تزوجيه

تاريخ النشر: 20/02/16 | 13:37

تزوَّجي من طاب لكِ العيش معه، من ترين في عينيه لمعة اللّهفة عندما تقصدنيه بتساؤلاتٍ عظيمة وتجدينَ على لسانِه ألفَ ألف طريقةٍ محنّكةٍ للجوابِ، فيشفي فيكِ سقم اللّامعرفةِ، وتغدو اللّمعة في عينيك أنتِ، لمعة الدّهشة والعِرفان.

تزوّجي من لا يبدو لكِ في إيابه وذهابِه مثاليًّا، من يضعَ ربطة عنقِه على قلبِه ويسير، ولا يجعل الالتفات إلى الزّلات والعقبات في حسبانه نصيبًا، تزوَّجيه واقعيًّا يُعدُّ نفسَه للأزمةِ قبل النّعمة، ويهذّب نفسه وقتَ السّعةِ حتّى لا تضيق به الدّنيا وقت الضّيقِ.

تزوّجي من يتّسع لكِ قلبه عندما يضيق بكِ اُتّساعُ الفضاء، مَن يعانق روحك عندما تلفظك كلّ قوالب العادات والصُّحبة، فيُقولِب نفسه في تركيبةِ حضورك لأجلك وحدك، لأنّه يُدرك أنّ فيكِ الكون قد اتّسَع.

تزوّجي من إذا صفّق لكِ الجميعُ في نجاحكِ، مسحَ عنكِ الدّمعة لحظة ألمٍ، حينَ يجهلك العارفونَ ويقرعُ بابك الخواء، ويبقى هو يعرفُك ولا يخذل فيك الجرح أبدًا.

تزوّجي من ضاقت به كُلّ ثرثرات الأنام، وراقت له ثرثرتك، ذاك الّذي يشهدُ على جنونك قبل عقلانيّتك، الّذي يُغازلُك عند هوسك القاتل الطّفولي بتنظيفِ المنزل كلّ يوم حين يقول لكِ “كنّك مجنونة إنتِ؟”

من تنطلقُ روحه بالتّفاؤل والعطاء، ولا تنغلقُ بطواغيت الفكرِ الفاسد والعادات البالية وأحاديث النّاس.

مَن أحبّ قدوم أمِّه وأبغض غيابها وإعراضها، وعشق كلّ عبقِ في البيتِ يذكّره بها.

وقبل كلّ شيءٍ، وعندَ أوّل عتبةِ لقاءٍ: مَن اختارك لسموِّ أخلاقِك ودينك وفكرك، لا لجمالِكِ ولغنىً في جيوبِ أهلِكِ، مِن إيمانٍ أنّ الّذي وضع يده في يدِ أبٍ وقورٍ غَيورٍ لا يصحّ أن يُخطئ في حقّ هذا العهد أبدًا ولا يخلّ.

تزوّجي الإنعتاق – الحبّ – الانطلاق وكلّ الحنين… ومَن كانت كلمةُ الله في حياته هي العُليا، وكلمةُ النّاس هي السُّفلى.

250

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة