ضرب المشتركة من الداخل في مقتل

تاريخ النشر: 07/07/17 | 9:25

على الرغم من وحدة الخطاب المحافظ على وحدة المشتركة وشعار انها ( إرادة شعب) غداة تشكيل هذه القائمة بعد اشهر من الجولات المكوكية للجنة الوفاق والتدخلات المحلية والخارجية وفي مقدمتها ارادة السلطة الفلسطينية , الا ان شعبنا في الداخل كان يدرك تماما ان التنازلات عن البرامج والمواقف للاحزاب المختلفة لم تكن تلبية لشعار ارادة الشعب بل خشية من عدم تجاوز نسبة الحسم لذلك ما لم يستطع فعله النداء العربي للوحدة طيلة عقود تمكن من فعله من يوصف في اوساط الاحزاب والحركات العربية بألد الاعداء وزير الجيش الاسرائيلي افيقدور ليبرمان الذي كان المسبب لرفع نسبة الحسم .
وتباهى الموفقون بهذا الانجاز وتشابكت الايادي وتحطمت الحدود شكلياً بين خصوم الأمس ، ولوح به رئيس السلطة الفلسطينية في احد اجتماعات جامعة الدول العربية في القاهرة ,وتوقفت لغة الانتقاد وابداء الملاحظات امام هذه الحالة خاصة عندما دافع الشيوعي عن الاسلامي والوطني عن القومي والعكس , انها حالة بشرت بخير على الرغم من دفن مفهوم التعددية من اجل البقاء في كنيست اسرائيل , لكن دهماء الناس من شعبنا لم يكن يدرك ان ماجرى ليس الا الزواج بالارغام تنطبق عليه مقولة (مرغماً اخاك لا بطل), والذي يؤكد ذلك هم من أيدهم الناس بصوتهم بدءا من رئيس هذه القائمة في تصريحاته لبرنامج (مواجهة العرب) مرورا بالتفرد بالعمل وتسليط الضوء على الذات لأعضاء الكنيست بعيداً عن المشتركة والانهماك في الحديث عن استحقاق التناوب وأخيرا الوصول الى الانتخابات القادمة من خلال المشتركة أو في قائمتين تتفقان على فائض الأصوات ، مفاوضات ستأتي بموجبها الجبهة بقوة خمسة مقاعد والتجمع والاسلامية بخمسة مقاعد لكل منهما , اما العربية للتغيير التي يرى زعيمها انه الاجدر بقيادة المشتركة بمقعد واحد فقط.
وأخيرا الرصاصة المدوية التي أطلقها عضو التجمع وهو على اعتاب السجن لقضاء حكم بالسجن لعامين كاملين ، يبعدانه عن المشاركة في الانتخابات القادمة ، هذا ان لم يخرج مبكرا، هذا المقال الذي جاء بعد أن استقال غطاس من الكنيست مرغما ووجد نفسه خارج دائرة العمل النيابي في كنيست اسرائيل.
غطاس اختار ان ينشر مقاله بعد مشاركة زملائه من المشتركة في توديعه خلال المهرجان الذي اقامه في الرامة بالجليل دون ان يعرفوا انه سيفاجئهم من وراء القضبان بما وصفه المحللون المسمار المركزي الذي يدق في نعش المشتركة.
من هنا ندرك ان المشتركة كانت حالة ومظلة شكلية لا تقي افرادها بل تساعدهم في البقاء، وندرك كم هي الكنيست غالية ومن أجلها يمكن تجاوز المحرمات والقفز على الخطوط الحمر، ولن يتجرأ على مهاجمة هذه المظلة الا من أيقن انه شخصيا لن يحالفه الحظ ليعود ضمنها مجددا للاستمتاع بالشهرة، ناهيك عن الخلاف العميق على الشخوص والمواقع الذي جاوزه البعض خشية الخسارة لهذه الامتيازات.
كما غيرنا من أبناء هذا الشعب وجدنا انفسنا ننساق خلف هذه الحالة كي لا نغرد خارج السرب وكي لا تطالنا الاتهامات التقليدية “من ليس معنا فهو ضد المشروع الوطني” ، أما اليوم وقد اتضحت الامور جليا فنقول أن البديل لهذا الاستخفاف بعقول الناس حاضرا وسنعمل على أن يختار شعبنا وفق رؤيته ووفق ما يؤمن به تماما كتلك الشعوب المتحضرة التي تتحاور بهدوء وبالحفاظ على حق الكل لطرح رأيه بعيدا عن اسلوب الشعارات التقليدية التي أضرت بقضيتنا بل ساهمت الى حد ما في تغول اليمين المتطرف ضدنا، ناهيك عن المسرحيات من تأليف واخراج من كان وسيبقى همه الوحيد البقاء في المنصب مهما انعكس ذلك بالويلات على شعبنا.
ان الحديث الصادر عن رئيس المشتركة الذي لم نسمع تأكيدا لهذه الصفة من زملائه، بل على العكس كنا نسمع تحفظا ورفضا لهذه التسمية ، حول عدم التشاور معه في التحركات الخارجية ، وقوله الصريح ان زيارة محمد بركة الى قطر قبل استقالته من الجبهة التي يرأسها أيمن عودة لم تتم بالتنسيق معه,
وان الحديث الصادر عن غطاس بأن عودة ليس رئيسا للمشتركة وأنه يقوم باجراءات يتفرد بها دون رأي المشتركة من خلال تقربه لأوساط يسارية اسرائيلية.
وان النشاطات التي يقومان بها الطيبي والسعدي باسم العربية للتغيير والبيانات الصحفية التي تصدر باسمهما لا باسم المشتركة ، وزيارتهما الأخيرة لاوروبا وابرام اتفاق التوأمة مع أحد الأحزاب الاشتراكية والحركة العربية للتغيير.
وان تصريحات عبد الحكيم حاج يحيى بالصوت والصورة ان المكتب الذي افتتح في الرملة هو له شخصيا وليس للمشتركة.
والكثير الكثير من التصريحات التي تؤكد كم هي الهوة عميقة ، تبين لنا ان المستقبل لا يبشر بخير للمشتركة ، لكن ربما يبشر بخير لجماهيرنا التي كانت وستبقى تسعى للحفاظ على الكرامة وتحقيق المساواة.
بطبيعة الحال وكما تعودنا ، ربما نتعرض غدا لموجة اخرى من الهجوم التي تتهمنا بشق الصف كما فعل ذلك معنا احد اقطاب الحركة الاسلامية الجنوبية الذي يطلب منا أن نتق الله والكف عن ابداء الرأي .
لكنهم لم يفكروا يوما في نقاشنا أو حتى شكرنا لأن موقفنا هذا قد يساعد المنتفعين الى التكاتف أكثر ورص الصفوف ضد من يحاول “تخريب المشروع الوطني”.
لا اخجل ابدا ان قلت ليس عيبا ان نتعلم من اعدائنا ونصوب مسارنا، ان نختلف لكن لا نتعادى ، لأن البحث عن أسباب العنف الذي يضرب في مجتمعنا يجب أن يبدأ من نقاشنا وحوارنا.

الكاتب:بقلم: الاعلامي محمد السيد
رئيس حركة كرامة ومساواة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة