العنف ضد المرأة

تاريخ النشر: 26/01/17 | 21:21

تعد ظاهرة العنف ضد المرأة من اخطر الظواهر الاجتماعية والعالمية المنتشرة التي تجاوزت الحدود الجغرافية والفوارق الطبقية والخصوصيات الثقافية والحضارية والانتماءات العرقية. وقد أصبح العنف ضد المرأة ثقافة عامة تمارس في جميع ميادين الحياة الاجتماعية وهو احد اهم القضايا التي تبرز على الصعيدين العالمي والمحلي، فهي لا تخص مجتمعا بعينه او ثقافة او منطقة معينة ، كما انها ظاهرة مرشحة للتفاقم في ظل ظروف صعبة ومعقدة مثل ازدياد حدة الفقر والتخلف والارهاب والهجرة وارتفاع تكاليف المعيشة والرعاية الصحية والاجتماعية في ظل تنامي المجتمع الاستهلاكي المعولم.
ان العنف ضد المرأة هو ظاهرة اجتماعية تعكس الجانب الانحرافي المهدّد للبنية الاجتماعية للأسرة والمجتمع، خصوصاً أن الاضرار الجسيمة التي تلحق هذه الظاهرة سواء كانت على المستوى النفسي أو الجسدي أو الاجتماعي تهدّد أمن المجتمع وطمأنينة افراده, فله اثار كثيرة مؤدية لكثير من المعاناة ، سواء كانت من الناحية الجسدية كالإيذاء الجسدي والاعتداء الجنسي والاغتصاب، او من الناحية المعنوية كالعنف اللفظي والاجتماعي والنفسي والسياسي ، بما في ذلك التهديد به او استعمال اساليب غير مباشرة كالنبذ والتحقير والحرمان من الحقوق المدنية والحرية والمساواة في الحياة العامة او الخاصة .
هذا العنف هو عنف مبني فقط على الاختلاف الجندري، فهو عنف موجه للمرأة بسبب كونها امرأة. وبالتالي يعبّر عن عدم التوازن بين الجنسين واختلال في ميزان القوى بين الرجل والمرأة، أي انه تعبير عن التسلط والاضطهاد والقهر الذي يمارسه الرجل ضد المرأة بهدف قهر إرادتها وتطويعها واذلالها وهذا يعني انتهاكًا لحقوق المرأة كإنسان . كالحرمان من التعليم والعمل، والاكراه على الزواج او أي عنف يطالها وبأية وسيلة كانت ، طالما يقع عليها الأذى لكونها امرأة.
ونرى أن ممارسة العنف ضد المرأة غير محصور بمنطقة معينة، بل نراه منتشرًا بجميع انحاء العالم، دون اختلاف جوهريّ بين المجتمعات المختلفة. يمكن التفكير بأن أصل هذا العنف وأساسه هو بيت المرأة نفسها، حين يرتكب الأزواج والآباء أو غيرهم من الأبناء الذكور قدراً كبيراً من هذا العنف بحق نسائهم وبناتهم، ممّا يجعل البيت أخطر الأماكن بالنسبة للمرأة، بالوقت الذي على البيت أن يكون ملجأ لها.

بالإضافة لما تخوضه المرأة من عنف في بيتها، تعاني من أعمال عنف متعددة الأشكال والدرجات في اطار المجتمع عامة، يمارسه عليها رجال لا يمتون لها بصلة من منطلق الشعور بالتفوق الذكوري، حيث تتعرض المرأة خارج منـزلها للعنف اللفظي والنفسي والبدني والجنسي ابتداءً من الكلام البذيء والتحرش الجنسي وانتهاء بالاغتصاب، كما تخضع في أماكن العمل للتخويف والابتزاز والمضايقات المستمرة من الرؤساء والزملاء وممارسة الاستبداد ضدها ومنعها من ممارسة حقوقها الاجتماعية والاقتصادية وغيرها (عنف عام).
ورغم التطور والتقدم التكنولوجي والثقافي الحاصل في المجتمعات المختلفة وبالرغم من وصول المرأة إلى درجات عليا على الصعيد العلمي والعملي وبالرغم من كل ما حققه الانسان من التقدم الهائل على كافة الأصعدة والمجالات ومع ما يعيشه الانسان اليوم في عصر الحداثة والعولمة، الا ان النظرة إلى المرأة ما زالت كما كانت عليه سابقا ويمكن أن نقول بأن العنف ضدها أصبح أكثر من السابق. فكيف يمكن للتطور أن يجعل الإنسان يتخلى عن العديد من الأمور ليحل محلها أمورا أخرى؟ وكيف لا يعمل على تغيير أمور ذات أهمية مثل النظرة للمرأة ؟، فتطور وسائل التكنولوجيا واستخدامها لم يستطع أن يجعل المجتمع يغير من نظرته للمرأة وبالتالي ما زال تطورا منقوصا ، فالمرأة في نظر المجتمع هي الطرف البعيد, الناقص والضعيف سواء كانت متعلمة أو لا، عاملة أو لا، فلا يغير تعليمها شيء فهي امرأة ضعيفة ليست لها حقوق في المجتمع وهي بنفس الوقت مطالبة بأداء ما عليها من واجبات اتجاه بيتها .

كيف يمكن للمرأة أن تتخلص من العنف؟ سؤال جوهري يجب أن نبحث بعمق وصدق في كيفية الإجابة عليه، انطلاقا من حرصنا الدائم على ديمومة مجتمعنا وتطويره لما فيه من صلاح لكل فرد من أفراد المجتمع، وإيمانا منا بان المجتمع المتقدم لابد أن يكون مبنيا على أسس الترابط المجتمعي والتي لن تكون دون ترابط أسري متين خال من المشاكل الغريبة عنا وعن قيمنا الراسخة والتي أكدت دائما على احترامنا لبعضنا البعض.
ولمناهضة العنف والتمييز الممارسين ضد المرأة، على كل امرأة وكل انثى أن تكسر حاجز الصمت وتتصدى للعنف والاضطهاد التي تتلقّاه من أيّ جهة كانت، ولا بد لها أن تعرف حقوقها وكيفية الدفاع عنها، يجب عليها عدم التسامح والتهاون عن سلب حقوقها وأن تصنع كيانًا واعيًا ومستقلًا لوجودها، وأن تواجه كافّة التحديات والصعوبات والعقبات التي تقف في طريقها، لتصبح انسانًا شامخًا، ذو اعتبارات ثابتة لا يمكن في أي وقت أن يتنازل عن حقوقه والتضحية بمكتسباته.

بقلم مروة كناعنة – كفر قرع ..طالبة عمل إجتماعي في جامعة تل أبيب

3onf

‫3 تعليقات

  1. أبدعتِ مروة ، دايما متميزة و متألقة ??
    كل الاحترام و الله انه بنرفع الراس فيتش??
    الى الامام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة