عبد الستار عادل يحاور د.نزار الحرباوي

تاريخ النشر: 06/07/15 | 14:04

قد تصادف في مسيرتك في الحياة أناساً تسعد بلقياهم، ولكنك بدون ريب قد قابلت أناساً أثروا فيك بالهمّة والحيوية، وشكلوا في ذهنك نموذجاً من نماذج التميز والإرادة، وربما كان حوارنا اليوم مع المستشار الإعلامي، ونجم القناة التركية العربية الدكتور نزار الحرباوي دليلاً على وجود إشراقات شبابية ناضجة يمكن لها أن تكون رافعة للوعي الشبابي في عالمنا العربي.
المستشار الحرباوي، الذي يعمل أكاديمياً في العديد من الجامعات التركية، ومستشاراً إعلامي في شبكة تنمية الشرق الأوسط، يمثل اليوم رقماً حقيقياً في معادلة الإعلام العالمي، من خلال مجموعة البرامج التي يعدها ويقدمها في عدد من القنوات الإعلامية التركية والعربية، فهو حاصل على شهادتي دكتوراة، الأولى في مجال الإعلام، والثانية في مجال العلوم السياسية، إضافة إلى كونه شاعراً وأديباً ومؤلفاً لعشرات الكتب والمقالات العلمية.
ولكم كنت سعيداً بزيارتي لإسطنبول التي تزنيت بالمستشار الحرباوي وأمثاله، حيث التقيته وحاورته حول عدد من الملفات، واستهليت الحوار بسؤاله عن نظرته لواقع الإعلام العربي المعاصر في ظل التحديات الموجودة، فكان رده:
” بعد شكري الجزيل لك على هذه الزيارة، وإجابة على سؤالك، فإن واقعنا الإعلامي العربي اليوم يشهد تمايزاً واصطفافاً بات يأخذ شكلاً ممنهجاً في المدارس الإعلامية العصرية، فريق إعلامي يتوزع على مؤسسات إعلامية معلومة التوجه، يحاول من خلال وجوده فيها أن يبرهن لمسؤوليها أنه وفيّ للمؤسسة على حساب القيم الإعلامية الراسخة، فتجاوز المهنية، وتناسى المصداقية، وغاصت ركابه في وحل ممالأة إدارات القنوات والمؤسسات الإعلامية تحت أكثر من تبرير، وفريق آخر، أخذ على عاتقه أن يؤدي المسؤولية على عاتقه من خلال ما يتاح له من وسائل إعلام، غالبيتها اليوم تصطبغ بالإعلام الجديد في ظل ارتهان الإعلام الرسمي لتوجهات الحكومات والتيارات السياسية التي تميل لهذا الطرف أو الآخر، واضعين نصب أعينهم الأمانة الملقاة على كاهلهم في نقل الحقيقة، وبيان المواقف، وتقديم التحليلات العقلانية التي من شأنها أن ترقى بالفكر الجمعي، كما تهتم بصناعة الهوية المعرفية للفرد والمجموع”.

ما رأيكم في مجال تأثير الاتحادات والنقابات الإعلامية على مسار الحدث الإعلامي؟
” الدور المنوط بهذه الاتحادات والمجاميع المؤسسية هو تنمية مهارات المنضوين تحتها، وتعزيز الوحدة المعرفية لأعضائها، وحماية حقوقهم، والدفاع عن حرية الصحافة، وحقوق الصحفيين، وهي مسؤولية تتطلب إعداد وثيقة رؤية جماعية تصاغ من النخب الإعلامية الواعية لضبط بوصلة العمل، وللرقي بالقطاع العملي التخصصي نحو مسارات واتجاهات أخرى، ولغاية اليوم، لم نشهد أداء نوعياً لأي اتحاد إعلامي عربي يمكن له أن يشكل أنموذجا في صناعة مدرسة نهضوية في مجال تخصصه “.

ما هي سمات الإعلامي الناجح بوجهة نظرك؟
” النجاح أمر نسبي بكل تأكيد، ولكن النجاح الإعلامي مصدره التصاق الإعلامي بهموم الناس ومعاناتهم وتعبيره عن رؤاهم وتوجهاتهم، وليس فقط أن يقدم فقراته أو برامجه الإعلامية منسلخا عن واقع الشعب الذي يعيش بينه، أو الجمهور الذي يتابعه، فالإعلام العصري عالم تفاعلي، بالمشاعر والأحاسيس، وبالصياغة والأداء، وبالتوجه والاطروحات “.

دكتور نزار، نحن نعلم أن لديك العديد من البرامج الإعلامية والمقالات ومواقع التواصل الإعلامية التي عملت بها سابقا، ولكن، ماذا أضافت لك التجربة الإعلامية في تركيا؟
” تركيا دولة متجددة، فيها الكثير من مجالات التأثير في الإنسان، فمناخ الحرية الإعلامية الموجود هنا، وطبيعة العمل في المؤسسات الإعلامية له رونق آخر، فبإمكان الإنسان أن يصوغ منهجه الإعلامي هنا بكل أريحية.

في برنامج الألوان السبعة على سبيل المثال، استطعت مع فريق العمل المنوع الموجود في المؤسسة من الأتراك والعرب أن نحدد بوصلتنا تجاه ما يهم الواقع العربي التركي المشترك ، فبوصلتنا واضحة، والفريق برمته يعلم توجهاتنا ومنطلقاتنا، على مستوى سياسة التحرير ومنهجية الأداء وتنسيق الضيوف وآليات الطرح الإعلامي وسياسات التجديد، وهذه أمور كلها إيجابية وحيوية، فمنذ خمس سنوات، وبعد أكثر من ألف ومائتي ساعة بث مباشر، لم نشعر بالملل، ولم تفتر عزيمتنا، بل نشعر جميعا أن أمامنا الكثير لتقديمه لجمهور نحبه ويحبنا”.

كيف تنظر إلى حجم التفاعل مع برنامجك، الكثير من الدراسات والإحصاءات تشير إلى حجم متابعة كبير لك في برنامجك اليومي وبرامجك الرمضانية الشيقة، ونحن نتحدث في آخر الأرقام عن قرابة عشرين مليون متابع لك داخل تركيا وخارجها، وهذا رقم كبير؟
” الحقيقة أن عشرات المقالات والدراسات التي تمت على البرنامج في بريطانيا والخليج وتركيا وشمال أفريقيا تشير إلى ارتفاع وتيرة المشاهدين الأوفياء للبرنامج، والذين هم سندنا الحقيقي وباعث الهمة لدينا، في برامجنا الرمضانية السابقة كان التفاعل كبيرا جدا ولافتا وغير متوقع،لا سيما في حجم الاتصالات التي نتلقاها من امريكا والأقليات العربية والمسلمة في أوروبا واندونيسيا وماليزيا والعالم العربي، ولكن برنامج الألوان السبعة قد اكتسب شهرته العالمية بفضل تواصله على مدار خمس سنوات متواصلة وبوتيرة متسارعة ومتجددة، حاولنا من خلالها خطاب كل الأذواق، والتركيز على الملفات والقضايا التي تهم الانسان وترقى بمستويات المعرفة لديه من خلال التجارب والمشروعات التي نركز على طرحها”.

ماذا عن تقارير البرنامج لديكم، وكيف تنظرون إلى كونها أضحت جزءا من مساقات تدريسية أكاديمية في عدد من جامعات العالم؟
” نحن نتكلم اليوم عن أكثر من خمسة آلاف تقرير ثقافي وفكري وترفيها ومعرفي تم بثها في ثنايا البرنامج، وهذه التقارير هي بنك حقيقي للمعلومات، وإثراء فعلي للباحثين عن فهم التجربة التركية ومرتكزاتها، وقد ركزنا فيها على المشروعات والأمور الجديدة والقضايا التي تهمنا في العالم العربي، إضافة إلى التعريف بالشخصيات العربية العلمية والاقتصادية والفكرية المبدعة.
هذا الأمر، أوجد مئات التقارير التخصصية في مجالات عدة، مثل تقارير التكنولوجيا، والثقافة التركية، والتنشيط السياحي، وتقارير المشروعات الريادية، والبرامج البلدية، ونحوها، وهو ما جذب العديد من الجامعات ومعاهد التعليم في تركيا والبلقان واندونيسيا لأخذ هذه التقارير ووضعها ضمن مساقات أكاديمية تخصصية لتعليم الأجانب اللغة العربية حينا، والتعريف بالثقافة التركية حينا آخر، أو الثقافة العامة وتعزيز مهارة المحادثة والتأهيل الإعلامي في مؤسسات تعليمية اخرى، وهذا أمر يشعرنا بالفخر والسعادة، ويضع على عاتقنا مسؤوليات إضافية من المصداقية والتميز “.

لكل إعلامي أعداء يبغضونه، وبعد أن يلمع نجمه يشمرون عن سواعدهم للفت في عزيمته، من هو عدو المستشار نزار الحرباوي؟
” عدوى باختصار هو اليأس والخمول، ولا أرى في أي إنسان انتقدني – أو شتمني حتى – مهددا أو عدوا، فالناس لها عقول وألسنة ومستويات تفكير، ومن حق الكل أن يقول عن الكل ما يشاء، والإعلام ميدان عطاء لا بد للإعلامي أن لا يلتفت فيه لمن يتقن فن النقد أو تشتيت الانتباه”.

ماذا تقول في حق الإعلام الفلسطيني؟
” فلسطين تزخر بآلاف النماذج الإعلامية الريادية، وغالبية المؤسسات الإعلامية العالمية الكبرى تعتمد على الكوادر الفلسطينية لما يقدمونه من إسهامات حقيقية وفاعلة، والخبرات والإبداعات التي يحتاجونها، ولكن على صعيد الإعلام الفلسطيني في الداخل الفلسطيني، لا زلنا بحاجة ماسة لتوحيد البوصلة، وتحديد قاموس الخطاب العام والعالمي والإقليمي والداخلي، وألمس تقصيرا من الوزارة في هذا الاتجاه ومن الاتحادات والنقابات التي نتمنى منها أن تنهض بمسؤولياتها لتحقيق وعي إعلامي نافع، وأداء إعلامي يليق بمكانة الجرح الفلسطيني والأمل الفلسطيني “.

كلمة ختام، ماذا تقول حضرة المستشار؟
” اتقدم منك بالشكر الجزيل، ولكل الاحبة الذين اعانوني للوصول إلى ما أنا فيه من اساتذتي وأصدقائي ورفقاء المهنة وزملاء العمل الإعلامي، ولا أنسى ابدا فضل من علمني حرفا أو وجهني بكلمة أو نصح، راجيا اعتبار كلماتي شكراً خاصا لكل منهم، وبرقية محبة خاصة لمن أعتبرهم جمهورا وفيا وصادقا وصدوقا حيثما كانوا “.

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة