الطريق إلى التعاسة الزوجية

تاريخ النشر: 18/02/16 | 3:06

غالبا ما نقرأ ونسمع العبر والنصائح تلو النصائح عن طرق بناء أسر ناجحة متأسسة على علاقات زوجية سعيدة تحدثنا عن اسرار الحب وأسرار دوام العلاقة وأساليب وفنون التعامل السليم ونحن بدورنا وكمن نبحث متلهفين وراء هذه السعادة المفقودة والمنشودة نلتهم هذه النصائح المدونة على الصفحات بأعيننا قبل ان تتلقاها ايدينا وتسمعها آذاننا ونعزم على الالتزام بها والعمل بموجبها ولكن هيهات هيهات بين القول وبين العمل فما يكاد يمر الوقت القصير حتى ندرك اننا امام واقع تعيس وحياة زوجية بائسة نرتشف فيها مرارة الشقاء والبعد والجفاء وندرك ان التطبيق ليس بالسهل والهين وبعكس هذه المقالات وهذا النهج في أسداء النصح حول الحلول الذهبية والمقادير التي تجعل من الزواج ناجحا فانني سوف أعرض أمامكم ثماني خطوات ان قمنا بها فقد نكتب على زواجنا بالتعاسة واليأس وحكمنا عليه بالإعدام بل بالأصح بالموت البطيء يوما بعد يوم وما أسهل هذا فالهدم أسهل بكثير من البناء والمثير في الأمر ان أحدا منا لن يعترف ابدا انه يقوم بنفسه بالمساهمة في اتعاس حياته الزوجية وهدمها بل ان معظمنا يدعي انه هو الضحية لشريك ظالم يعمل على هدم كل ما تم بناؤه واضاعة كل ما تم انجازه.

ولعل التمعن في هذه الخطوات الثمانية لا يعلمنا فقط الخطوات الثابته نحو التعاسة الزوجية وانما يجيبنا عن السؤال الذي اسمعه ونسمعه جميعا من كثيرين وهو اين يا ترى اخطاؤنا ولماذا زواجنا فاشل؟ وهل لنا دور في هذا الفشل؟
ان التمعن في هذه الخطوات الثمانية هو كفيل ان يبين لنا ما هي الطريق الى قتل كل ما هو ايجابي في هذه العلاقة التي من المفروض ان تكون سكنا للإنسان، وان كنا حقا على قدر من العقلانية والوعي والمسؤولية فما علينا الا ان نستخلص العبر ونبتعد عن هذه الخطوات وانا على يقين ان السعادة ستأتي لا محالة دون حتى المحاولة في البحث عنها وبذل المجهود في التهافت على ايجادها فما هي هذه الخطوات التي ان اتبعناها دمرنا كل علاقة زوجية بين اثنين احبا بعضهما اكثر من اي شيء في هذا الكون؟ وما هي هذه الخطوات التي ان تجنبناها فتحنا ابواب السعادة على مصراعيها لتدخل بيوتنا حتى بدون استئذان.

الخطوة الاولى الأنانية:
يتناسى بعض الازواج العهد الذي قطعوه عندما اقدموا على الارتباط بالطرف الآخر وهو عهد ملزم ما دامت الحياة الزوجية مستمرة وقائمة ،والأنانية تتمثل بأن ينشغل كل طرف بنفسه ويفضلها على الآخر فيعتني بذاته ويزودها باحتياجاتها ولا عيب في ذلك ولكن العيب حين لا تكون مراعاة للآخر ولرغباته ولحاجاته واحتياجاته العاطفيه منها والنفسية والاجتماعية والمادية وللأسف فإن الانانية هي العامل الاساسي للعلاقة الزوجية وهي اصلا مناقضة لها فالزوجية تضم اثنين أما الانانية فواحدة او واحد من هذين الطرفين، وهذا ما يجعل الحياة تعيسة بلا مشاركة ولا مراعاة ولا اهتمام بالآخر.

الخطوة الثانية عدم محاسبة النفس وعدم تحمل المسؤولية:
تزداد التعاسة أكثر عندما تضاف الى الانانية عدم محاسبة النفس وعدم تحمل المسؤولية الشخصية عن الحالة التي وصلت اليها الحياة الزوجية والعائلية وكم نعلم عن أزواج وزوجات يستحقون وبجدارة لقب “فنانون” في الاتهام والقاء اللوم على الطرف الآخر بحيث نجدهم يبرئون أنفسهم ويجعلون من الطرف الآخر صاحب الذنب والمسؤول الاساس عما وصلت اليه الحياة الزوجية والعائلية وهذا من اسوأ ما قد يحصل للحياة بين اثنين فالقاء اللوم على الآخر دون محاسبة النفس ولومها وما قصرت فيه يعني اننا لا نطلب من انفسنا شيئا ونرى بالآخر السبب في المشكلة وبهذا فالحل منوط به وحده وهذا هو الضلال بعينه وهذا ما يجعل العلاقة الزوجية عالقة دون حراك ولا تتقدم ولا تتحسن بل في حالة تقهقر الى الوراء يوما بعد يوم والصحيح هو ان الحياة الزوجية هي عهد بين اثنين ونجاح الحياة او مصاعبها هي بسبب الاثنين والمسؤولية على التصحيح والتصليح والتحسين منوطة بالاثنين معا وبالتعاون المشترك يدا بيد.

الخطوة الثالثة انعدام الحوار:
وكم هو مطلوب هذا الحوار وضروري بل حتمي لانجاح العلاقة الزوجية وكم هم الازواج الذين يتهربون منه وكأنه مارد مخيف يضيق صدرهم عن الحديث عما يخص علاقتهما في حين يقضون ساعات في حوارات حول مواضيع تكاد تكون سخيفة لا تجدي نفعا والحوار هو أساس كل علاقة سليمة تريد لنفسها الاستقرار والدوام والاستمرار وكيف لا يكون حوار بين اثنين يقودان مركبا فكيف لهما ان يوصلا هذا المركب الى بر الأمان بلا حديث وتفاهم وتنسيق فيما بينهما. والمؤسف ان كثيرا من الأزواج يعترفون بأنهم (يختنقون) ويضيعون الاوقات عند مطالبتهم او دعوتهم للحوار مدعين بأن (لا حاجة) الى الحديث عن علاقتهما وكـأن في هذا خدشا للرجولة وانتهاكا للانوثة ونحن كاختصاصيين بدورنا علينا ان نؤكد على ان الحوار هو الاساس في العلاقة الزوجية من خلاله يتصارح الأزواج ويتفاهمون ويفسرون مواقفهم ويتقربون لبعضهم عبر توضيح مواقفهم وتصرفاتهم ورغباتهم وبهذا يتم التقارب والاستمرارية.

الخطوة الرابعة انعدام الاصغاء:
لا يكفي الحوار فقط فالمطلوب ان يترافق هذا الحوار والاحاديث الزوجية مع الاصغاء ليس فقط الاصغاء بالاذن وانما الاصغاء بالقلب والروح فأساس السعادة الزوجية هو ان يتم الحديث وان يتم الاصغاء للطرف الآخر وفهم موقفه ودوافعه وآرائه والمؤثرات التي لها انعكاس على تصرفاته والإحساس مع الآخر.فإن الصمم الزوجي بحيث يعيش الواحد مع شريك حياته بدون وعي لما يدور ويجول في خاطره وما هي احاسيسه وبدون اصغاء لمشاعره ورغباته لهو كفيل في هدم كل علاقة حميمة بين اثنين.

الخطوة الخامسة الصراع على القوة:
تمر غالب العلاقات الزوجية بمرحلة تلقب بمرحلة الصراع على القوة فيها تسود أجواء من الحرب الباردة حول من الذي يتولى دور القيادة في العائلة وتأتي هذه المرحلة بعد مرحلة ” شهر العسل ” يكون فيها كل شيء وردي وقبل مرحلة “الحميمية الزوجية “التي يصل التقارب الزوجي فيها الى ذروته من حيث التقارب العاطفي والنفسي ،والمؤسف ان كثيرا من الازواج يبقون في مرحلة الصراع على القوة لسنوات طويله لينسوا بذلك فترة شهر العسل في زواجهم وتلك الايام التي كانت مليئة بالانسجام والشوق ويمنعون قدوم مرحلة الحميمية التي فيها استقرار وراحة بال وسكينة نفس، ولذلك فإذا دخلت هذه البيوت تجد فيها التنافر والتخاصم والمشادات وقد تكون حرباً باردة تستنزف كل القوة النفسية لدى افراد العائلة خاصة الزوجة والمؤسف انه خلال هذا الصراع يعتبر الزوج ان زوجته ( خاصة في العائلات التقليدية ) هي متمردة تريد ان تؤذي كرامته ورجولته ويرى بأنها عدو له بدلا من أن يرى بها زوجه وحبيبه وقريبه وتشن الحرب بدلا من ان تسود اجواء من الاستقرار على هذا البيت فكيف للانسجام والمحبة ان تكون سيدة الموقف ان كانت هذه هي الاعتبارات بين الاثنين.

الخطوة السادسة التدخل:
ان كل علاقة مهما كانت متجانسة تفقد الخصوصية والاستقلالية فان مصيرها آجلاً أم عاجلا بنظري سيكون الفشل والجفاء والبعد، فكلما تدخل طرف ثالث خاصة ان لم يكن طرفا حياديا ولم يكن معتمدا وثقة كلما زادت المشاكل الزوجية فأهم ما يريد الزوج والزوجة ان يشعر كل منهما انه مأمن سره وحماية له وسنده عند الحاجة وكلما تدخل طرف ثالث غير حيادي كلما زاد البعد والمسافة بين الاثنين وزادت الخلافات والتقولات والحواجز وشيئا فشيئا قد يسود العلاقة أجواء من الغضب والضغينه والحقد بدلا من وجود التقدير والاحترام.

الخطوة السابعة عدم الاحترام:
فعند فقدان الاحترام والاهانة والاحتقار والتعنيف للطرف الآخر والتعامل من منطلق عدم التقدير فيتم سحق العلاقة الزوجية واحتمالات نجاحها وكونها مصدرا دافئا وعطاءا وأمنا وأمانا وبدلا من ان تكون مصدر هناء ستصبح مصدر شقاء.

الخطوة الثامنة والاخيرة: الخيانة الزوجية
ان الخنجر القاتل لاي علاقة زوجية هو الخيانة الزوجية فالخيانة تحتوي على كل الخطوات السابقة مجتمعة فهي مبنية على الغش والخداع وعدم الاحترام وعدم التقدير والانشغال بالنفس دون الآخر وعدم الاصغاء وعدم الحوار والتهرب من الحوار أصلا وهي الخداع بعينه والتمثيل وتعتمد على قيم منافية تماما لما هو مطلوب لاسعاد العلاقة الزوجية فالخيانة مقرونة بالنذالة بدلا من النبل وبالأنانية بدلا من المشاركة والتضحية ونكران الجميل بدلا من التقدير ويكفي انها تؤدي لانشغال أحد الاطراف بآخر غير شريك حياته وبهذا فانه يلغي شريكه هذا. وللأسف فان الخيانات الزوجية آخذه بالانتشار مؤخرا في المجتمع العربي الذي ابتعد كثير من رجاله ونسائه عن تعاليم الدين وعن تقوى الله سبحانه وتعالى وضلوا وأضلوا وهدموا بيوتا وبيوت آيلة للهدم والسقوط، اذا فالخيانة هي من الخطوات الكفيلة بأن تؤدي الى اتعاس الحياة الزوجية بدلا من اسعادها وفي النهاية نقول: هلموا اخواني اخواتي بالابتعاد عن هذه الخطوات وأنا متأكدة انه ان قمتم بذلك فان زواجكم سيكون باذن الله سعيدا بالاضافة للبعد عن الروتين والتجديد والاكثار من الحب والمودة والتفاهم.

هلموا الى محاسبة انفسكم فيما تقومون فيه من خطأ ومعرفة مسؤوليتكم وبماذا انتم مقصرون لعل في هذا تصحيحا للخطأ وبداية للتجديد والتحسين والخطوة الاولى على درب السعادة الزوجية والبعد كل البعد عن الطريق الى التعاسة الزوجية.

253

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة