شاعر القوافي أمين زيد الكيلاني وقصيدته ” شقيرتي”

تاريخ النشر: 18/11/18 | 7:06

الصديق أمين زيد الكيلاني المقيم في قرية عارة، من الأصوات الشعرية الناضجة الواعية المبدعة الجميلة والمضيئة في حركة الابداع الشعري الفلسطيني في هذه البلاد.
إنه شاعر عروضي شفاف موهوب وبارع من الزمن الجميل. عرفته منذ سبعينات القرن الماضي من خلال نصوصه الشعرية التي نشرها آنذاك، ولمست فيه روحًا شاعرية وموهبة حقيقية ملهمة، والمام بعلم العروض وأصول الشعر العمودي. تابعت مسيرته ومراحل نموه وتطوره الفني والابداعي النوعي لحين اشتد عوده وأثبت حضوره في الساحة الثقافية والميدان الأدبي ، لكن للأسف لم ياخذ حقه من الاهتمام النقدي والشهرة الواسعة كغيره من أبناء جيله، ذلك أنه يكتب حبًا في الكتابة، ولا يبحث عن متعة الشهرة، ولهذا بقي في دائرة الظل.
حروفه نابضة وكلماته راقية وألحانه مموسقة عذبة، يرسم قصيدته بدم وعصارة قلبه وروحه، فتأتي كاللوحة الفنية، ومن حسنها يسجد الزمان ويركع- على حد قوله.
امين زيد الكيلاني شاعر وطني اسلامي، ينبض بزخم من الاحساس الشاعري ويتسم بثقافته الاسلامية، بالعمق والوعي وسعة الاطلاع، يحمل قضايا شعبه وأمته العربية الاسلامية، وينظم الأشعار في هذه القضايا، وفي جميع الألوان والموضوعات، فكتب في الوطن والوصف والغزل والرثاء والمناسبات الاجتماعية، وأبدع في جميعها وأجاد.
شعره وجداني وصوفي، وقصائده فيها نضارة وزهو وحسن وجمال وأناقة، وفيها رقة وعذوبة وألحان موسيقية شجية تنعش الوجدان.
أمين زيد الكيلاني لا يعرض قصائده ولا ينشرها إلا بعد أن يسبغها تهذيبًا وتنقيحًا، فتخرج بلغة سليمة وتراكيب متينة، وأسلوب سلس رقيق وسهل ممتنع.
وهو شاعر متمكن من لغته الشعرية، ذو لسان صادق، وحس مرهف، وعاطفة جياشة متدفقة كالسيل العارم، فلا يتكلف في كتابته بل يتفاعل مع الحدث ، وتنطلق روحه ولسانه، وتنسكب كلماته عفوية صادقة من اعماق قلبه. ونجد قصائده مرآة أمينة لشخصيته، وسجلًا واعيًا لأحاسيسه ومشاعره ونبضاته وخلجات صدره، ويغلب عليها طابع السهولة والوضوح والعمق والشفافية الشعرية.
ومن قصائده الجميلة التي جذبتني وراقت لي قصيدته ” شقيرتي “، التي يصور فيها مشاعره أصدق تعبير تجاه عقيلته وشريكة حياته ” أم أسعد “، فهي رحيق الورد وأريج الزهر وعطر المودة التي جعلت منه شاعرًا بارعًا، فها هو يناجيها ويخاطبها بمناسبة مرور ثلاثة عقود على زواجهما ، قائلًا:
أطوف وأسعى وآلدموع هطول
ودمعة شوقي في آلحطيم تسيل
أشقرة إسعي وآشربي من بنهلة
لنا، وبروضات آلجنان خليل
شقيرة مهلا، في دموعك قصتي
محبتنا من مقلتيك دليل
وقصة حبي قد سمعت بشقيرتي
ومثل لماها لم أجد، فقليل
أسيدتي، في العشق سر وسره
عميق، وجسمي من هواك نحيل
شقيرة، ما بي علة أو سفاهة
سوى أنني من حبكم لعليل
سبكتك درا في قصيدتنا كما
سلاسل عقد آلدر بحر طويل
جمالك في آلدنيا فأجمل صورة
وسورتها في ذا آلكتاب وصول
وترتيلها حين آلتلاوة شاهد
على صالحات آلخير وهي سبيل
وذات رزان في آلحديث وطالما
أقر لها أهل آلنهى وعدول
وقد فل جيش آلنائبات بصبرها
وجيش خميس آلدهر ذاك فلول
حججت، وحج آلبيت مطهرة لنا
ونور إذا آلأنوار هن أفول
كشمس الضحى دون آلنجوم توهجت
ونورك بآلأسحار سحر جميل
فقالت لها دقات قلبي محبة
وأما أنا حيث الحبيب نزيل
وهزي بقنوان وأخرى بنخلة
سعدت لأني للتمور نخيل
وقمت أناجي للشراب مدامة
فلا سكر فيها، وآلشراب نهيل
فجل مرامي للسعادة مطلب
فأنت سعادي أولا وعقيل
وأنت رحيق آلورد، أنت مودتي
وأنت أريج الزهر حيث أميل
عصافير دوحي بآلشروق فغردت
وأزهار روضي بآلمساء مثول
فتلك عيون آلصب لغز لحاظها
برمي سهام آلعشق، وهو قتيل
وقد جعلتني شاعرا بارعا كما
جرير على أقرانه فيطول
هذه القصيدة في غاية الروعة، فيها بوح شفاف واعتراف صريح بأفضال زوجته، وفيها الدفء الانساني وحرارة الصدق، وكل معاني الحب والوفاء، وتمتاز بالتنوع في موسيقاها الخارجية، بإقامة التجانس النغمي بين ألفاظها وتراكيبها الشعرية مما أتاح لموسيقاها الداخلية الانسياب بعذوبة ورقة وشفافية اضفت على التركيب الجمالي للقصيدة مزيدًا من التناغم والانسجام.
أمين زيد الكيلاني يمتلك أسلوبًا شعريًا أنيقًا، ولغة سلسة طيعة وجذابة يقدمها لنا على طبق شهي وامضة كبرقع شفاف يزيد الجمال سحرًا وفتنة، وقصائده عامرة بالصور الشعريةك البديعة والأوصاف الخلابة والمشاهد المدهشة والعبارات التي تغري المتلقي وتجعله أسيرًا في رحاب الكلمات.
تحية من القلب لصديقنا الشاعر أمين زيد الكيلاني، وتمنياتنا له بمواصلة المشوار ودوام الكتابة الشعرية الجميلة المتميزة، وبانتظار مجمعًا شعريًا له، وكل الود والمحبة والتقدير له انسانًا ومبدعًا.
بقلم: شاكر فريد حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة