دراسات وأبحاث: "شخصية اليهودي في أدب الشاعر الفلسطيني محمود درويش"- 3

تاريخ النشر: 13/07/13 | 1:04

في القصيدة الأخيرة التي كتبها الشاعر الفلسطيني محمود درويش قبل حرب لبنان "سنة أخرى فقط"1، تشيع النزعة التشاؤمية والحزن الشديد، إذ أصبح المنفى لا منفى، بل سجنا قاسيا عنيفا، وهذه هي نفسها الفكرة التي توصّل إليها الشاعر في قصيدته "مديح الظل العالي". يقول:

"لا ليس لي منفى

لاقول: لي وطن

الله يا زمن"2.

كذلك في قصيدتيه "رحلة المتنبي إلى مصر3 و"الحوار الأخير"4، فيهما يستغل درويش التاريخ، التراث والفولكلور القديم فيقتبس تجربة الشاعر المتنبي وأبي تمام وغيرهما، لكي يصف واقعا مُختلفا عن واقعهما في بعض النواحي ولا يختلفُ في نواح أخرى، خاصة الواقع الذي كان يعانيه الشاعران في العواصم العربية5، فيقول:

"يا مصر لن آتيك ثانية

ومن يترك حلب

ينسى الطريق إلى حلب…"6.

لقد شعر الفلسطينيون بأنهم وحيدون أكثر من مرة: في أيلول 1970 وفي آب 1976، غير أنّهم ظلوا يراهنون على الشارع العربي حتى حرب لبنان 1982، وعند نشوب الحرب تلاشت هذه المراهنة لكي يحلّ محلها الشعور بالاسى وبالوحدانية والضياع7. ودرويش الذي دعا العرب في قصيدته "في وصف حالتنا "إلى الاهتمام بمصير الفلسطينيين أصبح يائسا منهم بعد حرب لبنان8. يقول:

لا إخوة لك يا أخي، لا أصدقاء

يا صديقي لا قلاع

لا الماء عندك، لا الدّواء ولا السّماء

ولا الدّماء ولا الشراع

ولا الأمام ولا الوراء"9.

لقد رأى درويش في أحداث حرب لبنان اغتيال للوجود والفكرة الفلسطينية، ففي قصيدة "مديح الظل العالي" تتكثف تجربته وتصبح أكثر تعميما، وكأنما يعود ليلقي كلّ القصائد الحزينة التي كتبها قبل هذه الحرب الأليمة. فالعذاب والقتل الفردي أصبح عذابا وقتلا جماعيّا، يشارك فيه الجميع دون استثناء، وصار درويش يرى في كلّ ما كتبه قبل حرب لبنان تقليدا10. فالإسرائيليون أصبحوا في نظره مثل الفلسطينيين والسوريين وغيرهم، كلهم قوات أجنبية على أراضي لبنان. يقول:

"نحتل مئذنة ونعلن في القبائل أن يثرب أجرت قرانها

ليهود خيبر؟"11.

ويقول مُساويا العربي بالأشوري وغيره:

"تفتّح الموج القديم: وُلدت قرب البحر من أمّ فلسطينية وأب أرامي، ومن أم فلسطينية وأب مؤابي، ومن أمّ فلسطينية وأب أشوري، ومن أم فلسطينية وأب عروبي، ومن أم، ومن أم12".

وفي مكان آخر يشير إلى أن ما يزيد من حدّة المأساة، هو الظلام الثقافي العربي الذي لفّ بيروت قبل اندلاع الحرب:

"وأجهش يا ابن أمّي باللغة

لغة تفتش عن بنيها، عن أراضيها وراويها

تموت ككل من فيها وترمى في المعاجم13.

وليس غريبا، حسب رأيي، أن يكون هذا الانهيار الثقافي بكلّ أبعاده هو الذي حدا بالشاعر خليل حاوي أن يُطلق النار على نفسه، بعد أن أصيب بخيبة الأمل من الظلام الثقافي العربي14.

إن ما يميّز هذه الفترة في حياة درويش هو الإحساس العميق باليأس الذي يقودُه للتفكير في إمكانيّة الانتحار كما فعل الشاعر اللبناني خليل حاوي عند دخول الجيش الإسرائيلي إلى لبنان. وهذا اليأس يظهر في قصائد كثيرة متفرّقة ظهرت بعد حرب لبنان15، وخاصة في مؤلفاته: "هي أغنية هي أغنية"-1986، "ورد أقل"-1987، و"ذاكرة للنسيان"-1987.

يمكن تلخيص مميزات وبواعث هذا الشعور على النحو التالي16:

أ. حاله الرحيل المستمر التي عاناها الفلسطينيون أربعين سنة حتى ذلك الحين، كقول الشاعر:

"قلنا لزوجاتنا:

لدن منا مئات السنين لنكمل هذا الرحيل

إلى ساعة من بلاد، ومتر من المستحيل"17.

كذلك تظهر هذه الحالة في دواوين أشعار درويش الأخرى18 .

ب. انعدام الأمل:

كان درويش يؤمن بأنه سيناضل حتى النفس الأخير، وكان يعرف أن النصر مستحيل، لكنه كان يفضل كما يفضل أبناء شعبه، الموت على الاستسلام19:

"ونكتب في المرّة الألف فوق الهواء الأخير: نموت، ولكنهم لن يمرّوا"20.

فالمعركة حسب رأيه كانت ستحسم عند خسارة الفلسطينيين. وفي قمّة التشاؤم واليأس، كان يظهر درويش رحمته اتجاه الأطفال اليهود21:

"رأينا وجوه الذين سيقتلهم في الدّفاع الأخير عن الرّوح آخرنا

بكينا على عيد أطفالهم"22.

ويوجّه اتهامه للمسئولين الذين سببوا للأطفال حزنا وحرمانا، فيقول:

"ورأينا وجوه الذين سيرمون أطفالنا من نوافذ هذا الفضاء الأخير"23.

أما بالنسبة للمستقبل فقد كان يتوقع أياما قاسية ومريرة.

ت. خيانة العرب، وتهرّبهم من إيجاد حلّ لمشكلة فلسطين لأسباب مختلفة:

فكلّ الوعود والخطابات التي قالوها العرب لم تكن إلا وعودا كاذبة، وهذا ما أثبتته حرب لبنان للشاعر، لذلك كان يشتكي من الفرق الكبير بين خطاباتهم وبين الواقع، وينعتهم بنعوت سلبية شتى، مثل: "آن لهم أن يعرفوا أن لا أمل يُرتجى من العرب.. أمّة لا تستحق الحياة. أمّة على صورة حُكّامها"24.

ث. الثورة التي خيّبت الأمل:

لا يكفي أن العرب لم يُساعدوا الفلسطينيين بل غدروا بهم، وكذلك فعلوا الفلسطينيون أنفسهم. فقد انحرفت الثورة عن مسارها بشكل شديد، وهذا ما تبيّن لنا من الخصومات والخلافات التي شاعت بينهم آنذاك. وفي قصيدة "يعانق قاتله" يندب الشاعر موت رجال من منظمة التحرير الفلسطينية، مثل سعيد حمامي وعصام السّرطاوي وغيرهما، الذين أخذا على عاتقهما مسؤولية الاتصال مع قوى السّلام في إسرائيل، وقد قتلا على أيدي الفئة الفلسطينية التي يترأسها أبو نضال. إن معانقة الشاعر لأخيه في هذه القصيدة تصوّر مدى حزنه على التفرّق في المُعسكر الفلسطيني، وبدلا من أن يكون العدو مشتركا لجميعهم، صاروا يقتلون أحدهم الآخر25:

"يعانقُ قاتله كي يفوز برحمته: هل ستغضب مني كثيرا إذا ما نجوت"26،

"يُحبونني ميّتا ليقولوا: لقد كان منا، وكان لنا"27،

"عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو، وأحرسهم من هواة الرّثاء"28،

"لعل المُحاكمة التي تستحقها الثورة هي أنها كانت خالية وما زالت خالية من تقاليد محاكمة أعضاء القيادة على جرائمهم المدويّة"29.

ج. نفاذ الصبر:

هو من إحدى مميّزات الشاعر، الذي أصبح يعلم بأن لا تأثير لشعره في الظروف الصعبة التي يمرّ بها الفلسطينيون: "تقرفص في الركن: لا أريد الشعر… لا أحب الشعر.. أريد الجسد.. أريد قطعة الجسد.."30، "إنّ تنكة من الماء تساوي وادي عبقر"31.

ح. ايمان محمود درويش بالله سبحانه وتعالى:

كان الشاعر يرى ان الإنسانية لم تساعد على حلّ المشاكل، فبإمكان الله سبحانه وتعالى أن يُساعد، ولكنه، حسب رأيه، كان يتخلى عنه وعن أبناء شعبه، يقول:

"إلهي.. إلهي، لماذا تخليت عني؟ لماذا تزوّجت مريم؟

لماذا وعدت الجنود بكرمي الوحيد.. لماذا؟ أنا الأرملة.."32.

خ. المخرج: الانتحار:

في ظروف كهذه، تتبقى عدّة إمكانيات أمام الشاعر، منها الانتحار، الذي يظهر في رموز مختلفة هنا وهناك: "غروب للغروب… إلى أين أذهب في هذا الغروب؟.. وهناك شرفة الشاعر الذي رأى سقوط كلّ شيء، فاختار موعد نهايته. أمسك خليل حاوي بندقية الصيد، واصطاد نفسه… لا أريد أن أطلّ على شرفته، لا أريد أن أرى ما فعله نيابة عني"33.

وفي قصيدة "محاولة انتحار" يقول:

"وضع المسدس بين رؤياه، وحاول أن ينام

إن لم أجد حلما لأحلمه سأطلق طلقتي

وأموت مثل ذبابة زرقاء في هذا الظلام وبلا شهيّة"34.

تتجلى هذه الفكرة بوضوح في قصيدته "آن للشاعر أن يقتل نفسه" فيقول:

"آن للشاعر أن يقتل نفسه

لا لشيء، بل لكي يقتل نفسه.. الخ "35.

على ضوء هذه المميزات التي اتصفت بها كتاباته36، نستطيع أن نقيّم نظرة درويش إلى الجانب الإنساني في شخصية اليهودي، غير متجاهلين، وغير متعامين عن الظروف التي وُجد فيها الشاعر. ففي "ذاكرة للنسيان" يتجسّد رأيه باليهودي، مُفرّقا ما بين جندي، شرطي، احتلال إسرائيلي، أطفال ونسوة، فئات يساريّة، صُهيوني، وغير ذلك. تصف ذاكرة للنسيان، بصورة خاصة، الخراب والهدم الذي زرعه الجيش الإسرائيلي في لبنان عام 1982، وبالأخص يصف حادث يوم واحد في الشهر الثامن من نفس العام، ناثرا حنقه الشديد واشمئزازه من الحكم الإسرائيلي وحكامه، فيما يلي بعض النماذج:

– "بناية ابتلعها قاع الأرض، اختطفتها أيدي الوحش الكوني، المتربّص بالعالم، الذي ينشئه الإنسان"37.

– "وبيغن يلتهم في عيد ميلاده دبّابة "مركباه"مصنوعة من الحلوى، ويدعو إلى توقيع معاهدة سلام"38.

– "ولكن صاحب البناية يغارُ من شارون، وينافسه في السّادية"39.

– "وما زال في خزّانات الطائرات الإسرائيلية من البنزين والقذائف ما يكفي لإحراق خمسين ألف طفل لبناني، وفلسطيني"40.

وعن الشرطة الإسرائيلية يقول:

– "حدثني أبوه وهو ابن عمي، كيف كانت الشرطة تسمعه- خلف جدران الزنزانة- ابني "سمير" تحت التعذيب المُتواصل. قطيعٌ من الذئاب يستفردُ بغزال أسير"41.

ويتهم درويش الفئات اليسارية الإسرائيلية بأنها القاتل الذي يسرقُ دور الضحيّة من الضحايا الحقيقيين: "ولم أفرح بمظاهرات تل أبيب، التي تسرق منا كلّ الأدوار، فمنهم القاتل ومنهم الضحية، منهم الوجع ومنهم الصرخة. منهم السّيف ومنهم الوردة… وقد سهّل التنافس الانتخابي بين الحزبين الكبيرين عملية انفتاح شوارع تل أبيب، على عشرات الآلاف من المتظاهرين… المُنتصر يخشى على فقدان هويته: الضحيّة"42.

أمّا عن الصحفي الإسرائيلي، مُحرّر جريدة "هعولام هزيه" الذي التقى بياسر عرفات في لبنان آنذاك، يقول: "حين سأله الصحفي إلى أين سيخرج حين يخرج من بيروت؟ أجاب بلا تردد: سأذهب إلى بلادي. سأذهب إلى القدس. لم أتأثر بهذه اللغة بقدر ما تأثر بها الإسرائيلي.. واغرورقت عيناه بدموع الخجل"43.

والشاعر، كما ذكرت، لا يُحاسب اليهود فقط على ما جرى في لبنان، بل يُحاسب بشدّة ومرارة أيضا الدّول العربية، التي علّق الفلسطينيون عليها آمالا كبيرة44. وفي إبداع محمود درويش بعد عام 1982 تتبلور لديه الفكرة القائلة بان "القاتل: ضحية"، فهو قاتل من حيث أنه يحمل السلاح وينفذ الأوامر بالقتل حتى ضدّ الأبرياء، وهو ضحيّة من حيث أنه لا يملكُ أيّ خيار، فهو مأجور للسلطة، وملزم بتنفيذ ما يُلقى عليه من أوامر. ومثل هؤلاء – حسب رأيه- كثيرون من بين أفراد الشعب الإسرائيلي.

وكما رأى درويش مطابقة هذه الفكرة لليسار وحركات السّلام45، رآها أيضا مطابقة للجندي الاسرائيلي في قصيدة "رسالة إلى جندي إسرائيلي"، التي كتبها هو والشاعر معين بسيسو عام 1982:

"يا أيها المُسربل السكران بالدّروع

يا أيها المُصفح المُدرع المُجنزر

السّجين والسّجان

هل أنت في أمان؟"،

"يا عائدا لرحم الدبابة

إلى متى تظلّ في أمان؟"46.

ومن هذا المنطلق يعتقد درويش بأن اليهود ينجحون أكثر من الفلسطينيين في أن يكونوا ضحيّة في الصراع الشرق-أوسطي: "نحن الضحيّة فلنرقص جذلا كأنّ العدو ليس هو العدو… نحن الضحيّة. صفقوا وتفرّقوا، ولنخلد إلى عزلة الآخر، لأنّ الضحيّة هي الجديرة بالعطف، وستنتصر في هذا المجرى، وهو مجرى تاريخي يبدأ من اعتراف الشهود بأن الضحيّة هي الضحيّة"47.

إن هذا الاعتقاد ينبع من أسباب عديدة، منها أن الفلسطينيين يدمنون على الاعتقاد بأنهم الضحيّة، ولا يُحاولون إثبات ذلك إلى الرّأي العالمي، وآنذاك يُصبح السّؤال من هو الضحيّة؟ هامشي48!!. ويرى البعضُ أن إعلان طريقة الإرهاب والتخريب من قبل أشخاص من المُنظمة، يُسيء إلى الفكرة الفلسطينيّة، ويُعجّل قدوم البرابرة، أي الإسرائيليين:

"فكلما فجّر شاب نفسه ليعبّر عن عزلة خانقة، أو لينسف طريق سياسيّة لا تعجبُه، أو ليقدّم مساهمته الخاصة في الإساءة إلى قضيّة، أو ليترجم بجسده جُملة ثوريّة سمعها من إذاعة، أو من معسكر تدريب متخصّص في اغتيال الفكرة الوطنية المستقلة.. كلما حدث ذلك وأصابت أشلاء طائشة يهوديا ما في أيّ مكان.. مدّدت الأمّة جسمها العملاق في انتظار البرابرة"49.

رغم ذلك، فان درويش لا ينفي حسنات هذه الأعمال التي قد تساعدُ في إدخال الموضوع الفلسطيني إلى وعي الرأي العام العالمي. فالإرهاب الحقيقي في نظره هو ما تقوم به الدّول القويّة مثل إسرائيل، لمنع استقلال دولة أخرى:

"إنه شكلٌ من أشكال الحرب التخريبيّة التي تقومُ به دولة قوية تسعى إلى إعاقة نموّ أمّة منافسة أكثر وقت ممكن.."50.

وكما نادى درويش قبل حرب لبنان إلى بدء الحوار مع الكتاب العبريين، دعا إلى ذلك أيضا بعد الحرب51, ممّا سبّب له الانتقادات الحادة والاتهامات بالخيانة:

"إنّ نداء الشاعر محمود درويش ببدء الحوار مع الكتاب الإسرائيليين، أثار عاصفة بين فئات سياسية، وفئات مثقفة عربية. فنقاده ألصقوا به لقب "السادات الجديد"52.

ساهمت حوادث الانتفاضة، التي بدأت في منتصف كانون الأول1987، في منحه قليلا من الأمل، الذي كاد أن يختفي بعد حرب لبنان، يقول درويش: "الانتفاضة غيّرتني، أنقذتني من عقدة شخصية، أيقظت فيّ الطفولة"، "فحتى إسرائيل دخلت في أزمة بسبب الانتفاضة، وقد بيّنت لها أن هناك حلا، وأنه لزاما قدوم الحل53. وعن تأثير الانتفاضة على المجتمع الإسرائيلي، يقول:

"الانتفاضة خلقت انتفاضة على الرّؤية الإسرائيلية للحقيقة الفلسطينية، ولكن يا للأسف، لا زال هذا الاعتراف مُلك الطبقة المُثقفة فقط، فلذلك أنا أفهم معنى الخوف العربي من التحادُث مع إسرائيل"54. وبعد أشهر قليلة من اندلاع الانتفاضة، كتب محمود درويش قصيدة أثارت غضب الرأي العام الإسرائيلي- ليس فقط اليمين بل اليسار أيضا- فقد رأوا فيها دعوة للقضاء على دولة إسرائيل، وكان هنالك من ذهب أبعد من ذلك.. فرأى فيها دعوة لإلقاء اليهود في البحر.

وقرّر رئيس الحكومة في خطابه في الكنيست آنذاك، أن القصيدة تكشف النوايا الحقيقية

ل (م. ت. ف) وعاموس قينان، ناتان زاخ، اسحاق بن نير، وأدباء آخرون انضموا إلى إدانة قصيدة درويش "عابرون في كلام عابر" والتي يقول فيها:

"أخرُجوا من أرضنا، من برّنا، من بحرنا

من حنطتنا، من ملحنا، من جرحنا

من كلّ شيء…" 55.

قال درويش في حينه، بأنه قصد إخراج الإسرائيليين من الضفة الغربية وقطاع غزة ولم يقصد ترحيل اليهود. ويُجيب على هذه الادعاءات فيقول:

"أنا لستُ بحاجة للإشارة إلى ذلك، فالقصيدة عن الانتفاضة، وجميعهم يعرفون ما هي حدود الانتفاضة، وما هي مطالبها"، "الحرب التي شنّوها ضدّي حول مسألة القصيدة لم تكن حربا أدبية، بل كانت حربا سياسية. لقد دمّروا صورتي في إسرائيل، وأعطوا ل"شامير" الفرصة لتسويد صورتي في العالم"56. على أيّ حال، كان هناك عددٌ من الكتاب الإسرائيليين المتمكّنين من اللغة العربية فسروا قصيدة درويش تفسيرا يُلائم تفسيره، وأخذوا بعين الاعتبار الظروف التي قيلت فيها القصيدة ولأيّ جُمهور وُجّهت57.

ويقول في مقابلة صحفيّة أجريت معه:

"إن فلسطين هي وطننا الطبيعي… وانتبهوا فأنا لا أقول كلّ الوطن. فقد أخذنا على عاتقنا مسؤولية فكرة دولتين على أرض واحدة، وقبلنا بند 181 قاعدة الحل"58– يقصد وثيقة استقلال دولة فلسطين.

يقف درويش عند المشارف العالية للإشكالات الشعريّة في قصيدته الأخيرة "مأساة النرجس وملهاة الفضة" التي نُشرت في العدد الثاني والثلاثين من "الكرمل"، إذ تتمحور حول كلمتي "العودة"

و"الرجوع" وجذورهما59. ويدعو إلى التعايش السّلمي بين الشعبين، مع أنه يُظهر شكوكه بالنسبة إلى مُستقبل الشعب الفلسطيني في السّطور الأخيرة من القصيدة:

"سوف نعلّم الأعداء تربية الحمام إذا استطعنا أن نعلمهم"60.

"يعرفون، ويحلمون، ويرجعون، ويحلمون، ويعرفون، ويرجعون، ويرجعون، ويحلمون، ويحلمون، ويرجعون"61.


1. عادل الأسطه، دراسات نقدية، جت المثلث: مكتب اليسار، 1987، ص15-16.

2. مؤسسة اليرموك للثقافة والأعلام، بدائع وروائع: مديح الظل العالي ومحمود درويش، رام الله البيرة، ص55، فيما يلي انظر: درويش، مديح.

3. محمود درويش، حصار لمدائح البحر،عكا: منشورات الأسوار، 1984، ص35.

4. ن. م، ص49.

5. الأسطه، ص75-76.

6. درويش، حصار، ص44.

7. الأسطه، ص11.

8. ن. م، ص13.

9. درويش، مديح، ص 38-39.

10. الأسطه، ص11.

11. درويش، مديح، ص 36.

12. ن. م، ص62.

13. ن. م ، ص35.

14. الأسطه، ص13.

15. أنظر: ראובן שניר. "מיקרוקוסמוס של טרגדיה", הארץ, 24.11.1989 (חלק א').

16. انظر: ראובן שניר. "מחמוד דרוויש מאוכזב וזועם", עתון 77, מאי 1988, עמ' 94.

17. محمود درويش، ورد أقل، طبعة ثانية، عكا : دار الأسوار، 1987، ص21.

18. محمود درويش، هي أغنية هي أغنية، طبعة ثانية ، القدس : دار الكلمة، 1986، ص 43 ;انظر أيضا: درويش، ورد، ص23، ص47.

19. انظر:שניר, מחמוד, עמ' 94.

20. درويش، ورد، ص35.

21. שניר, מחמוד, עמ' 94.

22. درويش، ورد، ص17.

23. ن. م.

24. محمود درويش. ذاكرة النسيان. جت المثلث : مكتب اليسار،1987، ص53.

25. שניר, מחמוד, עמ' 95.

26. درويش، ورد، ص33.

27. ن. م، ص41.

28. ن. م، ص43.

29. درويش، ذاكرة، ص17.

30. ن. م، ص39.

31. ن. م، ص34.

32. درويش، ورد، ص81.

33. درويش، ذاكرة، ص81.

34. درويش، هي أغنية، ص74.

35. ن. م، ص75.

36. انظر: ראובן שניר, "שירה ומודיעין", דבר (11.3.88).

37. درويش، ذاكرة، 41.

38. ن. م، ص 74.

39. ن. م، ص 19.

40. ن. م، ص 16.

41. ن. م .

42. ن. م، ص57.

43. ن. م، ص43.

44. שניר, מיקרוקוסמוס (חלק א').

45. ראובן שניר, "הרוצח והקורבן (תרגום)", העולם הזה, (6.7.88), עמ' 26.

46. الإتحاد، العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، فرع المملكة المتحدة وايرلندا، بيروت، لندن: مطبعة لندن المركزية، 1982، ص60، ص65.

47. محمود درويش، في انتظار البرابرة، القدس: وكالة أبو – عرفة للصحافة والنشر، 1987، ص 10-11.

48. ن. م .

49. ن. م، ص 10.

50. ن. م، ص 12.

51. انظر : הנגבי، ص74; انظر أيضا: אדם ברוך," בואו נקיים מפגש של ספרים ומשוררים", ידיעות אחרונות (28.5.89).

52. עבד אלבארי עטוואן, "קסם השיבה", ידיעות אחרונות, (6.11.87), עמ' 40.

53. עלי אל- אזהרי, "שני חברים נפגשים אחרי שנים בקהיר", הארץ, (10.12.89), עמ' 23.

54. ن. م .

55. דיין, ص10.

56. ن. م .

57. ראובן שניר, "מחמוד דרוויש, השיר ואנחנו; انظر أيضا: העולם הזה, "הסערה סביב השיר", (6.4.1988), עמ' 35, עמ' 42.

58. אל אזהרי, עמ' 23.

59. انظر: عقل العويط ، "تجليات فعل العودة"، الجديد، عدد7/8 (1989)، ص75.

60. محمود درويش، "مأساة النرجس وملهاة الفضة"، الجديد، عدد7/8 (1989)، ص15.

61. ن. م، ص17.

تعليق واحد

  1. والله مية الف احترام يا دكتور صالح يوسف ابو ليل بالفعل انت فنان قدير ومميز وباحث تعتز به فلسطين باسرها دمت ذخرا لكفرقرع ولكل المجتمع العربي، اخوكم وسيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة