هل بالفعل كانت مجزرة في الطنطورة؟

تاريخ النشر: 30/06/18 | 6:04

تقع الطنطورة على بعد 24 كم جنوب حيفا، زرت موقع قرية الطنطورة المهجرة عدة مرات آخرها كان في شهر تشرين الثاني سنة 2016، سحرني جمال موقعها بشاطئها الرملي والصخري ، رمالها الناعمة تشدك للجلوس عليها والعبث بها، خليجها الذي أصبح مكاناً معروفاً ومطلوباً للاستجمام، والبيت الحجري الذي ما زال منتصباً على التلة الصخرية القريبة من الرمال الناعمة، كونه البيت الوحيد المتبقي من قرية الطنطورة. على اراضي الطنطورة اقيمت المسطوطنة دور وكيبوتس نحشوليم.
تاريخ الطنطورة
تدل الحفريات في طنطورة التاريخية بأنها كانت هناك قرية “دور الكنعانية” وذكرت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد في نقش يتعلق برعمسيس الثاني – فرعون مصر، كما ويظهر اسمها “دور” سنة 1100 ق.م في نص كتبه أحد المسؤولين في المعبد الفرعوني عن جماعة هاجرت لهذا المكان. كما وذكرت في سفر يشوع 12:23 ” مَلِكُ دُوَرٍ فِي مُرْتَفَعَاتِ دُوَرٍ، وَاحِدٌ. مَلِكُ جُويِيمَ فِي الْجِلْجَالِ وَاحِدٌ” “מֶלֶךְ דּוֹר לְנָפַת דּוֹר, אֶחָד; מֶלֶךְ-גּוֹיִם לְגִלְגָּל” احتلها الاغريق في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد . خلال الفترة البيزنطية كانت القرية موقعاً لإنتاج الملح. وجد حطام سفن في مختلف الفترات مقابل الطنطورة، وعثر على قطع نقدية التي تعود الى سنة 665 ميلادية. في الفترة الصليبية، تم بناء قلعة صغيره على راس الساحل تعود الى عائلة دي ميرل. وعندما حاول نابليون، في أواخر القرن الثامن عشر، بسط سيطرته على فلسطين، مر جنوده بالقرية وأحرقوها في آب سنة 1799.
يصف هيرولد، ج بكنغام، في سنة 1821،بأن الطنطورة، قرية صغيرة ذات مرفأ صغير وخان.
في سنة 1855, ذكرت ماري روجرز، شقيقة القنصل البريطاني في حيفا، كان في القرية 30 أو 40 منزلاً وأن الأبقار والماعز كانت عماد ثروة الطنطورة.
في أواخر القرن التاسع عشر كان عدد سكانها 1200 نسمة, واعتمد اقتصاد القرية على الزراعة وصيد الأسماك. وفي فترة الانتداب، ازداد صيد السمك من 6 أطنان في سنة 1928 الى 1622 طنا في سنة 1944. اما سنة 1948 أصبح عدد سكانها 1728 نسمة .
سقطت الطنطورة بعد أن هاجمتها الكتيبة الثالثة في لواء ألكسندر وني – الهجنا، في الليلة بين يوم 22 أيار ويوم 23 أيار سنة 1948 و بعد عدة ساعات من مقاومة أهالي البلدة ونفاذ ذخيرتهم، قد سقطت القرية في يد جيش الاحتلال، وهُجر أهلها في البداية الى الفريديس وبعد ثلاثة أسابيع تم تهجيرهم لمناطق سيطرة الاردن، بالقرب من طول كرم. أُحصيت أكثر من مائتي وخمسون جثه في ليلة الاحتلال والأيام التي تلتها، وتمت تصفية وقتل العديد من الأسرى قبل أن يتم تسجيلهم من قبل الصليب الأحمر الدولي، كما جاء في عدة مصادر، بأن في الطنطورة كانت مجزرة.
هل بالفعل كانت مجزرة في الطنطورة؟
حسب التاريخ الشفهي وسجلات المُهجرين، حدثت بالفعل مجزرة في الطنطورة، حيث يقول ويؤكد الحاج فوزي محمود أحمد طنجي، أحد الناجين من المجزرة يقول، أن قشعريرة تجتاحه كلما يتذكر كيف ذبح أبناء عائلته وأصدقاؤه أمام ناظريه، ويؤكد الناجي من المجزرة أن الجنود صفوا ما يتراوح بين عشرين وثلاثين شابا بالقرب من بيت آل اليحيى وكانت من أكبر عائلات البلد على شاطئ البحر وقتلوهم، ويوضح كيف أمروه وآخرين بحفر خندق بطول أربعين مترا، وبعرض ثلاثة أمتار، وعلى عمق متر واحد، ثم بدؤوا بأخذ ما بين ثمان وعشر رجال لنقل الجثث ورميها بالخندق وعندما حاول فيصل أبو هنا، مقاومتهم، قتلوه بحراب البنادق، حسب الوصف لموقع القبر الجماعي للضحايا موجود تحت ساحة وقوف السيارات بالقرب من المنتجع. وهناك الكثير من الشهادات المسجلة وهم شهود عيان لحدوث المجزرة، منها شهادة الحاج مصطفى و برنامج الذي بثه تلفزيون فلسطين اليوم كما يظهر في الرابط التالي:
https://www.facebook.com/saba7.falasteen/videos/566470986861148/
قدم المؤرخ تيدي كاتس دراسة للقب الثاني في جامعة حيفا سنة 1998 ، قُبلت الوظيفة من قبل الجامعة، كشف في هذه الوظيفة، عن مجزرة الطنطورة، استناداً لمعلومات كانت متوفرة لديه وقد دعمها بشهادة موطي سوكلر حارس الحقول، الذي اوكلت له مهمة دفن الجثث، تشيرشهادته، لسقوط 230 فلسطيني في المجزرة. تعرض المؤرخ تدي كاتس، لدعوى تشهير من قبل وحدة الكسندروني ، التي كانت تلقب بوحدة السبت لأن غالبية غارتها كانت تتم يوم السبت. خاضت هذه الوحدة من الهجناه ، ثلاث جبهات ضد تيدي كاتس، الجبهة الاولى في المحكمة حيث رفعت ضده دعوى تشهير وصدر الحكم ضد تيدي كاتس وشمل القرار نفي قاطع بعدم حدوث مجزرة في الطنطورة.
الجبهة الثانية، كانت كسب ثقة الجمهور والاعلام فأصبخت هذه القضية حديث الساعة ورفض الجمهور الاسرائيلي قبول الفكرة بأنهم ارتكبوا مجزرة.
الجبهة الثالثة كانت في جامعة حيفا، وقد نجحت في هذه الجبهة بحيث الغت الجامعة البحث (الوظيفة للقب الثاني) الذي قدمه تدي كاتس وكان ذلك يوم 10 نيسان 2003 كما وقررت عدم تمكنه الحصولعلى اللقب الثاني في مسار للبحث كما ولم تقبل وظيفته المعدلة.
في كتاب لكي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي يذكر احتلال الطنطورة وتهجير سكانها ولم يذكر المجزرة. وكذلك في كتاب فلسطين بلادنا ( الناصرة وعكا وحيفا) لمصطفى مراد الدباغ لا يوجد ذكر للمجزرة.
في مقال من سنة 2013 للبروفيسور ألون كونفينو أستاذ التاريخ في جامعة فرجينيا – الولايات المتحدة، كتب عن سحر موقع الطنطورة ، واحتلالها وأسر الرجال، وكيف طريقة حياة قطعت ومكانها حلت طريق حياة جديدة، يكتب عن التهجير الى الفريديس ما يقارب 1200 شخص ومنها بعد 22 يوم من سقوط الطنطورة، تم تهجيرهم الى الى منطقة خاضعة للمملكة الأردنية الهاشمية (غالبيتهم استقر في مخيم طول كرم) بمركبات الجيش الاسرائيلي، ويذكر بأن الجيش أسر 200 شخص ولم يذكر ما حدث لهم. لم يذكر أي شيء عن المجزرة وفي نهاية المقال يرفق صور عن احتلال القرية والتهجير. أما شهادات الناجين من الطنطورة، تؤكد حدوث المجزرة ويفسرون عدم ذكرها عند النكبة نابع من الخوف.
يبقى السؤال هل كانت مجزرة في الطنطورة ؟ أترك الاجابة والقرار لكم.

بقلم سهيل مخول – البقيعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة