إستغراض لقصة “ضريح الحسناء” يوسف ناصر
تاريخ النشر: 13/09/15 | 8:22مُقدِّمَة ٌ: هذه القصَّة ” ضريحُ الحَسناء ” تقعُ في 72 صفحة، حجم متوسط، بدأ الكاتبُ في تأليفها في سنوات الستينات… كتبهَا مُتفرِّقة ً على فتراتٍ حينَ كانت تسمحُ الفرصة ُ بذلك (على حدِّ قولهِ في المُقدِّمة)، ولكنَّ الظروفَ الإقتصاديَّة حالت دونَ طباعتِها آنذاك وخروجها للنور. وتمَّ طبعُهَا في كانون الثاني – 1982، وهي ثاني كتاب يصدرُ لهُ بعد ديوانهِ الشِّعري “ومضات وأعاصير”.. والجديرُ بالذكرِ أنَّ للشَّاعرِ والأديب يوسف ناصر الكثير من الكتابات الأدبيَّة والشِّعريَّة التي لم ترَ النورَ حتى الآن.
تقعُ هذهِ القصَّة في ثلاثةِ فصول ٍ، وهي: الفصل الأول بعنوان:
1 – سَنا الشُّعاع. 2 – قوس الغمام. 3 – سُمّ وترياق.
مَدخَلٌ: تمتازُ قصَة ” ضريح الحسناء ” بلغتِها الجميلة الصَّافية العذبة والسَّاحرة، وهي قريبة ٌ جدًّا إلى الشِّعر والخواطر الأدبيَّة… بل هي الشِّعر بعينهِ بَيْدَ أنَّ جُمَلهَا لم تتقيَّدْ بالعروض، وأسلوبُ الكاتب يوسف ناصر الكتابي هنا قريبٌ جدًّا إلى أسلوب جبران خليل جبران النثري، فكما أنَّ جبران يسكرنا بعباراتهِ وبمفرداتِهِ المُمَيَّزة وكلماته السَّاحرة وينقلنا من عالمنا الأرضي الترابي إلى عالم ِ الخيال والرومانسيَّة… إلى عالم ٍ سماويٍّ ملائكيٍّ شفَّاف، فهكذا أيضًا الأستاذ يوسف ناصر هنا. فهذهِ اللغة ُ العذبة ُ والأسلوب الجَذ َّاب الشَّاعري الرُّومانسي (حتى في النثر) يفتقرُ إليهِ معظمُ الكتابِ والشُّعراء المحلِّيِّين، فكما هو معروفٌ أنَّ السَّوادَ الأعظم من كتابِنا وشعرائِنا لغتهم الشعرية والنثريَّة جافة وتقريريَّة ولا توجدُ فيها رومانسيَّة وعذوبة وجمال لفظي مُنمَّق وأجواء خيالية ساحرة وملوَّنة وتفتقر كتاباتهم (معظمها) إلى الصُّور الشِّعريَّة المُكثَّفةِ وعناصر الوصف… وخاصَّة ً وصف الطبيعة والجمال. وقصصنا المحليَّة بشكل خاص قسمٌ كبير منها قريبٌ جدًّا إلى السَّرد المُمِلِّ واللغة الصَّحفيَّة التقريريَّة المُباشِرة، وفيها الجفافُ وتفتقرُ إلى الطابع الأدبي المُنمَّق والمستوى الفنِّي.
وأمَّا هذه القصَّة ” ضريح الحسناء ” فجاءت مُمَيِّزة ً وَمُتفرِّدة بأسلوبها وطابعها وشكلها الخارجي الجميل العذب، وهذا لِوحدِهِ يكفي، وهو: (العُنصر الجمالي وسلاسة وعذوبة الأسلوب، والرُّومانسيَّة السَّاحرة والجوّ الفانتازي الخيالي) لكي يجعلَ ويضعَ هذه القصَّة في درجةِ النجاح والإبداع.
عندما يتحدَّثُ الكاتبُ عن بطلةِ القصَّةِ على لسان ِ حبيبها وعشيقها الشَّاعر (بطل القصَّة) فكلامهُ وحديثهُ عنها ليسَ كلامًا عاديًّا، بل هو شعر بكل معنى الكلمة، فيقولُ مثلا في وصفِها:
(” كنتُ أعتقدُ أنَّ اللهَ قد جمعَ كلَّ جمال الأرض والسَّماء وسَكبَهُ في مُحَيَّا ” نوال ” (بطلة القصَّة) أو أنَّهُ أهملَ صوغ الزُّهور المُضمَّخة بالعِطر، والتفتَ إلى سِحرها وحدِها دون غيرها من الحوريَّات الفاتنات، أو أنَّهُ خلط َ الشَّهدَ والوردَ والرَّندَ والشّمسَ والسّلافة وطهر الملائكة، يومَ أن صَاغَهَا في أحشاءِ أمَّهَا نطفة ً وجنينا!!! ومن بقيَّةِ هذا الخليط، خلقَ العذارى، والظباء والفجر والنسمات وأطلقهَا تنتشر بينَ مخلوقاتِهِ، فكانت دليلَ قدرة الباري على سكب الجمال، في سبيكةٍ حيَّةٍ، نابضةٍ من لحم ٍ ودم وهي ” نوال ” لكي يصرَعَ بها قلوبَ الشُّعراء، ويدمي أرواحَ عُشَّاق الجمال في كلِّ عصر… “).
أيُّ أسلوبٍ رائع ٍ ساحر ٍ تُترعُهُ الفلسفة العميقة ُ والجمال والإيمان والتأمُّل…
إنَّ مجرى أحداث القصَّة بإختصار- يتمحورُ بين الأسلوب السَّردي والحوار بين بين أبطال وشخصيَّات القصَّةِ بلغةٍ شاعريَّةٍ وأدبيَّةٍ سلسةٍ، ويتحدَّثُ الكاتبُ فيها عن فتاةٍ اسمها ” نوال ” (فتاة يتيمة تعيش مع أمِّها) وضعَ اللهُ فيها كلَّ الصِّفات والميزات الحسنة: من جمال وآدابٍ وأخلاق ٍ وذكاءٍ وحسن السُّلوك وشرفٍ وقيم ٍ كانَّها في مصافِ الملائكةِ، وكانت قدوة ً ومثلا ً ونموذجًا إيجابيًّا لمجتمعها في تصرُّفاتِها وصيتها. وقد أحبَّ هذهِ الفتاة المُمَيَّزة َ شابٌّ كانَ يتعلَّمُ معهَا في نفس الكليَّة ويكبرها بسنةٍ (هو أعلى منها بصف واحد) واسمهُ ” مالك ” وكانَ شاعرًا حسَّاسًا رومانسيًّا وَمُبدِعًا – جمعَ في شعرهِ ولخَّصَ كلَّ تجارب ومدارس الشُّعراء المُبدعين، من: شكسبير للمتنبِّي لإمرىءِ القيس في وصفهِ ولغة زهير وخيال جبران – وبراعة سوفوكليس وروح دانتي، إلخ. (حسب ما قالتهُ نوال لمالك عندما التقت بهِ أوَّلَ مرَّةٍ في مكتبةِ الكليَّة، وكما يقولُ الناس والطلاب عنهُ في مقدرتِهِ وعبقريَّتهِ الأدبيَّة والشِّعريَّة). وأنا بدوري عندما قرأتُ هذهِ الجمل في وصفِ بطل ِ القصَّةِ ” مالك ” ومن خلال ِ مجرى أحداثِ القصَّةِ شعرتُ وأحسستُ كأنَّني أنا هو لما يحملهُ من مبادىء وقيم ومشاعر وأحاسيس صادقة وطاقات شعريَّة فذ َّة.. إلخ.. إضافة ً إلى هذا كان ” مالك ” إنسانا شريفا شهما وخلوقا، وحُبُّهُ لنوال كانَ حُبًّا عفيفا عُذريًّا شريفا (أفلاطونيًّا) وكانَ يريدُ ويودُّ أن يتزوَّجها بعدَ أن ينهي تعليمَهُ ويُؤَسِّسَ ويبني مستقبلهُ من بناء بيت ويتبوَّا وظيفة ً ثابتة تليقُ بمستواه العلمي والأدبي. وقد كتبَ لها أروَعَ القصائد وأجملها وأعذبَها، واتفقا سويَّة ًعلى عهد الحُبِّ والوفاء والإرتباط الزَّوجي بعدَ انتهاءِ تعليمهم. وعلمَ بعدَ فترةٍ قصيرةٍ مديرُ الكليَّة التي يتعلَّمُ فيها الإثنان (نوال ومالك) بقصَّةِ الحُبّ التي تجمعهما وبلقاءاتهِما المُبكِّرة سويَّة ً في عدَّة أماكن وزوايا في الكليَّة فجُنَّ جنونهُ وعاقب مالكا ً عقابا جسديًّا ومنعهُ أن يقتربَ من نوزال أو يتحدَّثَ معها في الكليَّةِ مُتظاهرًا بحرصِهِ الشَّديد على سمعةِ واسم ِ الكليَّة. وبعدَ نهايةِ السَّنة الدراسيَّة وفي العام الدراسي الجديد التحقَ مالك بالجامعةِ وأما نوال فارتقت للصفِّ الأخير في الكليَّة، وبقيت المراسلات واللقاءات مستمرَّة بين مالك ونوال، وحُبُّهما الكبير والشَّريف كلّ يوم يكبر عن يوم – وكانت نوالُ أنشط وأذكى طالبة في الكليَّةِ ودائمًا تحصلُ على علامات الإمتياز في الإمتحانات، وكانت نموذجًا لجميع الطلاب في نجاحِها وتفوقها وذكائها ومثالا ً أعلى لجميع القريةِ وللكليَّةِ في الشَّرفِ والطهارةِ والأخلاق والسُّلوك الحسن والمبادىء المُثلى… بيدَ أنَّ ناظر الكليَّة (المُدير) الذي كان يتظاهرَ بالشِّرفِ والقيم ِ والمبادىء ويمسك الكليَّة بيد من حديد في التشديد والصَّرامةِ كانَ كالذئب الجائع السَّفاح لا يرعى حرمة ً ولا جوارا (في حقيقة أمرهِ)… فقد لعبَ الشَّيطانُ بفكرهِ المريض الشَّهواني وَوسوسَ لهُ بالإعتداءِ على نوال جنسيًّا، وجرى ذلك في نهايةِ السَّنةِ الدراسيَّةِ عندما كانت نوال تُهيِّىءُ نفسَها للإلتحاق بالجامعةِ للسنةِ القادمةِ وكانت من أكثر الناس فرحًا وسعادة ً لتفوُّقِها الدراسي وقبولها للجامعة. لقد دعاها المديرُ إلى غرفتهِ الخاصَّة لأمر ٍ يتعلَّقُ بالدِّراسةِ كما ادَّعَى في
وقتٍ غادرَ فيهِ جميعُ الطلاب والمعلمون الكليَّة بعد الدَّوام وقامَ هناك بالإعتداءِ عليها واغتصبَها بالقوَّةِ ولم يرحم شبابَها الغضّ وضعفهَا وتوسُّلاتها.. وأصيبت نوال بعدَ ذلك بحالةٍ هستيريَّةٍ عارمة ولم يعلم بهذا الموضوع سوى أمِّها، مما جعلَ نوال تقدم على الإنتحار بعدَ أن رجعت إلى البيت. وفي يوم جنازتِها وكان يوما مشهودًا حضره جميعُ وجهاءِ وأهل ِ القرية، والكثيرون تحدَّثوا وخطبوا وأبَّنوها بأروع ِ الكلمات والعبارات والخطب الرَّنَّانة. وكانت أمُّها تسيرُ خلفَ النعش وتلطمُ على وجهها بشكل ٍ يُمزِّقُ الضَّميرَ (كما يصفها الكاتب). ومن ضمن الذين أبَّنوها ناظر الكليَّة (المدير) الذي ألقى خطبة ًرنََّانة ً عصماءَ مُشيرًا إلى مناقبِ وأخلاق نوال الحميدة ومُثابرتِها على التعليم بأجتهاد.. إلخ. والجميعُ شكروا المديرَ على هذهِ الكلمات وتعجَّبُوا من مقدرتهِ اللغويَّةِ والبلاغيَّة ولم يعرفوا أنَّهُ هو المجرم السَّفاح يتظاهر بثوبِ الحمل الوديع وهو الذئب الشَّرس القاتل الذي قامَ بقتل نوال نفسيًّا وجسديًّا وروحيًّا… لقد اغتالَ البراءة َ والطهارة َ والشَّرفَ والعِفَّة من دون رادع ٍ من ضمير… وفي النهايةِ وبعد دفن نوال بفترةٍ قصيرةٍ يعرفُ مالكُ حبيبُها بحقيقةِ الأمر، ولكن الناظر ينالُ جزاءَهُ في نهايةِ المطافِ من خالقِهِ (عقابا سماويًّا) ويظهرُ لمالك في رُؤيا ويطلبُ منهُ أن يُسامحَهُ.
تحليلُ القصَّة: هذه القصَّة ُ تراجيديا من الدرجةِ الأولى، ففي البدايةِ تبدو مُفرحة ً وسعيدة ً… ولكنها تنتهي بفجيعةٍ ومأساةٍ (موت البطلة بشكل ٍ مأساوي تقشعرُّ لهُ الأبدانُ وينزفُ لهُ القلب والضمير)… وهنا عنصر المفاجأة حيث لا يتوقَّعُ القارىءُ هذهِ النهاية ُ الحزينة. وتذكِّرنا نهاية ُ القصَّة الحزينة بكتاب ” العبرات ” لمصطفى لطفي المنفلوطي، فالذي يقرأ أيَّ قصةٍ منه فعندما يوشكُ على نهايتها لا يتمالكُ نفسَهُ إلاَّ ويذرف الدُّموعَ لشدَّةِ هول ِالمأساةِ. وبالفعل قصَّة ” ضريح الحسناء ” مُؤَثِّرةٌ جًّدا، تحرِّكُ الضَّميرَ الإنساني لكلِّ من لهُ ضميرٌ ومشاعر. وتعالجُ هذه القصَّة ُ قضايا إنسانيَّة وإجتماعيًَّة وأخلاقيَّة وسلوكيَّة ومبدئيَّة وعقائديَّة، وفيها عنصرُ الإيمان (العقاب والثواب والقضاء والقدر). وللأسفِ معظم كتابنا المحلِّيِّين لا يتطرَّقون إلى هذهِ المواضيع الهامّة، بل يكتفونَ فقط بالمواضيع السياسيَّة وطابع الشِّعارات للإستهلاك المحلِّي (أدب الشِّعارات) وللهدفِ التجاري – وهذهِ هي البضاعة ُ التي يُرَوَّج لها ويمشي سوقها اليوم (الكتابة عن القضيَّة الفلسطينيّة حتى لو من دون مصداقيَّة وحِسٍّ صادق). وأريدُ الإشارة َ انَّ هذه القصَّة رغم كونها اجتماعيَّة وإنسانيًّة من الدرجةِ الأولى فلها طابعٌ وبُعدٌ وطنيٌّ وقوميٌّ، فبطلة ُ القصَّة ” نوال ” قد ترمزُ أيضا إلى الأرض والوطن…الأرض المُغتصبة… والناظر (المُدير) هو المُغتصب للأرض من سكانها للحقيقيِّين، والشَّاعر ” مالك ” حبيب نوال هو صاحب الحقِّ الشَّرعي والتاريخي في هذه الأرض – (العاشق).
ويتطرَّقُ الكاتبُ وبشكل ٍ مُباشر إلى موضوع ٍ وقضيَّةٍ هامَّةٍ يُعاني منها يوميًّا المجتمعُ العربي، حيث أنَّ الكثيرين من الناس يتبوَّءونَ مراكزَ ووظاءفَ حسَّاسة ً في مجتمعنا من: معلِّمين ومدبيرين ومفتِّشين ورجال سياسة وشخصيَّات بارزة لهم مركزهم واحترامهم الكبير في مجتمعهم هم في الحقيقةِ مُجرمون وسفاحون وحيوانات… بل أدنى من البهائم من النواحي السُّلوكيَّة والأخلاقيّة والإنسانيّة فيقترفون كلَّ إثم ٍ وجريمة أخلاقيَّةٍ وإنسانيّة أو سياسيَّة ويكونون في قمَّةِ الشُّذوذ ِ والإنحرافِ في الخفاءِ ومن وراءِ الكواليس ويستغلون وظائفهم ومراكزهم لإرتكاب هذه الجرائم والآثام، وأعين المجتمع والقانون نائمة ٌ وغافلة ٌعنهم… ولكن هنالك عدالة ٌ سماويَّة (عدالة الرَّبّ الخالق)، فمهما كان الشَّخص الشِّرِّير مُجرمًا محترفا ً ويخفي جميعَ جرائمَهُ النكراء ولا يستطيعُ القانونُ أن يضبطهُ فسيأتي يومٌ – عاجلا او آجلا – ينالُ جزاءَهُ العادلَ من قبل الخالق في حياتِهِ على الأرض – وليسَ شرطا بعدَ موتهِ وفي العالم الآخر(إنَّ الرَّبَّ يُهملُ ولا يُهملُ).
يقولُ الكاتبُ في هذهِ القصَّة: (” كم من كلابٍ سلوقيّة مسَخها اللهُ رجالا ً في مجتمعهم فراحوا يقتاتونَ على فتاتِ أربابهم، ويلتذونَ العبوديّة َ في حقولِهم دونَ أجر، وهم في ذلك يتغنون بكرامتهم ويتحدَّثونَ عن ِ الأنفةِ والعِزَّةِ!!! “).
ويقول:(” كم من مُعلِّم ٍ جعلتهُ عدالتكم المُزيَّفة ُ مُربيًّا للنشىءِ الصغير من بنيكم، وهو في نقسِهِ يحتاجُ إلى تعليم وتربية، ولا يجوزُ لك أن تفتري عليهِ، وتدعوهُ باسمِهِ، بل يجبُ أن تبقى لفظة ُ (يا أستاذ) عالقة ً في لسانكَ، والأستاذ في اللغةِ تعنيفي بعض ِ معانيها: العالم!!!.
(” كم من فتاةٍ جميلةٍ، كدميةِ المعبد، كانت تحلمُ بحياةٍ هادئةٍ مع فتى تتمثَّلهُ في خيالِها، وأحلامها، لكنَّ تقاليدكم الكاذبة، ومصائركم التي تحوكونها لأبنائِكم وبناتكم، وضعَت فوقَ عينيها ستارًا داكنا حجبَ عنها النور، وإذا هي زوجٌ لفتى فظ ّ لا تتفق روحُها وروحهُ، طموحها وطموحه وعلمها وعلمه، فاستحالَ عيشُها كدرًا، تُعاني فيهِ شقاءً صامتا لا يراهُ أحدٌ فتلعقُ طعمَ الجحيم على الأرض من قبل ِ أن تخرجَ إلى السَّماءِ!! “).
يتطرَّقُ الكاتبُ إلى قضيَّةِ غصبِ وإجبار ِالفتاةِ على الزواج من شخص ٍ لا تريدُهُ وبعيد هو عنها كليًّا من جميع النواحي: الفكريَّة، العاطفيَّة والمبدئيَّة.. إلخ. ويذكرُ أن الكثيرين مِمَّن يتبوَّءُونَ وظائفَ حسَّاسة ً كمعلِّمين ومديري مدارس ليسوا أهلا ً وأكفاءً لهذهِ الوظائف من ناحيةِ الكفاءات ومن النواحي الأخلاقيَّة والسُّلوكيَّة… ولكن والأسفِ هذا هو الموجود في الوسط العربي – وهنا بشكل ٍ مباشر يرمزُ ويهمزُ الكاتبُ إلى السُّلطةِ أو الجهات العُليا المسؤولة التي تُعَيِّنُ وَتوظِّفُ أولئكَ المسوخ البشريَّة وَمرضى النفوس والمُعقَّدين نفسيًّا وجنسيًّا وخلقيًّا وعقليًّا وغريبي الأطوار في وظائف التعليم والتربيةِ ليربُّوا وَيُعلِّمُوا الأجيال – أجيالنا الناشئة – ولكن وللأسف فهم يُعَقِّدونَ الأجيالَ وَيُشَوِّهُونهم فكريًّا وعقائديًّا وسلوكيًّا وثقافيًّا.
– وأخيرًا: إنَّ هذهِ القصَّة تتناولُ جوانبَ ومواضيعَ عديدة هامَّة ً – كما ذكرتُ سابقا – وهي:
1) الجانب الإجتماعي والإنساني
2) الجانب السُّلوكي والاخلاقي.
3) جانب وعنصر الإيمان بالخالق – بالعدالة السَّماويّة التي تتدخَّلُ في نهايةِ المطافِ وتنقذ الأبرياءَ والمظلومين من جرائم المسوخ البشريَّة في غياب القانون والعدالة الأرضيَّة النائمة.
4) الحانب الوطني والقومي والسِّياسي.
5) الجانب الفلسفي والتَّأمُّلي – (فلسفة وحب الجمال والحياة البريئة).
6) الجانب الأدبي والفنِّي المُمَيَّز.
7) عنصر المُفاجأة في نهايةِ القصَّةِ غير المتوقَّع ((نهاية تراجيديّة مأساويًّة)).
8) عنصرالتَّشويق والتَّرغيب – لغة القصَّة جميلة وسلسة وتشدُّ القارىءَ لمتابعة القصَّة حتى النهاية.
وفي النهايةِ أحبُّ أن أضيفَ انَّ الكاتبَ قد وُفِّقَ ونجحَ في صياغةِ هذهِ القصَّةِ ونسج ِ فصولِها بشكل ٍ إبداعيٍّ مُمَيَّز ٍ… مُدخِلا ً إليها جميعَ الأمور والعناصر الهامَّة المذكورة للقصَّةِ الإبداعيَّة المُتكاملةِ.
ونتمنَّى للكاتب والشَّاعر والأديب الكبير والمبدع الأستاذ “يوسف ناصر ” النجاح الدائم والمزيدَ من الإصدارات الشِّعريّة والنثريَّة (من قصص ورواياتٍ ودواوين شعريَّة ودراسات).
حاتم جوعيه – المغار – الجليل