نصر الله يعترف بالتوقيع ويتنصل من التطبيع

كتب: احمد حازم

تاريخ النشر: 30/10/22 | 12:03

كل انسان له مواقفه المقتنع بها اجتماعيا وسياسيا، والمعلقون والمحللون السياسيون ينطبق عليهم أيضاً هذا القول أكثر من غيرهم، كونهم يتعاملون يومياً مع الأحداث ويقومون بتحليلها، خصوصاً إذا كانت عربية عالمية. وأقصد بعربية عالمية الحدث العربي برعاية دولية، كما جرى مؤخراً باتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان. فهل كانت عملية الترسيم اتفاقا أم صفقة؟ توقيعا أم تطبيعاً؟ أم الإثنتين معاً؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد صرح بأن لبنان اعترف بإسرائيل من خلال قبوله بالاتفاق على ترسيم حدوده البحرية مع الدولة العبرية بوساطة أميركية. الاتفاق بنظر لابيد “هو إنجاز سياسي، وليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره”. حسب قوله.

ما قاله لابيد يعني أن الاتفاق هو اعتراف ضمني بإسرائيل وسيادتها على الأراضي التي احتلتها. حسن نصرالله له رأي آخر، وهو أن التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ليس تطبيعاً وهو بعيد كليا عن ذلك. مما يعني انه يفصل بين التوقيع والتطبيع ، لكنه اعتبر الاتفاق “انتصارا للبنان”.
من ناحية عملية حزب الله صاحب القرار الأول والنهائي في رسم سياسة لبنان الخارجية، ولا يستطيع لبنان ولا بأي شكل من الأشكال إبرام أي اتفاقية دولية حساسة دون ضوء أخضر من نصر الله . وحسب رأي الخبراء فإن الاتفاق سيوفر لحزب الله عائدات مالية هامة.
إسرائيل وحسب الاتفاق تسيطر كليا على حقل كاريش وبإمكانها البدء فوراً باستخراج الغاز، بينما حقل قانا الواقع تحت السيطرة اللبنانية، فإن لبنان يحتاج على الأقل ست سنوات للإستفادة من الغاز الموجود فيه، وأن إسرائيل ستشارك لبنان في جزء من عائدات غاز قانا. فإي انتصار هذا الذي يتحدث عنه نصر الله؟

ما جرى في الحقيقة ليس ترسيماً وإنما صفقة بين أطراف ثلاثة، لأن الترسيم البحري من ناحية رسمية وقانونية، يجري وفق معايير قانون البحار الدولي أمام محكمة العدل الدولية، لكن ما جرى قد تم بإشراف أمريكي وليس دولي.

إسرائيل هي الرابح الأكبر من هذه الصفقة، هكذا يرى محللون سياسيون لبنانيون. لماذا؟ لأن إسرائيل استفادت منها اقتصاديًا بحصولها على مساحة أوسع بعد تنازل لبنان عن الخط 29، وحصولها على جزء من غاز الحقل اللبناني قانا، كما ضمنت إسرائيل الاستقرار والازدهار الاقتصاديّ، واستراحت من أي مواجهة أمنية مستقبلاً مع حزب الله بفضل اتفاق ترسيم الحدود.
موقف حزب الله من إسرائيل يختلف عن موقفه من الاتفاق. في أدبيات حزب الله فإن اسم إسرائيل غير موجود بل يستخدم الحزب اسم “فلسطين المحتلة”. لكن توقيع ترسيم الحدود البحرية تم رسمياٍ بين دولتين الأولى اسمها لبنان والثانية إسرائيل وليس فلسطين المحتلة. أليس هذا تناقضاً في موقف حزب الله. أليس التوقيع يا سيد نصر الله على اتفاق يحمل اسم إسرائيل هو اعتراف بها؟ فلماذا الاستهتار إذاً بالمواطن العربي وبالتحديد بالمواطن اللبناني؟ والأنكى من ذلك أن الاتفاق هو بنظر نصر الله “انتصار كبير كبير كبير” حسب قوله. بالفعل شر البلية ما يضحك.
وأخيراً…
“التجمع” يرفض المشاركة في حكومة احتلال، لكنه يسعى الآن بكل قوة للمشاركة في كنيست احتلال. غريب أمر هذا “التجمع” الوطني(؟!).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة