حوار إذاعي مع بروفيسور فاروق مواسي

تاريخ النشر: 22/06/16 | 13:53

في حوار إذاعي جرى بالعبرية في الشبكة الثانية (مَرْحَبيت) حول موضوع أسبوع الكتاب العبري، سألني المذيع عيران زنجر عن أحوال النشر في الوسط العربي، وعن وضع القراءة لدى العرب في إسرائيل.
على إثر الحوار الذي شارك فيه كذلك- الصديق الإعلامي نادر أبوتامر كتبت:
إن وضع النشر عامة ليس مما يسر الخاطر، وذلك بسبب العزوف عن القراءة غالبًا، ولا أستطيع أن أشير إلى مكتبات تجارية تجد فيها الكتب المحلية، فلماذا تحتفظ بها هذه المكتبات، وما من أحد يفِد ليسأل عنها؟
على المستوى الشخصي أصدرت نحو سبعين كتابًا، نشرتْ دور النشر منها سبعة كتب، وغالبًا ما دفعتُ تكاليف الإصدار، وكتبي كلها نفِـدت، لا بسبب الاقتناء، وإنما بفعل الإهداء.
من النزْر اليسير الذي يبحث عن كتبنا أولئك الطلاب الذين يقدّمون أبحاثهم لمؤسسات تعليمية، فيتوجهون إلى الكاتب نفسه، ويندر جدًا أن يبيع الكاتب كتابه.
المؤلف المحلي هو في معظم الحالات من يدفع تكاليف الكتاب، وهو الذي يهديه لأصدقائه، وليس له من وراء ذلك إلا نشر خبر في الصحف والمواقع وفي الفيسبوك، حيث كثرت الإصدارات لكثير من الكتاب والكاتبات، وبعضهم أخذوا يعمدون إلى حفلات الإشهار أو التكريم.
ظاهرة التكريم –للحق- هي إيجابية، إذ تجمع الأهل والأصدقاء وبعض المهتمين في لقاء تحت راية الأدب والاحتفال أو الاحتفاء به، ولكن- ومن جهة أخرى- مع بالغ الأسف فإن كثيرًا منه في مستوى هابط، وذلك لانعدام الرقابة والمسئولية- بمعرفة ودراية.
من الجدير أن أذكر أن دار النشر (كل شيء) لصاحبها صالح عباسي نشطة في البلاد وفي خارجها، وهي تقيم المعارض في أماكن محددة وفي أوقات مختلفة، كذلك تقيم مكتبة الربيع، والمكتبة الإسلامية في كفر كنا، وغيرها لكنهم جميعًا لا يتفقون معًا على زمان ومكان محددين يعرضون فيه كلهم، وذلك حتى يتم التنافس وتقديم الكتب الزهيدة والبيع بالتخفيض الملموس، ولإجراء الاحتفالات الثقافية.
إن أسبوع الكتاب العبري فيه احتفالات، وتوقيعات المؤلفين، وحركة راقية من حول المعرض، ونشاهد ذلك في مواقع عديدة في أنحاء البلاد، كما نلاحظ في معروضاتها التنافس على الترجمات، وفيها يلقي الأدباء قراءات أدبية- الأمر الذي نفتقده بين ظهرانينا.
من أجمل ما قرأت في معرض تل أبيب -بأحرف عبرية مضيئة- ما قاله سقراط:
“إذا أردت أن أحكم على إنسان فإني أسأله:
كم كتابًا قرأت؟ وماذا قرأت؟”
إن أنس لا أنس من الناشرين المحليين دارا (الهدى) في كفر قرع، و (المشرق) في شفا عمرو و(الأسوار) في عكا، وهاتان الأخيرتان برزتا في كثرة الإصدارات، وفي مجلتيهما المميزتين (الشرق) و (الأسوار)؛ غير أن الأولى احتجبت، بينما (الأسوار) ما زالت تقدّم اليوم أنشطة يسيرة.
من الأسباب التي قللت من نشر الكتاب، وشحّة القراء ما نراه اليوم من فيض التقنيات بجميع وسائطها، فثمة من يكتفي بما يقرأ من تغريدات على الفيسبوك لعدد من الأدباء، أو يكتفي بما يقرأه في المواقع، وفي الكتب المحمّلة. هذا إذا كان القارئ جِدّيًا، ولا أعني هنا أولئك الذين يذهبون إلى العبث وملء الفراغ بغير قراءة أو كتابة، وما أكثرهم!
من الأسباب الأخرى أن عصرنا أصبح ماديًا، فصاحب المال رأيه هو المآل، فكيف “نصرف” أقوال قارئ الفلسفة مثلاً مع أقوال يتأتئ فيها رجل ذو سطوة ونفوذ في المجتمع؟
يلاحظ ذلك في مجتمعنا كثير من شبابنا، فيستنتجون أن الكتاب بات من الكماليات لا من الضروريات.
فهل تتوقع أن يقرأ هؤلاء قول شيشرون: “بيت بدون كتب جسد بلا روح”؟
هل تتوقع منهم أن يشتروا كتبًا ويهتموا بها- كما يهتمون بالمركبات التي يزعج بعضهم فيها وهم يروحون ويجيئون في الشوارع؟
ثمة ضوء في هذا النفق المظلم نجده في كتب الأطفال، أعني الصالح منها والمدروس، ذلك لأن سوقها رائجة لا كاسدة، وربما كاتب الأطفال هو الوحيد الذي يجنى ربحًا من وراء كتبه، ولا أقل منه مؤلفو الكتب الدراسية.
أقول ذلك وأنا أعي أن هناك فقر دم (أنيميا) مريع في عدد كبير منها، وهذا بسبب انعدام الرقابة والإشراف اللغوي الجاد، وليس هناك من يسأل.

ب.فاروق مواسي
faroqmwaseee

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة