رانية حاتم تعزف همس الحياة

تاريخ النشر: 28/04/14 | 19:23

في باكورة اصداراتها”همسات وترية”الصادر قبل اسابيع قليلة عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، تعزف الكاتبة المقدسية رانية حاتم على وتر الحياة، فهي كما بقية البشر تفرح وتحزن، وتحب وتكره، وترضى وتغضب… الخ، والضدّية في كتاباتها تعطيها تنوعا وبعدا جماليا يستحق الوقوف عنده. وهي لم تصنّف نصوصها تحت صنف أدبي معين، بل تركت للقارئ حرية التعامل مع هذه النصوص، وبعض نصوصها يقترب من قصيدة النثر، فالموسيقى والايقاع فيه واضحان، وبعضها يقترب من القصّ الوجيز، لكن الخاطرة هي السائدة في هذه النصوص، وهذا النوع من الكتابات لجأ اليه كثيرون من الكتاب الشباب، وكأنّي بهم يرسخون كتابة جديدة أو يثورون على السائد من الكتابة دون أن يتعمدوا ذلك، والقارئ لهذه النصوص سيجد أن الكاتبة تعج بدواخلها بما يؤرقها، فتبوح به لتريح نفسها، وهذا يدلّل على أن الكتابة عندها لحظة شعور دافق مجللة بعاطفة صادقة.
لذا وجدنا تنوّع المواضيع التي طرقتها في كتابها هذا، فهي تتراوح بين الرثاء، الغزل، الخوف، الحزن، الحنين، الهجاء، الغيرة، الهمّ الوطني، الشهداء، الأسرى، حبّ القدس بشكل خاص والوطن بشكل عام، الأمومة، الانتماء القومي، وكاتبتنا التي تثبت لنا بقصد أو بدونه لم تنس بنات جنسها، فهي تكتب كأنثى تعيش في مجتمع ذكوري يسلب المرأة الكثير من حقوقها، وهذا لا يعني أنها ذات موقف معادٍ للنصف الثاني من المجتمع، بل هي تطالب بحقوقها وحقوق بنات جنسها.
وهي تحب الأطفال، وتدافع عن أمومتها، وحبها لأطفالها امتد ليشمل الأطفال جميعهم:
” جلست القرفصاء في زاوية البيت أناجي كل شيء تبعثر من أمامي
حتى أسمع صدى نداء أطفال يستنجدون يستغيثون
فأذرف دمعتي وأصرخ بصوت الملهوف
هذا صوت أطفالي”ص79.
وهي تتعاطف مع الأطفال المحرومين، وتبشرهم بمستقبل جميل:
“عذرا يا فلذة كبدي
يا خوفي من زمن ألصقنا بالقسوة وباتت قلوبنا صوان
ستغدو رجلا فمن عمق المعاناة يولد الأبطال” ص59
ورانية حاتم التي تعيش في جبل الزيتون وتطل على القدس القديمة بمساجدها وكنائسها، مسكونة بحب مدينتها، لذا فهي ترى الطبيعة تغار من جمال القدس:
“بربكم من منكم يعرف كيف تكون القدس بالغروب
حينما تقع الشمس خلف الأقصى تتوارى
وبهوى القدس تذوب”
وكاتبتنا التي تعيش مأساة شعبها ووطنها لا تنسى مآسي أمتها في الوطن الكبير فتقول:
” أسألتم الأندلس ما بال ملامحها؟
وبغداد من بالدّم أغرقها؟
والشام متى سيرحل الموت عنها؟
وهي لا تنسى أيضا تعاطفها مع فئات المسحوقين من أبناء شعبها، فقد وصفت تلك الفلاحة بائعة الزعتر التي طاردها المحتلون ومنعوها من بيع زعترها وأجادت الوصف:

إن وجدت عجوزا بثوب مطرز تبيع الزعتر الأخضر
تقتحمها بارودة العسكر……….
…………………
تتحسّر….تتكدّر
تلعن الصمت وترحل
وتردد هنا فلسطين
هل هناك من يتذكر”ص29.
واذا كانت كاتبتنا تبحث عن معتصم جديد، فانها تريد الرجل الذي يحمي الديار، ويدافع عن الحمى ففي مقطوعتها الغنائية ص32 تقول:”
أنت تقيم دولتك على حدودي
وأرضي مغتصبة
حرّرني من قيودي
ومن ثمّ اصرخ:
“جودي عليّ بالعشق جودي”.
وكاتبتنا لو راجعت نصوصها وتمعنت فيها، لكان بامكانها أن تكون قصائد نثرية متكاملة، خصوصا وأنها تأتي بصور وتشبيهات جميلة، وتحرص على الموسيقى والايقاع فيها.وحبّذا لو أنها ابتعدت قليلا عن السجع المتصنع.

بقلم: جميل السلحوت

unnamed (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة