حرمان: مرجان صٌنع من رماد وقيمة ثقافية عليا تحمل رسائل إنسانية كونية

تاريخ النشر: 06/10/16 | 19:01

فيلم حرمان.. انتاج سينمائي محلي..محلي بفكرته واخراجه وتمثيله وانتاجه.. يطل علينا في زمن رهيب يعيش فيه الفحماويون اسقاطات العنف والجريمة بأبشع صورها. فمقابل المزاج الناشئ عن فظاعة العنف والتدهور والجريمة والاحباط،وكأن “البلد خربت “.. يطل ابطال فيلم حرمان من شاشات العرض بإبداعهم التمثيلي والتصويري ليقولوا لا..نحن المبدعون، رواد الثقافة ممثلون وممثلات ومصورون ومهندسون للتصوير والتحرير والصوت، نحمل لكم شعلة نور الامل بان البلد بخير ويمكن ان يكون بخير… وانه يوجد بديل للعنف والفوضى ويوجد بديل للفردانية والأنانية..طاقم مجتهد يعمل كعائلة متماسكة لإنتاج تحفه فنيه ذات رساله انسانية واجتماعية تربوية وسياسية والاهم رساله فنيه. هي قيمة فنيه خلاقة تحمل رساله الصراع بين الخير والشر والقوي والضعيف، بين الاناني والكريم بين الغنى الفاحش والقناعة، لينتصر بها الخير والحس الانساني وقيم الحياة.

حرمان هو مرجان فحماوي مصنوع من رماد جبلته ايادي المبدعين على راسهم المخرج والممثل مصطفى حسين محاميد لتقدم ام الفحم الى المنصة العالمية من اجمل منصاتها…”كان” ودبي وباريس والمغرب والاوسكار، اي نحو منصة العالمية وهدا مجد وتاريخ وشهره لام الفحم.

حرمان فيلم جدي هادف بكل مركباته وليس فيلم “هشك بيشك.”.انما بسيناريو انساني –مجتمعي لا يقل عن افكار فكتور هوغو في رواية البؤساء ولا عن احاديث غوركي في رواية “في القاع”. سيناريو ابداعي وقوي ومركز وملي بالانفعالات الواقعية. وهذا الابداع يحسب للمخرج كاتب السيناريو الاخ مصطفى حسين، “وكانه يدعوهم للحديث على فنحان قهوة في ام الفحم”.
حرمان. كلمه نسمعها فتسحرنا بقوه خارقه لتأخذنا نسال عن الحاجه للحنان الانساني..للعطف للاهتمام والرعاية والتي هي اهم مركبات الشخصية الإنسانية الساعية الحياه كريمة. وهذا ما يتجلى في كل مسار الفيلم من الأنشودة حتى الحريق.

عيون الطفل ولغة جسده الفارغة من الحنين والانتماء الاسري…القلق والغضب والخنوع الطالع من وجه وجسد الاب.،.الالم والحزن المجبول بقوه الحياه والتمسك بالأبناء والحياة في عيون الام…قوه طاقه التمرد على الانحطاط في وجه الضحية. كلها صور ابداعيه ستخلده ذاكرتنا الفردية والجماعية.
الممثلين والممثلات بذلوا اكبر جهد لتقديم الصورة السينمائية المهنية، واكاد اجزم ان الله وفقهم. واخص دور الام والزوجة المركب من تناقضات التحدي لانحدار الزوج وعنفه وللفقر وقله الحيلة الاقتصادية والقلق على مصير الابن. كل هذا في طروف مجتمع ابوي ذكوري محافظ وعنيف. وفعلا هنا تجلى ابداع الممثلة الام. مقابل ابداع الممثل الاب والمناقض بقيمه لها. وأشير الى ابداع الأخوة جميعا والمعروفين بمنهيتهم وقدراتهم التمثيلية المباركة. واعتقد ان جميع الممثلين ابدعوا في ادوارهم رغم انهم هواه ويظهرون لأول مره امام الكاميرا.
انا شخصيا ارى الفيلم والسناريو ابداع يخترق مدرستين أدبيتين، هما مدرسة الواقعية الاشتراكية ومدرسه الواقعية الرومانسية،فيمزجهما ويخلطهما ليشكل له مدرسة جديدة،هي مدرسة الواقعية الحسية. فالمخرج يأخذنا تارة الى عالم اندريه تاركوفسكي السينمائي المتطرف بحده الألم ودقة الحركات ولغة الجسد الى عالم ستانيسلافسكي المسرحي العقلاني حيث تجتمع التناقضات لتتوحد في تناقض واحد وبمزاج “الباتشينو” موجه للتناحر من أجل توازن حياتي- قيمي لا تنازل فيه….. فهنيئا لكم ولنا ابداعكم.
فيلم حرمان.. ولد في اصعب ظروف مادية، وبالمقارنة مع افلام اخرى صرفت عليها مئات وملايين الشواقل هو انجاز فني ثقافي اجتماعي تربوي وسينمائي كبير. لهذا سيدخل التاريخ من اوسع ابوابه كأول عمل سينمائي تطوعي جماعي.

لا انسى اغنيه الفيلم التي توجت جمال التمثيل بسحر اللحن وروعه النص الكلامي المنسجم مع رساله الفيلم.
ابارك واهني كادر الفيلم وطاقمه واحييي كل من دعمه. وادعوا الجميع لمشاهدته والتمتع بأبداع محلي مثير ومفيد لما فيه من رسائل قيمية عليا.
مبروك نجاحكم اداريين وممثلين وممثلات.. وننتظر منكم حرمان 2..فلا تتأخروا علينا…

بقلم: د. زياد محاميد

unnamed

تعليق واحد

  1. كل الاحترام والتقدير لكل من عمل وساهم لانجاح هذا العمل الفني والثقافي الراءع والى الامام قدما وجزيل الشكر للدكتور والرفيق زياد محاميد على العبارات المجملة والمعبرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة