تنظيم أمسية عكاظية في حيفا
تاريخ النشر: 12/11/15 | 7:10أقامَ نادي حيفا الثقافي والمجلس المِليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ- حيفا “أمسيةً عُكاظيّةً شِعريّةً”، في قاعة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، وذلك بتاريخ 29-10-2015 وبحضورٍ كبيرٍ وواسعٍ مِن حيفا والجليل والمثلث، ضمّتْ أدباءَ وشعراءَ ومُهتمّينَ وذوّاقينَ للكلمةِ الشعريّة، وهذه هي الأمسيةُ العُكاظيّةُ الفصليّةُ الثانية، وقد استضافتْ كلّا مِن المُشاركين: إياس يوسف ناصر، ليليان بشارة منصور، حسين جبارة ودانا بشارة، وتولّتْ عرافةَ الأمسيةِ كوليت حدّاد، وأضفت الفنّانة روزان بولس بصوْتها العذب الشّجيّ لمسةً شعريّة إضافيّة، لتكتملَ الكلمةُ بالنغمة، وبصوتٍ واحدٍ غنّى الحضورُ مُهنّئين ليليان منصور بميلادِها، خلالَ التقاط الصور التذكارية!
مداخلة العريفة كوليت حدّاد: إياس يوسف ناصر من قرية كفرسميع شاعر ومحاضر للّغة العربيّة في الجامعة العبريّة في القدس. أنهى بتفوُّق دراسته للّقب الأوّل، وللّقب الثّاني في الأدب العربيّ والأدب المقارن في الجامعة العبريّة، وهو على وشك إتمام رسالة الدّكتوراه في الشّعر العربيّ القديم. حصل على تسع جوائز لتفوُّقه الأكاديميّ، مِن بينها جائزة رئيس الجامعة العبريّة.
صدر ديوانه الأوّل “قمحٌ في كفّ أنثى” عام 2012، عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر- بيروت. وقد كتب عن الدّيوان غير واحد من النّقّاد المحلّيّين. أقامَ أمسياتٍ شعريّةً عديدةً، وشارك في لقاءاتٍ أدبيّةٍ كثيرة، في مختلف النّوادي والمراكز الثّقافيّة في البلاد. يكتبُ القصيدةَ العموديّةَ والشّعرَ الحُرَّ أيضًا، ويتناولُ شعرُهُ موضوعاتٍ اجتماعيّةً مُهمّةً، كمكانةِ المرأةِ واضطهادها في المجتمع الشرقيّ، والانتماء إلى الوطن، وقداسةِ الإنسان وحرّيّتِهِ، هذا إلى جانب قصائد غزليّة كثيرة، يحاولُ فيها أنْ يتّخذَ الحُبَّ دواءً للأوجاع الإنسانيّةِ على مستوياتٍ مختلفة. صدر له قبلَ أيّامٍ ديوانَهُ الثاني “قبلةٌ بكامل شهرزادها”، عن منشورات مؤسسة الأفق- حيفا.
حيفا/إياس يوسف ناصر: حيفا الحبيبةُ.. أيَّ شِعرٍ في فمي/ أهدي إلى عينيكِ بعدَ غيابي؟!/ قد ذقتُ من شفتيكِ أطيبَ قبلةٍ/ وشَمَمْتُ في كفّيكِ عطرَ شبابي/ ونثرتُ شَعرَكِ فوق نهرِ قصائدي/ فتخمّرتْ في كرْمِها أعنابي/ فلتعذريني.. إنْ هجرتُكِ مرّةً/ من لي سواكِ بعودتي وذهابي!
كمان/إياس يوسف ناصر: في غابةِ الموتِ الدّغيلةِ/ لستُ أطلبُ/ غيرَ ما يحكي الكمانْ!/ لا أقرأُ الأخبارَ/ عن جسدي ولا/ أرمي شِباكَ الـحدسِ/ كي أصطادَ جرحي/ في صُداحِ البرلمانْ!/ لا شيءَ يعنيني/ سوى لغةِ الكمانْ/ في الحزنِ مهتمٌّ أنا/ في نشوةِ الهذيانِ مهتمٌّ أنا/ في بيدرِ القتلى/ المحاصرِ بالمكانْ/ في الرّيحِ إنْ شَبِعَتْ/ نُواحًا/ عند نافذة الثّكالى/ في انصداعِ الرّوحِ/ مهتمٌّ بأن أرتادَ قلبي/ مرّتينِ/ لأطمئنَّ عن الطّفولةِ/ في ترانيم الكمانْ/ هيهاتَ نصغي/ لو هنيهاتٍ/ إلى لغةِ الكمانْ!/ هيهاتَ نَعلمَ أنّ/ أعماقَ السَّكينةِ/ في دواخلِنا/ رهينةُ إمتحانْ!/ هيهاتَ نَعرفَ أنّ/ في أعماقِنا/ شيئًا طفوليًّا/ رفيفًا/ أو وريفًا/ مثلَ ظلِّ السّنديانْ/ لا شيءَ يعنيني/ سوى وطني/ أنا وطني/ صديقي/ أو قريبي/ أو غريبي/ لا فرقَ عندي/ حين أسمعُ/ صوتَ قلبي/ في مناجاةِ الكمانْ!/ لا يبقَ شيءٌ/ قد يراودُني/ إذا ناجيتُهُ/ غيرُ الحقيقةِ/ أنّني إنسانْ!
صورة الله/إياس يوسف ناصر: وطني.. ليس ترابًا وحجرْ!/ وانتسابي.. لا لبَكْرٍ أو مُضَرْ!/ كلُّ ما في الأمرِ أنّي شاعرٌ/ ريشتي قلبي.. وأوراقي البَشَرْ!/ وبلادي.. رحلةٌ لا تنتهي/ مع صدى الإنسانِ في كهفِ القدرْ/ ربّما كنتُ حزينًا مرّةً/ ربّما كنتُ سفيرًا للقمرْ/ ربّما عشتُ طويلًا مع فتًى/ يَرضعُ الشّمسَ.. ويغتالُ المطرْ/ ربّما قد أخبَرَتْني حلوةٌ/ عن صديقٍ كان شكلًا للأثرْ/ ربّما صادقتُ ظلّي حينما/ يُورِقُ القيظُ على خدِّ الشّجرْ/ وطني.. ليس خطابًا عاقرًا/ من سياسيٍّ.. ولا محْضَ خبرْ!/ وطني.. ليس حدودًا بعدَها/ تنتهي الدّنيا.. وينسدُّ النّظرْ/ وطني الكونُ.. وأهلي كلُّهم/ صورةُ اللهِ.. وأصنافُ البشرْ!
لستُ يوسُفَ يا أبي!/ إياس ناصر: همّتْ.. هَمَمْتُ.. فغلّقتْ أبوابَها/ وتمايلتْ نحوي تحدِّثُ: “هيتَ لكْ”!/ تلك الصبيّةُ.. إذ رأيتُ عيونَها/ حدّثتُ قلبي.. أنْ أتى من كمّلَكْ/ من أين تبتدئُ الأنوثةُ يا تُرى؟!/ مِن وجهِها؟! مِن كحلِها؟! ما أجهَلَكْ!/ في كلِّ شبرٍ.. ألفُ لغمٍ للهوى/ فارأَفْ بنفسِكَ.. ليس يَرجعُ من هَلَكْ!/ شفتانِ غارقتانِ في عسلَيْهما/ ونوارسُ النهدينِ.. تَصدَحُ في الفَلَكْ/ وعليهما نافورتانِ كحربةٍ/ في الدربِ قد وقفتْ لتطعنَ مَن سَلكْ/ سارتْ إليَّ.. وأسقطتْ فستانَها/ فتطايرتْ فوقي النيازكُ في الحَلَكْ!/ بل أفرغتْ كلَّ الأنوثةِ في فمي/ وتفوّهتْ: “إني أحبُّ مُقبَّلَكْ”/ “أشعِلْ فتيلَ الحبِّ في أعماقِنا/ مرِّرْ على كلِّ الحدائقِ أنمُلَكْ!”/ “وابذُرْ عليَّ.. بذورَ قمحِكَ كلَّها/ وابعثْ إلى حقلِ السنابلِ منجلَكْ”/ “لم تَبقَ في هذا الوجودِ مساحةٌ/ إلّا لتبنيَ.. فوق صدري منزلَكْ”/ أينَ النبوءةُ؟! لا أراها يا أبي/ ما جاءَ يَصرِفُني عن الحبِّ الملَكْ!/ برهانُ ربي.. كان وجهَ حبيبتي/ يا وجهُ.. إني فيكَ أعبُدُ مُرسِلَكْ/ بل إنها كانت ملاكي يا أبي/ ونبوءةً حلّتْ عليَّ بــ”هيتَ لكْ”/ عانقتُها.. قبّلتُها.. وأضأتُها/ والحبُّ يَفعَلُ بالقلوبِ بما مَلَكْ/ مِن إحدى عَشْرةَ قُبلةً قد ذقتُها/ أشعلتُ بالشوقِ الكواكبَ في الفلكْ/ فرأيتُ أني كنتُ مع معشوقتي/ قمرًا وشمسًا ساجدَينِ على الحلَكْ/ هذا قميصي.. لم يُقَدَّ.. وشاهدي/ أني سُئلتُ بُعَيْدَها: مَن قَبَّلكْ؟/ إني أحبُّ.. ولستُ يوسُفَ يا أبي!/ رؤيايَ أخرى.. غيرُ ما قد قيلَ لكْ..
مداخلة العريفة كوليت حداد: ليليان بشارة منصور: وُلدت في ترشيحا الجليليّة، حيث أنهت تعليمَها الابتدائيَّ والثانويَّ فيها. تعيش مع عائلتها (د. جوني منصور) في حيفا. نالت الدرجة الأولى في موضوعَي اللغة الإنجليزيّة والأدب المقارن من جامعة حيفا، والدرجة الثانية في الكتابة الإبداعيّة من جامعة ليدز، وتحملُ شهادة معلمة مؤهّلة لتدريس اللغة الإنجليزيّة، وتعمل مدرّسة للغة الإنجليزيّة في مدرسة شعب الثانويّة والكليّة العربيّة للتربية بحيفا. وأيضا تعمل مدربّة في التنمية البشرية. من مؤلفاتها: * كلمات على حافة الدائرة الذهبية (شعر)، الناصرة، 1994. *الندى والتين (شعر)، الناصرة، 2002. *عندما يغتسل التراب (شعر)، بيروت، 2006. *الذاكرة الفلسطينيّة في رواية بنت الغول (دراسة)، رام الله، 2009. *صديق سامي (قصة للأطفال)، حيفا، 2006.
ليليان بشارة منصور/ هفوة نسيان: قبلَ رحيلِكَ/ فاتَكَ/ أنْ تغسِلَ رِجْلَيْكَ/ في بَحرِ حيفا/***/ لِنُحْضِرْ إناءً/ ما دامَ وُصولُكَ/ إليْنا ربّما.. مُستحيلا/ لِنَغرُفْ مِن بَحرِنا ماءً ورملًا/ قصائدُنا في الظّلام/ في غرفةٍ/ يَتسلقُها/ خيطُ نورٍ/ تنتظرُ حمّامًا ساخنًا/ لترتويَ/ مِن أصابِعِكَ/ وإبريلُ في الدّربِ قادمٌ/ ويومُ القيامةِ حتمًا آتٍ.
ليليان بشارة منصور/ دائرة النبيذ: وحلمَ يومًا/ أنْ يَسكُبَ زجاجةَ نبيذٍ/ مِن قِمّةِ رأسِها/ حتّى أصابع رِجْلَيْها/ وفي الحُلم/ يَرشفُ الحُبيْباتِ/ على مَهلٍ/ رشفةً تِلوَ رشفةٍ/ فيتكاثرُ النّبيذُ/ ويُولدُ بحرٌ/ مُتلاطِمُ الأمواج.
ليليان بشارة منصور/ رقصةُ النّوارس: وبينَ الأزقّةِ السّاكتةِ/ يَتهامسون/ بوَشوشةٍ رقيقةٍ/ عن خطايا الماءِ والتراب/ ويَعلو صوتُ الحُبِّ/ ويَتكاثرُ الإغواءُ/ على زبدٍ طائشٍ/ في ليلةٍ ليلاء/ تستيقظُ الشّمسُ/ لسفر تكوينٍ/ لسفرٍ مُتجدّدٍ بينَ الأمواج/ ورقصةُ النّوارسِ/ في الفجرِ/ احتفاليّةٌ/ طقسُ الولادةِ.. أنشودُةُ الإخصابِ/ على رِمالِها خطّتْ/ وامْتدّتْ بجسمِها/ مَدينةُ الأُنثى/ تلُفُّ ذراعَيْها/ بشالِ الصّنوبَرِ/ وتتعطّرُ بشقائقِ النّعمانِ/ تَزهو مُنتصِبةً/ تَشربُ مِن ماءِ وادٍ/ تقطّرتْ بهِ جداولُ السّماء/ وتُلامسُ العتبات/ فتنهضُ البيوتُ بقصصِها/ على الشّبابيكِ الخشبيّة/ ندًى يُحاكي الفراشاتِ/ وهنا.. في محطّةِ الكرملِ/ مَمالِكُ قدِ اعتزلَتْ/ ولمْ يَبقَ بَعدَها/ سوى مناديلِها المُشتهاة/ ووادي الصليبُ/ يَنزفُ دمًا / بَعدَ فرَحِ الولادة/ ناقوسُ الحزن/ موتُ الفرحِ/ وفي الدرب أشلاء عمامات وفصولٌ/ من حكايات/ أقفلَ الستار/ قبل أن تنهض الأنثى/ من فراشها/ وتبتسم لجسدها/ ويفرش الندى غطاءً يحمي بيتها/ وتُمسك بيدِها المفتاح/ وفي دهشةٍ.. ينثرُ الغبارَ على شمسِ الصّباح/ ويَفرشُ العنكبوتُ/ أجنحةَ البقاءِ/ هذه حيفا/ أُنثى الإغواءِ وختراقُ/ حكايةِ عِشقٍ/ بينَ الأزقّةِ السّاكتةِ/ ووشوشاتِ الصّمتِ/ وعلى أكفِّ النّوارسِ/ حيثُ يَستكينُ الاغترابُ/ وحيث تستكينُ بصمتٍ/ عذوبةُ الإغواء..
مداخلة العريفة كوليت حدّاد: دانا بشارة تبلغ من العمر 24 عاما، وُلدت لعائلة بسيطة في مدينة الطيرة، لأب وأم مُحِبّيْن وداعِمَيْن جدًّا، حَرِصا على تعليما الفنونَ من سِنٍّ صغيرة، كالرّسم والموسيقا، وعندما بلغت الرابعة عشر، كانت ترتادُ مكتبة المدرسة كثيرًا، لأقرأ الروايات بالعربيّة والإنجليزيّة، ومِن ثمّ صارت تحملُ دفترًا بشكل دائم، كمُحاولة منها لرسم ما يدور حولها بالكلمات، وفي نهاية كلّ يوم تمزّق ما كتبت لعدم رضاها! في سن السابعة عشر.. طلب أستاذ اللغة العربيّة الأديب والشاعر والمُحلّلُ الأدبيّ عبد الرحيم شيخ يوسف، كتابة ما يجولُ في الخواطر، فدُهِشَ بكتابتها، وصارَ يدعمها ويُشجّعها على الكتابة، إلى أن أصدرتْ ديوان “جرعة من الجرأة” عام 2009، وفوْر إنهائها المدرسة الثانويّة التحقتْ بمعهد التخنيون في حيفا، لدراسة الهندسة المعماريّة، وعام 2013 أنهتْ لقبها الأوّل مع رتبة امتياز. وإيمانًا منها أنّ البحثَ العلميَّ قد يُثمرُ عن “مباني ذكيّة”، قرّرتْ أن تُواصلَ دراستها للدكتوراه في مجال “المواد الذكيّة-smart materials”. وما زالت تدرس وتغرق في البحث العلميّ حتّى اليوم، وبعلاقةٍ وطيدةٍ بالأدب والقراءة والموسيقا. وتكتبُ مِن حينٍ إلى آخر.
دانا بشارة/مَهلًا صَديقِي: مَهلًا صَديقِي/ اِرفِق بِالنَّجْمِ عَلى وِشاحِي/ أيْقَظْتَهُ فَجْرًا/ تَوَسَّدتَ آلامَه/ أضْحَكْتَهُ طِفْلاً/ أبكَيْتَ المَطَر/ هَدَمْتَ قِلاعَ الحُزنِ/ وأنا مِن حِجارَتِها أستَكين/ لِشموخِها الموجِعِ بِرُقِيِّ الوَجَعِ أدين/ مَزَّقْتَ عَلى أهدابِي الصُّور/ نُورُكَ اجْتاحَ خَاصِرَةَ الكَلِماتِ/ أطْرَبَها/ تَمايَلَت كَعَروسِ نيسان/ اخْتالَت.. تَكَبَّرَت.. قَبَّلَتِ المعانِي/ بِضوءِ روحِك عَانَقَت الحِبْرَ حُبًّا/ نَقَشَتْكَ شِعْرًا عَلى ضِفَافِ القَمَر/ يَسْتَعِرُ شَعْرُكَ عَلى جِباهِ لَيْلِي/ لَهُ ليْلٌ فِي القَلْبِ مَسْكَنُهُ/ يَطْبَعُ عَلى خَدّي قُبْلَةً ويَنْطَوي/ لا تَنامُ سَماءُ قَلْبي تَحْرُسُهُ.. وَينامُ البَشَر..
مَهْلاً صَدِيقي/ ابتسامَتُكَ تَنْهالُ عَلى رأسِي مُحَمَّلَةً بِطَهارةِ الشُّطآن/ تَقْلِبُ مَوازِينِي/ تَبْتَلُّ ذاكِرَتِي بِك/ تَمْضِي الأجمَلَ مُنْذُ تاريخٍ/ والأعْمَقُ.. مِن سِرِّ البَحَر/ مَهلاً صَدِيقي/ ضَاقَتِ الأرضُ بِوُرودِها/ ولِصَدْرِكَ رَحَابَةُ الخُلْجَانِ/ وأنا المَوْجُ تائِهٌ فِي صَدْرِهِ عِقْد فُلٍّ منذ أعوامٍ/ أَنْهَكَهُ السَّفَر/ خُذ بِيَدِي/ تَسَمَّرَت عُروقِي بِدَمِها/ وأنتَ للروحِ شعشاعٌ ودِفءٌ/ وللعَينِ قُرةٌ ولَيلُ السَمَر/ خُذ بِيَدِي/ كالأطفالِ عَلِّمني المَشيَ/ أُهَرْوِلُ إلَيْكَ/ دُلَّني.. كَيْفَ المَسير/ فأنا مُنذُ أعوامٍ/ تُمْطِرُ الأفكارُ خاطِري/ تُثْقِلُ كاهِلي/ تَتَساقَطُ مِن جَبيني/ تَمحو مِن خارِطَتي الطريق/ خُذ بِيَدي/ يَنهَمِرُ وَجْهُكَ القَمَريُّ في صَدري/ تَتَلَعثَمُ قَدَمي/ تَتَكَسَّرُ الخُطى/ تَهجوني الرِّمال.. أبعثِرُها/ على صَفحاتِ كِتابٍ عَتيق/ خُذ بِيَدي/ فلا مَسقطُ رأسي يَعرِفُني/ ولا التاريخُ/ ولا مواطِنُ المياه في الشِّتاء/ تُنْكِرُنِي حُروفُ إسمي/ وتَتَنَكَّرُ لِي اقتِباساتُ الرَّناء/ غَريبةٌ عنها.. وغريبةٌ عني كل الأشياء/ خُذ بِيَدي/ البلابِلُ لا تَشدو هُنا/ يَأتي الربيعُ ولا تُزهِر الرِّياضُ/ مُكفَهِرَّةٌ سُحُب الحنين/ باكٍ وَجه السَّماء/ خُذ بِيَدي/ أرى التيهَ فِي الأمْسِ فاجِعَتي/ أشْتَمُّ فِي أنسامِهِ الهَباء/ ساعِدْني/ طالَ البَرْدُ/ أطرَقَت رأسَها على كَتِفي مُتْعَبَةٌ مواسِمُ الجَفاء/ تَصْفَعُني الرِّياحُ/ توقِظُ حواسي/ تَرْتَجِفُ أطرافِي/ أخافُ الإعياء..
دانا بشارة/ لا تَسَل ثانِيَةً: لا تَسَل ثانِيَةً/ فَلَرُبَّما تُنكِرُني كلماتِي/ الإجاباتُ كثيرة/ مُعَقدة وبسيطَة/ كَبذورِكَ في قَلبي تَنمو/ جَعَلتني طِفلَةً/ وَجَعَلَتك أميرا/ لِأنَّ الشَّمسَ لَم تَمُت/ لِأنَّ القَمَرَ لَم يَخفُت/ ولأن البحر لم يَجِف/ وَسماء حَيفا أنجَبَت روحَك أثيرا/ أراكَ تَدُقُّ/ أبواب القصيدة/ لِأن الكونَ صاخِبٌ/ لِأنَّ الكون ساكِنٌ/ لأنَّك الكون/ يبدو في عيني جميلًا ومثيرا/ لِأنَّ للرَّملِ يدٌ/ تَمتَدُّ نحوي/ تدعو لرَقصةِ السَّحاب/ لأنَّ للموجِ كَفٌ/ على كتف الأرضِ يُلقيها/ تَمحو العذاب/ لِأنك هُنا.. وأنا فِي هُناك/ أشتم قصِيدَةً بِطَعم الزعتر/ ورائحة الليلكِ/ وَتفاصِيل الجوى في سَناك/ لِأنَّ العشبَ أخضَرٌ/ يَستَحِمُّ بالنورِ/ تَرتَشِفُهُ قَدَماك/ لِأنِّي أقطِفُ السُّكَر/ وأُداعِب الفراشَ/ في غاباتِ الشِّعرِ/ كلما اعترتني عَيناك/ لِأنَّكَ طَقسِي/ وَهطولَ أعماقِي/ وَجُنونٌ/ شَيَّعَنِي أسيرَةَ حِماك/ لِأنَّك هُنا في قلبي/ وأرانِي في قلبك هُناك/ دَعني أتوَرَّطُ وحدي/ لا تُتعِب السؤال/ لِأنَّك في مِرآةِ قلبي/ آيات الجمال/ لِأنَّك هُنا/ وأنا حبيسَةٌ في هُناك/ لِأنَّ دونك/ تبكي القصيدةُ دَهرًا/ ويخبو الرجاء/ لِأن الجِبال شامِخةٌ/ يُحاصِرها المدى/ تُقَبِّلُ شِفاه السَّماء/ لِأنّ الحروفَ راكِعَةٌ/ تبتَهِلُ بِدَمعي/ عَلى سُطورِ العزاء/ ولِأنَّك تأتي مِن/ خلف الصوتِ/ تداهمني اللغة/ أكتَمِلُ أنا وأنت والمطر/ ونخيلُ بِلادي بيننا/ جميلُ الكبرياء/ ولربما لأن/ مِن قَبلِكَ/ لَم أكن حَواء..
دانا بشارة/ ضُيُوفُكَ نَحْنُ أيُّهَا اللَّيل: ضُيُوفُكَ نَحْنُ أيُّهـا اللَّيل/ فَتَحَمَّلنا وَتَجَلّد/ كَفانَا نَهــارنَا تَسَهَّد/ سَقَط غصْنُ الزَّيْتُونِ مِن مِنقَارِ حَمَامَةٍ/ وَمَا مِن أخْرَى حَمَلَتْه/ جَفَّ.. والطَّيْر تَلَبَّد/ ضُيُوفكَ جِئنا/ مُكَفَّنِين بِيوْمٍ ماضٍ/ بِصَلَوَاتِنَا ومُوسِيقانا/ بِتُقــَانا وعصيَانِنا/ بِأفْراحِنا ودمــاء شُهدائنا/ بِجنونِنـا واتِّزانِنا/ نَسألك الضُّوءَ مِن نَجْمٍ/ مُتَحاشينَ سِتْركَ الأسوَد..!/ ضُيــوفك نحْنُ أيها الليل الشجِيّ الفَرح/ المُخْتـال بِسِرَاجه.. المتزَهِّد بعتْمَتِه/ وَقَد لَا نَحِلُّ غَداً ضُيُوفـا/ فارفِق بِنَا.. إيَّاكَ نَتَوَسَّد..!/ ضيوفك نحن أيُّها الليل وابتِهـالات/ ما زالت تترنم في جوفي/ على ذات الايقاع/ تَعْتَريني/ وَيَعتَريها الحنين/ تكتبني بجَرَّةِ قلم/ تُمَجِّدُ عروبتي بأوَّلِ السَّطْرِ/ تَسْتَنْكِرُنِي مضيًـا/ تمحوني بعنفوانها/ وتقتل صرخة الصمت/ دونَ أنين/ تَتَناثَرُ.. تتبعثر/ كبنفسجةٍ في موسمها/ تتطاير.. تُحَلِّق/ كفراشةٍ ترقص في عرس الربيع/ وَتَتْرُكُنِي على أعتاب يومي/ أناجيها/ كَيْفَ لَها أن/ تَخلو مني/ تَتركني بلا ملامح/ بلا وطن/ تتركني وشحوب فلسطين..!
ابتِهـالات/ تُعانِقُ الوَقْتَ عنوَةً/ ولَا تَمتَثِلُ لِسِواه/ تَرجُو/ والرَّجاء في حُروفِها قَصيدَةٌ/ مَطْلَعُها مُهَشَّمٌ/ مَتْنُها مُهَمَّشٌ/ وَخِتامها جَريح/ فِي صَلَواتِي تداهِمِني/ كَسَيْلِ دُمُوعٍ/ تَمْسَحُ الغبارَ عن زُجاجِ قَلبي/ دُونَ رِفقٍ تَرْشِقُنِي/ تَجْرِفُ قَوْلِي/ تَترك على الشفَّاهِ نَغَمٌ كسيح/ كَيفَ أمضى الحُبُّ على الأرضِ عِبئًا؟/ مَتى رَحَلَ مِن أعماقِنا الإنسان؟/ وأصبحنا كُهولًا نندِبُ عُروبتنا/ ونجتَرُ كُلَّ مَساءٍ كَلأَ اللغَةِ من وجع الأوطان؟/ ما بالَ ريقُ الأرضِ علقَميٌّ من دَمٍ/ ولكأنما مِن بعدِ نوحٍ في الأرضِ طوفان؟/ كيف تُصلَبُ الطفولةُ كل يومٍ/ وَتُعدَم البراءةُ في ميادينِ الأديان؟/ تتسعُ هوةُ الصمتِ حِدادًا/ لا أجراسُ الكنائِس فَرِحَةٌ/ ولا خاشِعٌ صوتَ الآذان/ في سوريا ذئبٌ/ يغرسُ براثنه في لَحمِ كبشٍ باكٍ/ ومِصرُ خَلفَ قناع الحضارةِ/ وجهُ جهلٍ دامٍ/ والعراقُ شلالات دِماءٌ/ ما انفكت تنسكب منذ أعوام/ وفلسطين مُذ فُكَّت ضفائرها/ قُدسُها مُنتَهَكَةٌ/ كيف أمضت عروبتي تحت الركام؟!
حسين جبارة/سوفَ آتي: أنتِ بحرُ الشِّعْرِ/ بحرُ الحبِّ أمواجُ الليالي/ فانظُريني/ سوفَ آتي/ أنتِ إيقاعٌ ببالي/ قدْ ركبْتُ الريحَ/ أجتازُ تْسُنامي/ لنْ أبالي
حسين جبارة/إنَني أُمُّ الوليد: وأفقْنا في صَباحٍ باكرٍ/ نقصدُ السجنَ الكبيرْ/ فيهِ أشْبالٌ كِبارْ/ دَفعَتْ أحلامَها/ من أجلِ حلمِ الآخرينْ/ سَنُعاني بازدحامٍ وانتظارْ/ بمكوثٍ وَوُقوفٍ وَتَلقٍّ للأوامرْ/ في طريقي لِأَسيرٍ باتَ حُبَّا/ مثلَ أسرانا جميعًا/ يستحقّونَ النَّهارْ/ ووَصلنا ساحةَ السجنِ البغيضْ/ ورأينا كلَّ أطيافِ الوطنْ/ مِن شتاتٍ واحتلالٍ/ مِن جليلٍ أو نقبْ/ شعبُنا في الأسرِ واحِدْ/ لا حُدودٌ أو حواجِزْ/ لا خلافٌ أو تَشَرْذُمْ/ كلُّنا في الأصلِ شعْبٌ/ شعبُنا في “الهَمِّ” واحدْ/ وَبِساحِ السِجنِ صمْتٌ/ مِن خلالِ الصمتِ صوتٌ/ صوتُ أُمٍّ/ يَتَعالى مِن بعيدْ/ هاتِفًا اللهُ أكبَرْ/ صوتُ أُمٍّ تتباهى/ راحَ منّا يقترِبْ/ راحَ يدنو صارِخًا/ إنَّني أُمُّ الوليدْ/ أرفعُ الرأسَ افتخارًا/ بِأسيرٍ وسَجينٍ/ أتَغنَّى مِن جديدْ/ وَإباءٌ قامتي/ مَعْدِنُ السجنِ الرِجالْ/ ووليدي في المُؤَبَّدْ/ نغمةً أشدو أُعيدْ/ شَحَنَ الصوتُ الحضورْ/ وَدَخَلْنا في الغياهبْ/ أُطرقُ الرأسَ مليًّا/ وبدربي باحثًا/ عن أسيرٍ وحبيبٍ خلفَ قضبانِ الظلامْ/ في حلكةِ الليلِ الشديدْ/ يرتئي الأسرى العبيدْ/ فجأةً صوتٌ ينادي/ وَسَمِعتُ الصوتَ أُستاذي ينادي/ فالتَفَتّْ/ ورأيتُ الشبلَ قُدامي وقوفا/ خلفَ شُبّاكِ العبوديَّةِ صلبًا كالحديدْ/ كلُّ رِمشٍ فيهِ سَهمْ/ كلُّ جَفْنٍ حارسٌ يحمي البريقْ/ جبهةٌ تعلو شموخًا/ أنفُهُ كِبْرٌ عنيدْ
تُهتُ في بحرِ العيونْ/ يا عيوني، مَن تكونْ/ أنتَ أُستاذي ب”وردٍ”، وَأَنا كنتُ الوليدْ/ ما اقترفتُ “الذنبَ إثمًا”/ غيرَ أنّي/ عن حقوقي ما صَمَتّْ/ لستُ في الأسرِ الوحيدْ/ خلفَ قضبانٍ تراني/ في شراييني الأماني/ أهزمُ اليأسَ وأحيا/ في فضاءات ِ المعاني/ وزنازيني أُرَوِّي عشقَ أوطاني ضياءً/ في طعاني لا أُعاني/ وحقوقي قَبَسٌ/ في المدلهمّاتِ الدليلْ/ عنهُ يومًا لا أَحيدْ/ إصبعي بينَ الشِباكْ/ وعيوني في المحيطْ/ شِحنةٌ خضّتْ كياني صرتُ تلميذَ الأسيرْ/ وهوَ أُستاذي أنا/ بكلامٍ واثِقٍ ولسانٍ لاهِجٍ/ مفرداتي تمتمتْ/ كلُ شيءٍ يتغيّرْ/ وقوانينُ الدُوَلْ
رُحتُ في الدهليزِ أمشي قاصدًا شِبْليَ الحبيبْ/ لم تُفرّقْ خَلَجاتي بينَ تلميذٍ وفيّْ/ أو حبيبٍ بالزياراتِ الجديرْ/ صارَ كلٌّ في اعتباراتي صَفيّْ/ تهتُ في سينٍ وجيمْ/ صحتُ في نفسي عميقًا/ حيِّ جيلاً صاعدًا/ لا تَخَفْ/ ما دامَ في القلبِ الإلهْ/ ما علا صوتُ النبيّْ/ أُمَّهاتٌ، رُحنَ يُرضعْنَ الصبيّْ/ بِغذاءٍ وانتِماءٍ ، وبِحسٍّ وافتداءٍ/ بِمِثالٍ/ يتغنّاهُ الأبيّْ/ بِإِلهٍ وَنَبيٍّ/ وَبِأُمٍّ وَصَبِيٍّ/ وانتماءٍ وافتداءٍ/ كلُّ أُمٍّ في بلادي ، قلعةُ الحبِّ النَّقيّْ/ كلُّ طفلٍ في ثراها، في الميادينِ العصيّْ
الاسير وليد دقة من سكان باقة الغربية يرزح في غياهب السجن الامني منذ ثلاثة عقود ويعتبر احد الرموز البواسل في عتمة الليل الطويل، صلبا متمرسا ويحيا لقضية مقدسة صامدا كصخر بلادي متجذرا كالزيتون. (حسين جبارة 18-12-2013)
حسين جبارة/ العاشقونَ لشهرزاد: في الحيِّ عاشت شهرزادُ/ حَكتْ مِثالًا في الجَمالْ/ كانت عروسًا في الشَآمِ/ بَدتْ ملاكًا في الكمالْ/ ميزاتُها سِحرٌ غَمَرْ/ أوصافُها تَسبي الرجالْ/ فتقاطر الُعُشّاقُ في طُرُقاتها/ عشقوا الهلالْ/ عشقوا العيونَ/ كَما الضفائرِ زيَّنتْ/ قدَّ الغزالْ/ بعثوا اللِحاظَ رسالةً/ بالوُدِّ تخطُبُ والوصالْ/ قطعوا الدروبَ لأجلها/ جازوا السواحلَ والرمالْ/ قطفوا الورودَ قلادةً/ تُهدَى لفائقة الدلالْ/ الحيُّ اضحى قِبلَةً/ ثمَّ المزارَ بكلِّ حالْ/ جاءَ القريبُ أتى البعيدُ/ مُحَمَّلاً ماسًا ومالْ/ كلٌّ سعى للفوزِ بالحسناءِ/ تَرضَى بامتثالْ/ يا شهرزادُ بِحَيْرَةٍ/ ما تفعلينَ بذي السلالْ/ وصلَ المليكُ برهبةٍ/ يُلقي على الحيِّ الظلالْ/ مِن خلفِ بحرٍ هادرٍ/ خطبَ المليحةَ بالسِجالْ/ بالعرشِ يسكنُ شهريارُ/ رمى عروسًا بالحلالْ/ بالمالِ أو ذهبِ الدُّنا/ بالقسرِ حتى بالضلالْ/ هذي العروسُ تمنَّعتْ/ تأبى عريساً واحتلالْ/ تَرمي غريبًا آتِيًا/ يدعو لعُنفٍ واعتقالْ/ يبغي الأميرةَ عُنوةً/ والعاشقينَ الى ارْتحالْ/ الحيُّ يعشقُ شهرزادَ/ غدا جُنودًا للقتالْ/ وانضمَّ رهطٌ مِن جنوبٍ/ يَلتَقي حشدَ الشَمالْ/ خرج الورى في نخوةٍ/ لم يركعوا، حملوا النصالْ/ والعاشقونَ تشَمَّروا/ رَصدوا القصيدةَ للنضالْ/ قذفوا الحجارةَ صلبةً/ في وجهِ مَكرٍ واحتيالْ/ رفعوا الأسِنَّةَ والقنا/ طربوا على وقعِ النزالْ/ عانوا السُجونَ وقهرَها/ زُفُّوا لِمَوْتٍ واغتيالْ/ رصُّوا الصُفوفَ لِشحنِها/ والصوتَ يَبعثُهُ المقالْ/ درويشُ يعشقُ بالقصيدِ/ سميحُ يلهبها اشتعالْ/ غسّانُ يغمرُهُ الحنينُ/ جَمالُ يشدو بابتهالْ/ زيّادُ رمشٌ يَفتدي/ ناجي العليْ رسم المحالْ/ هذا الدسوقيْ مغرمٌ/ دحبورُ يرشُقُ بالنِبال/ يا راشدًا يا عاشقًا/ يا صالحًا، أطلِقْ عقالْ/ كلٌّ تغنَّى بالحبيبِ/ زها التّغنّي بارتجالْ/ والعاشقونَ لشهرزادَ/ شَدَوا لها، دفعوا الوبالْ/ هذي المليحةُ للخُلودِ/ غَدَتْ نِضارًا في المجالْ/ وقوافلُ العُشّاقِ تزحفُ/ في النهارِ وفي الليالْ/ كلٌّ رمى وَلِهًا بِها/ للفوزِ يسعى والنوالْ
حسين جبارة/ نسيجُ الشِّبلِ والنِّمرِ: أحبّيني/ بِعزمِ السيْلِ إذ يجري/ بشوقِ النهرِ للبحرِ/ بوعدِ الغيمِ محمولا/ تَسوقُ الريحُ بالقطْرِ/ أجيبيني/ بِعذبِ البوْحِ في الفجرِ/ بهمسِ الدوح مشغوفًا/ بِطيبِ الضَوْعِ والعِطْرِ/ أيا حلمي/ أضيئي الحبَّ بالزهرِ/ وميضًا فاحَ بالعذري/ أغيثي لهْفةَ الصادي/ بِرِيقٍ فاضَ مِن ثَغْرِ/ فأنتِ النّبضُ يا قلبي/ حنينًا هاجَ في الصدْرِ/ وأنتِ الحبُّ توّاقًا/ بيومِ الوصلِ والهجرِ/ أغيثي لهْفتي بَدري/ ألستِ الدفءَ في القرِّ/ ألستِ رِحابَ شُطآنٍ/ نسيمَ البحرِ في الحرِّ/ ضَفائرُكِ التي أهوى/ حريرٌ ناعمُ الشَّعْرِ/ حريرٌ ماجَ في غنجٍ/ رشيقَ القرطِ والنَّحْرِ/ وَليْ أَصغي/ أنا عِشقٌ/ يتوهُ بغابةِ السِّحْرِ/ أنا شبلٌ بميدانٍ/ وَصَلْبُ الكِتْفِ والظَّهْرِ/ أبُثُّ إليكِ تنهيدًا/ يَهيمُ بِرقَّةِ الخصْرِ/ أضُمُّ القدَّ ملهوفًا/ أعيشُ الوَجْدَ يا عمْري/ أذيبيني بِفِنجانٍ/ مِنَ البلّورِ والتّبْرِ/ كحبّاتٍ مِنَ الحلوى/ مِنَ الأعنابِ والتَّمْرِ/ كمشروبٍ يُعافينا/ يُماهي الشَّهْدَ بالخمْرِ/ يُسيلُ الرّيقَ تِرياقًا/ أعاقرُهُ بلا حَظْرِ/ يُميلُ الرّوحَ في جسمي/ مِنَ الإعجابِ والسُّكْرِ/ أنا ثَمِلٌ/ وما أدري/ أداعبهُ إذا أوحى/ لقاءَ السِّترِ والجهرِ/ أنا الولهانُ يا روحي/ فَضُمّيني!/ بموجِ المدِّ لا الجزْرِ/ وناغيني بِإحساسٍ/ فتاخُذَني/ ورودُ العشقِ بالنثرِ/ حروفُ الشمسِ بالشعْرِ/ تَلُفُّ ملاكَ أحلامي عباءآتٍ/ نسيجَ الشِّبلِ والنّمرِ
حسين جبارة/ جدارُ الفصلِ العنصري: يا جِدارًا يتلوّى مثل أفعى/ ووصالاً بينَ أهلي راحَ يَنْعى/ باحتيالٍ ودهاءٍ شقَّ أرضًا/ راحَ يجري/ سالبًا حقلًا وزرْعا/ يحرمُ الفلّاحَ كَرْمًا/ يمنعُ الأغنامَ مرعى/ في الروابي/ ينفُثُ السُّمَّ زُعافَا/ حينَ يسعى/ رافِعًا سدَّا وحدَّا/ فاصلاً ظِلّاً وجذعا/ بفؤادي/ يصرعُ الحلمَ ويطغى/ ويحيلُ السَّفكَ قانونًا وشرعا/ يُرسِلُ الآلاتِ مكرًا/ يُطلقُ النيرانَ لسعا/ يا جدارًا عنصُريًّا/ يسرقُ الشمسَ نهارًا/ يخطِفُ الدفءَ بلمحٍ/ يزرعُ الظلماءَ شمعا/ يتمطَّى/ مانعًا حضنًا وعشقًا/ مُبْعدًا بعلًا وزوجًا/ فاصلاً زهراً وضوْعا/ يتهادى/ ضاربًا سجنًا كبيرا/ داخلَ السجنِ حصارٌ/ ثمَّ طوْقٌ إثرَ طوقٍ/ فارضًا قمعًا فردعا/ موجعًا صفعًا فسفعا/ حائطُ العزلِ اعتداءٌ/ ثمَّ تكريسُ احتلالٍ/ حارمٌ غيثاً ونبعا/ يرتضي الأفنانَ قطعًا/ يشتهي الزيتونَ قلعا/ يُسْقطُ الغربُ جِدارا/ يحتفي فتحاً فوصلا/ يُرْجعُ الألمانَ جمعا/ في فلسطينَ يُحابي/ يمنحُ التقسيمَ عطفاً ثمَّ ضِرْعا/ يزرعُ البُستانَ تكسيرا فجرحى/ يُسقطُ الأحرارَ صرعى/ يمنحُ المُحتلَّ تقطيعاً وضمَّا/ مُلقيًا بالقمعِ روعا/ يحرمُ المحتلَّ بيتاً مستقلا/ كاسرًا في الصدْرِ ضِلْعا
أرفضُ الأطواقَ إرهاقًا وقهرا/ حاجزَ الفصلِ أُعادي/ تهدمُ السورَ الأيادي/ إنَّني بالعزمِ أقوى/ بتُّ بِالإصرارِ أوعى/ صرتُ طيرا/ ضوعَ زهرٍ/ يعبرُ الحائطَ شوقا/ يجعَلُ الإذلالَ طاقاتٍ ودرعا/ ويحيلُ الحبَّ نسرًا/ ينقرُ السورَ بصبرٍ/ يتهاوى السورُ صدعًا/ يَتَلاشى الصُلْبُ هزعا
آمال عوّاد رضوان