تركيا في العالم الجديد

تاريخ النشر: 21/12/15 | 15:58

على مدار خمسة عشر عاما، بدأت تتشكل في تركيا ملامح مرحلة جديدة، مرحلة ما قبل حزب العدالة والتنمية ومرحلة ما بعد ميلاده، وملامح ريادته وجاهزيته للتفاعل مع القضايا العالمية، ولعل كل مجريات الأمور الدائرة اليوم في تركيا وعلى أطرافها تمثل صورة من صور هذا الميلاد الجديد لتركيا الجديدة.
لقد دأبت تركيا على صناعة حضورها الذاتي في المستويات والمجاميع العالمية، وساعدها وجودها في حلف الناتو، وموقعها الجيوسياسي على أن تكون لاعبا أساسيا في عدد من ملفات العالم المشتعلة، ولكن الحقيقة الغائبة عن أذهان الكثيرين أن لتركيا تاريخاً لا يمكن أن تنساه أو تنسلخ عنه.
فتركيا هي المعبر الجغرافي لطريق الحرير التاريخي، وعلى تخومها يمتد خط النفط المشرقي التاريخي، وهي قلب العالم الذي أراده قسطنطين أن يكون عنواناً لامبراطورية كونية، وأرادها السلطان محمد الفاتح أن يتكون عنواناً لميلاد أمة حضارية جديدة.
الإنجازات الاقتصادية التي مرت بها تركيا، وحالة النمو والازدهار التي عاشتها في ظل حكم العدالة والتنمية ليست نهاية المشروع التركي، بل هي بدايته، ومؤشر السعادة في تركيا والذي تجاوز لدى الفرد مستوى 70%، إي بما يزيد عنه في الولايات المتحدة وأوروبا، جعل من المواطن التركي عضوا في فريق تركيا، وجاهزا للدفاع عن مكتسباته التي لا يقبل أن يتراجع عنها ولا يقبل بمستوى أقل من الرفاهية والحقوق والمكتسبات وهوامش الحرية.
إن أبرز مقومات النهضة الحقيقية في المشروع التركي الحديث لا تكمن في العمل الاقتصادي أو المجال السياحي أو العلاقات الدولية، بل في منهجية تفكير تركيا الجديدة في تاريخها وواقعها ومتطلبات المستقبل لديها، ولذلك، كانت كل الحركة الدبلوماسية النشطة، وكل التحالفات الإقليمية والمعاهدات الدولية وتعزيز الواقع الداخلي يصب في هذه الوجهة.
لقد حددت تركيا مسارها ورسمت اتجاهات الحركة فيها بصورة تدريجية تطلبتها مراحل الصراع مع المؤسسة العسكرية وحكومات الظل والدولة الخفية، ولكنها برغم كل المؤامرات التي حيكت ضدها استطاعت أن تقف شامخة لتعلن عن هويتها، بل وتقدم للعالم صورة مشرقة في الدبلوماسية وإدارة الأزمات وصناعة النجاح من خلال تذليل العقبات وتحويل المحنة إلى منحة.
لم تنجح تركيا في واقعها، بل نجحت لغاية الآن في التصالح مع ماضيها، وهي تسير بخطوات ثالثة نحو مستقبل بات نعروفللساسة فيها المفاصل العمل الحزبي على مستوى الدولة والحكومة والبلديات والأوقاف والمؤسسات الأهلية على حد سواء.

المستشار د.نزار الحرباوي

nezar7rbawe

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة