العنف بين الوقاية والعلاج

تاريخ النشر: 05/07/17 | 21:20

يقولون اذا أردت أن تدفن قضية ما فشكل لحلها لجنة، وهذا ما ينسحب على قضية العنف الذي يدك مجتمعنا العربي، فبدلا من وضع البرامج المهنية يتسابق السياسيون على تبني الحلول من خلال تصريحات نارية ووقفات احتجاجية ومشاركات في اجتماعات تعقبها تصريحات اعلاميةكلها تستنكر الآفة الدخيلة على مجتمعنا.
هذه التحركات لم تخل من العنف أو أحد أشكاله ، كما أن المتحرك ضد العنف لا يخلو من ممارسته في عمله وقيادته وتصريحاته دون أن يتسائل عن انعكاس ممارساته على الشارع الذي بدأ يتعود تدريجيا على تكريس ثقافة العنف.
لجنة المتابعة لشؤون العرب في اسرائيل وضعت نصب عينيها آفة العنف وتتفرع منها لجنة خاصة بمحاربة العنف، ومجرد الاسم ان كان لجنة مكافحة العنف أو محاربته أو وأده فهي أسماء عنيفة، كما أن كافة المتحدثين من المتابعة يعترفون ان اللجنة غير قادرة على محاربة العنف أو القضاء عليه ، وان الشرطة هي القادرة على ذلك لكنها لا تفعل.
عند وصول خبر عن مصرع أحد ابنائنا تجري الاتصالات وتنعقد الاجتماعات التي لا تخلو من ما يشبه ثقافة العنف، ويتسابق المجتمعون للفوز بتصريح اعلامي يزفون لجماهيرنا نتيجة اللقاء الذي يأتي غالبا داعما ومؤسسا لجريمة العنف التالية، من خلال الهروب الى اولادنا وبناتنا الذين لا علاقة لهم بالعنف والزج بهم في هذا المستنقع، باعلانهم القرار المجنون بتعطيل الدراسة وابقاء طلابنا في البيوت والشوارع وتعطيل الامهات عن عملهن للبقاء الى جانب ابنائهن.
المدارس التي تبعد الأولاد عن العنف المتدفق في شوارعنا ، يغلقها القرار غير المدروس والناتج عن يائس وعاجز وربما مستفيد على حساب المأساة.
لم يتوقف الأمر عند المدارس بل يطال احيانا المحلات التجارية التي يغلقها القرار ويدفع بمواطنينا الى التدفق للأسواق الاسرائيلية التي وكأني بأصحابها يضرعون الى الله أن يأخذ بيد المعلنين عن الاضراب لمزيد من هذه الاعلانات، وان يزداد العنف ويزدهر لينتعش اقتصادهم .
الملفت أن عجز القيادة التي من المفترض أن تعالج آفة العنف عن القيام بدورها ، ربما لنقص الأدوات كما تدعي أو لأسباب اخرى، لم يجعلها تفتح المجال لخبراء أو عارفين بالأمر وما اكثرهم في مجتمعنا ، لأخذ دورهم وطرح البرامج العملية والأخذ بهذه البرامج ، لأننا لا نريد تقييم الجريمة ونتائجها والعمل على ابرام الصلح بين المتخاصمين فحسب ، بل نريد أن نحاول منع وقوع الجريمة من خلال برنامج متكامل تتبناه تلك القيادة وتأخذ به حتى لو لم يأت لها بالشهرة الاعلامية .
من هنا نرى أن معالجتنا لآفة العنف تندرج تحت عنوان ادارة المشكلة لا حلها، ولو ابتعدنا عن التقييم ولجأنا لما كانت تؤمن به العرب من التطير والتشاؤم ، فلنأخذ بما كانت تؤمن به العرب من باب اللجوء لكل الطرق لحماية مجتمعنا من هذا الوباء، ولنقف مع الذات ونحاول التغيير ، التغيير من الهرم واسناد الأمر لمن هو به خبيرا وليس من باب ارضاء احزاب وحركات في مواقع تمثيلية في المتابعة ، حتى لو كانت تلك الأحزاب لا تحمل من مفهوم الأحزاب الا الاسم .
ومن أجل التغطية على العجز يلجأون الى ما هو أسهل والمتمثل بالظاهرة التي تمتد في معظم قرانا ومدننا والمتمثلة بتشكيل لجان الصلح ، ففي كل يوم تطالعنا المواقع والصحف عن تشكيل لجنة صلح في هذه القرية أو تلك، هذه التشكيلات تزيد الطين بلة، وما هي الا شكلية تقتصر مهمتها على المشاركة في الجاهات وعقد رايات الصلح ، تاركة الجوهر وهو الوقاية، لأن الصلح له رجال وهم كثيرون وليسو بحاجة الى لجنة لتحركهم ، بل الحاجة هي لبرامج توعوية عنوانها أن العنف في مجتمعنا هو بمثابة حرب حقيقية تستهدف الوجود والثقافة.
ما نريده نهاية هو ان نتسائل عن لجان الصلح في المجتمع الاسرائيلي ، هل من لجان عندهم ؟ أم أن الشرطة هي العنوان وأن كل مواطن يتوجه اليها لأخذ الحق من المعتدي، الا عندنا فلا بد أن نأخذ حقنا بأيدينا من ابن جلدتنا .

بقلم: الاعلامي محمد السيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة