على هامش المعرض الدولي الاول للفنون التشكيلية

تاريخ النشر: 25/11/13 | 7:56

افتتح صباح السبت الماضي في منتدى حكاية وبمبادرة مسرح عين الغربال، المعرض الدولي الاول للفنون التشكيلية في كفر قرع، بمشاركة ما يزيد عن ثلاثين من الفنانات والفنانين التشكيليين، من فلسطين وخارجها. وساهم في المعرض متعدد الفعاليات والتوجهات ثلة محترمة من الشعراء ورجال الادب وجمع غفير من الاهالي من مختلف الاجيال. وجاء هذا المعرض نتيجة ناجحة للجهود التي بذلها كل من الفنانة رانية عقل وزوجها الفنان والمفكر سعيد العفاسي والسيد نضال فنادقة صاحب مطعم ومنتدى حكاية.

قمت وزوجتي بزبارة المعرض على مرحلتين، الاولى في ساعات الصباح والثانية بعد العصر. بودي ان اتطرق لهذا المعرض – الورشة من عدة جوانب:

1. الفكرة هائلة ولا تقل ابداعا عن انتاج الفنانين والفنانات المشاركين، ان هذا الربط بين الفن التشكيلي والفن الكوليناري ليس بالامر المعهود او المنتشر، على الاقل في بلادنا وعلى هذه الفكرة المبدعة اشكر المبادرين وكل من شاركهم وساعدهم على تحقيقها.

2. إن الربط، متعدد الاتجاهات، اكسب المعرض لونا غير اعتيادي بالمرة وخصوصية قل ان نجد لها مثيلا: ففي الصباح وجدنا مجموعة من الاطفال يشاركون في ورشات فنية جاء ذكرها في التقارير الصحفية التي نشرت في بقجة عن المعرض ولذا لن اعيد ذكرها هنا. لكن من المهم ان نعي التأثير الهائل والخاص على هؤلاء الاطفال حين تسنح لهم الفرصة بتعلم خطواتهم الاولى في الفن، على يد فنانات وفنانين رفيعي المستوى، بما يشمل كسر الحواجز النفسية وزيادة الثقة بالنفس وغرس حب الفن والذائقة الفنية لديهم. ويا حبذا لو تتم دعوة طلاب مدارس المنطقة كلها لزيارة المعرض ولو يتم تعميم هذه النشاطات بينهم.

3. ان فكرة "احضار" الفن الى الجمهور العريض واتاحة الفرصة امامه للتفاعل المباشر مع الفنانين لهي مبادرة خيرة ومحفزة. فالفن الحقيقي لا يجب ان يبقى معزولا في المتاحف وصالات العرض، بعيدا عن جمهور "أصحاب الشأن" الذين أُنتج هذا الفن عنهم ولهم. كما أن إتاحة الفرصة للكشف عن دوافع وأحاسيس الفنان وشرحها للجمهور الواسع تشكل بنظري خطوة ضرورية لتقريب الناس من الفنان، اجنماعيا وفنيا وهي ايضا ضرورية لتشكيل وصقل للذائقة الفنية لدى الجمهور.

4. كما أنني أجد الربط بين الفن التشكيلي والفن اللغوي-الشعري ربطا ابداعيا ايضا. فعدا عن بعض الحالات القليلة في انتاجنا الأدبي، قلما نجد التفاعل بين الشاعر والرسام او النحات. ولعل ابرز شعرائنا في هذا الاتجاه هو الشاعر والمفكر ابراهيم مالك والذي شرفنا بحضوره وتفاعله مع الجمهور طيلة ساعات يوم الافتتاح. وبرزت هذه الظاهرة ايضا في القصيدة التي كتبها ونشرت في موقع بقجة والتي استوحاها من مجموعة من اللوحات المعروضة. إلا أن ما ينقصنا ايضا هو ندية مثل هذا التفاعل لنجد فنانا يرسم لوحة او منحوتة مستوحاة من قصيدة لهذا الشاعر او ذاك.

5. الورشة الشعرية التي شارك فيها الشاعر مسلم محاميد كانت جيدة وقصيدته "السيدة" التي ألقاها رائعة. كما أن فتح المجال امام الناشئة من هواة الشعر ليلقوا قصائدهم وليتلقوا النقد مباشرة من شعراء مرموقين بجو مشجع وروح ايجابية محفزة على مواصلة التجربة وصقل الهواية لهو قيمة اضافية لهذه الورشة.

6. لشديد الاسف غابت الموسيقى كلية عن هذا المعرض وأنا اتمنى على المبادرين والمنظمين أن يشملوها ضمن نشاطاتهم المستقبلية او حتى خلال هذا المعرض في واحدة او اكثر من الامسيات القادمة. كما أن عدم الانتباه للصوت وضرورة تكبيره شكل بنظري نقصا تنظيميا لأنه حد من القدرة على السمع في بعض المراحل. فهيهات لو يتم الانتباه لهذا الموضوع لاحقا. إضافة وصلني خبر المعرض والمبادرة اليه متأخرا جدا، بضعة ايام فقط، قبل موعد افتتاحه. فهل تم النشر بشكل كاف وهل تم التوجه في الوقت المناسب للجمهور؟

7. بما أن المعرض مستمر حتى نهاية السنة ولأن الجهود التي بذلت لإقامته جبارة، أجد أنه ما زال امامنا متسع من الوقت للنشر عنه ولاستقطاب كوادر واسعة لزيارته ولتطوير هذه الفكرة الرائعة وإكسابها رونقها وتأثيرها المرجو. ويا حبذا لو يتم التعميم ايضا في الوسط اليهودي وباللغة العبرية.

في النهاية أورد ما كتبه الاخ المفكر والناقد الفني سعيد العفاسي في واحد من مقالاته عن المعرض لأنني أجد فيه خلاصة المعرض وجوهر الفكرة، كتب: "إن الفعاليات الثقافية والفنية والمجتمعية التي حجت إلى منتدى حكاية، لمواكبة اشغال المعرض وبرنامجه الفني، والذي اختير بعناية فائقة لكي ينسجم وفق كل التطلعات، وحتى يكون فيه إفادة لكل المشارب المجتمعية كل حسب ذوقه وهوايته، ومبتغاه، جاءت لكي تبرهن عن تشبثها بالفنانين وبمساعيهم التي تبغي الكشف عن اساليب وطموحات منبثقة من نبض المجتمع نفسه، ومن معيشته اليومية لكي تتعمق هذه العلاقة الجدلية، الفن/ المجتمع، وتصبح ضرورة ملحة وضامنة لوحدة المجتمع مهما تفرقت السبل، وتعددت المسالك، صحيح أن المجتمعات اصبحت منسوبة لحدود وبقعة وجهة معينة، لكن الفن يبقى دائما وطنا كبيرا للإنسانية، لا حدود له، ولا راية له".

في النهاية، ادعو الجمهور الكريم لزيارة المعرض وللتمتع بالمعروضات الفنية الراقية، رسومات ومنحوتات، وأعيد شكري لنضال فنادقة، رانية عقل، وسعيد العفاسي على مبادرتهم المذهلة. نعتز بكم.

‫2 تعليقات

  1. أحيّي الصديق د. حسام مصالحة على ملاحظاته القيّمة الجادّة،
    وأشاركه الرأي في أهميّة مثل هذه المبادرات التي من شأنها
    تقريب الفنّ إلى الجمهور الواسع والأجيال المختلفة، وتُسهم في
    تعزيز الذائقة الفنّيّة والارتقاء بها.

  2. اعتز وافتخر بالعمل وبالمنظمين وأشد على أياديكم جميعاً .. إبداع بكل معنى للكلمة
    وللتنويه فقط اود التويج بان البط ما بين الشعر والرسم والموسيقى قائم بعمل العديد من المبدعين بعضهم رسم قصائد للشاعر إبراهيم مالك على سبيل المثال وقد رأينا شعراً يُكتب عن لوحات والشاعر إبراهيم مالك رائد في هذا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة