إعتذار من “شهيد البزة الصحفية”…!

تاريخ النشر: 17/10/15 | 7:42

لم يسبق لي أن رأيت حالة من التخوين والمزاودة على وطنية الآخرين، في أي بلد في العالم كما هو الحال في مجتمعنا، مع أننا ربما الشعب الأكثر حبا لبلده، إذا ما اعتبرنا أن الحب يقاس بمقدار التضحية في سبيل من نحب، وبالنسبة لحجم تضحياتنا كشعب فلسطيني على مدار العقود الماضية فالحديث يطول، ولا يمكن لأحد أن يضربنا بظهرنا في ذلك.

كفلسطينيين، لنا كامل الحق أن نفرح بخبر مفاده عملية طعن جندي في الخليل، أو اختطاف باص في القدس، أو اطلاق نار على سيارة مستوطنين في نابلس، ليس لأننا شعب “دموي” إطلاقا، بل على العكس تماما، وباعتقادي، فإن كل من رأى صورة المقاومين يحتفلون بعيد ميلاد أحدهم على إحدى نقاط التماس مع الاحتلال، سيدرك المعنى الحقيقي لمقولة الشاعر الراحل محمود درويش: ” على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، وسيدرك أيضا أننا شعب يحب الحياة. إذن، لماذا نصر على ما هو عكس ذلك تماما؟! لماذا نسعد بنشر فيديو لختيار يرقص بالسكين على حدود غزة؟!! أو شاب يرتدي “بزة الصحافة” وينفذ عملية طعن؟!!” أليس هذا ما يريده إعلام العدو فعلا؟؟ فلنفكر فقط بما حققناه لهم من خلال نشر هذه الصور على وكالات الأنباء وصفحاتنا الشخصية؟! فمن ناحية نشرنا ما يديننا، ومن ناحية أخرى ساعدنهم في خلق صورة نمطية “داعشية” ومغلوطة عنا أمام دول العالم، وهي بكل تأكيد بعيدة كل البعد عن حقائق الامور؟!! نحن لسنا قاتلين، ولسنا مجرمين ولسنا داعشيين، بل أجبرنا على استخدام السكين والرصاص والحجر لأن الحرية لا تأت بالتفاوض، واسرائيل لن تعيد لنا ما سرقته من أراضينا على طبق من ذهب! إذن، أليس هذا سببا كافيا كي نستميح لأنفسنا عذرا؟!! أليس سببا كافيا كي لا ندان؟!! نحن لا ذنب لنا بكل ما يحدث، ذنبنا الوحيد أننا لم نشف من حب فلسطين! فهل هذه تهمة كافية لتصويرنا كقتلة؟! حاولت جاهدة، مرة واثنتين وثلاثة، أن أوصل هذه الرسالة إلى أصدقائي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، فكانت آخر ردود الفعل التي تلقيتها على هذا الأمر، هي مهاجمتي وشتمي وكأنني أتهم شهيد “بزة الصحافة” بالداعشي والقاتل؟!!

أليس هذا تخوينا لمن أحب وطنه وحرص على الحفاظ على صورته الجميلة والنقية من كل دم؟! أن نحب الموت لأجل الأرض شيء، وأن نحب تصويرنا كمجرمين شيء آخر! كصحفيين، ليست أرواحنا أغلى من أرواح الشهداء إطلاقا، وما يبذله الزملاء في الميدان؛ وتعريض حياتهم للخطر يوميا، لأجل نقل الحقيقة، هي أكبر دليل على ذلك، فكيف إذا ما مررنا على 16 شهيدا صحفيا ارتقوا خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة؟! وأكثر من 70 اعتداء على الطواقم الصحفية منذ انطلاق الهبة الجماهيرية حتى اليوم؟!! وهو ما يعني أن الاحتلال لا يحتاج حجة أو مبررا للاعتداء على الطواقم الصحفية. في الوقت ذاته، فإن ازدياد تخوفات الصحفيين خلال وجودهم في قلب الحدث، بعد اليوم، هو حق لهم بطبيعة الحال، فهم وكما ذكرت سابقا مستهدفون من الاحتلال دون مبرر، فكيف إن وجد الاحتلال ما يبرر استهدافهم؟! أما عن موجة الاتهامات المستمرة، فالصحفيون لم ولن يشتموا شهيدا، أو يتهموه بالغباء، أو يزايدوا عليه وعلى وطنيته، أو يقصروا في تغطية تشييع جثمانه كما اعتقد البعض، وإن كان هناك من فهم هذا حقا، نتيجة التخوف الزائد من بعض الزملاء، فبالنيابة عنهم جميعا أقدم برقية شكر لمن منحنا هذا الشرف، وباقة اعتذار إلى “شهيد البزة الصحفية”.. الشهداء هم الأسمى منا جميعا.
بقلم –  وفاء عاروري
arore

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة