حول قصّة ميسون أسدي”عيد العدس” وعدم استهتارها بذكاء الطفل!

تاريخ النشر: 02/09/18 | 17:12

تتمحور قصّة “عيد العدس” المخصّصة للأطفال حتى صفوف الروابع، التي أصدرتها مؤخرًا، الكاتبة المشرقة ميسون أسدي، حول ابتكار حيلة ظريفة، مسلّية ومفيدة في نفس الوقت، من قبل أحد الآباء، ليجعل طفلته تأكل أكلة معيّنة، هي بالأساس لا تحبّها، أو لنقل أنّها ترفض أن تأكلها، مثل الكثير من الأطفال الذين يرفضون تناول الأكلات المفيدة التي تطبخ في البيت من قبل الوالدين، ويفضّلون عليها الأكلات الجاهزة والسريعة، والتي هي غير مفيدة بشكل عام، وسعرها أضعاف ما يصنع في البيت.
أخذت الكاتبة، أكلة العدس كنموذج للمأكولات المرفوضة لدى بعض الأطفال، والتي يعتبرها الطفل مفروضة عليه، جاهلا قيمتها الغذائيّة المتعدّدة.
**الحيلة!
كثيرًا ما يلجأ الوالدين إلى طرق ملتوية لإقناع أطفالهم بأكلة معيّنة، وذلك بعد أن يفقدان الأمل بالإقناع عن طريقة شرح فوائدها الحقيقيّة، فالطفل لا يهتم بهذه الفوائد، ومن الطرق الشائعة للإقناع، وهي حسب رأيي أسوأها، هي: “إذا أكلت من هذا الطبق ستحصل على جائزة” أو “ستحصل على مبلغ مالي معيّن”، فالطفل هنا لن يقتنع بالأكلة، بل بالمقابل الذي يأتي بعد الأكل، ولن يفهم البتّة فوائد الأكلة.
هناك طريقة أخرى وأعتقد أنّها شائعة أيضًا، وهي معاقبة الطفل، بأن يحرم من تناول الطعام حتى يشعر بالجوع ويضطر إلى تناول الأكلة المطبوخة في البيت، وهذا الأمر سيسبّب غالبًا إلى عدائية بين الطفل وتلك الأكلة والتي من المفروض أنّها مفيدة وصحيّة جدًّا. وفي جميع الحالات تبقى عيون الطفل على الأكل الذي يريد الأهل أن يبعدوه عنه.
هنا أتى دور الكاتبة أسدي، وهي على الأرجح واجهت هذه المشكلة مع أطفالها، وقد حاولت بعدّة طرق لترغيبهم، وعرفت بأنّ الطريقة المباشرة للإقناع غير مجدية، لذلك ابتكرت طريقة أو لنسمها “حيلة” للإقناع، بعد أن أجرت فحص عن الأمور التي يستهويها الأطفال بشكل عام. فكان أن اخترعت عيد للعدس، على اعتبار أنّه سيكون هناك أعياد أخرى لمأكولات أخرى.
**العيد
لا يكفي أن تبتكر طريقة للإقناع، يجب عليك أن تعرف كيف تنفّذ الطريقة بشكل جيّد، حتى تحصل بالنهاية على الهدف الذي وضعته لنفسك، وهو أن يأكل طفلك الأكلة وهو راغب بذلك، وتضمن بالتالي أن يأكلها مرّة أخرى.
الكاتبة ميسون أسدي، سخّرت كل تجربتها مع أطفالها، لتصل إلى الأمور التي يحبونها أكثر، وهي بالتالي ما يحبّها الأطفال بشكل عام:
1. اللعب.
2. الرسم.
3. التلوين.
4. التزيين للعيد… وأمور مشابهة.
وقد جعلت الوالد بهذه القصّة أن يستعملها جميعها. الأمر الوحيد الذي غاب عن الكاتبة، هو الغناء، فلو كان هناك أغنية، أو محاولة لكتابة أغنية من الوالد بالاستعانة مع طفلته، لكان الأمر استوفى جميع واجباته المرجوّة. ورغم ذلك، فقد استطاعت أسدي، أن تبني طريقة، وهي بالفعل مبتكرة.
**ذكاء الأطفال
بعد أن حبكت أسدي قصّتها أو حيلتها، تذكّرت على الفور، بأنّه لا يجب الاستهانة بذكاء الأطفال، وقد كان الفصل الأخير من القصّة، حول استعمال الطفلة لنفس الحيلة، حتّى تقنع والدها بإحضار قطّة إلى البيت، الأمر الذي كان يرفضه دائمًا، وقد قالت له طفلته ببساطة وبكل براءة: “من الآن فصاعدًا سوف تحب القطط، لأن اليوم هو عيد القطط. هكذا قرّرت”!!
يا لروعة النهاية، فالكاتبة هنا، لم تناصر الوالد فقط، بل كانت لجانب الطفل، فهو أيضًا يفكّر ويبدع ولا يجب الاستخفاف والاستهانة به.
**كرتون
الرسام المصري سمير عبد الغني، المتخصّص في الرسومات الكرتونية والتي يتبعها وتميّزه في رسوم الكاريكاتير الخاصّة به، هو من قام برسم صور هذا الكتاب، وكان اختياره موفّقًا جدًّا، فقد عرف كيف يعكس الكلمات بأفضل الطرق المحبّبة للصغار، وقد حاول جاهدًا أن تكون الشخوص فلسطينية لتحاكي الواقع الذي تعيشه الكاتبة، ونجح بذلك إلى حدّ كبير، لكن الصبغة المصرية أطلّت في بعض الأماكن، وهذا الأمر لم يعيب الرسومات، بل على العكس، زادها تألقًا وجعلها تتماشى مع الكثير من البلدان العربية. وأكثر ما لفت نظري في إحدى الرسومات، هو وضع المفتاح الذي يرمز للعودة، وأيضًا دمج الصليب الأحمر مع الهلال الأحمر والذي يرمز لعدم الطائفية… فهنيئًا للكاتبة على مثل هذه الرسومات ومثل هذا الرسام.

بقلم: بشارة خليل/ القدس

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة