يصح أن نقول :عضوة إنسانة

تاريخ النشر: 17/04/17 | 6:54

هناك من خطّأ كلمة (عضوة) مؤنث (عضو)، وسأقتبس ما يقوله الأمير آل نصر الدين من كتابه اللغوي (دقائق العربية)- ص 170:
“من الخطأ المضحك أن بعض كتاب هذه الأيام كتبوا في الجرائد عندما أعطِيت المرأة حق الرجل في الانتخاب- انتُخِبت فلانة عضوة […] فهل نسُوا أو تناسَوا أن العضو لا مؤنث له، فالعين في اللغة يقال لها عضو البصر وهي مؤنثة، ولا يقال عضوة البصر”.
لنعدْ بدءًا إلى أصل كلمة (عُِضو) فهي تعني في المعاجم القديمة:
كل عظم وافر من الجسم بلحمه، وفي (لسان العرب) مثلاً: الواحد من أعضاء الشاة وغيرها.
إذن فالكلمة انتقلت دلالتها على سبيل المجاز اللغوي، ومنها جمعناالجمع: أعضاء، واشتققنا “العضوية”.

كلمة (عُِضْو) هي في الأصل مرادفة لكلمة (شِلْـو)- بمعنى قطعة اللحم فجاءت في الحديث الشريف بمعنى قطعة من جهنم، حيث وردت بالتأنيث:
“قال الرسول لأُبيّ بن كَعب: تقلّدها شِلوة من جهنم….”
فالشِلْوة هي مؤنث الشلْو- وهو العضو، وقد علّق الشريف الرضيّ (في كتابه- المجازات النبوية-على ذلك بقوله: “إنما قال شلوة، ولم يقل شلوًا، لأنه حمل على معنى القوس وهي مؤنثة”.

الاقتباس من ( محمد العدناني: معجم الأخطاء الشائعة، ص 172، تتمة الحديث تجدها في مسند الطُّفَيل بن عمرو الدَّوسي، رقم 4199).
هكذا رأينا (المعجم الوسيط) يكتب: هو أو هي عضو،
وهي عضوة،
وهذا بالطبع بعد قرار من مجمع اللغة العربية في هذه المسألة.
في رأيي كما حُملت (الشلوة) على القوس فـ (العضوة) حُملت على المرأة.

هي إنسان أو إنسانة:
يقول الفَيّومي صاحب (المصباح المنير): “الإنسان يقع على الذكر والأنثى والواحد والجمع.”
يقول الجوهري في (الصِّحاح): “ويقال للمرأة أيضًا إنسان، ولا يقال إنسانة”.
الفيروز آبادي في (القاموس المحيط”: “والمرأة إنسان، وبالهاء عامية”.
وعباس أبو السعود في (أزاهير الفصحى، ص 74) يرى أن (إنسانة) عامية، وأن كلمة (إنسان) اسم جنس يقع على الذكر والأنثى، وتستعمل للجمع بدليل قوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}- التين، 4.
يرى الزَّبيدي في (تاج العروس) أن كلمة (إنسانة) صحيحة و يورد آراء بعض العلماء ممن أجازوها، ويضيف:
” فلا يقال إنها عامية بعد تصريح هؤلاء الأئمة بورودها وإن قال بعضهم: إنها قليلة فالقلة عند بعض لا تقتضي إنكارها وأنها عامية”.
ثم أورد قول الشاعر:
إنسانةُ الحيّ أم أُدْمانة السَّـمُرِ *** بالنهي رقّصها لحنٌ من الوتر
(هذا البيت منسوب لأكثر من شاعر، انظر البغدادي: خزانة الأدب، ج1، ص 97.)

ثم إن الصفدي في شرح لامية العجم ذكر أن ابن المستكفي اجتمع بالمتنبي في مصر، وروى عنه:
لاعبتُ بالخاتمِ إنسانةً *** كمثل بدرٍ في الدجى الناجمِ
(انظر: تاج العروس، مادة إنس)
..

نُسب إلى الثعالبي قوله:
إنسانة فتّانة *** بدر الدجى منها خجلْ
يقول ابن سكّرة:
في وجه إنسانةٍ كلفتُ بها *** أربعة ما اجتمعن في أحد
وفي (لسان العرب- مادة إنس) يستشهد بقول شاعر:
تَمري بإنسانها إنسانَ مقلتها *** إنسانةٌ في سواد الليل عُطبول
(العطبول: الجميلة طويلة العنق)
يقول ابن خالويهِ:
“وربّما أَثبتُوا الهاء تَأكيدًا لِرفعِ اللَّبْسِ فقالوا: كلَّمَ إنسانٌ إنسانة، قال الشّاعر أبو عليّ الرّذوريّ:
إِنْسَانَةٌ تَسْقِيكَ مِنْ إِنْسَانِهَا *** خَمْرًا حَلاَلاً مُقْلَتَاهَا عِنَبُه

انظر: إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم (ص175) سورة العصر.
فائدتان:
*سمي الإنسان بهذا الاسم لأنه عُهد إليه فنسي (عن ابن عباس – انظر مادة “إنس” في لسان العرب).
* تصغير إنسان= أُنَـيْـسِـيان.
أخلص إلى القول:
يصح أن نقول:
إن فلانة عضوة البلدية هي إنسانة طيبة ونشيطة.
وهذا القول معقول أكثر من قولنا … فلانة عضو البلدية ، إنسان طيبة.
على ذكر حذف هاء التأنيث أسأل كتابنا ومثقفينا المصريين:
لماذ تقولون فلانة مدير، وفلانة وزير، وفلانة سكرتير، وفلانة مندوب، وهكذا مع سائر الوظائف والمهامّ؟
جربوا أن تضيفوا هاء التأنيث فستجدون اللفظة أجمل:
عميدة، أمينة سر، رئيسة، أستاذة، دكتورة، مؤلفة…

ب.فاروق مواسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة