آن الأوان لنتجرأ على النصوص

تاريخ النشر: 27/03/16 | 11:07

أواكب في السنين الأخيرة أدبَنا المحلّيِّ وما يرافقُهُ, وأكنُّ الاحترامَ الكبيرَ للمربينَ والأدباءِ والنقّاد الأفاضلِ مما يقدموه ولكن وجهتي المتواضعةِ (يعني بالعربي :”المانيفستو تبعي”) هي نُقّادُنا الحاضرونَ – غائبون على الساحةِ الأدبيّةِ المحليّةِ. إنني أعِي بأنَّ مشكلةَ معظمِنا هي أننا نُفضّلُ أن يقتُلَنا المدحُ على أن يُنقذَنا النقدُ ورُغمَ ذلك لن أكونَ مادحًا وحبذا لو افاقتْ نخبةُ ناقدينا ومبدعينا بدلًا عن مادحينا لتنهضَ وتعلُوَ بكُتّابِنا وكِتابِنا وأدبِنا المحليِّ عاليًا مقتديه برابح سعيد ملوك “قصيدة النثر العربيّة” وماري تريز عبد المسيح “الدراسات النقدية العربية والحوار مع الآخر” وغيرهما.
أستميحُك عذرًا أستاذي فتحي فوراني لاختلافي معك ولأني لا أوفقك الرأي – فاختلاف الرأي لا يُفسد للودّ قضيّة – ولتغريدي خارج السرب !!
شاركتُ – كمستمعٍ وجمهورٍ- قبلَ فترةٍ وجيزةٍ بأربعةِ أمسياتٍ شاركَ في كلِّ منها أربعةُ أدباءَ (نفسُ الأربعةِ) وفي كلِّ أمسيةٍ تبدّلتِ الأدوارُ بينَ المحتَفى به والمتداخلين , وطبعًا طغى عليها طابعُ الليلكةِ : ليّكلي بليّكلك مما نفّرني فتساءلتُ: لماذا ؟
كثيرًا ما أقرأُ مقالةً نقديّةً يقولُ فيها “الناقدُ” كلَّ شيءٍ ولا يقولُ شيئًا. يمشى على حافةِ الكلماتِ وبينَ الأحرفِ، مستعينًا بمفاتنِ اللغةِ العربيةِ، ليُصدرَ مقالةً مدبلجةً بلا لونٍ.. أو بشكلٍ أدقَّ، ملونةٍ بكل الألوانِ, والناقدُ الفذُّ لا يبالي بجمعِ التناقضاتِ في جملةٍ أو مقالةٍ واحدةٍ إذا كانت المصلحةُ تقتضي ذلك. وأتساءَلُ : لماذا ؟
ممّا استفزني كذلك سماعُ ناقدةٍ “كبيرةٍ” تُتوجُ روائيةً أشهَرْنا كتابًا لها قبلَ حواليَ سنةٍ بالروائيةِ الفلسطينيّةِ الأولى – لا أكثرَ ولا أقلَّ – وسماعُ كاتبٍ وناقدٍ “أكبر” يتوّجُ كاتبةً لأدب الأطفالِ بأمسيةٍ تكريميّةٍ بأنها الأديبةُ الطلائعيةُ الرائدةُ والأهمُّ (على حدِّ تعبيرِه) مُهمّشًا كلَّ من كَتبَ في هذا المجالِ ; وسماعُ مربٍ وكاتبٍ يتوّجُ المحتفى به أميرًا للشعراءِ – لا أكثرَ ولا أقلَّ – بمناسبةِ إشهارِ ديوانِه الأولِ; وسماعُ كاتبةٍ وأديبةٍ تُتَوجُ “كاتبةً” تكتبُ هنا وهناك ولم تُصدرْ بعدُ ب”عشتروت” فلسطين. وأتساءَلُ : لماذا ؟
كفانا نفخًا في قِربةٍ مثقوبَةٍ.
كفانا تهريجًا وتصفيقًا وضُحكًا لأنّنا لا نضحَكُ بذلك إلّا على أنفسِنا.
قبلَ عشرةِ أيامٍ فاجئني أحدَ الأدباءِ – معَ أنِّي أتفاجأُ ممنْ يتفاجؤونَ – وقدْ أبرقَ لي نصَّ دعوةٍ لأمسيةِ إشهارِ كتابٍ له معَ أسماءِ المتداخلينَ والعريفِ وبقيَ علينا تعيينُ الموعدِ قائلًا – كتبوا عنّي منيح – وأتساءَلُ : لماذا ؟
أختم وأقول : حلمُي أن تكونَ أمسياتُ الإشهارِ والتكريمِ من على منصّاتنا الأدبيّة الثقافيّة ، وكذاك الزوايا الأدبيّة في صحفنا المحليّة، مرفقةً بمنصّةٍ نقديّةٍ مهنيّةٍ يعتليها ناقدون وأدباءُ وكتّابُ وشعراءُ ذوو عمودٍ فقريّ وليسَ مجرّد “سحّيجة” ; والحلمُ الأكبرُ أن يستفيقَ ناقدونا – وهم كُثُر – ليكتبوا ما يَرَوْهُ مناسبًا دونَ خوفٍ أو وَجَلٍ أو مُراءاةٍ, بما يعودُ بالفائدةِ لإثراءِ أدباءنا وأدبِنا المحليِّ .
وأصرخ قائلًا : آن الأوان لنتجرّأ على النصوص.

المحامي حسن عبادي/ قارئ قرعاوي

140

‫2 تعليقات

  1. الكلام العشوائي الذي يخرج من البطن وخارج اعتبارات الفكر يجب ان يحفظ في ادراج الفم, وهو اسلم لكاتبه بكل حال.
    ومن اكتسب قليل معرفة بالكم المتواضع من القراءات الافضل ان يقرأ بصمت ويتحدث لصمت ايضا. وكل من يقرر الاستزاده من الادب عليه ان يتعلم استراتيجيات القراءه كي يجاز له التفكير بالتجرأ على الأدب. وكلام كهذا يفضح اساسا غياب المهنيه التي ادت لحفلات الرفص الشعري التي يرأسها المحامي صاحب المقام. وشيوع ظاهرة محامون يترافعون ويشعرون في الأدب محاكمهم بها أولى..
    رجاء بكريه

  2. يا معشر الكتّاب : قبل أن تهتموا بما يقوله الناس فيكم اهتموا بما يقوله وجدانكم لوجدانكم. أخلصوا لأنفسكم ولأدبكم أولًا وإذ ذاك فصدوركم لن تضيق بذمٍّ ولن تنفتح بمدح. فإن كنتم أكبلر من “ناقديكم” فما همكم إذ ذمّوكم أم مدحوكم ؟ وإن كنتم في مستواهم فيجمل بكم أن تصغوا إلى ما يقولونه فيكم. وإن كنتم دونهم فجدير بكم أن تتعلموا منهم. حسن عبادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة