بين ايمان أحمد وولاّدة بنت المستكفي

تاريخ النشر: 17/10/11 | 14:22

هذا الاندفاع الثائر، وهذه الأحاسيس الهادرة، وتلك التي تبزغ برأسها من اللاوعي والعقل الباطني للشاعرة، أثارت لدي تساؤلات كثيرة، ووجدتني مشدوداً للبحث عن قصائد أخرى للشاعرة، فوجدتها، نعم وجدتها تزخر بالثورة والإنعتاق المتعفف وليس الإباحية كما يبدو في ظاهر المعاني، فإذا غُصتَ في باطنها وجدت شعراً عذرياً عفيفاً، ومشاعر رومانسية جياشة تعيش معها هذه الشاعرة وتشاطرها الوجد والحنين الى مستقبل تشرق فيه شموس العاشقين، فيعلنون حبهم ويفتخرون به ويتباهون.

 يقول الشاعر الظريف

” لا تُخفِ ما فعلتْ بكَ الأشواقُ      واشرحْ هواكَ فكلنا عشّاقُ “

“فعسى يعينكَ مَن شكوتَ له الهوى ،   في حملهِ، فالعاشقون رفاقُ”

تقول ايمان أحمد في قصيدة: ” أعترف أني عاشقة” :

 أعترف اني عاشقه

غرقت في بحر الحب منذ سبع سنوات

 صادني عاشق اسمه الشعر

 وقعت في حبه و ما زلت على قيد قلبه

 اشاطره الغرام

ويشاطرني 

وتقول ولادة بنت المستكفي شاعرة الأندلس:

 أنا والله أصلحُ للمعالي          وأمشي مِشيتي وأتيهُ تيها

أمّكنُ عاشقي من لثمِ خدي  وأعطي قبلتي مَن يشتهيها

 ويذكر ابن بسام في الذخيرة، والمقري في نفح الطيب أن ولاّدة ، مع ذلك كانت مشهورة بالصيانة والعفاف ، وكانت تقيم في قرطبة ما يشبه صالوناً أدبياً يحضره الشعراء والادباء.

 ويرتفع الاحساس  بالضياع والوحشة تحاصر الشاعرة وتطبق عليها ، حيث المستقبل كالح الوجه مجهول غائم قاتم ، تنعدم فيه الرؤية والرؤيا، والحاضر مشبع بالاحتياج الذي مرده الى الوحشه والوحدة .  فتقول :

 بي رغبة

في البكاء

وهنا يأتي دور الشعر للتنفيس عن ثورة النفس الحساسة، حتى لا تنفجر، فالكتابة هي مناجاة ، وبث لواعج النفس. والبكاء يغسل أوجاع الحياة كما الشاعر،  فيطلع الشاعر بعد زفرات القصيدة ولهاثها ، ليطالع وجه الحياة من جديد وليستمر في الصراع، أو في اللاابالية اللذيذة.

في احتضان كتفك و الغرق فيه

في أن أبث لك حزنا يلتهمني

عجزي و جزعي

خوفي و هلعي

أخبرك

عن وجه المجهول المخيف

ووجه الحاضر المشبع بالاحتياج

المطهم بالوحدة

المثقل بانعدام الرؤية

 وفي قصيدة أخرى تقول واصفة ما كان على اعتبار ما سيكون، والله أعلم ، فهذا التحليل ، مع حبنا للشاعرة واحترامنا لها ولقدرتها على التلاعب بالمعاني بشكل راقٍ

سيرقص معي الى مطلع الفجر

فاضمه بين ذراعي

واضع راسي

فوق كتفيه

وامسك يداه الحارتان بيدي

وبودي أن أهمس للشاعرة أن  لماذا هذا التسرع اللغوي وعدم التأني في قولك: يداه الحارتان؟؟ حبذا لو تتريثي قليلاً حتى تمكّني للقصيدة لغوياً مثلما فعلت في المضمون الراقي.

ولك مني وقفة أخرى تأتي لاحقاً إن شاء الباري( على قول ابو نبراس في التعقيب)

إن أجمل ما في شعرك الجرأة على احتراز الكلمات الجديدة ، والثورة على المألوف من نساء عصرنا، لذلك حاولت مقارنتك مع ولاّدة ، كم كانت جريئة بعفاف وادب وارستقراطية ، وهي بنت العصر الاندلسي، فحري بنا أن نتعلم منها.

 

 

 

‫2 تعليقات

  1. حياك الباري استاذي الكريم وجمل ايامك بالحياة العريضة والعطاء الخالد..

    تحية شكر وامتنان لشخصك الكريم على تحليلك الادبي الجوهري..الذي يضيف الجمال

    والكمال للقصائد..كلماتك وافكارك تلمع المعاني..وتمدنا بعزيمة قوية للمثابرة والسير

    قدما في دروب الثقافة ..

    مجتمعنا في هذه البلاد بحاجة الى نهضة ثقافية..ثورة توعية من خلالها ننمي المطالعة

    العامة بحيث نجعلها جزء من حياتنا اليومية..لنلحق التطور والازدهار الذي يليق بامتنا.

    بالثقافة العامة واكتساب مهارات جديدة متنوعة نرقى بمجتمعنا نحو تنمية بشرية عامة

    نصقل الشخصية العقلانية..ونخلق جيل واعد مثقف مسالم..مؤمن بالسلوكيات الايجابية

    متكحل بمكارم الاخلاق والفضائل..

    عزيزي الاديب المربي…اطلعت على اهدافك السامية لرقي مجتمعنا..انا شخصيا اؤيدك

    الراي .اشجعك .ومؤمن ان مجتمعنا بحاجة الى اصحاب رؤيا لهم الخبرة والتجربة

    التعليمية..

    اتمنى لك النجاح برسالتك النبيلة..سر بدروب المجد والعظمة الخلاقة نحو الحياة العريضة

    نحو العطاء الخالد ..وسجل سطور ذهبية بتراثنا العربي..

  2. شاعرنا الكبير سامي ادريس المحترم
    لم يكن هذا النزف عاديا .. و لامجرد خاطر صبّ على
    الورق و انتهى
    بل يحمل مني احاسيس مكبوته وتاره ثائره و ربما تحملها أيام من العمر تراءت حقيقة ٌإن لم تنتهي تُنهي منا الكثير غصبا
    تساءلت قبل وقاحه قلبي واروراقي لم في عالمنا الحب ديكور متضارب الألوان في آن أن الحياة واحدة قد تقرع اجراس نهاياتها في لحظةَ صفر تختبئ حيث لا ندرك مكانها و لماذا شوق الروح لحقوقها عملة نادرة في ان تـشتري غير الهموم ! و أن الصدق لا يملي القلوب غير الشكوك و أن المشاعر تصور صوفي و المودة تفاهة و المعنى بلا معان لماذ نُجبر على السير قدما بلا نحن !! أو علينا لـ نختار كينونة من درج الثياب علها تروق لهذا أو ذاك ! اين نحن من اخلاقيات و آداب العيش الصادق ! أن إذا رغبنا فعلنا فقط في ما لا يغضب الله لماذا نشرد أجمل ما لدينا من أحاسيس في بـر يعايش الكذب و النفاق ؟ لماذا علينا أن نلتزم الصمت لنبوح ! و إذا بحنا تراءى أننا تقيأنا حرف لنملأ الورق مدادا فما كان هنا إلا احساس انسانه تبسط حبا في لحظة ما توقع فيها أنه ستعود يوما كما كان
    ربما كتبت هذه الخواطر الجريئه تأبينا لعزاء ما يسمونه بالأحاسيس
    التي كانت تلهث خلف خطى تدور بين ثنايا تناقض هم بالحب إلى حيث لم أجد غير انا …فقط
    فلك مني باقات ورود معطره مكلله بالفخر والتقدير والشكر الكبير لروحك وقلبك
    وشكرا لكل من مر من هنا تحياتي لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة