إحترام قضاء – أم تحدى إرادة قرار

تاريخ النشر: 26/06/16 | 9:37

.. حين تصدر محكمة فى أى مكان فى العالم قرار تقر فيه “عدم سلطة المحكمة” أو “عدم إختصاص المحكمة فى نظر الدعوى”.. يعنى حرفياً أن المحكمة المعنية بالشأن غير مؤهلة الإختصاص أو منوطة السلطة لبحث أو بت المسألة المطروحة أمامها سواء إستأنف الخصم أو رضخ لحيثية الحكم.. (لن) يغير من أمر الإختصاص أو السلطة القضائية شئ تحت (أمر) “سيادة القانون” المؤسس على ركائز وثوابت بنود الدستور ومنطق القانون..
.. ومن مضمر المضمون.. قد أعلنت محكمة القضاء الإدارى المصرية “عدم إختصاص المحكمة والقضاء عموماً” –– من حيث –– “(لا) يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن اى جزء من إقليم الدولة”.. وبناء على ذلك.. “بطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية واستمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير” مع “إلزام الدولة بتنفيذ الحكم بمنطوقه”..
.. ولو أن المحكمة ذعنت “عدم إختصاص” مرجعاً إلى “أعمال السيادة”.. ومن ثم زعمت أن الأمر يصب فى مرمى “مجلس النواب”.. فكلتا الجهتين (لا) تملكان حق القرار.. و(إلا) سيصبح غير دستورى.. لأن (لا) يوجد دستور فى العالم يبيح لأى حكومة بيع أو تنازل عن أرض البلد لأى دولة أخرى إنطلاقاً من دعامة (قوة) “سيادة القانون” الذى هو ركيزة الإدارة وحجر أساس الحكم فى دولة تود مراكبة دول “الديمقراطية والحرية” تحت ظل “العدالة الإجتماعية” المكفولة بالتساوى لكل المواطنين.. والمفروض أن تطبق منطقياً وتفعيلياً على الفقراء (قبل) الأغنياء.. حكومة (قبل) شعب.. حاكم (قبل) محكوم..
.. فبدل من أن تحترم الحكومة (قرار) “القضاء” (المستقل) السارى قراره عليها (قبل) “الشعب”.. ترى الحكومة قد ضلت وإنحرفت ضائعة فى وادى وأرض وعرة لكى تعلن “الطعن على القرار” لتحدى إرادة (لا) ينبغى لها كحكومة أن تنحدر فى مدمار يسقطها فى (عين) الشعب (قبل) القضاء سعياً لترويض القضاء مع القرار لزعزعة الأمن وتكدير السلم العام التى تدعى الزود عنه والحفاظ عليه –– رغم علم اليقين أن القانون يعطى لها حق النقض والإستئناف على كل الأحكام –– بل وصل بها الأمر فى لغط سفاهة لغة الإستخفاف مع الإستهزاء تخادع وتماطل.. “(لن) نفرط أبداً فى حبة رمل واحدة من التراب الوطنى” المناقض لعريضة النقض والطعن على الحكم التاريخى.. من أين (إذاً) يتفق هذا المنطق الأعوج مع واقع “الطعن” المخزى.. ومن وراء أو المستفيد من هذه المسرحية الرمضانية الهزلية الماسخة فى أمر (لا) يملك قراره قضاء و(لا) برلمان و(لا) سيادة من أى نوع [.]..
.. (لا) شك أن “طعن الحكومة” (خارج) عن مدارك الفهم والوعى بأعمال القضاء والقانون نفسه.. ظنناً بالخطأ أن حكم “الدكتاتورية” البائدة مازال قائم ومستمر فى رواض الأدغال.. وأن القضاء سوف ينطاع مطاع إلى “الطعن”.. هل فطنت أو فكرت الحكومة فى تحكيم لغة الحكمة والمنطق بعيد عن ساحة القضاء وأمر المحكمة فى فرض سيادة القانون لتدرس وتتفهم مدى عاقبة هذا “الطعن” (الطالح) وتأثيره السلبى على سيادة مصر على صون أراضيها فى المستقبل.. هل أدركت الحكومة التى (ليست) على مستوى المسؤلية أنه سوف يأتى يوم.. إن أجلاً أو عاجلاً.. لغلق “قناة السويس” (المصرية) مع “مضيق تيران” وضمنهم “مضيق باب المندب” أمام الملاحة العالمية (بلا) إستثناء.. عندئذ سوف يتخذ العالم هذا “الطعن” (حجة) ضد قرار وإرادة مصر وقتذاك ليسأل مصداقية عما إذا هى تملك حق قرار الغلق إن لم تكن تمتلك حق الملكية فى الأساس ! ! !..
.. هذا “الطعن” الشارد فى الضلال إذا دل على شئ.. فإنه دليل قاطع على أن الحكومة جاهلة تماماً عن محور الشق القانونى فيما تطعن من أجله ولأجله.. جوهرياً.. القضاء المصرى (أصل) ومصدر الكلمة مع العدالة.. قد رسخ مبدأ ومنهج قانونى متعارف عليه ومتمسك به كحكم قاعدى من أحكام المحاكم فى كل أنحاء العالم.. الذى يتمثل فى إلزام أطراف النزاع فى المقاضاة إثبات الأدلة عن الأضرار والخسائر الناجمة عن وقوع الفعل أو التقصير فيه أو العمل المتضرر منه والمرتكب من تجاة الخصم ثم قاد الجدل إلى قضاء..
.. هنا فى “الطعن” الذى (لا) أساس له.. صاحب الدعوى قدر على إقناع المحكمة بالحجة والبرهان أن الحكومة قد تجاوزت سلطاتها المحددة لها فى محور نطاق الدستور.. وبذلك قد أضرت بالأمن القومى للبلاد مما أغضب الحكومة من “الهزيمة” –– وليس القرار لسوء ظنها الخاطئ أن القضاء المصرى أداة فى (جيب) الحكومة.. كما يظن الجهلاء عن أشرف وأقوى قضاء عرفه وميزه التاريخ عن غيره بحكم وضعه الريادى الأقدم والمؤسس الأزلى المعروف بشهرته شأن كونه (جد) كل القضاء.. فقررت “الطعن” بدافع “الغضب” باغية (الثأر) أو “التعادل” لعدم إدراكها الفعلى بأحكام المحكمة التى (تلزم) الحكومة كطرف رمزى فى القضية بإثبات “الضرر” (الفعلى) من الناحية القانونية البحتة.. ومن ثم قاعدة وسندات “الطعن” اللتن يتمثلن محيط محاورهن حول أخطاء المحكمة أو عدم إلتزامها بتطبيق القانون أو التمسك بحكم سابق مماثل فى المقارنة (فقط).. بقدر المعرفة.. الحكومة (لا) تستند على شئ من تلك أو هاتيك لأن المتضرر الحقيقى فى نظر القضاء هو (المملكة) “الطرف” (الأصلى) “الثالث” (الغائب) عن (القضية).. أما الإتكال المبدئى على أساس (فلسفة) “تعريف الحكومة” بما سمته “الأسانيد” فى “الطعن” –– ليست أرضية صلبة يقام عليها أعمدة إستئناف فى محكمة القانون –– و(لا) تكفى لرد أى محكمة إبتدائية –– (إلا) إذا كانت المستندات الداعمة حديثة البحث والإكتشاف وبشرط (لم) تكن فى حيازة الحكومة عند سماع القضية.. أما إذا كانت “الأسانيد” (هى) نفسها “المروجة” فى “الأعلام” (منذ) “كذبة أبريل”.. سوف تجعل العالم يضحك معنا وعلينا.. والسؤال الباقى.. لماذا (لم) تقدم إلى المحكمة فى حينها؟؟؟.. وحتى لو قدمت فى وقتها.. (لن) تغير من حكم المحكمة فى شئ حسب حيثيات الحكم المفسرة بوضوح فى شفافية –– “عدم إختصاص المحكمة والقضاء عموماً”.. أغلق الباب مع الشباك.. وإنتهى الإشتباه ومعه الإشتباك..
.. الفكرة العقيمة فى إدعاء الحكومة العشوائى أن “المستندات الخاصة بالإتفاقية والتى تملكها الدولة لم تكن أمام القاضى عند نظر قضية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية” –– (لن) تشفع فى “طعن” –– و(لا) مكان أنسب لها سوى سلة المهملات –– هذه مشكلة حكومة مهملة (لا) تمس و(لا) تنقض قرار القاضى الصارم.. و(لن) تحسن صورة الحكومة الحالكة فى نظر الشعب أو القضاء الذى يجب عليه أن يعلم هذه الحكومة الدرس التاريخى المفيد ليظل عبرة وعظة لكل حكومة مصرية قادمة تتعاقب جيلاً بعد جيلاً من أجل تأكيد نزاهة وإستقلالية قضاء أم القضاء –– الذى شهد له التاريخ حين أصدر أمر قبض وإحضار لشخص “رئيس الجمهورية” نفسه وهو مازال قابع فى سلطة الحكم والقوة الواهية ليشعل لهب جمرة “ثورة يونيو” التى أحرقت كل المؤامرات الخفية قبل المرئية..
.. بصرف النظر عن مسار مصير القضية.. (لا) يجوز حبس أو محاكمة مصرى (مخلص) أو صحفى (صائب) لمجرد إبداء رأى (حر) أو إعتراض صريح مخالف لما تريد تمريره أو ضد ما تحب فرضه الحكومة بمناورة “الطعن” مع دعم أساليب “الأسانيد” فى هذه المسألة الدستورية والسيادية الحساسة التى تمس الأمن (العربى) لتأمر إستفتاء شعبى..
.. من الواضح أن الحكومة تجاهلت مصالح ومشاكل الشعب الحقيقية لتسخر إضاعة وقتها فى الجرى خلف قضية خاسرة أصحابها قد فضلوا الإحتشام بحفاوة الحياد من موضع الحرص على صيانة صداقة الود والإخاء بين الشعبين.. هاتان “الجزيرتان” قد كتب لهم القدر أن يكونان قواعد صواريخ مصر (النووية) ودرع الحماية لصون المملكة (قبل) مصر والأمة العربية برمتها كما فصلت فى مقال –– [وقف.. لنوقفك –– إرجع.. لنرجعك].. فالتستر خلف وسيلة أو سياسة “ترسيم الحدود” بحاجة ماسة إلى ترسيم الحكمة فى القرار لعدم فتح أبواب (لا) نهاية لها فى “حدود”.. اليهود الكاذبون يفترون زعماً “بناء الأهرام” فى (أحلام) “هوليود”.. ولولا يقينهم القاطع أن (لم) و(لن) يوجد تكنولوجية أو سلاح لنقلها أو زحزحتها من مكانها الأبدى.. لتبجحوا بطلب ترسيم آثار.. وطعنت الحكومة لأجلهم..
.. طبعاً.. “طعن الحكومة” على أشرف وأنزه قضاء قاعدة “ميزان العدل” الأولى فى العالم.. سوف يقابل تفسير مسعور عدائى خاطئ فى الخارج.. يترجم على أنه شهادة إثبات مع نقد مباشر من الدولة لنزاهة القضاء والقضاة.. مما يغرى الغرب لرمى مزيد من شراسة النقد لكل الأحكام الصادرة ضد “جماعة الإرهاب”.. و(لن) تجد الحكومة أحد لتلوم سوى سوء نفسها من (طين) “الطعن” التى جلبته وجنته على نفسها وما جناه عليها أحد..
.. قبل أن تقبل حكومة على قرار طعن ضد القضاء الحامى حكمها.. يجب أن تضع مساوئ خطورة مثل خطوة إنتحارية نصب عين الحكمة والبصيرة لتيقن فعلها ورسالتها الموجهة لشعبها والمصدرة إلى العالم عما تعى نحو مفهوم جوهرية الديمقراطية والحرية من –– [إحترام قضاء –– أم تحدى إرادة قرار] [.]

عاصم أبو الخير

10

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة