مَن المستفيد من إطلاق النار؟

تاريخ النشر: 06/01/16 | 16:23

المستفيد الأول من العنف وإطلاق النار في مدننا وقرانا هي السلطة الظالمة التي تتعامل معنا من منطلق فخار يكسر بعضه .
السؤال الذي يطرح نفسه ما هو دورنا نحن الضحية ؟
كتبت الكثير من الدراسات والمقالات القيمة حول ظاهرة العنف الجسدي والكلامي ومن الصعب لأية عجالة التطرق بالتفصيل لأسباب العنف والوسائل لمجابهته .
كما هو معلوم وواضح للعيان أن وباء العنف ليس لعنة من السماء … بل هي نتاج تطور المجتمع وأن للعنف أسباب إجتماعية وبالأساس طبقية .
في المجتمع البدائي، مجتمع المشاع كان الصراع الأساسي للإنسان، المعركه من أجل البقاء …. الصراع من أجل العيش، صيد الأسماك ، صيد الحيوانات من أجل أكل لحمها ولباس جلدها، كانت تقاسم بين الرجل والمرأة … الرجل يصطاد والمرأة تجهز الأكل والملابس.
لم يكن استغلال إنسان لأخيه الإنسان ولم تكن حاجة للعنف والسيطرة .
مع إنحلال المجتمع البدائي، المشاع، ومجيئ مجتمع العبيد والأسياد أصبح العنف مسيطرا السيد مالك ليس فقط الأرض وغيرها، بل أيضا مالك العبيد يستيطع التصرف بهم كما يشاء … مع إنحلال مجتمع العبيد نتيجة لعرقتله للقوى الإنتاجية المتنامية، جاء مجتمع الإقطاع أصبح العبيد “أحرارا” إلا أنهم تابعين للإقطاعيين، عليهم العمل بالسخره في اقطاعياتهم إلى جانب العمل في قطع ارضهم الصغيره . وهنا ايضا كان العنف والبطش مسيطر !!!
مع اطلالة الثوره الفرنسيه العظمى , التي حطمت النموذج الاقطاعي , واتت بمجتمع جديد اكثر تقدما من العلاقات الاقطاعيه , التي اصبحت تعرقل القوى الانتاجيه الناميه .. جائت علاقات انتاجيه واجتماعيه , في شكلها المساواه والعداله الاجتماعيه الا ان جوهرها العنف والسيطره . من ناجيه الراسماليين الجدد الذين يملكون ادوات الانتاج، الاموال . ومن ناحيه اخرى الاكثرية، العمال، الشغيلة، الفلاحين الذين لا يملكون وسائل الانتاج وهم مضطرين لبيع قوه عملهم، عضلاتهم، لاصحاب العمل الراسماليين والا ماتوا جوعا .
مع تطور الراسمالية، ووصولها لمرحله الاستعمار، بريطانيا العظمى كانت لا تغيب الشمس عن مستعمراتها . كان ذلك قمه العنف والاستبداد المباشر بقوه السلاح .
اليوم وبعد ان انتهى الاستعمار المباشر،نرى ظاهره العنف والاستبداد الغير مباشر .. شركات عملاقه عابره للقارات تسيطر على العالم , وبالذات اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية،ليس من خلال الاستعمار المباشر بل من خلال الحروب المحدوده وامتلاك الوسائل وادوات الانتاج واقامه التحالفات المعاديه للشعوب، وخير مثال. العقوبات التي فرضت على ايران بسبب مشروعها النووي السلمي مع العلم ان العالم يعرف ان اسرائيل تمتلك السلاح النووي حسب ما تؤكده وسائل الاعلام المحليه والعالميه .
اسرائيل دوله راسماليه متطورة تسيطر على اقتصادها عشرين عائله ونيف. الحكومه دائما عبرت عن مصالح هذه العائلات , الاغنياء يزدادون غنى والفقراء يزداد عددهم ويتعمق فقرهم .
في العقود الاخيره تفشى العنف في اسرائيل، احتلال عام 1967 زاد من ظواهر العنف ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني المحتل بل داخل المجتمع الاسرائيلي .
الاقليه العربيه الفلسطينيه مواطنو دوله اسرائيل هم الاضعف عددا , اقتصاديا , واقل حصانه اجتماعيه . لا توجد صور صينيه بين الاقليه العربيه والمجتمع الاسرائيلي ، مجتمع الاكثرية، السيطرة هي للأكثرية .
أمراض المجتمع الاسرائيلي “الأكثرية “، انتقلت تدريجيا للأقلية الضعيفة .
الاقليه العربيه شهدت وتشهد تطورات اجتماعيه عميقه , زاد عدد المتعلمين , المهنيين والاهم انها تشهد انقسام طبقي واضح المعالم . هناك اصحاب مصالح , مقاولين وعمال فقراء , بينهم وبين اصحاب العمل توجد تناقضات طبقيه واضحه جدا . هذا الوضع افرز علاقات اجتماعيه جديدة، وقضى على العلاقات القديمه , سيطره الانقسام العائلي الحاراتي ومكانه المخاتير، ومشايخ العائلات اخذه في التلاشي .
هذا الوضع جاء بامراض اجتماعية كما هو الحال عند مجتمع الاكثريه .
هذا التطور , نمى وترعرع في ظل سياسه حكومه موجهه تسير حسب مبدا فرق تسد، وفخار يكسر بعضه، وفي ظل سياسه حكوميه لا تريد لمجتمعنا اللحاق بركب التطور، سلطاتنا المحليه بالكتاد تستطيع دفع رواتب الموظفين ، فكيف لها ان تبني الملاعب والمسارح وتقيم حدائق عامه والمرافق الملائمه للاجيال الطالعه !؟
هكذا اصبحت التربه صالحه لانتشار الجريمه ولعنف الجسدي والكلامي .
ظاهره امتلاك السلاح المرخص والغير مرخص , واطلاق النار في الاعراس وفي الليالي وفي وضح النهار , هي نتاج للعنف وهي تغذي العنف ايضا .
المسؤول الاول عن انتشار السلاح واطلاق النار , وفقدان الامان في وسطنا العربي . هي سلطه التمييز العنصري , وسياسه الاضطهاد القومي.
لو كانت هذه الظاهره في مدينه او مدن يهوديه او لو كانت ضد ” امن الدوله ” او ضد عصابات اجراميه يهوديه , كانت الدوله ,الحكومه , وزاراتها ستجتمع وتدرس الامر , وتخصص الميزانيات , وتدخل قوات الشرطه وحرس الحدود , كما حدث في مدينه اللد قبل عدة سنوات .
السؤال الذي يطرح نفسه ما هو دورنا نحن الضحيه ؟؟!!
بصراحه نحن نتحمل جزءا من المسؤوليه , خاصه ونحن متفقون جميعا ان السلطه الظالمه لا تريد لنا الخير .
نحن لا نستطيع ان ندعي انه تنقصنا الملاكات العلميه المهنيه .
المطلوب منا جميعا ان نبدا بانفسنا , في البيت , مكان العمل , المدرسه , بعيدين عن العواطف ورمي المسؤوليه على الاخرين .
علينا الاعتراف انه لا يمكن التصدي لهذه الظواهر باساليب قديمه مهترئه , مثل : الاعتماد على زعماء العائلات فهم ليسوا الحل بل جزء من المشكله ., او الاعتماد على الماضي فهي تراث جيد يفتخر ببعضه الا انه غير ملائم لهذه الحقبه من التطور الاجتماعي . المطلوب تشخيص المرض بشجاعه ومن ثم اعطاء الدواء !
المطلوب اوسع وحده صف , تعتمد على الاسلوب العلمي والاستعانه برجال السياسه الوطنيين واصحاب التخصصات المهنيه والعلميه .
وقد يسال البعض ما شأن السياسه والاحزاب ؟!! في بلادنا كل شيئ سياسه .
الهواء النقي سياسهة، عومر، سفيون،.. قيساريه , مثلا اقل تلوثا من مضيق حيفا ومصانع تكرير النفط. هكذا يعيشون 7 الى 8 سنوات اكثر من الاحياء الاخرى . حسب الاحصائيات حتى التكاثر الاثني الطبيعي له علاقه بالسياسه .
الدوله ترى بالجماهير العربيه مشكله ديموغرافيه تشكل خطر على امن الدوله .
وفي الختام , إذا توحدنا قد نحل من ظاهرة العنف، والسلاح وإطلاق النار، وإذا تشرذمنا نحن عمليا نساعد على تقوية هذه الظواهر الخطيرة جدا .

مريد فريد- رئيس اللجنة الشعبية – أم الفحم

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة