الطيبي يدوّل قضية عرب الداخل

تاريخ النشر: 08/12/15 | 6:24

أثناء جولة له في الولايات المتحدة قبل عام، تحدث أحمد الطيبي، النائب العربي الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلي، عن وجود ثلاثة أنظمة في إسرائيل: حكم ديمقراطي لليهود، وتمييز عنصري تجاه فلسطينيي 1948 وآبارتهيد إزاء فلسطينيي الأرض المحتلة 1967.

وحين سئل الطيبي عن رأيه في إعلان إسرائيل دولة يهودية، قدم إجابة منطقية لا يختلف عليها عاقلان؛ موجزها استحالة الجمع بين يهودية هذه الدولة وبين الديمقراطية، «فهي يهودية في مواجهة العرب وديمقراطية لليهود فقط».

منذ بضعة أيام، تقدم الطيبي في أطروحاته خطوة واسعة إلى الأمام، ذلك بأن طالب جيفري فيلتمان، نائب أمين عام الأمم المتحدة للشؤون السياسية، بالالتفات إلى مكانة فلسطينيي 48 كونهم أقلية قومية داخل إسرائيل، في ضوء إخلالها بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والأقليات القومية.

جوهر هذا المطلب هو السعي إلى تدويل قضية فلسطينيي 48؛ الذين يقدر عددهم بنحو 20% من مواطني إسرائيل، ومرجعيته القانونية هي الإعلان العالمي لحقوق الشعوب عن الأمم المتحدة في سبتمبر 2007.

في التفاصيل نلاحظ أن هذا الإعلان يقر للشعوب جماعات وأفراداً، بالحق الكامل في التمتع بحقوق الإنسان والحريات المعترف بها في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، «فالجماعات الأصلية وأفرادها متساوون مع بقية الشعوب والأفراد، ولهم الحق في أن يكونوا بمأمن من أي شكل للتمييز، وبخاصة عند ممارسة الحقوق المتعلقة بأصلهم وهويتهم.

ولهم الحق في تقرير المصير الذي يخولهم حرية تقرير وضعهم السياسي والعمل على تحقيق تنميتهم المميزة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً. ولهم الحق في صيانة مؤسساتهم. ولا ينتقص ذلك من حقهم في المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدولة المتواجدين فيها».

هكذا، فإن الطيبي وزملاءه وقوى فلسطينيي 48 متعددة العناوين والأنشطة، لا يدعون على إسرائيل بالباطل إن هم رموها بانتهاك مضامين هذا الإعلان وعصيان أوامره ونواهيه، ففي داخل إسرائيل يعاني هؤلاء وبنو قومهم من سياسات للتمييز العنصري، تكاد تطال كل مناحي حياتهم.

وتطاردهم أفراداً وجماعات من المهد إلى اللحد، فهم ليسوا سواء ولا هم متساوون مع القطاعات اليهودية، في فرص التعليم والعمل والأجور والسكن وميزانيات تطوير المدن والقرى والنجوع والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية، بل وتوشك مناطقهم أن تخلو من الملاجئ والمخابئ المطلوبة لساعات العسرة الحربية، ولا توزع عليهم أي معلومات عن مواجهة الطوارئ باللغة العربية.

بينما يحظر القانون على رجال الشرطة الإسرائيليين حمل السلاح واستخدامه عند فض التظاهرات وتفريق المتظاهرين، فإن هؤلاء الرجال يستثنون الفلسطينيين من هذا الحظر عملياً.

وفى أكتوبر عام 2000، قتلوا ثلاثة عشر متظاهراً فلسطينياً من مواطني الدولة بدم بارد، ولم يحاسبوا جدياً عن فعلتهم الشنيعة. يختلف فلسطينيو 48 عن اليهود في كل شيء، الدين واللغة والتاريخ والتراث الاجتماعي الثقافي والفنون والآداب والعادات والتقاليد، بما في ذلك الملبس والمطعم والأعياد والمناسبات.

ومع ذلك تأبى المؤسسة الصهيونية الإسرائيلية الحاكمة الاعتراف بهم كونهم أقلية قومية، وتصر على حماقة تصنيفهم وفق قواميسها ومعاجمها المغشوشة، فهم عندها قبائل وبطون وعشائر وعائلات وطوائف وملل ونحل، ومجرد مقيمين في مناطق ونقاط جغرافية، كالجليل والمثلث والنقب، بلا أي ناظم ذي معان قومية جامعة.

يقيننا أنه لا يوجد نموذج آخر على الصعيد العالمي، يضارع هذه المقاربة الثقافية الاجتماعية السياسية لجهتي سخافتها واستغبائها على الخلق، غير أن لهذه المقاربة ميزة كبيرة، هي سهولة دحضها وبيان عوارها وتهافتها.

وما على الطيبي ومدرسته وأنصارهم سوى العكوف على منهجيتهم الكاشفة، وصولاً إلى الاعتراف الدولي بأن فلسطينيي 48، ينتمون إلى أكثر من 360 مليون نسمة من الشعوب والجماعات الأصلية في هذا العالم؛ التي تستحق التعبير عن هويتها، ودفع الغبن القومي عنها.

هذا المقال وصلنا من الحركة العربية للتغيير برئاسة النائب أحمد الطيبي , وهو بقلم الكاتب محمد خالد الأزعر

“الكاتب محمد خالد الأزعر فلسطيني من مواليد مدينة خان يونس 1955، حاصل على ماجستير علوم سياسية من جامعة القاهرة ودبلوم الدراسات القومية من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة ودكتوراه في العلاقات الدولية. عمل باحثاً في المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم بمنظمة التحرير الفلسطينية (1985-2007) وهو المستشار الثقافي لسفارة فلسطين بالقاهرة منذ 2007.
مؤلف لثلاثة عشر كتابا في الشؤون الفلسطينية والعربية”.

m7md5aledalaz3r

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة