ماذا قدم مرسي للامة

تاريخ النشر: 05/07/13 | 6:17

رغم حجم المكيدة والمؤامرة, وتكالب كل قوى الداخل التي يدفعها الخوف من محاسبة على فساد او خسارة مصالح او فقدان مناصب, مدعومة بقوى خارجية بدأت تشعر بالمنافسة جراء بدأ تنفيذ مشاريع النهضة, واخرى يرعبها استراتيجيا بروز قوة في المنطقة العربية تتداول الحكم بالانتخاب وتملك ارادتها وتتعامل بالندية, والتي قد تكون نموذجا لدول اخرى في الخروج عن عصا الطاعة.

ورغم ان خيوط المؤامرة حيكت بعناية محكمة عبر ماكنة "البروبوجاندا" المتمثلة بمحطات اصحاب المصالح من جهة, وعسكريا: بضربة اعلامية موحدة لكل قنوات الاسلاميين لشلهم عن حشد الجماهير, وحشد عسكري في كل مفاصل الدولة واعتقال للقيادات مع توجيه ضربات من التشبيح والبلطجة للحشود في الميادين وبالتالي إخافتهم وتشتيت شملهم من جهة اخرى وهكذا يكون اسدل الستار عن حقبة مرسي بهدوء.

فهل نجحت الخطة وأسدل الستار؟ وكيف نقيم اداء مرسي؟

فيما يلي تحليلي الشخصي الذي يحتمل الخطأ والصواب.

كثيرا ما سمعنا خلال اشهر حكم المرسي "لماذا لا يحسم معهم ولماذا ولماذا…", لقد ابتلي الرئيس بأجهزة امنية لا تتبع الدولة بل تتبع الرئيس المخلوع مبارك وجوقة منتفعيه, فلا الداخلية حسمت امام الفلول ولا حسمت مع نفسها! ولا هي صلحت.

قد يقول قائل كان الأولى به إقامة جهاز امني جديد يدين له بالولاء, لكن ذلك لم يكن بمنأى عن العواقب التي كان يمكن أن تكون عكسية فيعرض البلاد والعباد الى اقتتال داخلي.

أظن أن الرئيس راهن على التغيير البطيء خلال السنوات المتاحة له, وذلك حفاظا على ارواح المصريين من الموالين والمعارضين, فقد تميز المرسي بالحرص الصادق على كل ابناء مصر وفي نفس الوقت بالشجاعة التي قلما نجدها في انداده, وكان يستطيع ان يأمر من بعيد وان يضحي بغيره ليبقى هو بعيد عن الاذى ويحمي عرشه, لكنه لم يأت من أجل العرش , بل كان لديه هدف واضح "النهوض بشعب أذل وأهين وجهل وفقر على مدار عقود".

لقد آثر مرسي ان يخاطر بنفسه بالتأخير في الحسم درءاً للفتنة وحفاظا على ارواح ابنائه من مدنيين وعسكريين وشرطيين من المصريين, ولكن حين حانت ساعة الصفر التي لا تأجيل بعدها, فإما ان تذهب الثورة ادراج الرياح وإما الحسم, وكان الاسلم لنفسه وروحه ان يأتمر بأمر السيسي ويتنحى, اجتهد في ان يناور حتى اللحظة الاخيرة, فكانت كلمته الحاسمة التي هربها من بين محاصريه, فنادى وهو القائد العام للقوات المسلحة, بشكل واضح لا لبس فيه, على ما قد يتمخض عنه من نار ودم, فتوجه الى ابنائه من العسكريين ان احموا البلد ممن خانوا القوات المسلحة ودبروا الانقلاب على الشرعية.

اما كلمته الى الشعب, فبالرغم من ان العداء يدور على الاخوان خصوصا والإسلاميين عموما, إلا ان مرسي لم يتوجه الى فصيل او حزب ليستنجد به, بل توجه الى عموم الشعب المصري, فهؤلاء وفق فكره هم الاهل والعشيرة وليس الحزب او الجماعة.

هل خسر الجولة مرسي؟

اطلق مرسي الضربة القاسمة بنجاحه بتسريب الفيديو المسجل, ولا زالت تداعياتها تتعاقب.

– فشد من عزيمة المعتصمين في الميادين وأوجد لهم الشرعية في الاستمرار والمحافظة على النفس الطويل, وهذا من اهم الرهانات للمرحلة القادمة.

– اعطى الشرعية بمحاسبة الخونة والمتآمرين في القوات المسلحة.

– كبل الدول والأنظمة العالمية التي تحكمها القيم, وسحب البساط والشرعية من الاعتراف بالنظام القادم.

– كشف العملاء والخون للشعب المصري بوضوح ليحاسبهم ولتبنى المرحلة القادمة بدون الشوائب والمنافقين.

ماذا أرسى مرسي

– افضل ما تحقق في فترة المرسي هو التأسيس لـوحدة العمل الاسلامي والشعبي استشرافا للوعد في الحديث الصحيح "ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة" بعد فترة الحكم الجبري, ولن يكون التمكين للمسلمين وهم متفرقين, فتحتم على الاحزاب الاسلامية التعاون فيما بينها لاستحقاق الوعد, وتحتم ايضا ازالة الحاجز بين المسلم الغيور الغير منتمي الى حزب او جماعة وبين المنتمين فالكل مسلم والكل شريك في الهدف.

وهذا التطور ضرورة علاجية للأحزاب والحركات الاسلامية لاستحقاق الوعد والا فستكون عالة على الاسلام, حيث قد يتعصب المنتمي للحزب(الوسيلة) وينشغل عن الهدف(التمكين لشرع الله) وهذا ما وقع فيه حزب النور, وبعض الجهات في ميادين العمل الاسلامي.

– أرسى مرسي ان الدولة المصرية القادمة لا بد أن تحتكم الى الشريعة الاسلامية في مصر.

– أرسى مرسي أن أحتكام الدولة الى شريعة الاسلامية في مصر لا يقتصر على الاحزاب والحركات الاسلامية, بل هو مطلب الشعب.

– أرسى مرسي بازالة الحاجز بين الحركات الاسلامية ونظام الحكم, فاتباع الحركات والاحزاب هم مواطنون كغيرهم يحق لهم المشاركة في الحكم وعلى العلمانيين وغيرهم من اصحاب الفشل المتسلسل في العقود الماضية تقبل ذلك.

– أرسى مرسي فكر الدولة لدى الاسلاميين, نقل الفرد المنتمي للحزب او الجماعة الى فكر الشرعية والمؤسسة والدولة, بعدما كانت محرمة عليهم لا بل تحاربهم, تهيئة للوعد الاكبر.

– أرسى مرسي بأن الإسلاميون هم الاجدر والأحرص على مصلحة الوطن بسلميتهم وانهم بعكس ما لصق اليهم من انهم انقلابيون واصبحت هذه صفة معارضيهم.

– أرسى مرسي ان الحقبة القادمة ستكون نظيفة وبدون شوائب من نفاق ومبيوعين

الخاتمة

المرسي رابح, ادى الدور بأفضل الممكن واختتم هذه الجولة بـ "لو منعوني عقال شرعية لحاربتهم عليه" ونقل المهمة الى الشعب والعسكر. سيسي وطابوره الخامس هم الخاسرون فماذا بعد الخيانة! لن يعيش هؤلاء مرتاحين بعد الان في مصر.

اظن ان هنالك الكثير من الشعوب ستتمنى لو حكمها مرسي على ما في قلبه من محبة وحرص للنهوض بأمة تكون شامة بين الامم, فهل سيستحقه المصريون اصحاب مقولة "واحد منينا" فينتصرون له, ام سيتخاذلون فيبدلهم الله بفرعون يسومهم الذلة والفقر من جديد.

هل سيكون العسكر وفيا شجاعا يأتمر بأمر قائده الاعلى الحريص عليهم, فينتصرون في حرب الردة على الشرعية, ام سيكون افراده اذلاء يأتمرون بأمر خائن متآمر على قائده!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة