التطور العلمي الإنساني للعالم المصري الدكتور أحمد زويل

تاريخ النشر: 08/08/16 | 4:05

وُلد العالم المصريُّ أحمد زويل في العام 1946م، في مدينة دمنهور بالبحيرة، حيث تلقَّى تعليمه الأساسيّ، والثانويّ، والجامعيّ في مدينة دسوق محافظة كفر الشيخ عندما انتقل والدة للعمل بالإدارة الصحية بدسوق فانتقلت الأسرة كاملة للعيش بدسوق بجوار عمل والدهم في مصر، وتوفي ودفن الوالد بمدينة دسوق وانتقلت الوالدة إلي مدينة الإسكندرية وعاشت هنالك من بعد هجر ابنها احمد إلي أمريكا للتعلم والعيش فيها
في أشد حاجتها إلى مثل هؤلاء العظماء ودعت مصر أحد أبنائها، ليس بالهين أن ننجز تاريخ فقيد العلم والإنسانية في مقال أو مجرد بعض الكلمات، إننا نعزى أنفسنا قبل أن يواسينا عموم الإنسانية في العالم كله، يحتم علينا أن نُذَكر جميع الشعوب أن الذي فقدناه أحد أبناء المحروسة بحفظ الله لها، إنه الأب والمعلم قبل العالِم والمخترع إنه أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل عام 1999، عن اختراع كيميائي، ساهم به في حدوث نقلة فريدة في عالم تكنولوجيا التفاعل الذرى، ليصبح بذلك أول عالم مصري وعربي يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء، وليدخل العالم كله في زمن جديد لم تكن البشرية تتوقع أن تدركه لتمكنه من مراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي عن طريق تقنية الليزر السريع، وليس بمتسع أن نذكر الجوائز التي حصل عليها العالم أحمد زويل.
لقد تخطت عمليات استشراف المستقبل في الوقت الحالي تلك المرحلة الأولية المليئة بالخيال الذي لم يكن يستند في معظم الأحيان إلى حقائق ووقائع مدروسة بطريقة علمية دقيقة، كما هو الشأن الآن، بل ولم تعد هذه العمليات تقنع بالتنبؤ بما سوف يحدث اعتمادا على رصد الواقع، ثم تهيئة الأذهان للتغيرات المحتمل حدوثها، وإنما أخذت تهتم إلى جانب ذلك بالتخطيط العلمي السليم لمواجهة هذه التغيرات بإجراءات حاسمة وفعّالة، أي أنه أصبح لها أهداف عملية أو تطبيقية تتجاوز مرحلة المعرفة النظرية البحتة، وتعنى بوضع الخطط ورسم السياسات التي تكفل حسن الإفادة من هذه التغيرات مع الاستعانة في ذلك بقراءة التاريخ ورصد مسار الاتجاهات العامة السائدة في المجتمع، بل وفى العالم كله، والنظر إلى الأحداث من منظور شامل وكلى يأخذ في الاعتبار مختلف الاحتمالات والإمكانات.
لقد ساعدت هذه الخطوات على اعتبار عمليات استشراف المستقبل دراسة علمية ، أو حتى “علما” قائما بذاته ، وله مقوماته التي تبرر الإقبال المتزايد على التخصص فيه ، وإن كان هذا لا يمنع من أن الأحداث المفاجئة قد تأتى مغايرة لكل التوقعات في بعض الأحيان. لذا يرى البعض أن ذلك يفرض بعض المحاذير على اعتبار دراسة المستقبل “علما” بالمعنى الدقيق للكلمة. وكان الدكتور أحمد زويل أحد أعضاء لجنة الحكماء التي تشكلت من مجموعة من مفكري مصر لمشاركة شباب الثورة في القرارات المتخذة بشأن تحسين الأوضاع السياسية والقضاء علي رموز الفساد، كما تبنى مبادرة لإنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا من أجل تنفيذ مشروعه القومي بترسيخ قواعد العلم الحديث في مصر، وتطوير المنظومة التعليمية. ولكن يجب علينا أن تسطر أقلامنا وأن نُعَرجَ بها على إسهاماته في بناء مصرنا الحديثة، وأبرزها “مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا” والتي كانت إحدى أمنيات العالم أحمد زويل، وكان هدفه منها بناء جيل حضاري حديث قائم على أسس علمية يستطيع أن ينافس أجيال حضارات أخرى، وفى كل لحظة من حياته كان داعماً للرقى والتقدم البشرى، وفى محاضرته الشهيرة باليونيسكو أكد على عدة أسس يقوم عليها المجتمع، يقول “أعتقد أن الحرية والقيم الإنسانية، والتي تعد مبادئ أساسية في الديمقراطية، هي شيء أساسي لقفزات من التقدّم والاستخدام الأفضل للموارد البشرية، ويجب أن تصدر هذه المبادئ لدول العالم الذين لا يملكون، ولكن مع تفهم الفوارق الثقافية والدينية ومن غير سيطرة أو إكراه مع إيمان بقوة المعرفة وخطورة الجهل الذي هو مصدر البؤس والشقاء لكل الناس دون جدل”.
أن الاهتمام باستشراف المستقبل ليس مقصورا على المجتمعات الغربية، أو على العصر الحديث. فقد كانت كافة المجتمعات شديد الولع دائما بالتعرف على مستقبلها ، وما يخبئه القدر لها ، وكانت وسائلها البسيطة لذلك الوسائل الغيبية مثل التنجيم والسحر والشعوذة وغيرها من الوسائل التي قد لا تتفق مع المنطق والعلم الموضوعي الحديث ، ولكنها كانت تعتبر في نظر أصحابها نوعا من “العلم” خاصة أن قدراً من هذه التنبؤات التي كان يتم التوصل إليها باستخدام هذه الوسائل قد تحقق البعض منها بالفعل على مستوى الواقع.
إن الفقيد العالم أحمد زويل حصل على الكثير من الأوسمة وشهادات الدكتوراه الفخرية ولعل أرفعها وسام اﻻستحقاق من الطبقة الأولى وقلادة النيل العظمى التي تعد أرفع وسام مصري كما كان عضوا في كثير من اﻻكاديميات فقد كان خير سفير لبلده جمهورية مصر .
من أشهر أقواله هي (إن الغرب ليسوا أذكي من العرب ونحن لسنا أغبياء ولكن في الغرب يدعمون الفاشل حتى ينجح وعندنا يحاربون الناجح حتى يفشل) وكان الراحل الكبير شديد التواضع فقد كان مكتبه في الجامعة التي يديرها صغيرا فهو ﻻيهتم بالمكاتب والمظاهر ولكن يهتم بالمعامل والمختبرات والبحوث وكان يقود سيارته بنفسه بدون سائق وكان متذوقا للموسيقى وفي أوقات فراغه يستمع إلى أغاني الموسيقار محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق المطربة أم كلثوم فهو شديد التمسك بهويته المصرية العربية رغم حصوله علي الجنسية اﻻمريكيه وإقامته هناك.
في إحدى لقاءاته التلفزيونية تم توجيه سؤال له كيف يمكن حل مشاكل العرب والمسلمين والظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة في هذه الفترة منذ اندﻻع مايسمى بثورات الربيع العربي التي تحولت إلى صيف ساخن فكان رده الحل يكمن في كلمة واحدة هي العلم وهي إجابة مختصرة ولكنها أصابت كبد الحقيقة فنجد مثلا دولة مثل اليابان وكذلك ماليزيا ﻻتملك أي موارد خام مثل النفط والحديد وغيره ولكنها تحولت إلى دولة صناعية حديثة متطورة لأنها اهتمت بالتعليم وهي الكلمة السحرية للتطور.
لو كانت الأنظمة العربية اهتمت بالتعليم ووفرت كل اﻻمكانيات للشباب العربي وكذلك الشباب المسلم لما كان عندنا فكر متطرف كان نتيجته جماعات وتنظيمات متطرفة مثل داعش وحزب الله ولما كان لدينا أنظمة تتستر بالدين لتحقيق أهداف توسعية مثل إيران لأن هناك مقولة للإمام علي تقول (كما تكونوا يولى عليكم) والأكيد أن الشعوب الجاهلة تحكمها أنظمة استبدادية متخلفة تستثمر جهل الشعوب حتى تسيطر عليها .
ختاما نقول رحم الله العالم الجليل أحمد زويل وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان وﻻشك أنه رحل جسدا ولكن فكره وأبحاثه وعلمه يعتبر ارث ثمين يسهم في تطور البشرية وسيبقى اسمه محفورا في ذاكرة التاريخ لأنه عالم أفنى عمره في الأبحاث التي تخدم البشرية والإنسانية فهو ليس خسارة لمصر فقط بل خسارة للعالم لأنه شخصية عالميه ونأمل أن تهتم الحكومة المصرية بمدينة أحمد زويل العلمية حتى تكون مصدر إشعاع علمي في العالم وتستمر في خدمة البشرية والإنسانية كما أراد لها الراحل العالم الجليل الدكتور أحمد زويل وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الدكتور عادل عامر
3adel3amer

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة