عندما يكون للطب عنوان إنساني

تاريخ النشر: 15/07/17 | 13:07

تتصادم مسارات الحياة في كثير من أزمنة الحياة ، ويحمل بعض هذا التصادم فرصا ومبشرات ، ويحمل بعضه الآخر آلاماً وجراحات ، فإذا تلمس الإنسان بشريات الخير في محطات الحياة الصاخبة وجدها في كفّ حانية ، أو ثغرٍ باسم ، أو صدر رحب ، أو عقل رشيد ، أو جزءاً من حصاد ذلك كله إن حالفه التوفيق .لا أدري كيف يستطيع قلمي التعبير عن مقدار سعادتي بلقاء جمعني بشخصية مميزة لطبيب سبق وصف الإنسانية لديه لقبه العلمي ، ومع ذلك ، كان لسمو طباعه ، ودماثة أخلاقه ، وروعة تعامله مع من عرف ومن لم يعرف سبق في رسم ملامح شخصيته إنساناً وطبيباً.

حديثي هنا عن الصديق والأخ ، والطبيب والمبدع ، استشاري الأورام السريرية ، الدكتور سمير ياسر عبد الله ، وهو صاحب الثغر الذي ينثر البسمة على مساحات الحزن الممتدة على وجوه المرضى في مركز الحسين للسرطان ،هذا الصرح الطبي الذي يعتبر مفخرة للأردن وللعالم العربي برمته في مجال التخصص الطبي الدقيق قياساً بالمستويات العالمية ، لتطل منه بيارق الإشراق داخل الإشراق ، وملامح الإبداع من ثنايا التميز ، من خلال بروز كوكبة من جهابذة الأطباء الاستشاريين الذين سجلوا حضورهم على المستوى العالمي بكل اقتدار .وكضيف للأردن ، سعدت جداً بلقياه إنساناً كريماً سامق الطباع الكريمة ، ولكني بعد أن حظيت بدعوة منه لمكتبه في المركز ، وتشرفي بالجلوس إليه ، ورؤيتي لتعامله مع فريقه الطبي المنتقى ، ومرضاه ممن ابتلاهم الله بالسرطان ، عرفت معنى أن يكون للطب عنوان إنساني ، في زمن بات الطب فيه لدى كثير من الناس تجارة في الناس ومتاجرة بمشاعرهم ومصائرهم .تخصص الدكتور سمير ياسر عبد الله في عالم الطب الفرعي التخصصي ، وتبوأ مكانته المرموقة في قلوب مرضاه قبل أن ينالها في كادر المشفى الذي يكن له كل التقدير ، ولكن مميزات هذه الشخصية الآسرة تكمن في تفانيها الواضح في أداء واجبها بمهنية عالية ، وحنكة طبية رشيدة ، وسلوك إنساني مرغوب . بمثل هذه الشخصيات الريادية ترقى المجتمعات وتنهض ، وبمثل هذه القامات السامية من أهل العلم والتخصص ترفع الشعوب رأسها اعتزازا بالإنسان المثابر المجتهد الذي يشق طريقه نحو العالمية دون ملل أو كلل ، فكيف بمن يتابع جديد التخصص ساعة بساعة ليحقق السبق لوطنه وشعبه ويخدم بعلمه ومثابرته مريضاً يحتاج جرعة أمل ، وبلسم تفاؤل قبل حاجته للعلاج مهما اختلف اسمه .

للحقيقة ، وبعد تعرفي على شخصية الطبيب والصديق والأخ العزيز الدكتور سمير ياسر ، أدركت حجم العبء الملقى على عاتق المسؤولين في أوطاننا في البحث عن هذه النماذج الإبداعية والتعريف بها وتقديمها للمجتمع والمنتديات الدولية كمفخرة حقيقية للوطن ، ومثار اعتزاز للشعب والدولة على حد سواء ، وإن كان انغماس الدكتور سمير ياسر وأقرانه في علاج المرضى قد حرمهم ربما من خطابات الشكر من هذه الجهة أو تلك ، فكلي أمل أن تكون هذه الكلمات رسالة وفاء وشكر له ولزملائه وللفرق الطبية المنتقاة بعناية ، ورسالة أخرى لكل مسؤول وصاحب غيرة على الوطن أن ينتبه لهؤلاء الكرام مثاقيل الخير في المجتمع تكريما ووفاء .

د. نزار الحرباوي – اسطنبول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة