نحو الامل!

تاريخ النشر: 15/12/20 | 8:02

محمد سواعد- ابن الحميرة

في خضم الاحداث والمتغيرات التي تطرأ على العالم اليوم والذي اصبح فيه الثابت الوحيد هو التغير، ونحن نشهد تغيرات كونية وموازين القوى تتغير في كل ساعة بين الأطراف، ويحاول الجميع الإمساك بالعصا من الوسط حتى لا يحسب عليه أي موقف وهي حالة ما يسمى عدم اتخاذ القرار.
لقد استطاع الاعلام الموجه ان يخلق حالة من الفوضى الفكرية في العالم العربي والإسلامي حتى بلغت الفوضى حد النخب التي أصابها ما أصاب المجتمع كله حتى انها هي التي تحاول ان تفرض هذه الفوضى أحيانا، فقضيتنا اليوم ومعضلة الامة ليست معضلة مادية بقدر ما هي ازمة قيادية عميقة اصابت الرأس وتغلغلت الى كل الجسد.
منذ اكثر من قرن من الزمان انتشر عامل الفوضى في العالم العربي والإسلامي واصبحنا فيما يسمى حارة (كل من ايده اله)، وافتقدت الامة مفهوم الوجود الجماعي للامة والذي هو عامل أساس من مقومات نهوضها ووحدتها وحاول المصلحون ذلك بشتى الوسائل ولكن الاعلام كان اقوى منهم واشد سحرا، بل حتى ان كثيرا من المصلحين والقادة اختلفوا فيما بينهم على سبل تحرير الانسان والاوطان ودارت بينهم الملاحم والاحقاد حتى ضاعت فلسطين وضاع العالم العربي في غمرة منافسات ومناكفات على الزعامة والمجد والسؤدد بين العائلات.
ان اعجب العجب في حياة الأمم ان ينزف الجسد ويتمزق القلب بينما يحاول الطبيب الحاذق ان يمسح نقطة دم على وجه المريض، فالجسد النازف بحاجة الى مهارة في معرفة سبب النزيف ومكانه لمنع وفاة المريض، وكذلك واقعنا المعاصر نتغنى بأمجاد لم نصنعها ونفتخر بتاريخ مضى وننتقد آباءنا وأجدادنا الذين فروا في نكبة عام 1948 وانكسروا في نكسة عام 1967، بينما نحن نواصل عوامل النكبة والنكسة في واقعنا وتعاملاتنا الحياتية والسياسية والحزبية.
وعند اسقاط هذا الكلام على واقعنا المحلي فإننا نعيش صراعات هدامة بين الأحزاب والجماعات والافراد وكل يدعي “وصلا بليلى وليلى لا تقر بذاكا”، حيث أننا نعيش في اعقد واقع يمكن ان تتواجد فيه أي اقلية دينية او قومية في العالم، فنحن نعيش على ارضنا الشرعية والقومية من ناحية ولكنها محتلة فعليا، ونحن فلسطينيون ولكننا نحمل هوية المحتل، ومع ذلك لا نقر بشرعية الاحتلال ولكننا نحتكم الى قوانينه المدنية والاجتماعية، بل إن بوابة عبورنا الى العالم هي جواز سفر من “المحتل”، ونلعن الاحتلال وجيشه ونطالب شرطته بحمايتنا من العنف والقتل والجريمة، فهذه تعقيدات لا يمكن فهمها الا اذا كنت تعيش في “إسرائيل”.
ان فهم هذه التعقيدات يستدعي من القيادة والافراد حسن سبرها والتعامل وصياغة ميثاق شرف فيما بينهم يضمن لهم الحياة الكريمة والمستقبل المشرف، وهذا يستدعي من الجميع الموقف المسؤول عن الأجيال في الحال والمآل، وهذا يدفعنا إلى إنشاء وتشكيل ملكة استشراف المستقبل وقراءته القراءة الصحيحة على ضوء المعطيات المتوفرة بين أيدينا.
ان النخب العلمية والسياسية ينبغي ان تكون راس الحربة وبوصلة النضال نحو نهضة فكرية حضارية لهذه الجماهير التي طال انتظارها لمن يخلصها من براثن الجريمة والعنف والاقتتال والفتن، هذه الجماهير المتعطشة لكل مبادرة قيادية حقيقية تصلح الواقع وتخطط للغد وتحفظ الماضي المشرف، لذا وجب على النخب الفكرية سياسية كانت او علمية ان تتحمل مسؤوليتها التاريخية بكل جدارة وترفع سقف توقعاتها من نفسها ومن جمهورها لنحلق معا في سماء المجد والخلود ضمن برامج عمل بناءة تضمن لنا رغد الحياة وجنة الآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة