هوية وخطاب عرب 48

تاريخ النشر: 20/10/16 | 0:22

يشكل عضو الكنيست الدكتور أحمد الطيبي ظاهرة فريدة في مجتمعنا تستحق الوقوف عندها. على مر السنوات أعتبر الطيبي عضو كنيست انفرادي أن لن نقل انتهازي. عضو كنيست لا لون ولا طعم له. اعتبره التيار الوطني- القومي “بايعها”، بالعامية، بينما أثبت الطيبي نفسه سنة بعد سنة، ليصبح أبرز شخصية سياسية عربية في البلاد. وليس بالصدفة يتبوأ المكان الاول في استطلاعات الرأي.
دون الخوض في الأيدولوجيات والكلمات الفضفاضة التي لا تطعم الخبز، أعتقد أن الطيبي دون غيره، من الشخصيات البارزة في مجتمعنا، هو الأكثر تأثيراً على مصيرنا في الدولة وبالأساس على هويتنا وعلاقنا بالآخر اليهودي. مقارعة اليهودي أنفاً لأنف ودون هيبة، يصب في بناء هوية واعتزاز الفلسطيني بنفسه لا يقل، أن لا يكون أكثر من الادلجة وتعلم التاريخ والتمسك بالتراث. فالهوية هي ليست فقط وعي بل ممارسة الوعي على ارض الواقع.

مواجهة الطيبي للفاشي “روني دانيئيل” يوم الجمعة الفائتة كان أوج صولاته في الصحافة، لكنها لم تجيء من فراغ بل كانت حلقة من حلقات متواصلة، لمقارعة عنجهية اليهودي وخطابه الذي يرمي لتهميشنا بل لمحونا. جاءت مجابهة الطيبي في صلب الموضوع، ومع من يمثل السلطة بكل استعلائها وعنصريتها. لذلك دغدغ كل وجدان عربي في البلاد “وفشله خلقه”، وذلك بثبت أن خطاب الطيبي يصب في صلب هويتنا. ولا يعتقد أحدكم أن ما فعله الطيبي سهلاً، من تجربتي خوض مقارعة الصحفيين في عرينهم- في استوديوهاتهم صعب للغاية، ويتطلب قدراً كبيراً من الثقة بالنفس والعزيمة.

الخطاب الاسرائيلي السائد والذي يقوده نتانياهو بشكل فاضح وسافر, لكن يشارك به ما يسمى اليسار بأشكال مخفية وخطرة أكثر. ذلك الخطاب يرمي الى تجريدنا من انسانيتنا. ذلك الخطاب يؤمن بأفضلية اليهود( الاشكناز) عرقياً وأخلاقياً وبدونية العرب، كل العرب على اطيافهم وملاتهم ( بما في ذلك اليهود العرب أو اليهود الشرقيين كما يسمون انفسهم) وهمجيتهم ! ذلك الخطاب، يشرعن الاحتلال، ويشرعن أيضاً تهميشنا نحن العرب في الدولة والسيطرة علينا بكل الطرق. فبموجب ذلك الخطاب، اذا حكم على شعب التحكم بالآخر، مفضل الوضع القائم والا كان مصير اليهود حيتان البحار.
طالما يسيطر ذلك الخطاب على الشارع اليهودي- الاسرائيلي سوف لا تكون أي بارقة أمل للسلام بين الشعبين، ولإنصافنا ومساواتنا نحن هنا في الدولة. يقول المفكر العظيم ادوارد سعيد أن النضال من أجل تفنيد وتغيير خطاب المسيطر، لا يقل أهمية عن النضال لتحرير الارض. المطلوب تحررنا نحن من خطاب الآخر ومن هيمنته، تحررنا من تذويت القهر- على فكرة على جميع الاصعدة السياسية والجماعة وحتى الجنسية- حتى نستطيع مقارعة الخطاب اليهودي في طريق التغيير من أجل حياة أفضل للجميع. حياة آمنه وعادلة لنا ولهم. المطلوب، كما يقول الفيلسوف التربوي باولو فريري، تحرير أنفسنا من أجل تحرير اليهود- الغربيين والمستغربين من غطرستهم واستعلائهم وعنصريتهم من أجل مجتمع صحي, ودولة عصرية متعددة الثقافات ومتساوية للجميع.

رباح حلبي

al6ebe

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة