قصة قصيرة لميسون اسدي

تاريخ النشر: 02/02/14 | 23:30

فجأة، أصبح الهواء في الغرفة باردًا. لم تتوقع المحامية الشابة أن تعالج ثلاث قضايا في أسبوع واحد، وضحاياها ما زلن في المدرسة الثانوية!! وبتوجيه من مستشارة المدرسة، شعرت أن بصرها أصبح أكثر ضبابية وعضلاتها ثقيلة، وكل حركة من حركاتها أشبه برد فعل متأخر. احتست فنجان قهوتها الإسبرسو الطازجة فساعدتها رائحته على تنقية ذهنها.

دخلت مكتبها فتاة صغيرة تبلغ السادسة عشر عاما، تحمل على كتفها حقيبة مدرسية، وقالت بخجل شديد، انها تريد أن تتوجه للقضاء في قضية تخصها، استغربت المحامية، وسألتها عن ولي أمرها، لكنها أصرت أن تروي قصتها قبل الإجابة عن سؤالها.. نظرت المحامية إلى ساعتها وقالت: لديك نصف ساعة، سأسمع قدر المستطاع..

ثم أخذت قلما وفتحت دفتر ملاحظاتها وأشارت إليها ببدء الحديث..

تحدثت الفتاة بضمير مرتاح: إنه رفيق أخي البكر، زارنا بشكل دائم، فهو صديق العائلة وجارنا على مرمى حجر. التقى بي على مدخل المدرسة، وألح أن يوصلني إلى بيتي، خاصة وأنه بعيد عن المدرسة، وافقت وركبت معه السيارة. في الطريق مد يده ووضعها على ساقي، فأزحتها، مد يده نحو فرجي فرفسته بساقي بكل قوتي. أوقف السيارة جانبا واعتلاني بضخامته، حاول اغتصابي ولكنني قاومت بكل ما أوتيت من قوة، اعتدى عليّ، ضربني، بصق على وجهي، شدني من شعري، وحاول بكل الطرق، ولكني لم أسمح له باغتصابي، وهو مستمر في محاولاته، كنت أتعب من صده، فأتركه يقبلني ويعضني حتى أستجمع قواي من جديد. استطاع أن يفعل بي كثيرا، لكني لم أسمح له أن يلج في جسدي.

مضى أسبوع ولم أتكلم مع أحد بما أصابني، ولكن بعدها تجرأت وبعزيمة صلبة، توجهت إلى مستشارة المدرسة ورويت لها ما حدث معي، ولكن المستشارة لم تساعدني بأكثر من الإصغاء والدعم المعنوي في اللحظة نفسها التي بكيت بها. لم أتعمق بسبب رفض المستشارة المساعدة، ولكنها سمعتني وهي مشكورة..

توجهت إلى الشرطة بعد مرور أسبوعين وأعلمتهم بما حدث معي ومع صديق أخي، فزجوا به في السجن لمدة أسبوعين، وتبين أنه ذو سوابق معروفة بالاعتداءات الجنسية، ثم أطلق سراحه. خرج نظيفا مما اتهمته به، وعاد يتلمظ بشهوة احتراقي من جديد.

– لماذا لم تعلمي ذويك بالموضوع وبما ألم بك؟

– لا يوجد عندهم آذان صاغية، يتخبطون في قذارتهم، وأبي شرطي ومعتد ومتحرش بالنساء، وأمي على علاقات جنسية مع رجال في جيل أبنائها. وأنا بنفسي رأيت جارنا يعلوها في مشهد مقزز تقشعر له الأبدان. ولي ست أخوات لهن أيضا علاقات جنسية خارج إطار الزواج، وعلاقاتهن الجنسية للكسب المادي. أنا من بيت لا ركائز له، وأنا حائرة ووحيدة، فإما أن أترك البيت وإما أن انتحر.

– سنتوجه معا إلى مكتب الخدمات الاجتماعية لنساعدك وفي الوقت نفسه سنتوجه إلى القضاء بعد أن أفحص سجل هذا المعتدي ولنتأكد بأنه سينال العقاب.

خرجت الفتاة بعد أن اتفقت مع المحامية على موعد آخر للقاء.

***

بعد يومين، حضرت إليها طالبة ثانوية أخرى، ولكن هذه المرّة، كانت تطرح قضية صديقتها. فبعد أن استقبلتها، وكانت الطالبة مترددة كثيرا في الحديث، لكن المحامية شجعتها، إلى أن نطقت أخيرًا ولم تتوقف عن الحديث.

قالت: سأحدثك بقصة صديقتي، فهي على علاقة حميمة مع شاب يكبرها بخمسة أعوام، وطلب منها أن تتعرى أمام كاميرا الإنترنيت. في البداية، رفضت ذلك، فقال لها بأنها إذا لم تفعل ذلك فسيجد لنفسه فتاة أخرى، عربية أو روسية أو يهودية وحينها سيتركها. وبدأت صديقتي تتعرى أمامه، وأقام معها علاقة جنسية عن طريق الحاسوب، وهو يستقبلها بعاصفة من التصفيق الجسدي، ويخزن ويحفظ صورها وهي عارية في ملفات الإنترنيت، وتطورت العلاقة بينهما فبات يلتقي بها ويقيم معها علاقة جنسية كاملة.

– ألا تخشى صديقتك من الحمل وهي ما زالت في الثانوية؟

– لا، لن تحمل لأنه يضاجعها من دبرها..

– ولكن هل تعرف بأن هذه الطريقة الجنسية قد تؤدي إلى أمراض عديدة؟

– لا، صديقتي اعتادت على ذلك..

– وهل هي سعيدة؟

– لا، ليست سعيدة..

– إذا، لماذا لا ترفض؟!

– لا تريد أن ترفض له طلبا وتكسر خاطره ويلجأ لغيرها..

– هل هي مجنونة؟ لتقل له لا، جسمي ملكي، وأن تنقطع عن هذه العلاقة..

– لأنه يهددني بصوري وأنا عارية!!

نظرت المحامية، إلى الطالبة ذات الصوت المجرد من العاطفة وأفكارها تجلجل في رأسها، ثم قالت لها: سنتوجه معا إلى مكتب الخدمات الاجتماعية لنساعدك، وفي الوقت نفسه سنتوجه إلى القضاء بعد أن أفحص سجل هذا المعتدي ولنتأكد بأنه سينال العقاب.

خرجت الفتاة بعد أن اتفقت مع المحامية على موعد آخر للقاء.

***

في اليوم التالي، حضرت إلى المحامية عاملة اجتماعية، وقالت لها بأنها مندوبة عن جمعية تعنى بالنساء المعتدى عليهن، وتريد أن توكل لها معالجة قضية فتاة اسمها سميرة، فسألتها المحامية: ما هي قصة سميرة؟

أجابتها المستشارة الاجتماعية: أجريت لسميرة عملية في الرأس فأصيبت بشلل في جسدها، وأصبحت لا تستطيع الكلام بصورة واضحة وتتكلم بشكل معكوس، فبدلا من أن تقول "أكلت تفاحة صفراء اليوم"، تقول: "صفراء تفاحة أكلت اليوم"، ولكن أهلها وخاصة أمها تفهم ما تقصده ابنتها رغم العاهة الجسدية الصعبة التي تعاني منها. سميرة في الصف الحادي عشر ولكنها ضمن صف التعليم الخاص بسبب عاهتها الجسدية. جاءت ابنة عمها وصديقتها لتنام عندهم في غرفتها، استيقظت سميرة من نومها وإذ ابنة عمها تداعب فخذيها وفرجها ولم تتوقف عن المداعبة حتى ملت هي بنفسها. في الصباح تحدثت سميرة إلى والدتها ولكن والدتها لم تصدقها وكذلك فعل والدها.

في إحدى الليالي عاد أخوها البالغ 25 عاما، من خدمته في الجيش الإسرائيلي وهو ثمل، أخرج من جيبه ورقة الـ 20 شاقلا وطلب منها ممارسة الجنس عن طريق الفم، فكسا الخوف وجهها وحدقت إليه جفلة، ثم قالت بتلعثم وببطء: "الحمام إلى سأدخل ذلك قبل حسنا" قصدت (حسنا سأفعل ولكنني سأدخل إلى الحمام). وعندما دخلت، أغلقت الباب وراءها وبدأت تصرخ بأعلى صوتها، وكان دويُّ صوتها يصمّ الآذان حتى استيقظ والداها وقصت عليهما ما حدث.. غضب منها والدها لأنها تتهم من يحبها اتهامات باطلة وبصورة عشوائية، ولاذ أهلها بالصمت كاللصوص التي تلدغهم الأفاعي.

ذهبت سميرة إلى مستشارة المدرسة وعيناها محتقنتان بالدماء ومتعبتان، وقصت عليها ما جرى. واستدعت المستشارة ابنة عمها لتحقق معها في الأمر ولكن هذه نفت التهمة الموجهة إليها، وفي وسط هذه المعمعة لم تعد ابنة عمها إلى مقعد الدراسة بعد!

وسميرة اليوم، تسبح في نفق مظلم وستصل إلى نقطة اللاعودة، والاضطراب ينهش أحشاءها، وكلما اختلى بها أخوها يرفسها بقدمه، مدّعيا أنها تتوهم ما ينقصها وتتهمه بذلك جزافا، فتصاب برعشة خوف تجتاح جسدها.. ووالداها المتملقان غارقان في حثالتهما البشرية..

‫3 تعليقات

  1. القصه جميله ولها مغزى كبير. والعبره لمن يعتبر من مستشاريين وباحثيين اجتماعين ومعلمين واباء وامهات.الاولاد هم امانه ويجب المحافظه على تلك الامانه

  2. قصة قيمة والعبرة لمن يعتبر لك التحية والتقدير على هذا الطرح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة