المرأة العاملة في دائرة الضغوطات

تاريخ النشر: 26/09/15 | 6:35

لقد كثر الجدل حول عمل المرأة خارج البيت وتعددت الآراء وتباينت بين مؤيد ومعارض،بين من يعتبر عملها خارج بيتها جناية عليها وعلى أسرتها وأولادها الذين قد يدفعون ضريبة باهظة نتيجة لغياب الأم واندماجها في عملها، لأن العناية بالبيوت وتحويلها إلى واحة استقرار لا يمكن تحقيقه بالدرجة الأولى إلا من قبل امرأه متفرغة لهذه المهمة العظيمه تفهم حقوق الزوجية وتحتضن الأجيال بحنان وتنشئ نفوسا متوازنة وشخصيات قوية مطمئنة مشبعة بالعواطف الإنسانية الكريمة،وبين من يعتبر عمل المرأة خارجا بمثابة تجسيد لكيانها واثبات لشخصيتها فإن في مقدورها أن تقدم وتعطي وتدفع بعجلات التقدم الاجتماعي إلى الأمام ولا ينبغي احتواء طاقتها داخل البيوت فقط أو حصر شخصيتها وطموحها وكفاءتها ضمن جدران منزلها، وبما أنها نصف المجتمع فلا يجوز لهذا النصف ان يكون معطلا لا يعرف سوى الطبخ والتنظيف ورعاية البيوت، ونظرة متفحصة في مرآة الواقع تنبئنا أن المرأة قد اقتحمت كل الميادين والمجالات وزاحمت الرجل في شتى الأعمال، والواقع يشهد أنها أثبتت كفاءتها وقدرتها على العمل والإنتاج فهل يمكن اعتبار عملها خارجا جناية عليها وعلى أسرتها أم هو ضرورة اجتماعيه وحتمية تفرضها متطلبات العصر؟ هل هناك فعلا من يدفع ثمن هذا الخروج أم أن القضية أبسط من أن تأخذ هذا الحجم والتضخيم؟ هذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه من خلال هذا التقرير حيث التقينا بعض الأزواج الذين خاضوا التجربة مع زوجات عاملات، كذلك التقينا بعض الزوجات العاملات وأمور أخرى تجدونها إن شاء الله في هذا التقرير:

الأولاد أحق بأمهم
يقول الشاب أنس 30 عاما وهو موظف ولديه طفلان الأول سنتان والثاني أربعة أشهر: بالنسبة لقضية العمل أنا لا أؤيد عمل زوجتي علما أنها أنهت دراستها الجامعية وبإمكانها أن تبحث عن وظيفة لكنني لم أشجعها على ذلك، أفضل أن تكون مرتاحة في البيت لتعتني بأمور الأولاد خاصة في هذا الجيل فلا أريد أن أحملها فوق طاقتها، نعم إن عمل المرأة يزيد من دخل الأسرة خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، لكن لو خرجت المرأة لسوق العمل باعتقادي سوف يكون الثمن باهظا سيدفعه جميع أفراد الأسرة سواء الأم التي ستصاب بالإرهاق أو الأولاد الذين بالطبع سوف يؤثر غياب أمهم عليهم.

ماذا نفعل أمام غلاء المعيشة
يقول الشاب احمد عبد الرحمن 30عاما وهو عامل في مصنع وزوجته معلمة: بصراحة الحياة كلها تعب وتضحيات حتى عمل المرأة فيه تضحية كبيرة جدا من قبل أسرتها،الزوج والأولاد، لا بد أن يكون تقصير واضح في جوانب عديدة لكن ماذا نفعل أمام غلاء المعيشة؟ فأنا رب أسرة ولدي اربعة أبناء والدخل الذي أتقاضاه لا يكفي لضروريات البيت فكيف أستطيع أن ألبي طلبات أبنائي التي لا تنتهي؟ فلولا مساعدة زوجتي لكانت حياتنا أصعب بكثير. وفيما نحن في مقابلة السيد أحمد كانت مداخلة من أخيه الذي يعمل في نفس المصنع ويتقاضى نفس الراتب لكن زوجته ربة بيت فقال: ما حاضر إلا اعتزنا وما غايب إلا استغنينا عنه ورد على أخيه قائلا: لو لم تكن زوجتك عاملة لما اضطررت أن تحضر لكل طفل من أطفالك جهاز الآيفون، ولو لم تعمل زوجتك لما اضطررت أن تشتري لها سيارة والسيارة اليوم تكلف ما يعادل مصروف العائلة، ولو كانت زوجتك في البيت لما أرسلت طفلك الصغير إلى الحضانة التي تكلف على الأقل 500 شاقلا شهريا.ولو كانت زوجتك ربة منزل لما احتاجت لكثرة الملابس التي تشتريها بين الحين والآخر ولو كانت زوجتك ربة منزل لأعدت لك أشهى الأطعمة واستغنيت عن الأكل الجاهز الذي يكلف الكثير من المال وأضاف: حسب رأيي الراتب الذي تتقاضاه المرأة يذهب إلى الكماليات التي لو استغنى عنها الفرد لم يخسر شيئا في دينه ولا دنياه.

إذا كان الوضع الاقتصادي جيدا للزوج أفضل البقاء في البيت
تقول المربية سجود وهي أم لثلاثة أولاد: أنا أعمل في مجال التدريس وأجد صعوبة بالغة جدا في إدارة أموري اليومية خاصة مع ثلاثة أطفال ماذا أقول لطفلتي ابنة الأربع سنوات عندما سألتني قبل فترة لماذا تأخرت كثيرا لقد تعبت وأنا بانتظارك يا ماما، فمن خلال تجربتي في هذا الميدان أقول أن تبقى المرأة في البيت إذا كان الوضع الاقتصادي للزوج جيدا،لكن لأن المرأة تلعب دورا هاما في خدمة مجتمعها وتضطر للخروج من البيت لتؤدي رسالتها العظيمة، فأنا أفضل أن تقلل ساعات العمل للمرأة العاملة حتى لو تقاضت راتبا أقل، وبما أنني أعمل في مجال التدريس وأراقب ما يدور من حولي، فمعظم المعلمات يتذمرن من الوضع خاصة بعد ان بدأ برنامج اليوم الطويل يطبق في المدارس حيث زادت ساعات العمل في المدرسة، فهناك العديد من المعلمات اللواتي أبدين رغبتهن في التنازل عن جزء من الوظيفة حتى ولو قل الراتب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المعاناة التي تتعرض لها المعلمات.

خروج المرأة للعمل أفضل من جلوسها على الفيسبوك والمسلسلات
خروج المرأة للعمل أفضل من جلوسها على المسلسلات التركية وعلى الفيسبوك، هكذا بدأ حديثه السيد ذياب 31 عاما ويعمل في مجال الهندسة، ويضيف: أنا أفضل بقاء المرأة في البيت لو كان الحديث في الماضي لقلت لك: نعم لبقاء المرأة في البيت لتربية أبنائها، لكن في هذا الزمان أقول: لتخرج المرأة وتؤدي رسالة تنفع بها مجتمعها أفضل من جلوسها على الفيسبوك وعلى المسلسلات التركية وهذه سمة العديد من نساء عصرنا، وثقي تماما أن المرأة العاملة بإمكانها أن تعطي أبناءها وتشبعهم بالأمور التربوية بجلوسها ساعتين معهم أو حتى أقل أكثر من ربة بيت تكون منشغلة بمضيعات الوقت، فماذا تفعل ربة المنزل بعد الانتهاء من واجباتها البيتية التي لا تتعدى الساعتين أو الثلاث ولنقل أربع، فإما الذهاب إلى جارة أو الجلوس على الفيسبوك للقال والقيل أو الانترنت والتلفزيون. فما المانع ان تساهم المرأة في زيادة الدخل خاصة ونحن نعيش في ظل أوضاع اقتصادية صعبة طالت معظم أفراد المجتمع.

سلبيات وايجابيات في عمل المرأة
السيد ابو محمد عامل في مصنع وزوجته تعمل معه يقول: ليس هناك أمر إيجابي بشكل مطلق فكل شيء في الحياة له سلبياته وايجابياته، أنا كزوج لا أنكر أن عمل المرأة فيه من التضحيات ما فيه، والتنازلات الكثيرة وتقصير ملحوظ داخل البيت ناهيك عن الارهاق الذي يطال المرأة العاملة، لكن ماذا نفعل هكذا تتطلب الحياة نريد أن نعيش مستورين فلولا أن زوجتي تساعدني في مصروف البيت بصراحة لم أكن أصمد أمام المتطلبات التي لا تنتهي، واليوم الكل يريد أن يعيش في أعلى المستويات الغني والفقير لا يستغني عن الكماليات فالذي ليس لديه المال يجلب الكماليات حتى لو تراكمت عليه الديون.

الجدة الحاضنة وعمل المرأة
تقول إحدى الجدات التي أخذت على عاتقها حضانة أحفادها لبناتها وأبنائها أنها تؤيد عمل المرأة ولا تفضل بقاءها في البيت، فهي تشجع بناتها وكنائنها للخروج إلى العمل فتقول: أنا مع خروج المرأة للعمل وتأدية دورها في المجتمع وحسب رأيي أن المرأة النشيطة تستطيع أن توازن بين واجباتها المنزلية وبين عملها في الخارج، أما بالنسبة للأولاد لم يضرهم ذلك بشيء على العكس فإن أولاد المرأة العاملة يكونون أكثر صلابة واعتمادا على النفس وغير اتكاليين وغير مدللين، حتى أنهم اجتماعيون أكثر من غيرهم من أبناء أمهات غير عاملات. وأنا بدوري كجدة أقوم برعاية أحفادي الأطفال قبل بلوغهم سن الروضة نعم إن الأمر صعب علي ومرهق، لكن ماذا نفعل هكذا هي الحياة بحاجة إلى تضحيات من أجل مساعدة الأبناء والبنات.

عمل المرأة لتحقيق الذات
المربية هبة احمد أم لطفلتين تقول: أنا اؤيد عمل المرأة وخروجها إلى المجتمع حتى ولو كان الوضع المادي للزوج ( فوق الريح)فالمرأة حين تخرج لتأدية رسالة معينة تخدم بها مجتمعها فهي تحقق ذاتها، وأنا شخصيا عملي مربية أشعر بمتعة كبيرة حين أعطي الطلاب وأشعر بسعادة حين أرى تجاوبهم وتفاعلهم الجيد في الدرس، وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه المعلمين من قبل الطلاب المشاغبين وهذا الأمر يضايقني كثيرا إلا أن ذلك لن يثنيني عن المضي في مشواري المهني.
وبالنسبة للبيت والأولاد باستطاعة كل امرأة عاملة أن تنظم وقتها وتدير شؤون بيتها وأسرتها حسب الأولويات، فلا تنسي التكنولوجيا (غسالة جلاية مكنسة كهربائية وغير ذلك) التي تساعد المرأة وتخفف من الأعباء المنزلية متوفرة في كل بيت لدى ربات البيوت ولدى العاملات على حد سواء.
كذلك بالنسبة لتربية الأولاد فهي يجب أن تكون مسؤولية مشتركة بين الزوجين حتى أن عمل المرأة يجبر الزوج على المشاركة والتعاون في شؤون تربية الأولاد ومراقبتهم.

العمل بقدر طاقة المرأة
تقول الأخت خديجة خالد أم لثلاثة أطفال: بعد أن أنهيت دراستي الجامعية وتوظفت في المدرسة، لم أستطع إكمال مشواري كمعلمة خاصة بعد أن أنجبت طفلتي، لكني التحقت بالعمل في مجال آخر أقل مسؤولية من وظيفة التدريس لأن المعلم يجب أن يكون أكثر تفرغا للقيام بوظيفته على أحسن وجه، وحسب رأيي أنا مع عمل المرأة لكن بشرط أن تختار المكان المناسب لها الذي تستطيع من خلاله التوفيق بين متطلبات البيت والأسرة وبين عملها، على ألا تحمل نفسها فوق طاقتها.

العمل ارهاق للمرأة
تقول المربية هبة مصطفى: لا شك أن عمل المرأة خارج بيتها يسبب لها الإرهاق الشديد خاصة عندما تكون أما فهي تقضي أوقاتها مهرولة مشتتة بين بيتها وبين عملها وبالتالي فإن الخسارة ستكون على حساب المرأة نفسها فهي تضحي وتحاول أن توازن بين متطلبات البيت والعمل وربما لا تقصر في أي جهة لكن في نهاية المطاف يكون ذلك على حساب صحتها لا تعرف الراحة، لكن لأن المرأة تستطيع أن تعطي مجتمعها بعد أن اقتحمت العديد من المجالات وأثبتت قدراتها المهنية في عطائها فإن المجتمع يحتاجها، تضيف هبة: اقترح أن تقلل المرأة من ساعات العمل، وأنا على سبيل المثال حاليا أعمل في وظيفتين، لكنني سأتنازل عن إحدى المهمتين حتى أستطيع أن أتفرغ لأسرتي ونفسي أكثر، وأعطي في العمل الذي سأختاره بشكل افضل.
وبعد…
ونحن في اشراقة نرى أن جميع الآراء التي حصلنا عليها من خلال المقابلات واقعية ومنطقية وجميلة،لكن بقي علينا أن نشير إلى الجانب الشرعي في عمل المرأة والذي أباح خروج المرأة لتأدية دورها في الأعمال المناسبة لها كأنثى، وذلك تحت ضوابط وشروط ثابتة وهي أن تقيس المرأة كل خطوة تخطوها بمقياس الشرع، سواء في ملبسها ومظهرها وفي أفعالها وأقوالها بعيدا عن الابتذال، كذلك الإخلاص والإتقان في عملها أينما كانت عليها أن تؤدي دورها بأمانة وإتقان، ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”.وأما الشرط الآخر.. فعلى المرأة أن توازن بين العمل خارج بيتها وواجباتها الأسرية التي وضعها الإسلام في سلم الأولويات.

الأولاد أحق بأمهم
يقول الشاب أنس 30 عاما وهو موظف ولديه طفلان الأول سنتان والثاني أربعة أشهر: بالنسبة لقضية العمل أنا لا أؤيد عمل زوجتي علما أنها أنهت دراستها الجامعية وبإمكانها أن تبحث عن وظيفة لكنني لم أشجعها على ذلك، أفضل أن تكون مرتاحة في البيت لتعتني بأمور الأولاد خاصة في هذا الجيل فلا أريد أن أحملها فوق طاقتها، نعم إن عمل المرأة يزيد من دخل الأسرة خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، لكن لو خرجت المرأة لسوق العمل باعتقادي سوف يكون الثمن باهظا سيدفعه جميع أفراد الأسرة سواء الأم التي ستصاب بالإرهاق أو الأولاد الذين بالطبع سوف يؤثر غياب أمهم عليهم.

ماذا نفعل أمام غلاء المعيشة
يقول الشاب احمد عبد الرحمن 30عاما وهو عامل في مصنع وزوجته معلمة: بصراحة الحياة كلها تعب وتضحيات حتى عمل المرأة فيه تضحية كبيرة جدا من قبل أسرتها،الزوج والأولاد، لا بد أن يكون تقصير واضح في جوانب عديدة لكن ماذا نفعل أمام غلاء المعيشة؟ فأنا رب أسرة ولدي اربعة أبناء والدخل الذي أتقاضاه لا يكفي لضروريات البيت فكيف أستطيع أن ألبي طلبات أبنائي التي لا تنتهي؟ فلولا مساعدة زوجتي لكانت حياتنا أصعب بكثير. وفيما نحن في مقابلة السيد أحمد كانت مداخلة من أخيه الذي يعمل في نفس المصنع ويتقاضى نفس الراتب لكن زوجته ربة بيت فقال: ما حاضر إلا اعتزنا وما غايب إلا استغنينا عنه ورد على أخيه قائلا: لو لم تكن زوجتك عاملة لما اضطررت أن تحضر لكل طفل من أطفالك جهاز الآيفون، ولو لم تعمل زوجتك لما اضطررت أن تشتري لها سيارة والسيارة اليوم تكلف ما يعادل مصروف العائلة، ولو كانت زوجتك في البيت لما أرسلت طفلك الصغير إلى الحضانة التي تكلف على الأقل 500 شاقلا شهريا.ولو كانت زوجتك ربة منزل لما احتاجت لكثرة الملابس التي تشتريها بين الحين والآخر ولو كانت زوجتك ربة منزل لأعدت لك أشهى الأطعمة واستغنيت عن الأكل الجاهز الذي يكلف الكثير من المال وأضاف: حسب رأيي الراتب الذي تتقاضاه المرأة يذهب إلى الكماليات التي لو استغنى عنها الفرد لم يخسر شيئا في دينه ولا دنياه.

إذا كان الوضع الاقتصادي جيدا للزوج أفضل البقاء في البيت
تقول المربية سجود وهي أم لثلاثة أولاد: أنا أعمل في مجال التدريس وأجد صعوبة بالغة جدا في إدارة أموري اليومية خاصة مع ثلاثة أطفال ماذا أقول لطفلتي ابنة الأربع سنوات عندما سألتني قبل فترة لماذا تأخرت كثيرا لقد تعبت وأنا بانتظارك يا ماما، فمن خلال تجربتي في هذا الميدان أقول أن تبقى المرأة في البيت إذا كان الوضع الاقتصادي للزوج جيدا،لكن لأن المرأة تلعب دورا هاما في خدمة مجتمعها وتضطر للخروج من البيت لتؤدي رسالتها العظيمة، فأنا أفضل أن تقلل ساعات العمل للمرأة العاملة حتى لو تقاضت راتبا أقل، وبما أنني أعمل في مجال التدريس وأراقب ما يدور من حولي، فمعظم المعلمات يتذمرن من الوضع خاصة بعد ان بدأ برنامج اليوم الطويل يطبق في المدارس حيث زادت ساعات العمل في المدرسة، فهناك العديد من المعلمات اللواتي أبدين رغبتهن في التنازل عن جزء من الوظيفة حتى ولو قل الراتب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المعاناة التي تتعرض لها المعلمات.

خروج المرأة للعمل أفضل من جلوسها على الفيسبوك والمسلسلات
خروج المرأة للعمل أفضل من جلوسها على المسلسلات التركية وعلى الفيسبوك، هكذا بدأ حديثه السيد ذياب 31 عاما ويعمل في مجال الهندسة، ويضيف: أنا أفضل بقاء المرأة في البيت لو كان الحديث في الماضي لقلت لك: نعم لبقاء المرأة في البيت لتربية أبنائها، لكن في هذا الزمان أقول: لتخرج المرأة وتؤدي رسالة تنفع بها مجتمعها أفضل من جلوسها على الفيسبوك وعلى المسلسلات التركية وهذه سمة العديد من نساء عصرنا، وثقي تماما أن المرأة العاملة بإمكانها أن تعطي أبناءها وتشبعهم بالأمور التربوية بجلوسها ساعتين معهم أو حتى أقل أكثر من ربة بيت تكون منشغلة بمضيعات الوقت، فماذا تفعل ربة المنزل بعد الانتهاء من واجباتها البيتية التي لا تتعدى الساعتين أو الثلاث ولنقل أربع، فإما الذهاب إلى جارة أو الجلوس على الفيسبوك للقال والقيل أو الانترنت والتلفزيون. فما المانع ان تساهم المرأة في زيادة الدخل خاصة ونحن نعيش في ظل أوضاع اقتصادية صعبة طالت معظم أفراد المجتمع.

سلبيات وايجابيات في عمل المرأة
السيد ابو محمد عامل في مصنع وزوجته تعمل معه يقول: ليس هناك أمر إيجابي بشكل مطلق فكل شيء في الحياة له سلبياته وايجابياته، أنا كزوج لا أنكر أن عمل المرأة فيه من التضحيات ما فيه، والتنازلات الكثيرة وتقصير ملحوظ داخل البيت ناهيك عن الارهاق الذي يطال المرأة العاملة، لكن ماذا نفعل هكذا تتطلب الحياة نريد أن نعيش مستورين فلولا أن زوجتي تساعدني في مصروف البيت بصراحة لم أكن أصمد أمام المتطلبات التي لا تنتهي، واليوم الكل يريد أن يعيش في أعلى المستويات الغني والفقير لا يستغني عن الكماليات فالذي ليس لديه المال يجلب الكماليات حتى لو تراكمت عليه الديون.

الجدة الحاضنة وعمل المرأة
تقول إحدى الجدات التي أخذت على عاتقها حضانة أحفادها لبناتها وأبنائها أنها تؤيد عمل المرأة ولا تفضل بقاءها في البيت، فهي تشجع بناتها وكنائنها للخروج إلى العمل فتقول: أنا مع خروج المرأة للعمل وتأدية دورها في المجتمع وحسب رأيي أن المرأة النشيطة تستطيع أن توازن بين واجباتها المنزلية وبين عملها في الخارج، أما بالنسبة للأولاد لم يضرهم ذلك بشيء على العكس فإن أولاد المرأة العاملة يكونون أكثر صلابة واعتمادا على النفس وغير اتكاليين وغير مدللين، حتى أنهم اجتماعيون أكثر من غيرهم من أبناء أمهات غير عاملات. وأنا بدوري كجدة أقوم برعاية أحفادي الأطفال قبل بلوغهم سن الروضة نعم إن الأمر صعب علي ومرهق، لكن ماذا نفعل هكذا هي الحياة بحاجة إلى تضحيات من أجل مساعدة الأبناء والبنات.

عمل المرأة لتحقيق الذات
المربية هبة احمد أم لطفلتين تقول: أنا اؤيد عمل المرأة وخروجها إلى المجتمع حتى ولو كان الوضع المادي للزوج ( فوق الريح)فالمرأة حين تخرج لتأدية رسالة معينة تخدم بها مجتمعها فهي تحقق ذاتها، وأنا شخصيا عملي مربية أشعر بمتعة كبيرة حين أعطي الطلاب وأشعر بسعادة حين أرى تجاوبهم وتفاعلهم الجيد في الدرس، وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه المعلمين من قبل الطلاب المشاغبين وهذا الأمر يضايقني كثيرا إلا أن ذلك لن يثنيني عن المضي في مشواري المهني.
وبالنسبة للبيت والأولاد باستطاعة كل امرأة عاملة أن تنظم وقتها وتدير شؤون بيتها وأسرتها حسب الأولويات، فلا تنسي التكنولوجيا (غسالة جلاية مكنسة كهربائية وغير ذلك) التي تساعد المرأة وتخفف من الأعباء المنزلية متوفرة في كل بيت لدى ربات البيوت ولدى العاملات على حد سواء.
كذلك بالنسبة لتربية الأولاد فهي يجب أن تكون مسؤولية مشتركة بين الزوجين حتى أن عمل المرأة يجبر الزوج على المشاركة والتعاون في شؤون تربية الأولاد ومراقبتهم.

العمل بقدر طاقة المرأة
تقول الأخت خديجة خالد أم لثلاثة أطفال: بعد أن أنهيت دراستي الجامعية وتوظفت في المدرسة، لم أستطع إكمال مشواري كمعلمة خاصة بعد أن أنجبت طفلتي، لكني التحقت بالعمل في مجال آخر أقل مسؤولية من وظيفة التدريس لأن المعلم يجب أن يكون أكثر تفرغا للقيام بوظيفته على أحسن وجه، وحسب رأيي أنا مع عمل المرأة لكن بشرط أن تختار المكان المناسب لها الذي تستطيع من خلاله التوفيق بين متطلبات البيت والأسرة وبين عملها، على ألا تحمل نفسها فوق طاقتها.

العمل ارهاق للمرأة
تقول المربية هبة مصطفى: لا شك أن عمل المرأة خارج بيتها يسبب لها الإرهاق الشديد خاصة عندما تكون أما فهي تقضي أوقاتها مهرولة مشتتة بين بيتها وبين عملها وبالتالي فإن الخسارة ستكون على حساب المرأة نفسها فهي تضحي وتحاول أن توازن بين متطلبات البيت والعمل وربما لا تقصر في أي جهة لكن في نهاية المطاف يكون ذلك على حساب صحتها لا تعرف الراحة، لكن لأن المرأة تستطيع أن تعطي مجتمعها بعد أن اقتحمت العديد من المجالات وأثبتت قدراتها المهنية في عطائها فإن المجتمع يحتاجها، تضيف هبة: اقترح أن تقلل المرأة من ساعات العمل، وأنا على سبيل المثال حاليا أعمل في وظيفتين، لكنني سأتنازل عن إحدى المهمتين حتى أستطيع أن أتفرغ لأسرتي ونفسي أكثر، وأعطي في العمل الذي سأختاره بشكل افضل.
وبعد…
ونحن في اشراقة نرى أن جميع الآراء التي حصلنا عليها من خلال المقابلات واقعية ومنطقية وجميلة،لكن بقي علينا أن نشير إلى الجانب الشرعي في عمل المرأة والذي أباح خروج المرأة لتأدية دورها في الأعمال المناسبة لها كأنثى، وذلك تحت ضوابط وشروط ثابتة وهي أن تقيس المرأة كل خطوة تخطوها بمقياس الشرع، سواء في ملبسها ومظهرها وفي أفعالها وأقوالها بعيدا عن الابتذال، كذلك الإخلاص والإتقان في عملها أينما كانت عليها أن تؤدي دورها بأمانة وإتقان، ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”.وأما الشرط الآخر.. فعلى المرأة أن توازن بين العمل خارج بيتها وواجباتها الأسرية التي وضعها الإسلام في سلم الأولويات.

يوميات امرأة عاملة
في مشهد كنت حاضرة عليه قبل فترة زمنية، بينما كنت في قاعة الانتظار في أحد الأماكن دخلت امرأة تحمل في يدها الهاتف وفي يدها الأخرى مفاتيح سيارتها، تقدمت نحوي وشاطرتني المقعد بعد أن سلمت، خيم صمت في المكان، الكل ينتظر دوره بهدوء، بعد دقائق قليلة من وصول المرأة، بدأت تكلم نفسها بصوت مسموع وقد بدت عليها سمات القلق والتوتر، ” أوف يا ربي شو هدا؟ على هالمعدل مش راح الحق الاجتماع ” إلا أن أحدا لم يرد فوقفت من مكانها، وأخذت تروح وتجيء ذهابا وإيابا أمام المنتظرين وهي متوترة و لم يهدأ لسانها من عبارات التذمر المسموعة، المهم أنه لم ينبس أحد من الحضور ببنت شفة .
رن الهاتف في يدها وقبل أن ترد قالت ” أكيد هدول الموظفين “لكن للأسف لم يصب ظنها إنه زوجها.
قالت: ( أوف هو أنت!! شوبدك بكفيني اللاحتس ( الضغط) اللي أنا في” وعلى ما يبدو أنه يسأل عن وجبة الغداء، لأنها أجابت ) (خذ الأولاد وروحوا كلوا عند أمك، أو بلاش امبارح أكلت عندها، افتح الثلاجة ما هي مليانة وطول ايش مابدك وكل انت والأولاد والمهم دبر حالك أنا مش فاضية).
هذا ما شاهدته بأم عيني وسمعته من تلك المرأة العاملة أما ماذا حصل في الجهة الأخرى ( لدى الزوج والأولاد فالله اعلم بأمرهم).

رأينا في القضية
بعد أن حصدت اشراقة عدة آراء متباينة نرى أن موضوع عمل المرأة ضرورة عظمى لا غنى عنه لبناء المجتمعات ونهضتها وتقدمها فالمرأة عضو في المجتمع ويجب تفعيل هذا العضو تحت مظلة الشرع، ولكن يبقى عدم الموازنة في الأمور وعدم والوعي في فقه الأولويات هو المعضلة القصوى التي تسحق المرأة تحت عجلات الضغوط والتوتر النفسي.
إن عمل المرأة اليوم أصبح واقعا فارضا نفسه على الساحة الاجتماعية لا يمكن إنكاره، والمشكلة ليست بعمل المرأة بحد ذاته، وليس المقصود من هذا التقرير إعادة المرأة إلى بيتها، ولكن السؤال الذي أطرحه وأترك إجابته للقراء الكرام: هل يمكن أن تنجح المرأة في بيتها مع أولادها وزوجها وتكون ربة بيت ناجحة، ومربية ناجحة وزوجة ناجحة وتكون أيضا عاملة ناجحة خارج بيتها؟ ؟ وهل هناك ضريبة لهذا النجاح؟ ومن سيدفع هذه الضريبة؟

المشكلة ليست بالعمل
تقول العاملة الاجتماعية والمستشارة الأسرية نجود حاج يحيى- جمعية سند:
إن عمل المرأة بحد ذاته كعمل ليس هو المشكلة أو صاحب الانعكاسات السلبية على حياة الأسرة، إن العمل قد يكون مثل أي تصرف آخر ( زيارة عائلية، مناسبة عائلية، رحلة تغيير سيارة….) ممكن أن يكون له انعكاسات سلبية وممكن أن يكون له انعكاسات ايجابية وذلك حسب كيفية تعامل أفراد الأسرة مع الأدوار واتخاذ القرارات.
هناك حالات كثيرة نرى فيها كيف أن عمل الزوجة خارج بيتها يكون عاملا رئيسيا في تنظيم الوقت داخل الأسرة واستغلال كل دقيقة في مكانها وبالتالي الحصول على منتوج أفضل على كل المستويات، وبالمقابل الزوجة والأم التي لا تعمل خارج البيت قد تركن إلى أن لديها سعة بالوقت وبالتالي لا يكون لها أي محفز لتنظيم الوقت واستغلاله بالشكل السليم.
ومن زاوية أخرى إن عمل المرأة خارج البيت يكون محركا هاما للشوق للبيت وللأولاد وللزوج، وعامل الشوق هو رئيسي جدا ومحفز للتعبير عن مشاعر الحب والانتماء للبيت وهذا الشريان الأهم في تغذية الأسرة بعلاقات دافئة وبوجوده يكفي الأبناء وقت قليل مليء بالحب والدفء والشوق، وهذا أفضل من وقت كثير مليء بالتذمر والنفور والشكوى.

ختام دحلة

I

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة