطاغٍ يُراوِدها عِفَّةً.. وَعَيْشَ الـمَذَلَّةِ أَمْلى لَها

فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ حَضارَتَها.. وَوِرْدَ الـمَنِيَّةِ إِمْلالَها

صَباحٌ حَزينٌ عَلى شامِنا.. نَعى أُمَّةً ضَيَّعَتْ حالَها

فَضاعَتْ سَبِيَّةَ دولارِهِمْ.. وَحالَتْ إِماءً فَأَوْلى لَها

جَوارٍ لَدَيْها عِدادَ الرِّمالِ.. وَتَجْهَلُ مِنْ مالِها ما لَها؟

تَزيدُ افْتِقارًا بِمَلْءِ الجُيوبِ.. وَما مَلَكَتْ ثَمَّ أَمْوالَها

خِيارُ البِلادِ بِغَيْرِ بِلادٍ.. وَشَرُّ العِبادِ بِها اغْتالَها

وَلَوْلا بَقِيَّةُ خَيْرٍ لَكانَتْ.. حَكايا الـمُؤَرِّخُ قَدْ قالَها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة